الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
حليب المرضعة يثبت به التحريم ولو تغير شكل الحليب أو تم حفظه بطرق معينة، إذ لا يشترط لثبوت التحريم لدى فقهائنا بقاء اللبن على هيئته المعروفة؛ لأن العلة واحدة، وهي حصول التغذي به، فيبقى الحكم مع بقاء العلة.
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله: "لو حلبت لبنها قبل موتها فأُوجِر طفل (أي أدخل في فمه) بعد موتها حرَّم في الأصح؛ لانفصاله منها وهو حلال محترم. ولا يشترط بقاء اسمه لبنا.
ولو جُبن، أو جعل منه أقط، أو نُزع منه زبد، أو عُجن به دقيق، وأطعم الطفل من ذلك، حَرَّم؛ لحصول التغذي به.
ولو خُلط اللبن بمائع طاهر كماء:
حرَّم إن غَلب على المائع بظهور أحد صفاته من طعم أو لون أو ريح، إذ المغلوب كالمعدوم، وسواء أشرب الكل أم البعض.
فإن غُلب، بأن زالت أوصافه الثلاثة حسا وتقديرا، وشَرب الرضيع الكل، حرَّم في الأظهر لوصول اللبن إلى الجوف.
والأصح أن شرب البعض لا يحرم لانتفاء تحقق وصول اللبن منه إلى الجوف، فإن تحقق كأن بقي من المخلوط أقل من قدر اللبن حرم جزما" انتهى باختصار من "مغني المحتاج".
وقد ذكرنا هذه التفصيلات ليستفيد منها القائمون على التفريز كي تستبين لهم الأحكام الشرعية.
وتثبت الحرمة بالرضاع إذا لم يتجاوز الطفل العامين من عمره، ولم يقلَّ عدد الرضعات عن خمس متفرقات.
فإذا أُخذ حليب المرضع في إناء ثم سقي للطفل ثبت بذلك التحريم أيضاً، ولكن بشرط أن يحلب الحليب من المرضعة على خمس رضعات متفرقات، ويشربها الطفل على خمس دفعات متفرقات أيضاً، ولا حرج أن تكون الدفعة الواحدة بمقدار يسير.
يقول الخطيب الشربيني: "لو حلب منها خمس دفعات، وأوجره في خمس دفعات، من غير خلط، فهو خمس قطعاً"، أي ينطبق الشرط ويثبت التحريم. وانظر "الحاوي الكبير" (11/ 378).
جاء في قانون الأحوال الشخصية المادة (27/ب): "الرضاع المحرم هو ما كان في العامين الأولين وأن يبلغ خمس رضعات متفرقات يترك الرضيع الرضاعة في كل منها من تلقاء نفسه دون أن يعود إليها، قل مقدارها أو كثر". والله تعالى أعلم.