الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
أجاز الإسلام للأب أن يرجع فيما يهبه لولده من أعيان؛ فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أنه قال: إِنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلامًا كَانَ لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا؟) فَقَالَ: لا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَارْجِعْهُ) رواه مسلم.
وهذا في هبة الأعيان، أما الديون التي سامح فيها الأب ولده، فلا يحق للأب أن يرجع فيما أسقطه.
قال الشربيني رحمه الله تعالى: "تنبيه محل الرجوع في هبة الأعيان، أما لو وهب ولده ديناً له عليه فلا رجوع له جزماً، سواء أقلنا إنه تمليك أم إسقاط، إذ لا بقاء للدين، فأشبه ما لو وهبه شيئاً فتلف" [مغني المحتاج 3/ 568] بتصرف يسير.
وعليه، إن كان الأمر كما ذُكر في السؤال، فلا يحق للأب أن يرجع عن الديون التي أسقطها عن ولده؛ لأن المسامحة بالدين هي إبراء وإسقاط، والقاعدة الفقهية تقول: "الساقط لا يعود"، ولا تلزم الوصية المذكورة، ولكن حبذا لو أكثر الابن من التصدق عن والده المتوفى. والله تعالى أعلم.