الإفطار في رمضان إما أن يكون بعذر شرعي: كالمرض والسفر والحيض والنفاس والحمل والرضاع، أو بغير عذر.
فالثاني: يجب فيه القضاء فور انتهاء رمضان ويوم العيد؛ لأنه معصية ويجب أن يبادر صاحبها إلى التوبة، وإنما يكون ذلك بالقضاء، والندم، والاستغفار، والعزم على عدم العودة إلى المعصية، ولو أخر القضاء فيُخشى أن يأتيه الموت فيلقى الله تعالى عاصيًا.
وأما الأوّل -أي الفطر بعذر-: فيُندب لصاحبه أن يبادر إلى القضاء بعد انتهاء رمضان ويوم العيد وبعد زوال العذر؛ لأنه أفطر بعذر فيطالب بالقضاء على التراخي، لكن ليس له أن يؤخِّر القضاء حتى يأتي رمضان آخر إلا لعذر، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان يكون عليّ الصيام من شهر رمضان، فما أقضيه حتى يجيء شعبان" رواه النسائي.
وقد فهم الفقهاء من هذا أنه لو جاز تأخير القضاء لأخَّرتْه إلى ما بعد رمضان، ولكنها لم تفعل مع شغلها المستمر؛ لعدم جواز التأخير، أما لو استمر العذر -من مرض أو سفر أو غيرهما- جاز التأخير.
وحيث جاز التأخير لاستمرار العذر؛ فإنه يقضي ولا يجب عليه إطعام مسكين لوجود العذر.
وحيث أخَّر القضاء بلا عذر حتى جاء رمضان آخر؛ وجب عليه مع القضاء فدية إطعام مسكين عن كل يوم؛ أي يصوم يومًا عن كل يوم أفطره، ويطعم مسكينًا عن ذلك اليوم، وهذا مذهب الإمام مالك والشافعي وأحمد، وهو مرويٌّ عن ابن عمر وابن عبّاس وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين.
فلو أخر بلا عذر حتى مر رمضانان فأكثر؛ وجب لكل رمضان مع القضاء إطعام مسكين؛ أي تتضاعف الفدية، ولا يتضاعف الصيام.
أما كيفية القضاء: فالأفضل أن يقضي ما فاته من رمضان متتابعاً، ولو فرق بين أيام القضاء جاز؛ لأن الله تعالى قال: (فعدَّةٌ من أيام أُخَر) البقرة/184. ولم يشترط التتابع فلا نوجبه ولا نشترطه إلا بدليل.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الصوم/ فتوى رقم/1)