السؤال:
ما الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم: (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه) أخرجه أحمد، وبين ما روي من أنه (مات صلى الله عليه وسلم وذمته مشغولة بدين يهودي) رواه البخاري، وكيف يحمل الحديث؟
الجواب:
أما دين الميت فإن كان معذوراً في تأخيره إلى ما بعد الموت فلا خلاف بين المسلمين أنه لا يعصي ولا يأثم، وإن كان عاصياً في تأخيره فإنه يأثم بذلك، وإن استدانه لمعصية كان عليه وزر؛ لأنه عصى معصيتين، وإن اقترض لواجب أو مباح ولم يقصر في التأخير، لا إثم عليه.
فأما قوله عليه السلام: (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه)، فالتعلق ضربان: أحداهما: أن يتعلق تعلق عقاب ومؤاخذة، فهذا لا يجري في حق أحد من أهل الإِسلام إذا لم يأثم بالاقتراض ولا بالمطال، وهذا محال أن يوجد في حق النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يقترض إلا في طاعة أو مباح.
الثاني: أن تَعلقَ نفسه بدَيْنه، بأن تؤخذ من حسناته مكان ما أخذ من الديون المباحة؛ كما باع في الدنيا مسكنه وخادمه مع أنه لا إثم عليه، والرسول صلى الله عليه وسلم قد وفـّى دينه مع أن غريمة كان يهودياً، واليهودي لا يأخذ من ثواب الحسنات شيئاً، وإنما يأخذ الغريم من ثواب الحسنات، وإن لم يقبض ديونهم، وقد قضي دين رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته، ولو قضى دينه غيره بعد موته أسلمت له حسناته، ولم يوضع عليه من السيئات في مقابلة الدين شيء؛ لأنه لا يستوفى في بدله مرتين. والله أعلم.
"فتاوى العز بن عبد السلام" (رقم/216)