السؤال:
لماذا كان الإسراء والمعراج ولم يكن معراجاً فقط، أي لماذا أسرى الله سبحانه وتعالى برسوله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم بعد ذلك عرج إلى السماء؟
الجواب:
الإسراء والمعراج معجزتان أظهرهما الله تعالى على يدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والله عز وجل لا يسأل عما يفعل، وغاية ما يجوز لنا في هذا المقام أن نتلمس بعض وجوه الحكمة مستدلين على ذلك بالأدلة الشرعية المعتمدة، ومستأنسين بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي وردت في الموضوع، ومن أوّل ما يلفت الانتباه في هذا الموضوع أن الله عز وجل ذكر في سورة الإسراء بعد الآيات التي تنص على وقوع هذه المعجزة آيات تذكر فساد بني إسرائيل، وما كتب الله عليهم عقوبةً لهم على ذلك الفساد، وترتيب الآيات على هذه الصورة يُفهم منه أن بني إسرائيل الذين بعث الله فيهم أنبياء كثيرين في هذه المنطقة التي فيها المسجد الأقصى، لم يعودوا أهلاً لحمل رسالة الله تعالى إلى البشر، ولذا وجب أن تُطوى صفحتهم وأن يرث أنبياءهم نبي جديد هو محمد صلى الله عليه وسلم، ولما لم يكن الفتح العسكري لبيت المقدس متيسراً في ذلك الوقت من ناحية مادية فقد فتحة الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام فتحاً روحياً، فكان إليه الإسراء ومنه المعراج، ولا ننسى أن القرآن الكريم قد أعقب ذلك كله بالتأكيد على أن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم، وأن اتّباعه سبب للسعادة في الدنيا والفوز في الآخرة، والإعراضَ عنه سبب للشقاء فيهما.
هذا بعض ما يمكن تلمُّسه من حكمة في هذا الموضوع وحسبنا أن نقول: إن الإسراء قد جعل المسجد الأقصى ثالث ثلاثة مساجد هي أقدس مساجد الأمة الإسلامية، المسجد الحرام في مكة المكرَّمة، ومسجد النبي عليه الصلاة والسلام في المدينة، والمسجد الأقصى في القدس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ مسجدي هَذَا وَمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الأَقْصَى) رواه مسلم، وورد بروايات متعددة وألفاظ مختلفة في غيره.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى العقيدة/ فتوى رقم/26)