السؤال:
ما القول فيمن يحللون الأغاني والموسيقى قياساً على زقزقة العصافير، واحتجاجاً بأنَّ بعض العلماء كانت عندهم جواري يستمعون إليهن؟
الجواب:
في هذه المسألة يجب التفريق بين الأغاني والموسيقى، أما الأغاني فهي قول الشعر بطريقة خاصَّة ونغم خاصٍّ، وهذا جائز بشروط:
أولاً: أن لا يكون من الرجال الأجانب للنساء الأجنبيّات، ولا من النساء الأجنبيات للرجال الأجانب، والمقصود بالأجانب: غير الأزواج والمحارم، ولا يُستبعد أن يكون لبعض العلماء جارية تنشده الشعر.
ثانياً: أن لا يحتوي الشعر على كلام فاحش يصف امرأة معيَّنة أو يشجِّع على رذيلة.
وعلى هذا يُحمل كل ما ينقل عن السلف من سماعهم للغناء كحداء الإبل، وغناء العمال والحصَّادين، والأناشيد الصوفيَّة، وقد كانوا يسمون أناشيد الصوفيَّة (السماع) وهو الذي أجازه بعض العلماء ودافعوا عنه كالغزالي وغيره، وهو ما يسمى اليوم (الأناشيد الدينية).
أما الموسيقى وهي الأصوات المنبعثة من الآلات الموسيقيَّة؛ فإن علماء المذاهب الأربعة السنة وغيرهم من الشيعة متَّفقون على تحريمها إلاّ الدُفّ في العرس، والطبل للحرب، لما ثبت لديهم من الأدلَّة ولم يخالف في ذلك إلا ابن حزم الظاهريُّ رحمه الله، ولا ننسى أنه كان وزيراً وابن وزير ونشأ في جوِّ الموسيقى والغناء، وفي عصر أندلسيٍّ أدَّى إلى ضياع الأندلس، وهو صاحب كتاب "طوق الحمامة" الذي يتحدَّث فيه عن العشق والغرام والمحبَّة إلى آخره...، والمسلم يجب أن يحتاط لدينه وأن يتَّبع العلماء الذين لم يختلف أهل العلم في علمهم وتقواهم.
أما القياس على زقزقة العصافير فقياس باطل، لأنه معارض للحديث، وارجع في هذا إلى كتاب ابن حجر الهيتميِّ "كف الرعاع عن محرَّمات السماع".
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الحياة العامّة / فتوى رقم/64)
* للاطلاع على فتوى دائرة الإفتاء المعتمدة في هذه المسألة ينظر الفتاوى رقم (
3463).