الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل في الوقف الاستدامة وعدم الانقطاع؛ لأنه حبس للعين عن تصرف المالك، وتسبيل للمنفعة أي جعلها في سبيل الله صدقة يتقرب بها لله سبحانه، والتصرف في الوقف يكون بحسب شرط الواقف؛ لأن شرط الواقف كشرط الشارع، ولا بدَّ من النظر في حجة الوقف المذكور حتى يتبين لنا الصواب فيما يتعلق بهذا الوقف.
لكن في حال فقدان حجة الوقف وتعذر العثور عليها، فإذا كان الوقف على الذرية فإنه يدخل فيه جميع أولاد الواقف ذكوراً وإناثا وما تفرع منهم؛ كأولاد الذكور وأولاد الإناث؛ لأن البنات وأولادهن يعتبرن أولاده، قال الإمام النووي رحمه الله: "قال: وقفت على ذريتي، أو عقبي، أو نسلي؛ دخل فيه أولاد البنين والبنات، قريبهم، وبعيدهم" [روضة الطالبين 5 /337].
وأما منفعة الوقف فإنها ملك للموقوف عليه يستوفيها بنفسه أو بتوكيل غيره، وليس للموقوف عليه أن يؤجر الوقف سواء وقف عليه للاستغلال أو للسكنى، إلا إذا كان ناظراً للوقف، أو أن يأذن له الناظر بتأجيرها؛ لأنه يملـك المنافع بلا بدل، فلا يملك تمليكها ببدل، كالإجارة، قال الإمام الشربيني رحمه الله: "ومنافعه -أي الوقف- ملك للموقوف عليه يستوفيها بنفسه وبغيره بإعارة وإجارة، كسائر الأملاك ولكن لا يؤجر إلا إذا كان ناظراً أو أذن له الناظر في ذلك" [مغني المحتاج 3/ 546].
وقد أخذ القانون المدني الأردني بذلك كما جاء في المـادة (٧٥١): "ليس للموقوف عليه إيجار الوقف ولا قبض بدل إيجاره ولو انحصر فيـه الاستحقاق ما لم يكن مولّى من قبل الواقف أو مأذون ممن له ولاية الإجارة".
وعليه؛ فالوقف على الذرية يدخل فيه جميع الأولاد ذكوراً وإناثا وما تفرع منهم كأولاد الذكور وأولاد الإناث، ولا يجوز للموقوف عليه تأجير الوقف إلا بإذن ناظر الوقف. والله تعالى أعلم.