الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
نظام الميراث في الشريعة الإسلامية يُعد من الإعجاز التشريعي في القرآن الكريم؛ ذلك لأن الثروة توزع توزيعاً عادلاً يراعى فيه حقوق الأبوين والزوجين والأولاد والبنات والإخوان والأخوات وغيرهم من العصبات بحسب قوة الرابطة الأسرية، بما يتلاءم مع المنظومة الاقتصادية للتشريع الإسلامي.
كذلك فتحت الشريعة الإسلامية باب خير لصاحب المال ينال من خلاله الأجر العظيم بعد موته؛ فأجازت له أن يوصي بما لا يزيد على الثلث، كالتبرع في وجوه الخير طلبًا لرضوان الله، أو التبرع لبعض الأصدقاء، أما الزيادة عن الثلث في الوصية فممنوع إلا إذا وافق الورثة على ذلك؛ رعاية لحقهم؛ فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لسعد رضي الله عنه لما أراد أن يوصي بماله: (الثُّلُثُ يَا سَعْدُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ ذُرِّيَّتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ) متفق عليه.
وعليه، يجب تنفيذ وصية الوالدة في إخراج الثلث للفقراء والمساكين من غير الوارثين؛ إذ لا وصية لوارث، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: (لا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إِلاَّ أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ) رواه الدارقطني والبيهقي.
قال الإمام الرملي رحمه الله: "لو أوصى للفقراء بشيء امتنع على الوصي إعطاء شيء منه لورثة الميت ولو فقراء، كما نص عليه في الأم" "نهاية المحتاج".
فلا يجوز أن يُعطى منها الوارثون ولو كانوا فقراء إلا إذا أجازها الورثة، فإن أجازها بعض الورثة وامتنع آخرون فإن الوصية تنفذ في نصيب المجيز دون سواه. والله تعالى أعلم