أضيف بتاريخ : 14-11-2016


ظاهرة العنف لدى الشباب

أسبابها والحلول المقترحة وفق التوجه التربوي الإسلامي

المفتي الدكتور عبدالله الربابعـة

 

الملخص

هدفت هذه الدراسة إلى بيان ظاهرة العنف لدى الشباب والحلول المقترحة وفق التوجه التربوي الإسلامي، وقد تبين من خلال الدراسة أن القرآن الكريم وكذا السنة كلاهما أشار إلى بيان ظاهرة العنف من حيث أسبابها وبيان الحلول المقترحة من خلال هدي النبي الكريم عليه السلام، ثم من خلال الحثّ على النظر والتدبُّر والتفكر وجعل العقل واسطة للحيلولة من الوصول إلى هذا العنف والتشنيع على من يتبنى العنف ويشجع عليه، ومحاربة كل ما من شأنه أن يؤدّي إلى هذا العنف لدى الشباب، وخلصت الدراسة إلى بيان أثار العنف على المجتمع وبيان طرق الوقاية منه.

والحمدُ لله ربّ العالمين

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد  صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن سار على نهجهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:

فإن الأمن حاجة إنسانية ملحة، ومطلب فطري لا تستقيم الحياة بدونه، ولا يستغني عنه فرد أو مجتمع، والحياة بلا أمن حياة قاحلة مجدبة، شديدة قاسية، لا يمكن أن تقبل أو تطاق، فالأمن من أهم مقومات السعادة والاستقرار، وأهم أسباب التقدم والتحضر والرقي، وهو مطلب تتفق على أهميته جميع الأمم والشعوب، والأفراد والمجتمعات، في كل زمان ومكان،  وإذا فقد الأمن اضطربت النفوس، وسيطر عليها الخوف والقلق، وتعطلت مصالح الناس، وانقبضوا عن السعي والكسب وانحصرت هممهم بتأمين أنفسهم ومن تحت أيديهم، ودفع الظلم والعدوان الواقع أو المتوقع عليهم وإذا كان الأمن حاجة إنسانية ملحة، لا يستغني عنها فرد أو مجتمع، فإن ذلك يعني بالضرورة وجوب مواجهة ما يخل به من العنف، ومعالجة آثاره، وقطع الأسباب الداعية إليه.

وللإسلام منهجه المتفرد في تحقيق الأمن ومكافحة العنف، فهو يهتم بالجوانب التربوية والوقائية التي تمنع وقوع العنف أصلًا، كما يهتم بالجوانب الزجرية والعقابية، التي تمحو آثاره، وتمنع من معاودته وتكرار؛  وهذا بخلاف ما عليه المناهج البشرية الجاهلية، والقوانين الوضعية التي تهتم بمعالجة العنف بعد وقوعه، أكثر من اهتمامها بمنع حدوثه ابتداءً، ولو قدر لها أن تهتم بالجوانب الوقائية والتربوية، لم يتوفر لها من وسائل ذلك، ومن الالتزام بها والاستجابة لها واحترامها ما يتوفر للتشريع الإلهي، الذي هو من وضع الخالق الحكيم، الذي خلق الإنسان، ويعلم ما يصلحه ويسعده في عاجل أمره وآجلة، تشريعٌ بريء من جهل الإنسان، وهوى الإنسان، وضعف الإنسان، وتقلبات الإنسان، لا محاباة فيه لفرد، ولا لطبقة، ولا لجنس؛ لأن الله هو رب العالمين، والناس كلهم عباده، وقد أنزل عليهم شريعته لتحقيق أمنهم وحفظ مصالحهم، وهدايتهم لما فيه سعادتهم في دنياهم وآخرتهم، وقد اشتمل البحث على مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة وقائمة مراجع.

المبحث الأول: العنف ومدلولاته وأثاره وأشكاله في الكتاب والسنة،وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: التعريف بمصطلحات البحث

المطلب الثاني: أشكال العنف

المطلب الثالث: موقف القرآن والسنة من العنف

المبحث الثاني: أسباب ظاهرة العنف لدى الشباب، وفيه مطالب:

المطلب الأول: الأسباب الاقتصادية

المطلب الثاني: الأسباب السياسية

المطلب الثالث: الأسباب النفسية

المطلب الرابع: الأسباب الفكرية والدينية

المطلب الخامس: الأسباب الفكرية

المطلب السادس: الأسباب الاجتماعية

المطلب السابع: الأسباب المساعدة على العنف

المبحث الثالث: العلاج، والآثار، وسبل الوقاية والمقترحات وفيه مطالب:

المطلب الأول: علاج ظاهرة العنف

المطلب الثاني: أثار العنف

المطلب الثالث: سبل الوقاية

المطلب الرابع: مقترحات لعلاج العنف لدى الشباب، والخاتمة.

المبحث الأول

 العنف ومدلولاته وأثاره وأشكاله في الكتاب والسنة

لعل من المناسب الحديث عن العنف في مجالاته المختلفة؛ لأن العنف أصبح في هذا الزمن من السمات التي قد تكون بارزة، وهذا ما نشاهده في كثير من الأوقات، وما ذلك إلا لوجود الخلل الظاهر في كثير من سلوكيات البشر، وهذا الخلل يزال إذا تكاثفت الجهود في جميع الميادين المختلفة وخلصت النيات؛ ولهذا سيكون حديثي حول هذا المبحث من خلال المطالب التالية:

المطلب الأول: التعريف بالعنف في اللغة والاصطلاح

يعد العنف من الأمور الطارئة في حياة الأمم والشعوب والتي يؤثر وجود العنف فيها على الاستقرار والأمن في المجتمع؛  ولتحقيق تماسك بنيان المجتمع وضمان أمنه، لا بد من السعي إلى القضاء على العنف أو التقليل منه (1).

التعريف اللغوي:

العُنْفُ: ضدُّ الرفق، تقول: عَنُفَ عليه بالضم وعَنُفَ به أيضاً، والعَنيفُ: الذي ليس له رِفْقٌ بركوب الخيل؛ والجمع عُنُفٌ، واعْتَنَفْتُ الأمر: إذا أخذتَه بعنف. واعْتَنَفْتُ الأرض، أي كرهتها. وعُنْفُوانُ الشيء: أوّلُه، يقال: هو في عُنفُوانِ شبابه، وعُنْفُوانُ النبات: أوله (2). والعُنْف: ضدّ الرفق. وعَنَفَ يَعْنُفُ عَنْفاً فهو عنيفٌ، وعنّفته تعنيفاً، والعنف: قلة الرّفق بالشّيء وقد عَنُفَ به عُنْفاً فهو عَنيف والجمع عُنُف وقد أعْنَفَه وعَنَّفَه واعتنفت الشّيء: أخذته في شدة، وقيل: العنيف: الأخرق بما عمل وولي، (3) والعنف: بضم فسكون: معالجة الأمور بالشدة والغلظة. والعُنْف: الخُرْقُ بالأَمر وقلّة الرِّفْق به وهو ضد الرفق، واعْتَنَفَ الأَمرَ أَخذه بعُنف .(5) وحقيقة العنف: أنه الشدة في قول أو رأي أو فعل أو حال! وهو ما يُولد ما يسمى بالعنف العقدي, والعنف العلمي والعنف الفكري في الرأي والفهم والتصور؟! إذاً العنف نتيجة للغلو والتطرف، ومما جاء في ذم العنف والشدة قوله  صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب).(6)

كلمات مرتبطة بالمعنى اللغوي:

وهناك كلامات ومصطلحات ملاصقة ل لكلمة عنف وهي: (الإرهاب، والتطرف، والغلو، والتعنت والتعسير)، فكلمة (الإرهاب) مشتقة من (رهِب): بالكسر، يرهب، رهبة، ورهبا بالضم، ورهبا بالتحريك بمعنى أخاف، وترهّب غيره: إذا توعّده، وأرهبه ورهّبه: أخافه وفزعه، ورهب الشيء رهبا ورهبا، ورهبه: خافه(7)، وكلمة (التطّرف)، وتفعَّل  بتشديد العين من طرف يطرف طَرَفا بالتحريك, وهو الأخذ بأحد الطرفين والميل لهما: إما الطرف الأدنى أو الأقصى والتطرف هو التشدد(8)، وكلمة (الغلو) وهي: غلا في الأمر يغلو غلوا, أي جاوز فيه الحد، فحقيقة الغلو هو: الزيادة ومجاوزة الحد الشرعي الواجب(9)، وكلمة (التعنت) يأتي هذا اللفظ بمعنى التشديد قال تعالى: ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ) (10) وقوله تعالى: ( لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ) (11) وقوله: ( ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ )(12)، وكلمة (التعسير) معناها: جعل الأمر اليسير عسيراً والسهل صعباً، قال تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) البقرة/185، وجاءت الوصية النبوية العامة موجهة نحو التسديد والمقاربة وعدم مغالبة الدين فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا) (13): أي الزموا السداد وهو الصواب بلا إفراط ولا تفريط وإذا لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل فاعملوا بما يقرب منه (14).

