الفتاوى

الموضوع : حكم التورق العام [قضية "البيع الآجل" أو ما يُعرف بـ "الترميش" أو "التعزيم"]
رقم الفتوى: 3079
التاريخ : 28-05-2015
التصنيف: مسائل مالية معاصرة
نوع الفتوى: بحثية



السؤال:

نرجو بيان الحكم الشرعي فيما يجري في بعض مناطق المملكة، حيث عرف بعض الأشخاص بشراء السيارات أو العقارات من الناس بسعر مؤجل باهظ، فيدفع لصاحب السيارة أو العقار ربحا عاليا، ولكنه مؤجل بموجب شيك. ثم يقوم هو ببيعها بسعر أقل منه حالا. ويتكرر منه ذلك؟


الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

البيوع في الشريعة الإسلامية إنما شرعت لتحقيق مصالح العباد وتلبية حاجاتهم، وقامت على أسس واضحة، وأحكام بينة منضبطة، بعيدة عن الشبهات وأكل أموال الناس بالباطل والاعتداء عليها.

والمسلم ينبغي عليه أن يجتنب كل ما فيه شبهة أو غرر، ولا ينظر إلى الربح المادي فقط، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ) رواه مسلم. 

والمسألة المذكورة يسميها الفقهاء بالتورق، وصورتها أن يشتري أحدهم سلعة كسيارة أو أرض بمائة دينار مثلا إلى أجل، ثم يبيع ما اشتراه لشخص آخر غير البائع بثمانين نقدا حالا، وهذه الصورة من البيوع اختلف فيها الفقهاء اختلافا كبيرا، ولكن هذا الخلاف إنما وقع في صورة التورق الخاص والبسيط التي يمارسها بعض الأفراد لدفع حاجاتهم فقط، وأما أن تكون نشاطا اقتصاديا على مستوى عام واسع، بحيث تصبح مهنة مشبوهة لا يعرف ما وراءها، لغاية كسب الأموال الطائلة، بحيث تنتشر في المجتمع بما يشكل خطرا كبيرا عليه، فهذا لم يكن مثله موجودا بهذه الصورة في زمن قدامى الفقهاء، بل العادة في البيع والشراء أن البائع يسعى للحصول على أعلى سعر، ويسعى المشتري لشرائها بأدنى سعر، ولذلك كانت المساومة. أما ما يجري في السوق في هذا السؤال، فهو على عكس ذلك. 

وقد نص الفقهاء على كراهة كل بيع فيه شبهة التحايل على الربا، فقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: التورق أخية الربا. وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: "وقد يكره – يعني البيع – كبيع العينة، وكل بيع اختلف في حله، كالحيل المخرجة عن الربا" [تحفة المحتاج 4/323]

والذين يتعاملون بمثل هذه المعاملات التي لا تنمو في السوق بصورة سوية، ويستبدلون الحلال البين بالشبهات، عليهم أن يتقوا الله تعالى، فإن الله أباح البيوع بحيث توزع خيرات نموها وبركاتها على البشرية كلها، وإنما يكون ذلك بما أحل الله، وأما غير ذلك، فإن نمو المال فيها يكون مائلا عن الطريقة السوية، ومجهول العواقب، ويعرض كثيرا من العائلات إلى الدمار، ويؤدي إلى زعزعة اقتصاد البلد. والله تعالى أعلم 





للاطلاع على منهج الفتوى في دار الإفتاء يرجى زيارة (هذه الصفحة)

حسب التصنيف[ السابق | التالي ]
رقم الفتوى[ السابق | التالي ]


التعليقات


Captcha


تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا