الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل أن يستشعر المصلي عظمة الصلاة، ويبتعد عن كل تصرف لا يناسب مقامها الذي هو التعظيم والتوقير والخشوع، وينبغي على كل مصلٍ أن يتعهد فمه بالتنظيف قبل أن يشرع في الصلاة، ولكن إذا وضع المصلي في فمه قطعة من الحلوى عامداً مع علمه بتحريم الأكل والشرب أثناء الصلاة وكانت القطعة مما يذوب في الفم، فتبطل صلاته إن ذابت قطعة الحلوى، أما إن كانت من النوع الذي لا يذوب، فالصلاة صحيحة.
جاء في [نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 2 /52]: "لو كان بفمه سكرة فذابت فبلع ذوبها مع عمده وعلمه بتحريمه أو تقصيره في التعلم، بطلت صلاته في الأصح".
أما إن وضع المصلي قطعة الحلوى ناسياً، ولم يتذكر طيلة الصلاة، أو كان جاهلاً بالتحريم، كأن كان حديث عهد بالإسلام ولا يعلم أحكام الصلاة، فإن بلع شيئاً قليلاً مما خالط ريقه من الطعام المذاب، لم تبطل صلاته، وإلا لو بلع الكثير فهو كالعمد، أي تبطل الصلاة بهذا الفعل، قال الإمام الخطيب الشربيني رحمه الله تعالى: "وتبطل بقليل الأكل لشدة منافاته لها إلا أن يكون ناسياً للصلاة أو جاهلاً تحريمه، لقرب عهده بالإسلام، أو لبعده عن العلماء فلا تبطل بقليله قطعاً والله أعلم، لعدم منافاته للصلاة" [مغني المحتاج 1/ 419].
وفي حال كان المصلي مأموماً، فتنطبق عليه نفس الأحكام السابقة، أما إن كان إماماً ووضعها عامداً عالما بالتحريم، فتبطل صلاته وعليه الإحرام بها مجدداً.
مع التنبيه إلى أنه إن علم المأموم ببطلان صلاة الإمام، كأن علم أنه وضع عامداً في فمه شيئاً من الحلوى ومما يذوب في الفم، وجب عليه مفارقة الإمام فوراً، وإلا بطلت صلاته أيضاً، وإن لم يعلم ذلك لم تبطل صلاته؛ لأن ذلك من المبطلات الخفية التي لا يطلع عليها المأموم. والله تعالى أعلم.