المعنى الاصطلاحي:

تكاد تجمع جميع المعاجم اللغوية على أن معنى العنف هو الشدة، وهو ضد الرفق، وبالرغم من أنه لا توجد تعريفات محددة للعنف نظرًا لاختلاف ظروفه ومسبباته، إلا أنه يمكن الإشارة إلى أن العنف يعد سمة من سمات الطبيعة البشرية يظهر حين يكف العقل عن قدرة الإقناع أو الاقتناع فيلجأ إلى الأنا تأكيدًا لذاته ووجوده وقدرته على الإقناع المادي، أي استبعاد الآخر الذي لا يقتنع على إرادة الأنا، وإما نهائيًا بإنهاء ذات وجوده.(15) وهناك تعاريف كثيرة اخترت منها ما يناسب المقام وهي تدل على معنى العنف في المصطلحات المعاصرة وهي:

 1- أن العنف هو الاستخدام العقلي للقوة أو التهديد باستخدامها لإلحاق الأذى والضرر بالأشخاص والإتلاف للممتلكات (16)

2- أن العنف مفهوم سلبي يرمي إلى انتزاع المطالب بالقوة وإكراه الآخر على التنازل عنها أو الاعتراف بها بوسائط يتكبد خسائر من جراء استعمالها (17)

3- أنه يقصد به جميع أعمال العنف وأعمال القمع الأخرى من أجل التحرر والحصول على حقها المشروع في تقرير المصير والاستقلال ومن أجل حقوق الإنسان وحرياته الأساسية الأخرى (18).

4- أن العدوان الذي يقوم به فرد أو جماعة أو دولة ضد الإنسان النفس والدين والمال والعرض والعقل ويكون ذلك بالتخويف والأذى والتعذيب والقتل بغير حق وأحد صوره الحرابة وإخافة السبيل وأي وجه من أوجه العنف.

ونستنتج من هذه التعاريف السابقة أن العنف لا يأتي من خلال التفكير المتعقل، وإنما يأتي بعد أن يتوقف العقل عن التفكير ويرى طريقًا واحدًا فقط لإقناع الآخرين برأيه أو منهجه عن طريق القوة فينتج عن ذلك اختلافات كبرى، وزعزعة للاستقرار سواء بين الأفراد أو المجتمع.

العلاقة بين المصطلحات:

من الألفاظ القريبة من العنف: التطرف والإرهاب والتعنت والتشديد والتعسير، وهذه المصطلحات بينها علاقة قوية، فالعلاقة بين هذه المصطلحات الإرهاب التطرف العنف يثير كل من المفردات معنى ما في الذهن عند سماعها، فلو رسمنا دائرة افتراضية، ترمز إلى كل معنى منها على حدة، ثم قارنا بينها، لتبين لنا أن ثمة مساحة كبيرة من تلك الدوائر مشتركة بينها جميعًا، ثم تختص كل منها بأجزاء خاصة بها، هذا المجال المشترك من المساحة بينها، هو القدر الذي يبرر العلاقة بين تلك المصطلحات في واقع الفكر، والسلوك الفردي والجماعي والدولي، في مظاهر الحياة المعاصرة، وهو في كل الحالات يقع خارج نطاق الوسطية(19).

المطلب الثاني: أشكال العنف يأخذ العنف والعدوان أشكالاً كثيرة حسب الطبيعة التي يظهر فيها هذا المصطلح، وحسب البيئة التي يعيش فيها، ولعل هذه الأشكال من العنف تتنوع حسب الواقع التي تظهر فيه، ومن أهمها ما يلي: 1. العنف المادي: ويعرف بأنه كل فعل يلحق الأذى بالمعتدى عليه ويضره جسمياً وجسدياً وهو أبشع أنواع العنف، لأن الإسلام حرم العدوان على النفس، قال تعالى: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ) المائدة/32، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة لقي الله مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله)(20)، ومن العنف المادي: الضرب والركل وكل أشكال الاعتداء، والاغتصاب الذي حرمه الشرع واعتبره من أقبح الفواحش والحبس في المنزل وهو أمر محرم شرعاً؛  لأنه عدوان على حرية الإنسان، والطرد من المنزل الذي يمارسه بعض الأزواج تجاه زوجاتهم أو أبنائهم أو أبائهم وهو أمر منكر في الشرع، ولا يقره طبع سليم ولا خلق قويم.

2. العنف المعنوي: وهو إيذاء الزوجة أو الأبناء بالسب والشتم وجرح المشاعر، وكل ذلك محرم في الشرع، لقوله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر(21)، وقوله  صلى الله عليه وسلم: (ليس المسلم بالسباب ولا باللعان ولا بالفاحش البذيء) (22)، ومثله كل قول أو فعل يؤثر على نفسية الغير ويجعله مضطرباً كالإهانة والتخويف والتهديد.

 المطلب الثالث: موقف القرآن والسنة من العنف.

 سأحاول بإذن الله في المطلب التأصيل لموقف القرآن الكريم والسنة النبوية من العنف؛  وذلك من خلال تقديم إضاءات واضحة بهذه المصطلحات، ثم التأسيس لموقف القرآن والسنة منها ونبذهما التام لكل ما يتعارض مع الفطرة الإنسانية من نزوع إلى أي شكل من أشكال العنف ومحو الآخر في حين أن نصوصه القرآنية والحديثية صريحة في نبذ كل صور العنف وأشكاله(23). وإن المتأمل في القرآن الكريم والسنة النبوية يتبين له أن هنالك إشارات قوية تدعو إلى نبذ العنف واستعمال القوة بالمفهوم السلبي إلا في حالة الوقوع تحت ظلم الآخر أوعدوانه، كما أنه لا إكراه على الدخول في الإسلام بالقوة ولا قتل للنفس التي حرم الله إلا بالحق.(24)

أولاً: موقف القرآن الكريم:

رسم القرآن الكريم منهج الإسلام في الدعوة إلى الله بقوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) النحل/125، والدعوة بالحكمة تعني: الخطاب الذي يقنع العقول بالحجة والبرهان، والموعظة الحسنة تعني: الخطاب الذي يستميل العواطف ويؤثر في القلوب رغباً ورهباً، والجدال بالتي هي أحسن يعني: الحوار مع المخالفين بأحسن الطرق وأرق الأساليب التي تقربهم ولا تبعدهم، ولنا عبر كثيرة في أنبياء الله في دعوة قومهم، كما جاء ذلك في قصصهم في القرآن الكريم، فكانوا يبدؤون خطابهم ودعوتهم مع قومهم ب(يا قوم) إشعاراً منهم بأنهم آحاد وأفراد منهم مع رقة الأسلوب ولين الجانب، فانظر مثلًا دعوة نوح لقومه في سورة الشعراء وغيرها قال تعالى: ( كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ، وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) الشعراء/ 105-109، وفي سورة الأعراف يقول تعالى: ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) الأعراف/59، وفي سورة نوح قوله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) نوح/1-2، وقال تعالى عن هود عليه السلام: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) الأعراف/65، وعن النبي صالح قال تعالى: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) الأعراف/73، وعن شعيب يقول تعالى: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) الأعراف/85.

