هذا المقطع هو من صيغة صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ عبد السلام بن مشيش، ولا يجب على المسلم أن يدعو بها بل يدعو بما اطمأنَّت إليه نفسه وفهم معناه من الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم والصالحين في هذه الأمَّة، هذا من جهة ومن جهة أخرى يقول العلماء: التأويل أولى من التضليل، بمعنى أن حمل أقوال العلماء والصالحين على محملٍ شرعيٍّ أولى من الحكم عليهم بالضلال، بل هذا هو الواجب فيما تسمعه من جميع المسلمين فقد قيل في الحكم: ولا تظنَّن بكلمة خرجت من أخيك إلا خيراً وأنت تجد لها في الخير محملاً، وهذا الدعاء يمكن أن نفهمه إذا عرفنا مصطلحات الصوفيّة في هذا الموضوع، فالتوحيد عندهم أن تكلِّف نفسك وتجهدها لتدرك أن الله واحد لا شريك له، فكلّما ورد عليك وارد يخالف هذا رددته بالبرهان والتفكير وتقيم الأدلَّة لنفسك وغيرك على وحدانيّة الله، ولا شكّ أن هذا عمل عظيم يحتاج إلى جهد وعليه الأجر والثواب، أما الوحدة فأن تشعر أن كل ما في الكون أثرٌ من آثار الله الواحد بحيث لا يبقى احتمال بوجود شريك له، وعن هذا قالوا:
وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد
يريدون أن يقولوا: لا يوجد إلا الله عز وجل وأثر صفاته وأفعاله فلا يبقى مجال لغيره، وهذا يجعل الإنسان مطمئنّاً مستجمع الفكر والقلب في الشعور بعظمة الله، فهو يلاحظ أثر الله تبارك وتعالى في كل المخلوقات لا أنه يرى جميع المخلوقات جزءاً من الله تعالى فذلك ضلال وهو ما يُسمى بوحدة الوجود والفرق بين الأمرين واضح لأصحاب الأذواق، وعندئذٍ لا يسمع ولا يرى ولا يحسُّ إلا ما يذكِّره بالله عزّ وجلّ، وهذا من معاني قوله تعالى في الحديث القدسيِّ: (كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي) رواه البخاري، بمعنى أن كل شيء يذكِّره بالله تعالى.
وهكذا فإن تأويل كلام علماء المسلمين بحسب اصطلاحاتهم وأعرافهم وعلومهم يجنِّبنا الوقوع في أعراضهم وإيذائهم أحياءاً أو أمواتاً، وكل علم يستغرب مصطلحاته من لم يطَّلع عليها.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى العقيدة / فتوى رقم/30)