الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل في الوقف الاستدامة وعدم الانقطاع؛ لأنه حبس للعين عن تصرف المالك، وتسبيل للمنفعة أي جعلها في سبيل الله صدقة يتقرب بها لله سبحانه؛ فإذا كان الوقف على الأبناء وانقرضت الطبقة الأولى منهم، ولم يصرح بامتدادها لأبناء الأبناء، ففي هذه الحالة يحكم بامتداد الوقف، ولكن يدخل فيه أقارب الرحم عموماً ليشمل العصبات وغيرهم، ويتفاضلون وفق درجات القرابة لا الإرث، فيقدم ابن بنت على ابن عم؛ لتقدم البنت على العم في درجة القرابة، كما يختص به فقراء القرابة دون غيرهم.
قال الخطيب الشربيني رحمه الله: "ولو قال وقفت على أولادي فانقرض المذكور؛ فالأظهر أنه يبقى وقفا؛ لأن وضع الوقف على الدوام كالعتق... والأظهر أن مصرفه عند انقراض من ذكر أقرب الناس إلى الواقف يوم انقراض المذكور؛ لأن الصدقة على الأقارب من أفضل القربات، وفي الحديث (صدقتك على غير رحمك صدقة، وعلى رحمك صدقة وصلة)، ويختص المصرف وجوباً كما صرح به الخوارزمي وغيره بفقراء قرابة الرحم لا الإرث في الأصح؛ فيقدم ابن بنت على ابن عم". بتصرف [مغني المحتاج 3 /536].
وعليه؛ يوزع ريع الوقف على فقراء القرابة من ذوي الرحم عموماً سواء أكانوا أبناء إناث أم أبناء ذكور عند تساوي درجة القرابة، ويقدم القريب الأقرب درجة على الأبعد ولو كان الأبعد عصبة، كتقدم ابن بنت على ابن عم. والله تعالى أعلم.