الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
من المقرر في الشريعة الإسلامية أن نفقة الزوجة والأولاد الصغار واجبة على الزوج، ولكن إن بادرت الزوجة بالإنفاق على بيتها سواء في حال قدرة الزوج على الانفاق أم في حال عسره عن ذلك، ونوت القربة لله تعالى بهذه النفقة، فلها الأجر العظيم، يقول الله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ، كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ، وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات 15-19].
وقد خص الله سبحانه وتعالى القرابة بمزيد العناية والرعاية والقيام على حاجاتهم بالنفقة، ومعلوم أن نفقة القريب والولد فيها أجران: أجر النفقة، وأجر صلة الرحم؛ فخصَّ الله ذكرهم وقدمه على سائر من أمر بالنفقة عليهم إشارةً منه سبحانه لعظيم حقهم وجزيل المثوبة على القيام بهذا الحق، فقد جاء في الصحيحين من حديث زينب رضي الله عنها قالت: "وَجَدْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى البَابِ، حَاجَتُهَا مِثْلُ حَاجَتِي، فَمَرَّ عَلَيْنَا بِلاَلٌ، فَقُلْنَا: سَلِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَى زَوْجِي، وَأَيْتَامٍ لِي فِي حَجْرِي؟ وَقُلْنَا: لاَ تُخْبِرْ بِنَا، فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: (مَنْ هُمَا؟) قَالَ: زَيْنَبُ، قَالَ: (أَيُّ الزَّيَانِبِ؟) قَالَ: امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: (نَعَمْ، لَهَا أَجْرَانِ، أَجْرُ القَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ)".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ) رواه النسائي، والأم في إنفاقها لها الأجر مضاعفاً بإذن الله تعالى؛ فهي تقوم بما ليس مطلوباً منها.
وعليه؛ فما تقوم به الأم من نفقة على زوجها وأولادها إن نوت به الصدقة لا شك أنه برّ عظيم، قد خصه الله بالثواب الجزيل من بركة الدنيا ونعيم الآخرة. والله تعالى أعلم.