الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
أولاً: السنة الكاملة في هيئة السجود هي ما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار بيده إلى أنفه- والكفين، والركبتين، وأطراف القدمين) متفق عليه.
ثانياً: وأما من سجد ووضع جزءًا من جبهته على الأرض، ولم يلامس أنفه الأرض؛ فصلاته صحيحة في المعتمد من قول المذاهب الأربعة، ولكنها ليست على السنة الكاملة. يقول الخطيب الشربيني: "يكفي وضع جزء من كل واحد من هذه الأعضاء كالجبهة" "مغني المحتاج" (1/ 372). وانظر: "فتح القدير" (1/ 300)، "مواهب الجليل" (1/ 520)، "كشاف القناع" (1/ 352).
ثالثاً: وأما مَنْ سجد ولم يثن أصابع قدميه باتجاه القبلة؛ فسجوده باطل في المعتمد من مذهبنا مذهب الشافعية. يقول الخطيب الشربيني: "العبرة في الرِّجلين ببطن الأصابع؛ فلا يُجزئ الظهر منها ولا الحرف" "مغني المحتاج" (1/ 372).
ولكنه سجود صحيح في قولٍ معتبرٍ عند الشافعية، وهو قول جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والحنابلة، فقد عدَّ الحنفية توجيه أصابع القدمين إلى القبلة أثناء السجود من السنن وليس من الواجبات، كما في "بدائع الصنائع" (1/ 210)، والمالكية لا يشترطون لصحة السجود إلا وضع جزء من الجبهة كما في "مواهب الجليل" (1/ 520). ويقول البهوتي الحنبلي: "ويجزئه (ولو على ظهر كف و) ظهر (قدم ونحوهما) كما لو سجد على أطراف أصابع يديه أو قدميه لظاهر الخبر؛ لأنه قد سجد على قدميه أو يديه" "كشاف القناع" (1/ 352).
والذي نُفتي به هو القول بتصحيح سجود من لم يوجه أطراف أصابعه إلى القِبلة وسجد على حرف أصابعه، رأفة بالجاهلين، أما الأكمل لأهل الكمال فالسجود بالكيفية التي ذكرناها؛ فهو سجود لا يعترض عليه أحد من الفقهاء. والله أعلم.