الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الذبيحة التي يحل أكلها في الشريعة الإسلامية هي الذبيحة المذكاة؛ لقول الله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3]، وشروط التذكية الشرعية تتم بقطع الحلقوم (مجرى الهواء) والمريء (مجرى الطعام والشراب) بشكل كامل، بحيث لو تبقى منهما شيء ومات الحيوان لم يحل أكله، وأيضًا لو انتهى الحيوان إلى حركة المذبوح فقطع بعد ذلك المتروك من الحلقوم والمريء فهو ميتة.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: "يشترط لحصول الذكاة قطع الحلقوم والمريء، هذا هو المذهب الصحيح المنصوص... قال أصحابنا: ولو ترك من الحلقوم والمريء شيئاً ومات الحيوان فهو ميتة، وكذا لو انتهى إلى حركة المذبوح فقطع بعد ذلك المتروك فهو ميتة" [المجموع 9/ 86].
وكمال الذكاة أربعة أشياء: قطع الحلقوم والمريء والودجين، والمجزئ منها شيئان: قطع الحلقوم والمريء، وأما الودجان فهما عرقان حول العنق، وغالباً ينقطعان بقطع الحلقوم والمريء، فلو قطع الحلقوم والمريء وقطع معهما الودجين فهو أولى، ولو تركهما جاز.
ويشترط أن تكون حياة الحيوان مستقرة عند ابتداء الذبح، وهذا يعرف بالعلامات، كالحركة الشديدة، وانفجار الدم بعد قطع الحلقوم والمريء.
ويستحب عند الذبح خمسة أشياء: التسمية، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، واستقبال القبلة بالذبيحة، والتكبير والدعاء بالقبول، قال الله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 118]، وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم حين ذبح أضحيته قال: (باسم الله)، فلو لم يسم حلت، وفي الصحيحين أَنَّ قَوْمًا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ لاَ نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لاَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهِ وَكُلُوهُ)، فدلّ على أن التسمية غير واجبة.
ويسن عند ذبح الحيوان أمور عدة من أهمها:
1. عدم إرعاب الحيوان قبل ذبحه.
2. أن لا يذبح الحيوان أمام باقي الحيوانات الأخرى.
3. عرض الماء عليها قبل ذبحها.
4. أن تحد السكين قبل الذبح ليقطع المريء، والقصبة الهوائية، والعروق المحيطة بالعنق بالسرعة الممكنة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن اللهَ كتبَ الإحسانَ على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليُحدَّ أحدكم شفرته، وليُرح ذبيحته) رواه مسلم.
5. أن لا يتم سلخ الذبيحة قبل التأكد من وفاتها.
6. ويسن كذلك إضجاع الشاة على جنبها الأيسر عند ذبحها باتجاه القبلة، ولكن لو خالف الذابح هذه الهيئة وأضجعها على جنبها الأيمن، أو كانت معلقة من قدمها فالذبح صحيح، إذا توفرت فيه شروط الذبح الأخرى.
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله تعالى: "ويستحب...أن تكون البقرة والشاة حال ذبح كل منهما مضجعة لجنبها الأيسر، أما الشاة ففي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم أضجعها، وقيس عليها البقر وغيره؛ لأنه أسهل على الذابح في أخذه السكين باليمين وإمساك الرأس باليسار".
وعليه؛ فالسنة اضجاع الشاة على شقها الأيسر عند ذبحها، لكن إن تم مخالفة هذه الكيفية وعلقت من قدمها وتحققت الشروط الشرعية في ذكاتها كقطع الحلقوم والمريء من أول مرة؛ فالذبح صحيح، واللحم حلال.
وننصح أصحاب المسالخ بأن يتقوا الله تعالى، وأن يتلطفوا بالمواشي قبل ذبحها، ليسيطروا عليها دون إيلام وبطريقة يكون فيها إراحة للذبيحة عند ذبحها بقدر الاستطاعة. والله تعالى أعلم.