الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل في القبر أن يكون حفرة في الأرض تمنع خروج الرائحة، وتمنع الحيوانات من التعرض للميت في الأحوال العادية.
والأصل أن يدفن كل ميت في قبر مستقل وحده إلا للضرورة، فيجوز دفن أكثر من ميت في القبر الواحد، أما الدفن في الفسقية فيتم بوضع الميت في غرفة تحت الأرض، ثم تغلق عليه الغرفة ويترك الميت ليتحلل فيها، وهذه ليست طريقة شرعية للدفن، كما هو المعروف من السنة التي علمنا إياها النبي صلى الله عليه وسلم في دفن موتانا.
وقد ذكر الفقهاء تحريم إدخال ميت على آخر؛ لما فيه من هتك حرمة الميت الأول وظهور رائحته، سواءً اتحد النوع كرجُلين أو امرأتين أو اختلف، ولو كان بينهما محرمية كالأم مع ولدها.
وبناء على ذلك يتبين أن الدفن في الفسقية لا يعد دفناً شرعياً وهو حرام؛ لوجود المحاذير السابقة، وقد صدر قرار لمجلس الإفتاء الأردني رقم: (126) بحرمة دفن أكثر من ميت في قبر واحد.
واتفق الفقهاء على حرمة نبش القبر، فلا يجوز هتك حرمة القبر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا) رواه أبو داود، وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} الإسراء/ 70، ومن كرامته أن لا يُنبش قبره ولا تُنتهك حرمته.
فإذا بلي الميت تماماً ولم يبق منه شيء، جاز فتح قبره ودفن غيره فيه، كما جاز أن تُبنى مقبرة شرعية مكان الفساقي، قال الإمام النووي رحمه الله: "لا يجوز أن يُدفن ميت في موضع ميت حتى يبلى الأول، بحيث لا يبقى منه شيء لا لحم ولا عظم" [المجموع شرح المهذب 5 /284].
أما الفترة التي يحتاجها الميت حتى يبلى فتختلف من منطقة إلى أخرى، وكل أهل بلد أدرى بها.
وعليه؛ وكما يبدو من الحال التي عرضها السائل، فإن العظام لا تزال موجودة ولم تبلَ بعد، فلا يجوز إخراج من دُفن في هذه الفساق، ونبش قبره حفاظاً على حرمته. والله تعالى أعلم.