السؤال:
نحن مجموعة أوصياء على مبنى وقفي وفيه موجودات وقفية، من ضمن الموجودات ثلاجة يريد شخص أن يشتريها بمبلغ 50 ديناراً، هل يجوز لنا بيعها مباشرة، أم أنه لا بد من تحديد سعرها من قبل خبير ثقة، لعل سعرها يكون أكثر، فما هي الطريقة الشرعية لبيعها، أو بيع أي من موجودات الوقف؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل الشرعي أن الوقف لا يصحّ بيعه ولا هبته ولا توريثه؛ فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: "إن عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُ بِهِ؟ قَالَ: (إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا)، قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ، أَنَّهُ لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ، وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الفُقَرَاءِ" متفق عليه.
وأما الأدوات المستعملة في الوقف كالسجاد والثلاجة، فيفرق فيها بين الأدوات التي وُقفت بعينها وبين الأدوات التي وُهبت للوقف دون وقف أو اشتراها ناظر الوقف ولم يوقفها، ففي الحال الأولى لا يجوز بيعها إلا إذا تعطلت وتعذر الانتفاع منها فتباع حينئذ ويشترى بثمنها مثلها، وفي الحال الثانية يجوز بيعها عند الحاجة.
قال الإمام النووي رحمه الله: "حُصُر المسجد إذا بليت، ونحاتة أخشابه إذا نخرت، وأستار الكعبة إذا لم يبق فيها منفعة ولا جمال، في جواز بيعها وجهان: أصحهما: تباع لئلا تضيع وتضيق المكان بلا فائدة"، ثم قال بعد ذلك: "جميع ما ذكرناه في حُصر المسجد ونظائرها هو فيما إذا كانت موقوفة على المسجد، أما ما اشتراه الناظر للمسجد، أو وهبه له واهب، وقبله الناظر فيجوز بيعه عند الحاجة بلا خلاف لأنه ملك" [روضة الطالبين وعمدة المفتين 5 / 357].
وعليه؛ فإذا كانت الثلاجة قد وقفت بعينها فلا يجوز بيعها إلا إذا تعطلت وتعذر الانتفاع منها، وأما إذا كانت قد وُهبت للمبنى الوقفي أو اشتراها ناظر الوقف ولم يُوقفها فيجوز بيعها عند الحاجة، وحينئذ لا بدّ من مراعاة المصلحة عند بيعها، لأنّ تصرف ناظر الوقف بالموقوف مبني على المصلحة، فلا يجوز بيعها بأقل من ثمن مثلها ولا بثمن مثلها إن وجد من يشتريها بثمن أكثر، ولا بدّ من تحديد ثمنها من قبل خبير ثقة. والله تعالى أعلم.