وانظر خطاب أبي الأنبياء خليل الرحمن إبراهيم  صلى الله عليه وسلم لأبيه في دعوته إلى توحيد الله تعالى والابتعاد عن عبادة الأوثان، فإنه في قمة الرقة والرأفة واللين والرحمة، يقول الله تعالى على لسان إبراهيم صلى الله عليه وسلم في سورة مريم: (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا، يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا يَاأَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا، يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا) مريم/42-45، وعندما ردّه أبوه أجابه بقوله: (أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا)، قال له عليه السلام: (سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا) مريم/46-47، وهذه أيضاً من صفات المؤمنين، يقول الحافظ ابن كثير في تفسيره: فعندها قال إبراهيم لأبيه: سَلَامٌ عَلَيْكَ  كما قال تعالى في صفة المؤمنين: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) الفرقان/63، وقال تعالى: (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) القصص/55، ومعنى قول إبراهيم: سَلَامٌ عَلَيْكَ: أما أنا فلا ينالك مني مكروه ولا أذى، وذلك لحرمة الأبوة، ونموذج آخر من رسل الله عليهم السلام هو نبي الله موسى عليه السلام مع الطاغية فرعون الذي ادعى الربوبية والألوهية: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) النازعات/24، وقال تعالى: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) القصص/38 حيث أمره  سبحانه وتعالى هو وأخاه هارون بتليين القول لفرعون، قال تعالى: (اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي، اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى، فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) طه/ 42-44، ولذا وجدنا موسى عليه السلام حين ذهب إلى فرعون الطاغية قال له: ( فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى، وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى) النازعات/19، 18(25)، ويذكر في هذا المقام قصة الرجل الذي دخل على المأمون الخليفة العباسي رحمه الله، فأغلظ له القول في الدعوة والموعظة، فقال له المأمون وكان على علم وفقه: يا هذا، إن الله بعث من هو خير منك إلى من هو شر مني، وأمره بالرفق، بعث نبي الله موسى وهارون عليهما السلام  وهما خير منك إلى فرعون وهو شر مني، وقال تعالى: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)، فخصمه وحجه فأفحمه!!! (26) وأول حالة عنف حصلت في تاريخ البشرية كما يسجلها القرآن الكريم أدت إلى إزهاق الروح الإنسانية المقدسة هي قتل قابيل أحد أبناء آدم عليه السلام لأخيه هابيل، وقد حكا القرآن الكريم هذه الواقعة في سياقات مختلفة ليبين أهمية الحدث في فهم ظاهرة العنف، كما ركز على وصف حالة قابيل المتردية نفسياً وروحياً بعد أن لجأ إلى استعمال العنف ضد أخيه، فقال تعالى: (فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) المائدة/31-32 (27)

والقرآن الكريم في هذا السياق يتكلم عن العنف المستعمل بطريقة سلبية ويدينه إدانة شديدة ويتكلم عن مآلاته وعواقبه الوخيمة مثل إزهاق الأرواح والنفوس أو إلحاق الأذى بالناس أو الإفساد في الأرض يقول الرازي في تفسيره: "إذ من الظاهر أن صدور هذا الذنب من أحد ابني آدم لا يصلح أن يكون سبباً لإيجاب القصاص على بني إسرائيل، أما لما أقدم رجل من بني إسرائيل على مثل هذه المعصية أمكن جعل ذلك سبباً لإيجاب القصاص عليهم زجراً لهم عن المعاودة إلى مثل هذا الذنب، ومما يدل على ذلك أيضاً أن المقصود من هذه القصة بيان إصرار اليهود أبداً من قديم الدهر على التمرد والحسد حتى بلغ بهم شدة الحسد إلى أن أحدهما لما قبل الله قربانه حسده الآخر وأقدم على قتله، ولا شك أنها رتبة عظيمة في الحسد، فإنه لما شاهد أن قربان صاحبه مقبول عند الله تعالى؛  فذلك مما يدعوه إلى حسن الاعتقاد فيه والمبالغة في تعظيمه، فلما أقدم على قتله، وقتله مع هذه الحالة؛ دل ذلك على أنه كان قد بلغ في الحسد إلى أقصى الغايات، وإذا كان المراد من ذكر هذه القصة بيان أن الحسد دأب قديم في بني إسرائيل وجب أن يقال: هذان الرجلان كانا من بني إسرائيل" (28). هذا مجمل ما أردت قوله في ما يتعلق بما ورد في الكتاب الكريم في ما يتعلق بالعنف، وقد وردت قصص كثيرة في هذا المعنى لكنني اكتفيت بالجزء ليعبر عن الكل، وهذا جائز في بيان المطلوب.

ثانياً: موقف السنة المطهرة: جاء في السنة المطهرة من خلال هدي النبي الكريم  صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة المهداة الرؤوف الرحيم، الذي بعثه الله رحمة للعالمين، ما يدعو إلى الرفق وينكر العنف، وهذا مسجل في أحاديثه وسيرته ومنهجه في الحياة كلها، فهو صاحب الخلق العظيم المتمم لمكارم الأخلاق كما جاء في الأثر: (إنما بعثت لأتمم مكارم الخلاق)، فها هي جملة مختصرة من توجيهاته وأحاديثه في الدعوة إلى الرفق والبعد عن العنف، وأن من حرم الرفق حرم الخير الكثير.

1- قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله) (29)

 وسبب ورود هذا الحديث يدل على عظم خلق النبي صلى الله عليه وسلم، كما يدل على خبث نفوس اليهود وسوء طويتهم وفساد أخلاقهم وآدابهم، فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: استأذن رهط من اليهود على النبي  صلى الله عليه وسلم فقالوا: السلام عليكم، فقلت: أي عائشة  بل عليكم السّام واللعنة، فقال صلى الله عليه وسلم: (يا عائشة، إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله، قلت: أولم تسمع ما قالوا؟ قال: قلت: وعليكم) (30)

2- عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يا عائشة: إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على غيره)(31)

3- وعن عائشة رضي الله عنها أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه) (32)

4- وعن جرير بن عبد الله  رضي الله عنه، أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله عز وجل  ليعطي على الرفق ما لا يعطي على الخرق (وهو الجهل والحمق)، وإذا أحب الله عبدا أعطاه الرفق ما من أهل بيت يحرمون الرفق إلا حرموا الخير).(33)

5- وعن أبى الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير، ومن حرم حظه من الرفق، فقد حرم حظه من الخير) (34)

6- ومن التربية النبوية الفريدة لأصحابه في معاملة الجاهل وعدم تعنيفه ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبي  صلى الله عليه وسلم: (دعوه وهريقوا على بوله سجلا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) (35) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب التخفيف والتيسير على الناس في كل أموره، قال الحافظ ابن حجر في شرحه للحديث السابق: "وفيه الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف إذا لم يكن ذلك منه عنادا، ولا سيما إن كان يحتاج إلى استلافه، وفيه رأفة النبّي  صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه، قال ابن ماجة وابن حبان في حديث أبي هريرة: فقال الأعرابي بعد أن فقه في الإسلام، فقام إلىّ النبي  صلى الله عليه وسلم بأبي أنت وأمي فلم يؤنب ولم يسب" (36).

7- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبّي صلى الله عليه وسلم، قال: (يسّروا ولا تعسروا، وبشّروا ولا تنفروا) (37)

 8-  وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما خيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلاّ اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فان كان ثَمَّ إثم كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه قط إلاّ أن تنتهك حرمة الله، فينتقم لله تعالى) (38)

9- عن عائشة رضي الله عنها، أن يهودًا أتوا الرسول صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليكم، فقالت عائشة: عليكم ولعنكم الله، وغضب الله عليكم، قال: (مهلًا يا عائشة عليك بالرفق، وإياك والعنف والفحش، فقالت: أولم تسمع ما قالوا؟ قال: أولم تسمعي ما قلتُ؟ رددتُ عليهم، فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم في) (39)،قال ابن حجر في الفتح: "يَحْتَمِل أَنْ تَكُون عَائِشَة فَهِمَتْ كَلامهمْ بِفِطْنَتِهَا فَأَنْكَرَتْ عَلَيْهِمْ، وَظَنَّتْ أَنَّ النَّبِيّ  صلى الله عليه وسلم ظَنَّ أَنَّهُمْ تَلَفَّظُوا بِلَفْظِ السَّلَام فَبَالَغَتْ فِي الْإِنْكَار عَلَيْهِمْ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون سَبَقَ لَهَا سَمَاع ذَلِكَ مِنْ النَّبِيّ  صلى الله عليه وسلم  كَمَا فِي حَدِيثَيْ اِبْن عُمَر وَأَنَس فِي الْبَاب، وَإِنَّمَا أَطْلَقَتْ عَلَيْهِمْ اللَّعْنَة إِمَّا لِأَنَّهَا كَانَتْ تَرَى جَوَاز لَعْن الْكَافِر الْمُعَيَّن بِاعْتِبَارِ الْحَالَة الرَّاهِنَة لَا سِيَّمَا إِذَا صَدَرَ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي التَّأْدِيب، وَإِمَّا لِأَنَّهَا تَقَدَّمَ لَهَا عِلْم بِأَنَّ الْمَذْكُورِينَ يَمُوتُونَ عَلَى الْكُفْر فَأَطْلَقَتْ اللَّعْن وَلَمْ تُقَيِّدهُ بِالْمَوْتِ، وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ النَّبِيّ  صلى الله عليه وسلم أَرَادَ أَنْ لَا يَتَعَوَّد لِسَانهَا بِالْفُحْشِ، أَوْ أَنْكَرَ عَلَيْهَا الْإِفْرَاط فِي السَّبّ" (40)

10- عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال: (يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطى على العنف، وما لا يعطي على سواه) (41).

