الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
حق الاختراع والابتكار حق ثابت لصاحبه يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه بيعاً وشراء؛ إذ هو سلسلة متواصلة ومكثفة من البحوث والدراسات والتجريب للحصول على النتيجة التي تم التوصل إليها، وما يترتب عليه من تحمل كلف النفقة على تلك البحوث والتجارب، يجعلها حقاً شرعياً خالصاً لصاحبها، ويترتب على حمايتها أحكام شرعية، فيحرم انتفاع الغير بها بغير إذن صاحبها أو إتلافها، سواء أكان ذلك بتزويرها أو تقليدها، لأنه يعتبر أكلاً لأموال الناس بالباطل، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} النساء/29، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ) متفق عليه.
فحقّ الاختراع والابتكار له قيمة مادية في الاجتهاد الفقهي المعاصر، وقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي قراراً برقم (43) 5/ 5 بشأن الحقوق المعنوية، جاء فيه:
"أولاً: الاسم التجاري، والعنوان التجاري، والعلامات التجارية، والتأليف والاختراع أو الابتكار هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مادية معتبرة لتمول الناس لها، وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها".
وبناءً على ذلك؛ فإنه لا يجوز شراء أصناف من السلالات النباتية المعدلة وراثياً من الشركات التي تسرب هذه المنتجات دون علم الشركة الأم؛ كون هذه الشركات لا تملك حق الملكية لهذه المنتجات، ولا تعتبر الشركة المبتكرة محتكرة لمنتجاتها؛ كونها لا تسمح ببيعه إلا عن طريقها؛ لأنها صاحبة الحق في البيع دون غيرها، وهذا معتبر في المعاملات التجارية الحديثة التي تحدد صاحب العلامة التجارية للمنتج، والتي لها الحق في تحديد بيعه لدى وكلائها. والله تعالى أعلم.