الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل يقضي بعدم جواز التعرض للجنين بالإسقاط إذا نفخت فيه الروح بأي حال من الأحوال؛ والله تعالى يقول: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} الأنعام/151، إلا إذا كان بقاؤه يشكل خطراً محققاً على حياة أمه فيجوز إجهاضه.
وإذا كان التعرض والاعتداء على الجنين بعد نفخ الروح، أي: بعد مئة وعشرين يوماً، وجبت على المعتدي الغرة وهي دية الجنين وهي قيمة خمس من الإبل، والكفارة وهي صيام شهرين متتابعين، وقبل ذلك كله التوبة إلى الله تعالى بصدق وإخلاص من هذا الذنب الكبير، وسواء كان المعتدي أمه أم غيرها بإذنها أو لا.
وتجب الكفارة من حيث الأصل على المباشر للإجهاض، ولكن في المسألة المعروضة كان المباشر وهو الطبيب مغرراً به من قبل الأم بعدم إخبارها بوجود الحمل، فكان تسبب الأم أقوى من مباشرة الطبيب، وتسببها بالإخفاء كالإذن بالنتيجة، فتسقط المسؤولية عنه، وتلزم الأم الكفارة والدية، فإن أسقط الزوج حقه في الدية سقطت، وبقيت الكفارة على الأم.
جاء في [الدر المختار وحاشية ابن عابدين 6/ 591] من كتب الحنفية: "فإن أسقطته ميتاً عمداً بدواء أو فعل؛ كضربها بطنها بلا إذن زوجها، فإن أذن أو لم يتعمد لا غرة؛ لعدم التعدي، ولو أمرت [الحامل] امرأة ففعلت لا تضمن المأمورة... لكن ذكر عزمي أن نفي الضمان عن المأمورة لا يلزم منه نفيه عن الآمرة إذا لم يأذن لها زوجها". والله تعالى أعلم.