الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
بيع الأضاحي الموصوفة بالصّفات المحددة جائز في الفقه الإسلاميّ؛ قال الإمام شهاب الدين الرمليّ الشافعيّ رحمه الله: "لو قال اشتريت منك ثوباً صفته كذا بهذه الدراهم، فقال: بعتك، انعقد بيعاً لأنه بيع موصوف في الذمة" [حاشية الرملي على أسنى المطالب 2/ 18]، وهو من قبيل بيع السلم إذا جرى بلفظ السلم، ومن قبيل البيع إن لم يكن بلفظ السلم، جاء في [تحفة الطلاب وحاشية الشرقاوي من كتب الشافعية 2/ 16]: "والعين التي في الذّمة يصحّ بيعها بذكرها مع جنسها وصفتها...، مع بقية الصفات التي تذكر في السلم، وعدّ هذا بيعاً لا سلماً، اعتباراً بلفظه، فإن نظر للمعنى وهو كون المبيع في الذمة كان سلماً، ولكن المعتمد هو الأول، وهو أنه بيع" بتصرف.
وتوكيل البائع بذبح الأضحية فالأصل فيه الجواز؛ لأنّ الوكيل يقوم مقام الموكل في تحصيل مقصوده، وهذا عقد يملك الموكّل "المشتري" مباشرته لنفسه فيصحّ توكيله لغيره "البائع"، لكن يشترط في التوكيل بالذبح وجود النية عند الذبح أو عند دفع الأضحية للوكيل، والأصل تعيين الذبيحة لأنها عبادة، ولا يشترط تعيينها عند الذبح، بل يصحّ قبل ذلك، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي رحمه الله تعالى: "ولا بدّ في التضحية من النية؛ لأنها عبادة، ولو قبل الذبح عند تعيين الأضحية، كما في الزكاة والصوم، ولو عين شاة للأضحية بأن قال جعلتها أضحية أو عينها عن نذر في ذمته لم تجز عن نية الذبح للأضحية فلا يكفي تعيينها؛ لأنها قربة في نفسها فوجبت النية فيها، ولو نوى دون وكيله، ولو عند الدفع، أي دفع الأضحية إليه أو تعيينه لها كفى فلا حاجة إلى نية الوكيل، بل لو لم يعلم أنه مضحَّ لم يضرّ، ويجوز تفويضها إلى الوكيل المسلم المميز كما يفوض إليه الذبح" [أسنى المطالب 1/ 538].
ويجوز للموكل تفويض النية للوكيل أو استحضارها بنفسه عند توكيله بالذبح، ولكن يجب تعيين الأضحية ولو عند الذبح من قبل الوكيل.
ويجب تعيين الأضاحي ليستلم كل مضحّ أضحيته بعينها، ولذلك يجب على الجمعيات والشركات مراعاة ذلك ووضع آلية معينة تضمن عدم وقوع الخلط بين الأضاحي، ليستلم كل مضحّ أضحيته بعينها.
وأمّا بخصوص أخذ المضحّي من شعره وأظفاره، فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يستحب لمن أراد أن يضحي أن لا يزيل شيئاً من شعره ومن أظفاره في عشر ذي الحجة حتى يضحي، وذلك لما روته أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أُهِلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ) رواه مسلم، فلو لم يعرف المضحي عن طريق الجمعيات الخيرية متى تذبح أضحيته وأخذ من شعره أو أظفاره فلا شيء عليه، وأضحيته صحيحة.
ونذكّر الجمعيات الخيرية التي تقبل التوكيل بالتضحية عن المسلمين أنّ ما تقوم به هو من أعمال الخير والبرّ، ونوصي القائمين عليها بإحسان العمل والالتزام بالشروط الشرعية في أعمالها. والله تعالى أعلم.