الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
شرع الإسلام الوصية ليتدارك الموصي تفريطه بالتبرع والإحسان، لكن هذه الوصية مقيدة بعدة ضوابط منها:
أولاً: تنحصر الوصية في ثلث تركة المتوفى، إلا إذا أجازها الورثة فيما زاد على ذلك؛ لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ) متفق عليه.
ثانياً: لا تجوز الوصية للوارث إلا إن أجازها الورثة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) رواه أبو داود، وفي رواية (إِلا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ).
ثالثاً: ألا تخالف الوصية قواعد توزيع الميراث، فلا تصح بالتسوية بين الأبناء والبنات مثلا؛ لمخالفته النصوص الشرعية في ذلك.
وعليه، فلا تصح الوصية التي تتعارض مع قواعد الشرع، ويأثم كل من الموصي والمنفذ؛ لمخالفتهما للشرع، ولأنهما تسببا في أكل مال حرام.
أما توزيع الميراث فلا يصح إلا بعد وفاة المورِث، وليس للابن أن يطالب والده بتوزيع الميراث حال حياته؛ لأن الأب طالما أنه حي مسلط على ماله، ولا حق لأحد في ماله.
كما أن المال لا يسمى ميراثاً إلا بعد الوفاة؛ قال الخطيب الشربيني: "وأما شروط الإرث فهي أربعة: أولها: تحقق موت المورث". [مغني المحتاج 4/ 10]، كما أن في استعجال المال من الأب سوء أدب ومنافاة للبر الذي أمر به الله عز وجل. والله تعالى أعلم.