الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يوم عرفة من أفضل الأيام عند الله تعالى، وقد ورد الحث على صيامه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ) رواه مسلم.
ويسن صيام يوم عرفة ولو صادف يوم الجمعة؛ لأن ذلك مستثنى من كراهة إفراد يوم الجمعة بالصيام، فكراهة إفراد يوم الجمعة مخصوصة في حال صوم النفل المطلق، أما إذا كان للصائم عادة له فوافقت يوم الجمعة أو كان صياماً مسنوناً؛ كيوم عرفة، أو عاشوراء، فلا يكره حينئذٍ صيام يوم الجمعة منفرداً.
يقول الإمام الرملي الشافعي رحمه الله: "ويكره إفراد يوم الجمعة بالصوم؛ لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يصم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده) ولكونه يوم عيد... ومحل ما تقرر إذا لم يوافق إفراد كل يوم من الأيام الثلاثة [الجمعة أو السبت أو الأحد] عادة له، وإلا كأن كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، أو يصوم عاشوراء أو عرفة فوافق يوم صومه؛ فلا كراهة كما في صوم يوم الشك، ذكره في المجموع، وهو ظاهر وإنْ أفتى ابن عبد السلام بخلافه، ويؤخذ من التشبيه أنه لا يكره إفرادها بنذر وكفارة وقضاء، وخرج (بإفراد) ما لو صام أحدهما مع يوم قبله، أو يوم بعده؛ فلا كراهة لانتفاء العلة" انتهى باختصار [نهاية المحتاج 3/ 209]، ومثله في [تحفة المحتاج] لابن حجر الهيتمي رحمه الله.
وعليه؛ فيسن صيام يوم عرفة ولو صادف يوم الجمعة، ولا كراهة في ذلك سواء صام يوماً قبله أو لم يصم؛ لأنه من النفل المؤقت بوقت معين. والله تعالى أعلم.