الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
من الألفاظ والأسماء ما يدل على كمال، ومنها ما لا يدل على كمال، فما لا يدل على كمال لا يجوز إطلاقه على الله تعالى إلا إذا ورد في الشرع، ويقتصر إطلاقه على موضع وروده دون غيره، بخلاف ما دل على كمال، قال الإمام الحطاب رحمه الله: "اللفظ إما أن يدل على صفة كمال أم لا، فإن لم يدل على صفة كمال لم يجز إطلاقه على الله تعالى إلا أن يرد به الشرع فيقتصر على ذكره في المواضع التي ورد فيها، وإن دل على صفة كمال فإن ورد الشرع به جاز إطلاقه على الله تعالى في الموضع الذي ورد فيه وفي غيره، وإن لم يرد به فمذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري وعامة أهل السنة أنه لا يجوز أن يسمى الله تعالى إلا بما سمى به نفسه أو أجمعت الأمة عليه" "مواهب الجليل" (1/20).
وهذا ما يقصده أهل السنة بقولهم: إن أسماء الله تعالى توقيفية، ومعنى ذلك أنه لا يجوز إطلاق اسم على الله تعالى إلا إذا ورد الإذن من الشرع بإطلاقه عليه.
ومصدر الإذن الشرعي القرآن والسنة وإجماع الأمة، ولا يشترط في جواز الإطلاق أن يكون الدليل قطعياً، بل يكفي في ثبوت ذلك كون الدليل صحيحاً، قال الإمام الزركشي رحمه الله: "لا يشترط في جواز الإطلاق الخبر القطعي بل يُكتفى بالخبر الصحيح" "معنى لا إله إلا الله" (ص: 141).
ولهذا الأصل المقرر منع العلماء جواز إطلاق أسماء على الله تعالى مع ورود ما يرادفها في أسمائه تعالى، فيجوز أن يقال: يا جواد، ولا يجوز أن يقال: يا سخي، ولا أن يقال: يا عاقل، يا طبيب، يا فقيه، مع كونه تعالى عالماً بالأمراض وأسبابها وطرق علاجها؛ إذ هو مسببها وخالقها، وعالماً بالأحكام الشرعية وعللها؛ إذ هو مصدرها وموحيها.
وعليه فلا يجوز إطلاق أسماء سريانية على الله تعالى لم يرد ذكرها في الشرع، ولا يجوز ذكر الله تعالى ولا دعاؤه بها، وخوفاً من أن تتضمن معاني لا تليق بالله تعالى، قياساً على الرقى بغير العربية، قال الحافظ العراقي رحمه الله: "جميع الرقى جائزة إذا كانت بكتاب الله تعالى أو بذكره، ومنهي عنها إذا كانت باللغة العجمية أو بما لا يُدرى معناه لجواز أن يكون فيه كفر" "طرح التثريب" (8/193). والله تعالى أعلم.