11-  قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تبارك وتعالى رفيق يحب الرفق، ويرضى به، ويعين عليه ما لا يعين على العنف).(42)

12-أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال: (ليس الشديد بالصُّرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب).

13- قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله  عز وجل لم يبعثني معنفا)(43).

 وحاصل ما تقدم، مما تدل عليه اللغة، وما جرى عليه البيان في التفسير والحديث: أن معنى العنف سواء من جنس الأفكار والتصورات، أم من جنس السلوك والوقائع، هو أخذ الأمور بشدة، والإقبال عليها بما يجاوز حد الوسط والاعتدال، ومجانبة اليسر واللين والسماحة.

المبحث الثاني

أسباب ظاهرة العنف لدى الشباب

أسباب العنف كثيرة  ومتنوعة بسبب تنوع مصادرها وأساليبها، وتعود هذه الأسباب إلى محورين أساسيين، وهما الأسباب العامة والأسباب الخاصة، فأما الأسباب الخاصة فهي:

1- معاناة العالم الإسلامي اليوم من انقسامات فكرية حادة، بين تيارات مختلفة، ومرجع هذه المعاناة وما ترتب عنها من مشكلات وانقسامات هو الجهل بالدين والبعد عن التمسك بتوجيهات الإسلام.

2- تشويه صورة الإسلام والمسلمين؛ ولهذا فإن دين الإسلام هو دين العدالة والكرامة والسماحة والحكمة والوسطية، وهو دين رعاية المصالح ودرء للمفاسد، وإن أفعال الناس المنتسبين إلى الدين تنسب عادة إلى الدين ذاته، فإذا غلا امرؤ في دينه فشدد على نفسه وعلى الناس، وجار في الحكم على الخلق، نسب الناس ذلك إلى دينه فصار فعله ذريعة للقدح في الدين.

3-  ضآلة الاهتمام بالتفكير الناقد والحوار البناء من قبل المربين والمؤسسات التربوية والإعلامية  لأن الاهتمام بالعقول وإثراءها بالمفيد واستثارتها للتفكير والتحقق يتطلب التناول العلمي في النظر إلى الأمور وإعطاء أهمية للحوار الفكري مع الآخر، ومن عيوب التربية والتعليم في المدارس أسلوب التلقين وحشو مواد الدراسة فيها يماثل ما عليه الحال في وسائل الإعلام بما يجمد الفكر ويسطحه في عديد من الدول العربية الإسلامية على وجه الخصوص أو بأفكار وبرامج تدعم الإرهاب والعنف بطرق مباشرة أو وقتية غير مباشرة.

4- سوء الفهم والتفسير الخاطئ لأمور الشرع.

وهذا الأمر الذي يتعرض له بعض الناس، يدعمه وجود من يدعون العلم والفقه في الدين وينصبون أنفسهم أئمة ويتساهلون في أمور الحلال والحرام ويأخذون من الأمور ظاهرها أو وفق أهوائهم الشخصية دون الرجوع إلى العلماء الأكفاء وأهل العلم الشرعي الصحيح، وربما كان ديدنهم الاستعجال، وعدم الجمع بين الأدلة، أو عدم فهم مقاصد الشريعة(44).

أما الأسباب العامة لظاهرة العنف عند الشباب:

الأسباب التي أدت إلى ظهور العنف لدى فئات المجتمع وخاصة الشباب الذين هم ركيزة المجتمع كثيرة ومتنوعة، مما جعلني أبحث بدقة في ما تم طرقه من كتب السابقين واللاحقين، وقد يممت وجهي تلقاء الكتب والمراجع القديمة فوجدت فيها القليل ولكن التوسع الكبير في ما كتبه العلماء كان في العصر الحديث، وسبب هذا وهو ظهور الحالات والقضايا والتي تم حصرها في فئة الشباب ولذلك جاءت هذه الأسباب تحت مسمى الأسباب العامة وعلى النحو التالي:

المطلب الأول: الأسباب الاقتصادية 

تؤثر الأزمات الاقتصادية بطبيعة الحال في الطبقات الدنيا في المقام الأول، حيث تعاني بشدة من تدهور ظروفها المعيشية بفعل انتشار البطالة وتدهور الخدمات وظهور طبقة من الأثرياء الذين يسلكون سلوكًا استفزازيًا بالنسبة للفقراء، وتؤدي الأزمات الاقتصادية إلى ازدياد معدل البطالة والتضخم وغلاء الأسعار، وبالتالي تزداد حدة التفاوت الطبقي وتنعكس آثار هذا الخلل الخطير على الشباب وتنشأ تربة صالحة للتطرف تزود الجماعات المتطرفة بأعضاء يعانون من الإحباط ويفتقدون الشعور بالأمان والأمل في المستقبل(45)، وكما قلت قبل قليل فإن  الاقتصاد من العوامل الرئيسة في خلق الاستقرار النفسي لدى الإنسان، فكلما كان دخل الفرد مثلًا مضطربًا كان رضاه واستقراره غير ثابت؛ بل قد يتحول هذا الاضطراب وعدم الرضا إلى كراهية تقوده إلى نقمة على المجتمع، وهذا الحال من الإحباط يولد شعورًا سلبيًا تجاه المجتمع، ومن آثاره عدم انتمائه لوطنه ونبذ الشعور بالمسئولية الوطنية؛ ولهذا يتكون لديه شعورًا بالانتقام وقد يستثمر هذا الشعور بعض المغرضين والمثبطين فيزينون له قدرتهم على تحسين وضعه الاقتصادي دون النظر إلى عواقب ذلك وما يترتب عليها من مفاسد وأضرار(46).

ويعد الاقتصاد بتقلباته وما يلحقها من تغيرات مؤثرة في المجتمعات الفقيرة من الأسباب الخطيرة المحركة لموجات العنف في العالم، وتبشر العولمة التي قد تجتاح العالم في الأعوام المقبلة بمزيد من الأزمات الاقتصادية للدول والمجتمعات المطحونة، مما يزيد الفجوة بين الدول الغنية، والدول الفقيرة ويمكن حصر أهم الأسباب الاقتصادية للعنف على المستوى العالمي في:

  1. عدم القدرة على إقامة تعاون دولي جدي من قبل الأمم المتحدة، وحسم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية للدول، ويكون ذلك عن طريق النمو، والتقليل من الهوة السحيقة بين الدول الغنية والدول الفقيرة، وتحقيق مستوى حياة أفضل للغالبية العظمى من الشعوب بكرامة وشرف.
  2. عدم قدرة المنظمة على إيجاد تنظيم عادل ودائم لعدد من المشكلات الدولية، مثل اغتصاب الأراضي والنهب والاضطهاد وهي حالة كثير من الشعوب(47).

وقد أدت هذه التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي حدثت في الدول العربية في الثلاثين سنة الأخيرة، إلى تكثيف حركة الهجرة من الريف إلى المدينة، وانتشار الأحياء العشوائية الفقيرة في مدن بعض الدول، وقد ضمت هذه الأحياء العشوائية نسبة عالية من المتطرفين الدينيين؛  وذلك بفعل عجز بعض سكانها عن التكيف مع قيم المدينة المختلفة عن قيمهم الريفية، وبسبب تفشي البطالة وخاصةً بين الشباب، ثم كان استقطابهم من جانب جماعات التطرف أو العنف، أوانضمامهم التطوعي إليها، مسألة سهلة إلى حد كبير(48).

3- البطالة: انتشار البطالة في المجتمع داء وبيل، وأيما مجتمع تكثر فيه البطالة ويزيد فيه العاطلون، وتنضب فيه فرص العمل، فإن ذلك يفتح أبوابًا من الخطر على مصارعها، من امتهان الإرهاب والجريمة والمخدرات والاعتداء والسرقة، وما إلى ذلك،  فعدم أخذ الحقوق كاملة وعدم توفير فرصة العمل هذا يولد سخطًا عامًا يشمل كل من بيده الأمر قَرُب أو بُعد، فإن الناس يحركهم الجوع والفقر والعوز ويسكتهم المال؛ لذلك قال عمر بن عبد العزيز لما أمره ولده أن يأخذ الناس على الحق ولا يبالي قال: "عِنيَّ أني أتألفهم فأعطيهم وإن حملتهم على الدين جملة تركوه جملة".(49) فالبطالة من أقوى العوامل المساهمة في نبتة العنف حيث ضيق العيش وصعوبته وغلاء المعيشة، وعدم تحسن دخل الفرد أحد العوامل التي تؤثر في إنشاء روح التذمر في الأمة (50).

المطلب الثاني: الأسباب السياسية.

