لقد ذكر الله تعالى في القرآن العظيم أنه علَّم آدم الأسماء كلها، ومن هذا يفهم أن الله تعالى قد ألهمه المعرفة الضرورية لحياته على الأرض، ولا يُشترط أن يكون آدم عليه السلام قد علم أبناءه كل ما علّمه الله، ولكن علّمهم ما يحتاجون إليه، وقد تفرّق بنو آدم في الأرض وأخذ كل منهم يطوّر حياته ومعلوماته نتيجة لبحثه وتجاربه في الحياة، وكان الفضل الأكبر في نمو معلوماته للأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام الذين أوحى الله إليهم بالشرائع.
واختلاف الألسنة والألوان هو من آيات الله مع أن أصل الجميع واحد.
ومهما يكن من أمر، فإن الله تعالى قد جعل في الإنسان قابلية التعلّم، وخصيصة البحث، ولذلك تطورت معلوماته، وأساليب حياته كثيراً كما نشاهد، بينما لم تتطور حياة بقية الحيوانات، وهذه الخاصية التي جعلها الله في الإنسان هي التي أعانته على عمارة الأرض، وهي التي جعله الله بها مكلفا بالشرائع؛ وهداه بها إلى أسلوب الحياة الأفضل على وجه الأرض، وما يذكره المؤرِّخون عن بدايات حياة الانسان على وجه الأرض هو من باب الظنون التي تستند إلى ما يوجد من آثار والله أعلم بالصحيح، لكن بعضهم ينسى أن يذكِّر بعناية الله تعالى بالإنسان، مع أن الله تعالى ذكر في القرآن الكريم في قصة نزول آدم إلى الأرض أنه وعده بأن ينزل عليه وعلى الرسل من ذريته كتباً ترشدهم سواء السبيل، قال تعالى: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى . وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) طه/123-124.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى العقيدة / فتوى رقم/20)