هذه الأحوال منها ما يكون قهريًّا بسبب الهم والغم وكثرة مشاغل وأعباء الدنيا ومتطلباتها؛ فلا يُؤاخذ به المصلي، والواجب عليه أن يفرِّغ قلبه للصلاة، وأن يحصر ذهنه فيها، بأن يتأمَّل ما هو فيه من مناجاة لله تعالى ووقوف بين يديه عز وجل، وأن يدفع الخواطر التي تصرفه عن الصلاة ما استطاع.
ولو شرد ذهنه وغلبته الوساوس دون أن يخلَّ بأركان الصلاة من أقوال وأفعال؛ فصلاته صحيحة، وإن أدَّى ذلك إلى نسيان ركن من أركان الصلاة؛ فله أحكامه الخاصّة التي يذكرها العلماء في باب سجود السهو.
فالخواطر القهرية لا يُؤاخذ بها المصلي، أما من يستذكر الأشياء ليفكِّر بها؛ فهذا مخالف للمقصود من الصلاة، فقد توضّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثًا ثلاثًا ثم قال: (من توضّأ نحو وضوئي هذا، ثم صلّى ركعتين لا يحدِّث فيهما نفسه؛ غُفر له ما تقدَّم من ذنبه) رواه البخاري. قال العلماء: هذا لمن لم يحدِّث نفسه، أما من حدَّث نفسه فليس له هذا الثواب، أما من حدثته نفسه قهرًا فلا يُلام، وله الأجر، ففرَّقوا بين من حدّث نفسه ومن حدّثته نفسه.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الصلاة/ فتوى رقم/12)