السؤال:
ما حكم الاستفادة من المياه بأسلوب يخالف المشروط والمتعارف عليه، إما بتعطيل عداد المياه، أو الأخذ المباشر من مواسير المياه التابعة لشركة المياه؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله المياه نعمة عظيمة من نعم الله عز وجل التي لا يستغني عنها أحد، وهي أساس الحياة، قال الله عز وجل: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) الأنبياء/30، والمحافظة عليها واجب شرعي ومسؤولية جماعية لكل فرد ومسؤول، لا سيما في ظل شحّ الموارد المائية في بلادنا، وقد قال صلى الله عليه وسلم لرجل رآه يتوضأ: (لا تُسْرِفْ، لا تُسْرِفْ) رواه ابن ماجه.
وقد حرم الإسلام الاعتداء على المياه بجميع صنوفه وأشكاله، سواء ما كان منها على سبيل السرقة، أو تعطيل العدادات، أو نحو ذلك؛ فشركات المياه اليوم مملوكة إما ملكاً عاماً أو خاصاً.
وتقديم المياه للمنتفعين يترتب عليه نفقات باهظة تتكبدها هذه الشركات، من حفر للآبار، وتمديد للشبكات، وغير ذلك.
والاستفادة من هذه المياه ينبغي أن يكون بالطرق المشروعة، فالحصول عليها بغير هذه الطرق يعتبر تعدٍ ونهب، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ) رواه مسلم، ولا شك أن الذي يعتدي على المياه بطرق غير مشروعة يكره أن يطلع عليه أحد من الناس، ويشعر بالإثم في ضميره؛ لأنّ العمل الذي يقوم به إثم وعدوان.
وأما حديث: (الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلاثٍ: فِي الْكَلإِ وَالْمَاءِ وَالنَّارِ) رواه أبو داود، فلا يشمل هذه الحالات؛ لأن الماء المباح المقصود في الحديث ما كان في البحار والأنهار، لا ما كان مملوكاً، فالماء المملوك يحرم أخذه من غير دفع بدله أو إذن صاحبه، ومعلوم أن شركات المياه لا تأذن لأحد بأخذ الماء دون مقابل؛ فإن أخذ الماء والحالة هذه سرقة توجب الإثم والعقوبة، وعلى من قام بها التوبة ورد قيمة ما أخذ وإن تقادم عليه الزمن؛ لأنه نوع من أنواع الغلول، قال الله عز وجل: (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) آل عمران/161.
ولا بد من التذكر والتذكير بأن الاعتداء على الأموال العامة – ومنها المياه- من أشدِّ المحرمات؛ لأنه اعتداء على ملك الأمة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّ رِجَالا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ) رواه البخاري، والواجب على كل مسلم أن يكون أميناً وناصحاً لأمته؛ يحفظ الأموال العامة بصدق وإخلاص وعناية؛ حتى تبرأ ذمته، ويطيب كسبه، ويُرضي ربه. والله تعالى أعلم