السؤال:
هل يجوز تعلم علم المنطق، وهل يجوز تعليم أصول الفقه المتأثر بالمنطق؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
علم المنطق من جملة علوم الشرع الشريف؛ لأنه آلة لها، وبه تعرف حقائق الأشياء ودلائلها، قال ابن عابدين: "المنطق، وهو بحث عن وجه الدليل وشروطه ووجه الحد وشروطه، وهما داخلان في علم الكلام" ينظر: "رد المحتار" (1/ 43).
وبيّن الإمام ابن حجر الهيتمي منزلة علم المنطق وأنه آلة للعلم الشرعي فقال: "... ككتب العلم الشرعي وآلته، كالمنطق الموجود اليوم" "المنهاج القويم" (1/ 45).
ولما كان المنطق علماً شرعياً يساعد في فهم علوم الشريعة، كعلم أصول الفقه وغيره، كان من فروض الكفاية كسائر علوم الشريعة، وينبغي أن تعرفه طائفة من الأمة؛ لأنه السبيل لتقرير الدلائل والحجج والبراهين على وجوهها، ورد الشبه عن الإسلام، جاء في "مغني المحتاج" (6/ 9): "ومن فروض الكفاية القيام بإقامة الحجج العلمية".
وقد يكون طلب علم معين فرض عين على من كان فيه قابلية ومكنة، جاء في "منح الجليل" (3/ 138): "من كان فيه موضع للإمامة والاجتهاد فطلب العلم واجب عليه، يعني أنه فرض عين على من ظهرت فيه القابلية".
والكتب التي تحتوي على علم المنطق نوعان؛ كتب اختلطت بالعقائد الفلسفية الباطلة، وكتب نقية عن تلك المعتقدات، فالقول في حكم المنطق مبني على التفريق بين هذين النوعين من الكتب، فالأقوال الفقهية التي تحرم المنطق إنما تحرم مطالعة الكتب المنطقية التي تحتوي المعتقدات الباطلة؛ صيانة للناس عن الوقوع في الإثم والباطل.
وأما كتب المنطق المعتمدة عند علماء الشرع المحققين في التعلم والتعليم فهي الكتب التي لم تخلط بعقائد مخالفة لعقائد الإسلام، كما جاء في "تحفة المحتاج" (1/ 178): "بل هو -أي المنطق- أعلاها، أي العلوم الآلية، وإفتاء النووي كابن الصلاح بجواز الاستنجاء به يحمل على ما كان في زمنهما من خلط كثير من كتبه بالقوانين الفلسفية المنابذة للشرائع، بخلاف الموجود اليوم، فإنه ليس فيه شيء من ذلك، ولا مما يؤدي إليه، فكان محترماً، بل فرض كفاية، بل فرض عين إن وقعت شبهة لا يتخلص منها إلا بمعرفته".
ومن هذا التفصيل؛ ذهب جمهور علماء المسلمين إلى عدم القول بتحريم المنطق؛ لأن المنطق علم تم تحريره وتنقيته من العقائد الباطلة، قال ابن عابدين: "أما منطق الإسلاميين الذي مقدماته قواعد إسلامية فلا وجه للقول بحرمته، بل سماه الغزالي معيار العلوم، وقد ألف فيه علماء الإسلام" "رد المحتار" (1/ 45).
وبناء على ما سبق، فإن علم المنطق وعلم أصول الفقه الذي فيه مباحث من علم المنطق كلاهما من علوم الشرع، وهما فرض كفاية، والكتب المشتملة على هذه العلوم لها ما لكتب الشريعة من الاحترام. والله تعالى أعلم