هناك أسباب سياسية كثيرة تساهم في خلق وإيجاد جو من العنف السياسي، ومن هذه الأسباب:

1- تضييق دائرة الشورى والديمقراطية أو انعدامها، حيث لم تأخذ غالبية نظم الحكم في البلاد العربية بمبدأ الشورى والديمقراطية على الرغم من مضي عدة عقود من السنين على إقامة نموذج الدولة الحديثة فيها، وتعد التجربة الديمقراطية في غالبية الدول العربية تجربة جديدة وهشة، وربما تكون شكلية، ولعل أهم الأطر الديمقراطية وأبرزها فتح قنوات قانونية للحوار والتعبير عن الرأي والفكر  ولهذا فإن العجز عن الحوار مع جيل الشباب وعدم إفساح المجال له كي يعبر عن نفسه ويخدم بلاده، يجعل الكثير من الشباب ضحية هذا العنف المؤسسي، فتنمو في أوساطهم ظاهرة التطرف الديني.(51)

2-سياسات الهيمنة الأجنبية.

من الأسباب الرئيسة في تغذية التطرف الديني والعنف في البلاد العربية هو الممارسات الاستعمارية الاستيطانية، وهي تؤثر بشكل مباشر في ملايين من العرب الواقعين تحت الاحتلال في فلسطين والجولان السورية والاحتلال الأمريكي في العراق، ومن ثم في بقية العرب في مختلف البلاد العربية(52)؛ ولهذا فإن مشاعر الإحباط واليأس عند الكثير من المسلمين وخاصة الشباب المليء بالفوران والغليان، والذي لا يرضى بالذل والهوان، وهو يرى كل يوم العنف والإرهاب الأمريكي وتسلطه على العالم الإسلامي دون احترام لأنظمة عالمية، ولا قرارات دولية، وإن التمادي في سياسات الاستبداد والطغيان، وغياب التوازن والعدل، هو الذي دفع البوذي المسالم لإحراق نفسه في فيتنام، وهو الذي يدفع الفلسطيني لتفجير نفسه (53).

3- شيوع العنف الدولي لا يخلو من أسباب أو دوافع سياسية يتمثل أهمها في الآتي:
1- التناقض الفاضح بين ما تحض عليه مواثيق النظام السياسي الدولي من مبادئ وما تدعو إليه من قيم إنسانية ومثاليات سياسية رفيعة، وبين ما تنم عنه سلوكياته الفعلية والتي ترقى به إلى مستوى التنكر العام لكل تلك القيم والمثاليات، هذا التناقض مدعاة لظهور بعض الممارسات الإرهابية الدولية كصرخة احتجاج مدوية على ما يحمله هذا التناقض الصارخ بين القول والفعل من معان.
2- افتقار النظام السياسي الدولي إلى الحزم في الرد على المخالفات والانتهاكات التي تتعرض لها مواثيقه بعقوبات دولية شاملة ورادعة ضد هذا المظهر الأخير من مظاهر العبث(54).

3- تدني مستوى المشاركة السياسية، وخاصة بالنسبة للشباب ومن مختلف الطبقات، في اتخاذ القرارات التي تمس حياة المواطن بما في ذلك الحياة اليومية سواء داخل الأسرة أو المدرسة أو الحي السكني أو العمل أو عن طريق العضوية الفعالة والنشيطة في التنظيمات الشعبية والرسمية، فشباب اليوم بعيد عن الممارسة السياسية بمعناها الواسع التي تنمي لديه القدرة على إبداء الرأي والحوار حول مسائل عامة أو اجتماعية، والتي تعوِّده على تقبل الرأي الآخر بعد تحليله ونقده والتنازل عن رأيه إذا اقتنع بغيره (55).

4- غياب العدالة الاجتماعية والنقص في مصادر الثروة والسلع والخدمات، وعدم العدالة في توزيع الثروة، والتفاوت في توزيع الدخول والخدمات والمرافق الأساسية كالتعليم والصحة والإسكان والكهرباء بين الحضر والريف، وتكدس الأحياء العشوائية في المدن بفقراء المزارعين النازحين من القرى فضلًا عن زيادة أعداد الخريجين من المدارس والجامعات الذين لا يجدون فرص العمل.

5- الإحباط السياسي: فإن كثيرًا من البلدان العربية والإسلامية لم تكتف بتهميش الجماعات الشبابية وعدم الاكتراث لها، بل وقفت في وجهها، وتصدت لأربابها، وحصرت نشاطها، وجمدت عطاءها حتى في بعض البلدان التي تدعي الديمقراطية وحرية الرأي، وهذا من شأنه أن يولد المنظمات السرية، والتوجهات المناهضة، وردود الأفعال الغاضبة التي لا تجد ما تصب فيه غضبها، وتفرغ فيه شحنات عواطفها إلا امتطاء صهوة العنف والإرهاب، وذلك ما تمثل واقعًا حيًا مشاهدًا في كثير من البلدان.
6- ومن سوأت البعد عن شريعة الله تعالى وعدم تحكيمها: الاعتماد على مصادر مغايرة لمصادر الشريعة الإسلامية في التحاكم إليها كالعقول المجردة الفاسدة، والمناطق والفلسفات الكلامية العقيمة التي نُزع ما فيها من خير، واعتبر بحال المعطلة وغلاتهم وأمثالهم(56).

7- إهمال الرعية أو التقصير في أمورهم وما يصلحهم؛ ولهذا فإن على جميع من يلي أمرًا من أمور المسلمين أن يقوم بما أمره الله به بأداء الأمانة، وحفظ الديانة، والنصح للأمة، والصدق مع الرعية وتلمس حاجات الناس، وتحقيق الحياة الكريمة لهم، والاستفادة من طاقاتهم، وشغل أوقاتهم، وتسهيل أمورهم المادية والمعيشية، وأمورهم المعنوية والإنسانية، وإشاعة التعليم، وتشجيع المعرفة، وصيانة العقول، والحفاظ على الأفكار.. وهكذا من القيام بكل ما من شأنه أن يحفظ الأجسام والأفهام، والقلوب والعقول، والأخلاق والأرزاق، ومتى ما أهمل أرباب المسؤولية رعاياهم، أو قصروا مع شعوبهم، أو تشاغلوا عن محكوميهم، فذلك مفتاح الضياع، وطريق المهالك، ومتنفس الضلال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته  متفق عليه) (57).

8- المظالم التي ترتكب من قِبَل منْ شأنهُم أن يعدلوا بين الناس؛ فهذا يوجد روحًا من السخط تَسْتَسْنح الفرصة للتعبير عن الرأي الذي حكر، ولمّا عدل العُمَرَان عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما أمنا فناما، ولما طعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أرسل إلى ناس من المهاجرين فيهم علي رضي الله عنه، فقال عن ملأ منكم هذا؟ فقال علي: معاذ الله أن يكون هذا عن ملأ منا، ولو استطعنا أن نزيد من أعمارنا في عمرك لفعلنا (58)، ولما جاء أهل الكوفة وقد رفضوا واليهم: أبدلهم عمر فورًا بغيره (59)، وهكذا، فسلب الحقوق السياسية والمالية والاجتماعية التي هي نتيجة المظالم يوجد احتجاجًا لدى الرأي العام فما خرج الثوار - زاعمين كذبًا - على عثمان بن عفان رضي الله عنه إلا لزعمهم أن هناك مظالم ثلاثًا!! (60) (61).

ولا شك أن ما كان سياسيًا في داخل أي مجتمع لا يحل بشكل إيجابي بنَّاء، فلا يصح إعطاء المشروعية لأي حل من الحلول، يقوم على أساس وسائل القهر والإكراه، وإثارة القلاقل والفتن.
روى أبو داود في سننه بسنده عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه حين سأل رسول الله: ما يفعل في حال الفتنة في المجتمع، فأمره أن يلزم بيته وأن لا يشارك في الفتنة حتى لا يدافع عن نفسه وليكون خيري ابني آدم، وقال: قلت فإن دخل عليّ بيتي، قال: (فإن خشيت أن يبهرك شعاع السيف فألق ثوبك على وجهك يبوء بإثمك وإثمه) (62).

فالحديث عند التمعن يثير كثيرًا من الدهشة والتعجب؛ لأنه يبدو على غير ما وقر في الذهن وجسدته كثير من الأحداث التاريخية في وجوب مقاومة الانحراف والفساد بكل الوسائل المادية والمعنوية؛ لأن الحديث لا يمنع كل ألوان المبادرة بالعنف فحسب، بل إنه يمنع أيضًا كل أنواع العنف حتى باسم حق الدفاع عن النفس (63) .

