الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الكحول منه ما هو مسكر ومنه ما هو غير مسكر، فإذا كان الكحول المستعمل من النوع غير المسكر، فلا حرج في استعماله في الصناعات الغذائية والدوائية، أما إن كان الكحول من النوع المسكر، واسمه العلمي (الإيثانول) أو الكحول الإيثيلي، فاستعماله في صناعة الأدوية فيها التفصيل التالي:
إذا كان الدّواء كحولاً صرفاً، أو كان الكحول هو الغالب فلا يحلّ التداوي به، فالخمر وأيّ مسكر لا يكون دواءً أبداً، والله عزّ وجل لم يجعل فيه خاصية الشفاء، وإن ظنّ بعض الأطباء ذلك.
عن علقمة بن وائل عن أبيه، ذكر طارق بن سويد أو سويد بن طارق سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر، فنهاه، ثم سأله فنهاه، فقال له: يا نبي الله، إنها دواء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا، وَلَكِنَّهَا دَاءٌ» رواه أبو داود، وقال صلى الله عليه وسلم: (لَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ) رواه أبو داود.
أمّا إذا كانت نسبة الكحول المسكر المستعملة في صناعة الدواء قليلة، فيجوز استعماله بشروط:
أولاً: أن لا يتوفر دواء بديل نافع خال من الكحول.
ثانياً: أن يغلب على الظنّ الشفاء بسبب هذا الدواء، وذلك بإخبار طبيب مسلم عدل.
ثالثاً: أن يكون الكحول مستهلكاً في الدواء، يعني قليلاً مغموراً مختفياً مع مركبات الدواء الأخرى.
جاء في [مغني المحتاج 5/ 518]: "تنبيه: محلّ الخلاف في التداوي بها بِصرفِها، أمّا الترياق المعجون بها ونحوه مما تستهلك فيه فيجوز التداوي به عند فقد ما يقوم مقامه ممّا يحصل به التداوي من الطاهرات، كالتداوي بنجس، كلحم حية وبول، ولو كان التداوي بذلك لتعجيل شفاء بشرط إخبار طبيب مسلم عدل بذلك أو معرفته للتداوي به".
واليوم أصبحت شركات الأدوية تستعمل الكحول الإيثيلي في صناعة الأدوية كمذيب للمادة الفعالة في الدواء، بحيث يستهلك هذا الكحول فيه، ولذا لا حرج في استعمال الكحول الإيثيلي في هذه الحالة إن لم يثبت وجود بديل لهذا الدواء أنفع منه أو مساوٍ له في الفعالية يخلو من الكحول المسكر بشكل نهائي، وينبني على الحكم السابق حكم العمل على تصنيع هذا الدواء والعمل على تسويقه للمستهلكين. والله تعالى أعلم.