الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
عدّ الإسلام قتل النفس المعصومة عمداً من الكبائر الموجبة غضب الله عز وجل وعذابه، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)النساء/93، والتسبب في القتل بحوادث السير لا يخلو من الإثم إلا إذا كان خطأ محضاً، فتجب فيه الدية والكفارة إذا كنت مداناً حسب مخطط السير.
والكفارة هي: إعتاق رقبة، فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين؛ لقول الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)النساء/92.
والكفارة تتعدد بتعدد المقتولين، فيجب على من تسبب بقتل الجماعة الدية والكفارة عن كل قتيل، فإن كان الحادث وقع بسبب السائق وحده، فيجب عليه خمس ديات، وخمس كفارات، أما إن كان الحادث مشتركاً مع سائق آخر، فتوزع الديات على السائقين.
قال الخطيب الشربيني رحمه الله: "لو اصطدم سفينتان وغرقتا فكدابتين اصطدمتا وماتتا في حكمهما السابق والملاحان حكمهما كراكبين ماتا باصطدام في حكمهما السابق إن كانتا أي: السفينتان وما فيهما لهما فيهدر نصف قيمة كل سفينة ونصف بدل ما فيها، فإن ماتا بذلك لزم كلا منهما كفارتان كما سبق ولزم عاقلة كل منهما نصف دية الآخر... وضمان الكفارات بعدد من أهلكا" "مغني المحتاج" (5/ 352).
والدية الشرعية مائة من الإبل، أو قيمتها عند التعذر حسب البلد الذي حدثت فيه الوفاة، فعندنا في الأردن قدّر مجلس الإفتاء الأردني الدية الشرعية في القتل الخطأ بعشرين ألف دينار أردني. والله تعالى أعلم