فليتأمل هذا الحديث، وما يحويه من توجيه، يحمل في طياته دلالات بعيدة المدى، لا يصح أن يمر بها المرء دون محاولة جادة لفهمها والغوص إلى أبعادها، خاصة أن تاريخ الأمة الإسلامية، زاخر بالفتن والثورات والصراعات الدامية، مع إخفاق جل محاولات الإصلاح السياسي الإسلامي في بلوغ غاياتها الكبرى حتى اليوم (64).

9- التحزبات السرية التي نتجت عن قراءات خاصة ومفاهيم خاطئة لا يعرفها أهل العلم، يقول عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "إذا رأيت قومًا يتناجون في شيء من الدين دون العامة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة" (65)، وهذه التحزبات والتجمعات يصدق عليها قول الحسن البصري رحمه الله: "خرج عثمان بن عفان رضي الله عنه  علينا يومًا يخطبنا فقطعوا عليه كلامه فتراموا بالبطحاء حتى جعلت ما أُبصر أديم السماء،  قال: وسمعنا صوتًا من بعض حُجر أزواج النبي  صلى الله عليه وسلم فقيل هذا صوت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قال سمعتها وهي تقول: ألا إن نبيكم قد برئ ممن فرق دينه واحتزب" (66)، وتلت: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) الأنعام/ 159(67).

إن دراسة فاحصة للجذور الفكرية للجماعات والأحزاب في حياة المسلمين المعاصرة  تتطلبُ نظرةً عميقةً لهذه الفِرقِ والجماعات والأحزابِ الدّاعيةِ إلى ذواتِها حصرًا، حيثُ تُصور كل فرقةٍ وجماعةٍ وحزب إلى الناس أنها هي القائمةُ على الإسلام، وكلَّ من عداها مخالفٌ لها، وهذا التصور القاصر نراهُ عندَ الجميع مطردًا ومتفقًا عليه؛ ولهذا كان الجميع أهل فتنة وبدعةٍ، وليس هذا الحكمُ صادرًا فيهم عن رأي أو هوىً، بل هو ما اتفقَ عليه أهلُ العلمِ من المحققين وحكمهم في أولِ فرقةٍ وهي "الخوارج" وحتى آخر فرقةٍ ظهرتْ في هذا الوقت (68) .

فكل تطرف في الدين أو غلو فيه لدى المسلمين فسببه هذه الفرق والجماعات والأحزاب، وهي بمجموعها مصدر البدع والفتن والأهواء والآراء، وأصل كل شر معارضةُ الشرع بالرأي، وتقديم الهوى عليه.
10- الاستعمار والسيطرة الاستعمارية وانتهاك حقوق الناس وأخذ أموالهم بالباطل واحتلال الأراضي وانتهاك الحرمات والقتل والتدمير والاغتصاب، وإجبار الناس على النزوح وترك أراضيهم وأوطانهم هذا يولد العنف والتطرف (69).

المطلب الثالث: الأسباب النفسية.

هناك أسباب نفسية كثيرة كان لها سبب مباشر في إيجاد العنف لدى الشباب، وقد تكثر هذه الأسباب أو تقل حسب طبيعة الزمان والمكان، ومنها:

  1. حب الظهور والشهرة حيث لا يكون الشخص مؤهلًا فيبحث عما يؤهله باطلًا،  فيشعر.... ولو بالتخريب والقتل والتدمير.
  2. الإحباط: أحد أسباب الخروج على النظام وعلى العادات والتقاليد، وهو الإحباط وشعور الشخص بخيبة أمل في نيل حقه أو الحصول على ما يصلحه ويشفي صدره، فكثير من البلدان العربية هَمْشَت دور الجماعات عمومًا ولم تكترث بها؛ بل عذبت وقتلت وشردت ومنعت وصول خيرها للناس مع زعمهم بحرية الرأي والتعبير، وهذا يكّون التحزبات السرية وردود الأفعال الغاضبة في صورة الإرهاب واعتناق الأفكار الهدامة  (70).
  3. قد يكتسب الفرد الصفات النفسية من البيئة المحيطة به سواء في محيط الأسرة أو في محيط المجتمع، فكل خلل في ذلك المحيط ينعكس على سلوك وتصرفات ذلك الفرد حتى تصبح جزءًا من تكوينه وتركيبه النفسي، ويعد الفشل في الحياة الأسرية من أهم الأسباب المؤدية إلى جنوح الأفراد واكتسابهم بعض الصفات السيئة  (71).
  4. قد يكون سبب العنف فشل من يتصف به في التعليم الذي يعد صمام الأمان في الضبط الاجتماعي ومحاربة الجنوح الفكري والأخلاقي لدى الفرد، والفشل في الحياة يُكَّون لدى الإنسان شعورًا بالنقص وعدم تقبل المجتمع له، وقد يكون هذا الإحساس دافعًا للإنسان لإثبات وجوده من خلال مواقع أخرى، فإن لم يتمكن دفعه ذلك إلى التطرف؛ لأنه وسيلة سهلة لإثبات الذات حتى لو أدى به ذلك إلى ارتكاب جرائم إرهابية  (72).

ولهذا فإننا كثيرًا ما نجد أن أغلب الملتحقين بالحركات الإرهابية من الفاشلين دراسيًا، أو من أصحاب المهن المتدنية في المجتمع وغيرهم ممن لديهم الشعور بالدونية ويسعون لإثبات ذاتهم أو أشخاص لهم طموح شخصي (73).

  1. من أسباب اللجوء إلى العنف عند بعض الشباب الإخفاق الحياتي، والفشل المعيشي، وقد يكون إخفاقًا في الحياة العلمية أو المسيرة الاجتماعية، أو النواحي الوظيفية، أو التجارب العاطفية، فيجد في هذه الطوائف الضالة، والشلل التائهة ما يظن أنه يغطي فيه إخفاقه، ويضيع فيه فشله، ويستعيد به نجاحه (74) .

6- ضعف الأنا العليا (النفس اللوامة أو العقل والضمير)، وسيطرة الذات الدنيا" الهوى" أو النفس الأمارة بالسوء، على الشخصية الإنسانية، فيتصرف الشخص في هذه الحالة وفق هواه أو الإيحاءات الخارجية الصادرة ممن يعتقد أنهم رمز للقوة والحرية والمثل الأعلى له، وتتكون هذه الشخصية عادة لدى الأشخاص الذين يشعرون بالنقص في ذواتهم، ولدى من تعرضوا لتربية قاسية أو لدى الأشخاص الذين لم يحققوا ذواتهم ولم يجدوا من يأخذ بأيديهم أو يحتويهم.

7- الإحباط في تحقيق بعض الأهداف أو الرغبات أو الوصول إلى المكانة المنشودة: فقد يأخذ الإحباط لدى بعض الشباب صورة الشعور بالاكتئاب، وهناك من يتمرد ويظهر السلوك العدواني أو المتطرف نتيجة شعور الفرد بالهزيمة أو الفشل، وكلما كان موضوع الإحباط مهما لدى الشخص أو يتعلق بمجال حيوي ومباشر كان الإحباط أشد، وظهرت ردة الفعل بصورة أقوى واعنف (75).

المطلب الرابع: الأسباب الفكرية والدينية.

الأسباب الدينية والفكرية ناتجة عن قضية واحدة وهي  ضعف العلم والدخول في الجهل، ومن أهم الأسباب:

  1. الجهل بقواعد الإسلام وآدابه وسلوكه؛ لأن من علامات الساعة أن يتحدث الرويبضة في شأن العامة والقضايا المصيرية ومن لا همَّ له إلا شهواته، أو من حُمّل بأفكار غريبة يتولى تربية الشباب فتستغل عواطفهم بتحميلهم أفكارًا تؤدي لتحمسهم بلا ضابط ولا رادع ولا رجوع لأهل العلم الصالحين  الذين خبروا الأمور ودرسوا معالم الإصلاح جيدًا، ولا نجد تعليلا لذلك إلا الجهل، فالجهل داء عظيم وشر مستطير تنبعث منه كل فتنة عمياء وشر وبلاء، قال أبو الدرداء رضي الله عنه: "كن عالما أو متعلما أو مجالسا ولاتكن الرابعة فتهلك"، وهي الجهل، ومنه حديث: (ألا سألوا إذا لم يعلموا فإنما دواء العِيَّ السؤال)، وحديث: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (76)، ويندرج في ذلك؛ القول في دين الله بغير علم؛ وذلك أن الجاهل يسعى إلى الإصلاح فينتهج طرقا يظنها حسنة فيسيء من حيث أراد الإحسان، فيترتب على ذلك مفاسد عظيمة، كالذي يريد أن ينكر وجود الكفار في مكان ما فيفجر ديارهم ومساكنهم وفيهم من ليس منهم؛ بل قد أمرنا أن لا نسيء إليهم للعهد الذي بيننا وبينهم والأمان الذي أخذوه من ولي أمر المسلمين، هذا بالإضافة إلى شموله من ليس منهم.

