الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يحرم على الغني أن يسأل الناس من الصدقات، ولا يحل له ما يأخذه بذلك، وقد حذر الشرع الشريف أشد التحذير من أن يسأل أحد الناس من غير حاجة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ) رواه الشيخان، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ) رواه الترمذي.
وروى الإمام مسلم في [صحيحه] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ).
أما المعطي فإن أعطى السائل ظانه فقيراً، فله الأجر على صدقته؛ لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله لمن أخذ صدقة والده: (لَكَ مَا نَوَيتَ يَا يَزِيدُ، وَلَكَ مَا أَخَذتَ يَا مَعنُ) رواه البخاري، فإذا بان بعد ذلك أنه غير محتاج، فإن كان ما أعطاه من الزكاة فله أن يستردها، ليدفعها لمستحق حتى تبرأ ذمته، وإن كانت من الصدقات فلا يسترجعها، وإن بان غير مستحق؛ لأن الصدقة تجوز على الغني، وله الأجر على ما دفع.
قال الإمام ابن مفلح رحمه الله: "قال ابن شهاب: ولا يلزم [أي: الرد] إذا دفع صدقة التطوع إلى فقير فبان غنياً؛ لأن مقصده في الزكاة إبراء الذمة، وقد بطل ذلك، فيملك الرجوع، والسبب الذي أخرج لأجله في التطوع الثواب، ولم يفت، فلم يملك الرجوع" [الفروع وتصحيح الفروع 4/ 294].
وعليه؛ فما أخذته السائلة حرام، والأولى عدم التحايل لاسترجاع هذا المال، أما وقد أرجعته فلا يجب عليك رده للسائلة. والله تعالى أعلم.