الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الزواج نعمة من نعم الله امتن بها على عباده، فقد شرعه الله تعالى إعفافاً لهم، وليكون سكناً تحصل به المودة والرحمة بين الأزواج، وسبباً لتوثيق أواصر المجتمع، فقال سبحانه وتعالى: (ومِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم/21، وقال عز وجل: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا) الفرقان/54.
ولأجل تحقيق ذلك، فقد حث الإسلام على تيسير سبل الزواج أمام الشباب والفتيات، ومن ذلك عدم المغالاة في المهور، وحث الأولياء على تزويج الخاطب الكفء، وحَذَّر من فتنة رده دون مسوغ؛ لما يترتب على ذلك من المفاسد النفسية والاجتماعية، فقال صلى الله عليه وسلم: (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) رواه الترمذي، وكذلك حث الرجل على أن يظفر بذات الدين والخلق.
فالواجب على أولياء الأمور عدم الوقوف حجر عثرة أمام زواج أبنائهم وبناتهم إذا توفرت في الخاطبين الشروط والضوابط التي أقرتها الشريعة.
وننبه الأبناء إلى أن اعتراض الآباء غالباً إنما ينبع من حرصهم على أبنائهم، وبُعد نظرهم، وتجاربهم في الحياة، فإذا لم يكن لاعتراض الآباء على الزواج ما يبرره، فإن على الأبناء التزام أدب الحوار معهم، وتوسيط أهل الخير عند تعنتهم، ولا يضر أن يتم الأمر بالشورى بين الأبناء وآبائهم في اختيار الزوجة الصالحة أو الزوج الصالح، بما يحقق الاختيار الأمثل الذي يعود على الأسرة بالخير والسعادة، وقد قال الله تعالى: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) الشورى/38. والله تعالى أعلم.