2- إن البعد عن شريعة الله هو سبب الضلال والعمى والشقاء الذي نعاني منه الآن في كثير من   بلدان الإسلام، فالله تعالى يقول: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) طه/124، والمعيشة الضنك: هي الضيق وهي الشقاء؛ إذن فالبعد عن تطبيق القواعد المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في شئون الحياة كلها سبب للشقاء، ومن أنواع الشقاء العنف والتطرف.

3- أزمة التعليم ومؤسساته:

تعتمد نظم التعليم في معظم الأقطار العربية على التلقين والتكرار والحفظ، وعلى حشو ذهن الطالب طوال مختلف المراحل الدراسية بمعلومات، دون إعمال للعقل ودون تحليل أو نقد، ومثل هذه النظم تفرز طالبًا يتقبل بسهولة كل ما تمليه عليه سلطة المعلم دون نقاش، وبذلك يصبح من السهل جدًا على مثل هذا الطالب أن يتقبل كل ما تمليه عليه سلطة أمير الجماعة دون تحليل أو نقد أو معارضة،  ويكون عرضة للانخراط في أية جماعة أيًا كان توجهها، حيث يتم تلقين الفكر وتقبله دون تحليل ويسهل الانقياد بفعل إبطال عمل العقل فيضاعف تلك المفاسد الناشئة عن ذلك، وعندها لا ينفع شيء(77).

4- الجهل بمقاصد الشريعة، والتخرص على معانيها بالظن من غير تثبت، أو الأخذ فيها بالنظر الأول، ولا يكون ذلك من راسخ في العلم؛ ألا ترى إلى الخوارج كيف خرجوا عن الدين كما يخرج السهم من الصيد المرمي؟؛ لأن رسول الله  صلى الله عليه وسلم وصفهم بأنهم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم (75)يعني: أنهم لا يتفقهون به حتى يصل إلى قلوبهم؛ لأن الفهم راجع إلى القلب، فإذا لم يصل إلى القلب لم يحصل فيه فهم على حال، وهذا يقف عند محل الأصوات والحروف فقط، وهو الذي يشترك فيه من يفهم ومن لا يفهم، وما تقدم أيضًا من قوله عليه الصلاة والسلام: إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا.. (79)إلى آخره (80 ).

وقد وقع لابن عباس تفسير ذلك على معنى ما نحن فيه، فروى البيهقي في شعب الإيمان عن إبراهيم التيمي قال: خلا عمر رضي الله عنه ذات يوم، فجعل يحدث نفسه: كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد؟ فأرسل إلى ابن عباس رضي الله عنهما، فقال: كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد وقبلتها واحدة - زاد سعيد: وكتابها واحد ؟، قال: فقال ابن عباس: يا أمير المؤمنين: إنما أنزل علينا القرآن فقرأناه، وعلمنا فيما أنزل، وإنه سيكون بعدنا أقوام يقرءون القرآن ولا يدرون فيما نزل، فيكون لكل قوم فيه رأي، فإذا كان كذلك اختلفوا، وقال سعيد: فيكون لكل قوم فيه رأي، فإذا كان لكل قوم فيه رأي اختلفوا فإذا اختلفوا اقتتلوا! قال: فزجره عمر وانتهره عليّ.. فانصرف ابن عباس، ونظر عمر فيما قال، فعرفه.. فأرسل إليه وقال: أعد علي ما قلته، فأعاد عليه، فعرف عمر قوله وأعجبه! (81)  وما قاله ابن عباس رضي الله عنهما هو الحق، فإنه إذا عرف الرجل فيما نزلت الآية والسورة عرف مخرجها وتأويلها وما قصد بها، فلم يتعد ذلك فيها، وإذا جهل فيما أنزلت احتمل النظر فيها أوجهًا  فذهب كل إنسان فيها مذهبًا لا يذهب إليه الآخر، وليس عندهم من الرسوخ في العلم ما يهديهم إلى الصواب، أو يقف بهم دون اقتحام حمى المشكلات، فلم يكن بد من الأخذ ببادي الرأي، أو التأويل بالتخرص الذي لا يغني من الحق شيئًا، إذ لا دليل عليه من الشريعة، فضلّوا وأضلوا (82).

5- الغلو في الفكر: وهو مجاوزة الحد، وهذا الغلو أو ما قد يصطلح عليه ب (العنف) خطير جدًا في أي مجال من المجالات، والإسلام قد حذر منه حتى ولو كان بلباس الدين يقول النبي  صلى الله عليه وسلم: (إياكم والغلو) (83)ويقول صلى الله عليه وسلم: (هلك المتنطعون)(84)، فمن يتصف بهذا الغلو ويجاوز الحد في فهم النصوص، فيعمل ويعتقد في العموميات ويترك النصوص التفصيلية الأخرى وقع في إهمال النصوص وعدم استقصاء الأدلة وأحوالها (85).

  1. ومن دلائل هذه الضحالة الفكرية، وعدم الرسوخ في فقه الدين، والإحاطة بآفاق الشريعة: الميل دائمًا إلى التضييق والتشديد والإسراف في القول بالتحريم، وتوسيع دائرة المحرمات، مع تحذير القرآن والسنة والسلف من ذلك،  وحسبنا قوله تعالى: (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) النحل/ 116، وكان السلف لا يطلقون الحرام إلا على ما علم تحريمه جزمًا، فإذا لم يجزم بتحريمه قالوا: نكره كذا، أو لا نراه، أو نحو ذلك من العبارات، ولا يصرحون بالتحريم، أما الميالون إلى الغلو والعنف، فهم يسارعون إلى التحريم دون تحفظ، بدافع التورع والاحتياط، إن أحسسنا الظن أو بدوافع أخرى، يعلم الله حقيقتها، فقد روى الإمام أحمد بسنده عن ابن أبي نعيم قال: جاء رجل إلى ابن عمر وأنا جالس، فسأله عن دم البعوض؟ وفي طريق أخرى للحديث أنه سأله عن محرم قتل ذبابًا،  فقال له: ممن أنت ؟ قال: من أهل العراق،  قال: ها ! انظروا إلى هذا،  يسأل عن دم البعوض، وقد قتلوا ابن رسول الله  صلى الله عليه وسلم: يعني الحسين رضي الله عنه، وقد سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم يقول: (هما ريحانتاي من الدنيا)(86)، ومن دلائل عدم الرسوخ في العلم، ومن مظاهر ضعف البصيرة بالدين: اشتغال عدد من هؤلاء بكثير من المسائل الجزئية والأمور الفرعية، عن القضايا الكبرى التي تتعلق بكينونة الأمة وهويتها ومصيرها (87)؛ هذا في الوقت الذي تزحف فيه العلمانية المتجردة من الدين، وتنتشر الماركسية الإلحادية، وترسخ الصهيونية أقدامهم، وتكيد الصليبية كيدها، وتعمل الفرق المنشقة عملها في جسم الأمة الكبرى، وتتعرض الأقطار الإسلامية العريقة في آسيا وأفريقيا لغارات تنصيرية جديدة يراد بها محو شخصيتها التاريخية وسلخها من ذاتيتها الإسلامية، وفي الوقت نفسه يُذبح المسلمون في أنحاء متفرقة من الأرض، ويضطهد الدعاة الصادقون إلى الإسلام في بقاع شتى  فإذا كان في الفقه رأيان: أحدهما يقول بالإباحة والآخر بالكراهة، أخذوا بالكراهة، وإن كان أحدهما بالكراهة، والآخر بالتحريم، جنحوا إلى التحريم (88)، إذا كان هناك رأيان: أحدهما ميسر، والآخر مشدد، فهم دائمًا مع التشديد، مع التضييق والدين براء من كل هذه التُرهات. جاء في الحديث عن النبي  صلى الله عليه وسلم قال: (لَنْ يُنَجِّىَ أَحَدًا مِنْكُمْ،  قَالُوا وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: وَلاَ أَنَا، إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِى اللَّهُ بِرَحْمَةٍ، سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَىْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ) (89).
  2. تقصير بعض أهل العلم في القيام بواجب النصح والإرشاد والتوجيه، وأهل العلم هم المكلفون بذلك ببيان الحق للناس وهدايتهم إليه؛ وتلك مسئولية كبرى تقع على أهل العلم والفقه والمعرفة  فإن الله جل وعلا حملهم مسئولية عظمى من هداية البشرية، ونشر العلم، وبذل النصح، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإبلاغ الحق، وتعليم الجاهل، وتنبيه الغافل، فمتى ما أهمل العلماء هذه المسئولية العظمى فإن البلدان تخرب، والقلوب تظلم، والنفوس تتيه، والأفكار تزيغ والباطل يصول، والضلال يجول(90).يقول تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل/ 43.
  3. اعتماد الشباب بعضهم على بعضٍ دون الرجوع إلى العلماء: يقول ابن مسعود رضي الله عنه (91) : "لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم وعن أمنائهم وعلمائهم، فإذا أخذوه عن صغارهم وشرارهم هلكوا"، قال ابن قتيبة في تفسير ذلك: لا يزال الناس بخير ما كان علماؤهم المشايخ ولم يكن علماؤهم الأحداث؛ لأن الشيخ قد زالت عنه حِدَّة الشباب ومتعته وعجلته واستصحب التجربة في أموره، فلا تدخل عليه في علمه الشبه ولا يستميله الهوى ولا يستزله الشيطان، والحَدَثُ قد تدخل عليه هذه الأمور التي أمنت على الشيخ، كما روى أميمةُ الجمحي عن النبي  صلى الله عليه وسلم قال: (إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر) (92)، وعن طريق ابن المبارك عن عبد الله بن عقبة بلفظ: (إن من أشراط الساعة ثلاثة أحدها أن يلتمس العلم عند الأصاغر)(93). وقال الحجاج بن أرطأة: كانوا يكرهون أن يحدث الرجل حتى يُرى الشيب في لحيته، ويدخل في هذا القيام الاعتماد على الكتب دون القراءة على العلماء، قال الشافعي: "من تفقه في بطون الكتب ضيع الأحكام، ومن كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه"(94)، وقد أدى ذلك إلى ضعف البصيرة عند هؤلاء؛ وهذا ما جعلهم لا يسمعون لمن يخالفهم في الرأي، ولا يقبلون الحوار معه، ولا يتصورون أن تتعرض آراؤهم للامتحان، بحيث توازن بغيرها، وتقبل المعارضة والترجيح (95)، وربما كان ثمة معارض أقوى وهو لا يعلم، لأنه لم يجد من يوقفه عليه، وغفل هؤلاء الشباب المخلصون أن علم الشريعة وفقهها لا بد أن يرجعوا فيه إلى أهله الثقات، وأنهم لا يستطيعون أن يخوضوا هذا الخضم الزاخر وحدهم، دون مرشد يأخذ بأيديهم، ويفسر لهم الغوامض والمصطلحات، ويرد الفروع إلى أصولها، والنظائر إلى أشباهها، وهذا ما جعل علماء السلف يحذرون من تلقي العلم عن هذا النوع من المتعلمين، ويقولون: لا تأخذ القرآن من مصحفي، ولا العلم من صُحُفي، يعنون بالمصْحفي: الذي حفظ القرآن من المصحف فحسب، دون أن يتلقاه بالرواية والمشافهة من شيوخه وقرائه المتقنين.(96)

