الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
القزع مكروه، وهو حلق بعض الرأس (بالموسى أو الشفرة)، وترك بعضه، أو أن يحلق مواضع متفرقة من الرأس، أي يستعمل الموسى في حلق مواضع، ودليله ما رواه ابنِ عمر رضي الله عنهما: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْقَزَعِ)، قيل لنافع: ما القزع؟ قال: (يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكُ بَعْضٌ) متفق عليه، واللفظ لمسلم.
وقد ذهب السادة الشافعية إلى أنّ النّهيَ في الحديث يحمل على الكراهة وليس على الحرمة، قال شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله: "يكره القزع، وهو حلق بعض الرأس؛ لحديث بن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين قال: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْقَزَعِ)" [المجموع شرح المهذب 1/ 347].
وعللوا النّهي بأنَّ صورته فيها تشويه للخلقة، قال شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله: "وأجمع العلماء على كراهة القزع إذا كان في مواضع متفرقة إلا أن يكون لمداواة ونحوها، وهي كراهة تنزيه... ومذهبنا -أي الشافعية- كراهته مطلقاً للرجل والمرأة؛ لعموم الحديث، قال العلماء: والحكمة في كراهته أنه تشويه للخلق" [شرح النووي على مسلم 14/ 101].
هذا؛ وقص الشعر بشكل متدرج باستخدام المقص، أو آلة الحلاقة لا يسمى قزعاً، بل يسمى تقصيراً، ولا حرج فيه وإن تفاوتت درجات الشعر، فالحلق إنما يكون بالإزالة الكاملة، أما الأخذ من الشعر مع إبقاء جزء منه فيسمى قصَّاً، وبالجملة ينبغي مراعاة العرف عند قصّ الشعر، فتُجتنب القصات الغريبة المخالفة لعادات الناس، أو ما كان فيها تشبه بأهل الفسق.
وعليه؛ فحكم القزع -وهو إزالة الشعر بالموسى أو الشفرة- الكراهة، وفعل الحلاق له يكون مكروهاً أيضاً، والمشاهد أنّ غالب ما يطلبه الناس من قصّات للشعر لا يكون حكم القزع منطبقاً عليها، فالتدريج باستخدام المقصّ، أو آلة الحلاقة دون أخذ الشعر من أصله لا يُعدّ من القزع، ويمكن للحلاق أن يعتذر عن حلاقة القزع للزبائن، وإن لم يمتنع فهو غير آثم، لكنه فعل ما هو مكروه. والله تعالى أعلم.