الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل الشرعي وجوب إيصال الماء إلى أعضاء الوضوء (الوجه واليدين والرأس والرجلين)؛ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6]، فإن وضع جبيرة على جرح أو كسر جاز له المسح عليها؛ لما روي عن جابر رضي الله عنه في المشجوج الذي احتلم، فاغتسل ودخل الماء شجته فمات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ - أَوْ يَعْصِبَ- َعلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ) رواه أبو داود.
وأما حكم الجلدة التي تلصق باليد ويتمكن من خلالها المريض قياس مستوى السكر في الدم، فتأخذ حكم الجبيرة من ناحية المسح عليها إذا كان مريض السكري معرضاً لحدوث هبوط حاد في مستوى السكر في الدم مما يؤدي إلى حصول حالة إغماء مفاجئ له -لا سمح الله تعالى- مما قد يعرض حياته للخطر المحقق، فاستعمالها يكون من باب الضرورة، فحفظ النفس من الضرورات الخمس وحفظها واجب شرعاً، وقد بين العلماء أن "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب". فأخذ القراءة السريعة لمستوى السكر في الدم تتيح للمريض اتخاذ الإجراء السليم في هذه الحالة، فحينها يباح له المسح على الجلد في الغسل الواجب.
وقد أباح العلماء وضع الجبيرة أو اللفافة في الحالات المرضية غير المميتة، بل أجاز فقهاء المالكية وضع قرطاس كتب عليه شيء لتسكين الصداع، ويجوز المسح على هذا القرطاس.
جاء في [الشرح الكبير للإمام الدردير 1/ 163]: "إن خيف غسل جرح مسح ثم إن لم يستطع المسح عليه مسحت جبيرته ثم إن لم يقدر على مسح الجبيرة مسحت عصابته التي تربط فوق الجبيرة كفصد أي كمسحه على فصد ثم جبيرته ثم عصابته، وعلى مرارة تجعل على ظفر كسر ولو من غير مباح للضرورة وعلى قرطاس صدغ يلصق عليه لصداع ونحوه" انتهى بتصرف يسير.
أما الحالات التي لا تستدعي التدخل السريع لعلاج ارتفاع أو انخفاض السكر فلا يعد وجود هذه الجلدة عذرا شرعياً للمسح عليها، بل يجب أن يخلعها عند الوضوء أو الغسل. والله تعالى أعلم.