الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
المنح المقدمة من الجامعات تُكيّف شرعاً على أنها هبة، واشتراط إعادة المبلغ كاملاً عند الإخلال بشروط المنحة يجعل منها هبة مشروطة، والهبة المشروطة جائزة عند بعض الفقهاء، وهي قريبة مما يسمى شرعاً بـ"العُمرى والرُقبى"؛ قال الخطيب الشربيني: "ولو قال: أعمرتك هذه الدار مثلاً: أي جعلتها لك عمرك أو حياتك فإذا مت -بفتح التاء- فهي لورثتك، فهي هبة. ولو قال مع قوله أعمرتكها: فإذا مت عادت إليّ أو إلى وارثي. فكذا هي هبة وإعمار صحيح في الأصح ويلغو ذكر الشرط" "مغني المحتاج" (3/ 561).
وقد اختلف الفقهاء في حكم هذا الاشتراط، فالشافعية يبطلون الشرط ويصححون العمرى كما سبق بيانه، والمالكية ورواية عند الحنابلة يصححون هذا الشرط ويعملون بمقتضاه، قال الإمام المرداوي: "وإن شرط رجوعها إلى المعمِر بكسر الميم عند موته، أو قال: هي لآخرنا موتاً صح الشرط هذا إحدى الروايتين. اختاره الشيخ تقي الدين -رحمه الله-وقدمه في بعض كتبه" "الإنصاف" (7/ 134)، وقال الإمام الخرشي المالكي عن العمرى: "ورجعت [أي: العمرى] للمعمِّر أو وارثه يعني أن العمرى بمعنى الشيء المعمر ترجع بعد انقراض العقب للمعمِر ملكاً أو لوارثه وسواء كانت معقبة أم لا، على المعتمد" "شرح مختصر خليل للخرشي" (7/ 112).
وعليه، فإن الهبة المشروطة جائزة، والشرط المقيدة به معتبر شرعاً؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِم) رواه الحاكم وغيره، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "مقاطع الْحُقُوق عِنْد الشُّرُوط".
فتكون المنحة صحيحة والشرط ملزماً، والواجب على الطالب الالتزام به كما وافق عليه ابتداءً.
إلا أنه يحرم فرض الغرامات على مبالغ المنحة؛ لأن فيها شبهة الربا، فهي شرط جزائي على مال ثبت في الذمة. والله تعالى أعلم.