الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل في من يتزوج من أكثر من امرأة أن يعدل بينهن، وأن يهيئ لكل واحدة منهن مسكناً يليق بحاله بحسب العادة وبحسب مقدرته المالية، فلا يجوز له الجمع بينهن في بيت واحد إلا برضاهن؛ وقد شرع الإسلام ذلك لقطع النزاع، وإدامة المودة وحسن العشرة، وكما هو معلوم فإن المشاركة في السكن الواحد محل لإثارة الغيرة والمشاكل فيما بين الزوجات؛ مما ينتج عنه الكثير من الخلافات العائلية، قال الإمام زكريا الأنصاري: "وعليه إفراد كل منهن بمسكن لائق بها، ولو بحجرات تميزت مرافقهن، كمستراح وبئر وسطح ومرقى إليه من دار واحدة، أو خان واحد، فيحرم عليه أن يجمعهن بمسكن ولو ليلة واحدة إلا برضاهن؛ لأنه يولد كثرة المخاصمة ويشوش العشرة". [أسنى المطالب (3/231)]. وبهذا أخذ قانون الأحوال الشخصية الأردني في المادة (75) حيث جاء فيها: "ليس للزوج أن يسكن مع زوجته زوجة أخرى له في مسكن واحد بغير رضاهما".
ولكن إذا أصابت الزوج جائحة في ماله، أو تعثرت أوضاعه المالية، فاضطر إلى السكن في مسكن واحد كما هي حالة السائل، فلا بأس في أن يسكن زوجاته في منزل واحد على أن يكون لكل واحدة منهن حجرة مستقلة، بحيث أنها تستطيع أن تمارس أمورها الاعتيادية في حياتها براحة ويسر إلى أن يفرج الله عنهم، يقول الله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق:7].
ونوصي الجميع بتقوى الله والصبر على ضيق العيش، فإنه لا ضيق يدوم؛ لأن مع العسر يسراً. والله تعالى أعلم.