الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يجب على الجمعيات الخيرية الموكلة بذبح الأضاحي وتوزيع لحومها بالنيابة عن أصحابها المحافظة على هذه اللحوم من التلف والفساد أو السرقة وغير ذلك؛ لأنهم وكلاء عن المضحين، والوكيل أمين في عمله سواء تقاضى أجرة على عمله أم كان متبرعاً.
فإذا تلفت الأضحية بعد الذبح أثناء عملية التغليف أو النقل أو التخزين بسبب تقصير أو إهمال سواء من موظفي الجمعية القائمين على هذه العملية، أو من قبل الجهات الأخرى التي تعاقدت معها الجمعية، كشركات النقل أو الشحن؛ فيجب تضمين المقصر منهم قيمة الأضحية، ولا يجوز ضمان الأضحية من أموال المتبرعين الأخرى للجمعية.
أما إن كان تلف الأضحية من غير تقصير في حفظها وتخزينها من أي جهة من الجهات المكلفة بعملية نقل وشحن وتخزين الأضاحي ولأسباب قاهرة؛ فلا ضمان لقيمة الأضحية في هذه الحالة.
جاء في [مغني المحتاج 3/ 254] من كتب الشافعية: "ويد الوكيل يد أمانة، وإن كان بجعل؛ لأنه نائب عن الموكل في اليد والتصرف فكانت يده كيده، وأن الوكالة عقد إرفاق ومعونة والضمان مناف لذلك ومنفر عنه، فلا يضمن ما تلف في يده بلا تعد، فإن تعدى في العين بلبس أو ركوب أو نحو ذلك ضمن، بخلاف ما لو تلف بلا تعد كغيره من الأمناء فيهما، ومن التعدي أن يضيع منه ولا يدري كيف ضاع، وكذا لو وضعه في موضع، ثم نسيه".
وجاء في [كشاف القناع عن متن الإقناع 3/ 13] من كتب الحنابلة: "وإن عيّن أضحية أو هدياً فسرق بعد الذبح فلا شيء عليه، وكذا إن عينه عن واجب في الذمة، ولو كان وجوبه في الذمة بالنذر بأنه نذر هدياً أو أضحية ثم عيّن عنه ما يجزئ، ثم ذبحه فسرق، فلا شيء عليه؛ لأنه أمانة في يده، ولم يتعد، ولم يفرط فلم يضمن كالوديعة".
وعليه؛ فالواجب على الجمعية بذل كل الأسباب للحفاظ على هذه الأضاحي، فإن تلفت بتعد وتقصير من أي جهة ضمنت قيمة الأضحية ويصرف على الفقراء، فإن كان التلف بأسباب لا يد لأي جهة بها فلا ضمان في هذه الحالة. والله تعالى أعلم.