والإسلام كاملٌ في عقيدته وشريعته وآدابه وأخلاقهِ وسلوكه، والدعوةُ إليه دعوة إلى كل ذلك، فلو كانت تلك الفرقُ والجماعاتُ والأحزاب داعية إلى الإسلام بحق لكانت ناجحة في دعوتها سليمة في طريقتها، والإسلام جامعٌ غير مفرِّق، ومؤلف غير ممزِّق، وموحِّدٌ غير مشتِّت، فكل من خالف منهج الإسلام في جمع الأمة وتوحيدها وتأليفها، ففي دعوته انحرافٌ، وفي سعيه اعتسافٌ، وما ابتليت الأمة ببليةٍ كانت عليها طامة مثل بلية التفرق والتحزب قال تعالى: (كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) المؤمنون/53؛ ولهذا كان من الواجب الأعظم على الأمة أن تدرأ عن نفسها خطر أصحاب التفرق والتحزب والتمزق، بعدم الانخداع بمقولاتهم المعسولة، وعدم الدخول معهم في جماعاتهم وفرقهم وأحزابهم، وأن يحُذِّر بعضها بعضًا من أخطارهم، وأن تعتصم بحبل الله تعالى، وأن تنهج على طريقةِ سلفها الصالحِ الذي لم يعرفْ إلى التفرقِ والتحزب والتمزق طريقًا!!

وكان الأولى بهؤلاء أن يصرفوا جهودهم إلى ما يحفظ على المسلمين وناشئتهم أصل عقيدتهم ويربطهم بأداء الفرائض، ويجنبهم اقتراف الكبائر، ولو نجح المسلمون في تلك الأقطار الأجنبية في هذه الثلاث: حفظ العقيدة، وأداء الفرائض، واجتناب الكبائر، لحققوا بذلك أملًا كبيرًا وكسبًا عظيمًا (97).
ومن المؤسف حقًا أن من هؤلاء الذين يثيرون الجدل في هذه المسائل الجزئية وينفخون في جمرها باستمرار، أناسًا يعرف عنهم الكثيرون ممن حولهم، التفريط في واجبات أساسية مثل: بر الوالدين، أو تحري الحلال، أو أداء العمل بإتقان، أو رعاية حق الزوجة، أو حق الأولاد، أو حق الجوار، ولكنهم غضوا الطرف عن هذا كله، وسبحوا بل غرقوا في دوامة الجدل الذي أصبح لهم هواية ولذة، وانتهى بهم إلى اللدد في الخصومة والمماراة المذمومة، وهذا النوع من الجدل هو الذي أشار إليه الحديث: (ما ضل قوم بعد هدي كانوا عليه إلا أوتوا الجدل) رواه أحمد، والترمذي، وقال: حسن صحيح، ومثل هذا الموقف المتناقض: الاجتراء على الكبائر، هو ما أثار الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، حين سأله من سأله من أهل العراق عن دم البعوض ونحوه بعد قتل السبط الشهيد سيد الشباب: الحسين بن علي رضي الله عنهما.

9- الفراغ الفكري والفهم الخاطئ للدين.

إن الفهم الخاطئ للدين ومبادئه وأحكامه، والإحباط الذي يلقاه الشباب نتيجة افتقارهم إلى المثل العليا التي يؤمنون بها في سلوك المجتمع أو سياسة الحكم، والفراغ الديني يعطي الفرصة للجماعات المتطرفة لشغل هذا الفراغ بالأفكار التي يروجون لها ويعتنقونها، كما إن غياب الحوار المفتوح من قبل علماء الدين لكل الأفكار المتطرفة، ومناقشة الجوانب التي تؤدي إلى العنف في الرأي يرسخ الفكر المتطرف العنيف لدى الشباب ويتولد منه العنف، ومن جهة أخرى نرى أن الكثير من دعاة العنف والتطرف والتزمت يفتقدون منهجية الحوار، ويرفضون الدخول في محاورة الآخرين حول معتقداتهم وأفكارهم مما يدفعهم إلى العمل السري.(98)

10-الفساد العقدي: الأصل أن الدين الإسلامي واحد، وقد تركنا الرسول عليه الصلاة والسلام على المحجة البيضاء، لا يزيغ عنها إلا هالك، ولكن أقواما سلكوا سبل الأمم السابقة فتفرقوا في دينهم وظهر ما يسمى بالخوارج وما يقابلها من بدعة الإرجاء، وبدعة الجبرية رد فعل لبدعة القدرية النفاة ولقد صار هؤلاء الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا يقابلون البدعة بالبدعة، فالشيعة غلوا في علي رضي الله عنه، والخوارج كفروه، والخوارج غلوا في الوعيد أيضا حتى نفوا بعض الوعد والمعتزلة غلوا في التنزيه حتى نفوا الصفات، والممثلة غلوا في الإثبات حتى وقعوا في التشبيه.(99)

11- وفي العصر الحديث امتلأت الساحة بالفرق والمذاهب والآراء، ولقد كان انتشار تلك الفرق مؤثرا في إحداث الغلو مما أدى إلى ظهور العنف لدي الشباب، وهذا يتطلب عناية كبيرة وجهد من العاملين في مجال التوعية وخاصة في جامعاتنا ومساجدنا من خلال المحاضرات والندوات وخطب الجمعة.

المطلب الخامس: الأسباب التربوية.

على الرغم من أن العوامل التربوية ليست من الأسباب المباشرة للعنف، إلا أن النقص والسلبيات في الأنظمة والمناهج الدراسية تؤدي إلى ظهور مشكلة العنف في بعض المجتمعات الإسلامية، وهذا ما نشاهده في جامعاتنا ومدارسنا وأريافنا، ويمكن حصر الأسباب التربوية فيما يأتي:

  1. نقص الثقافة الدينية في المناهج التعليمية من الابتدائي وحتى الجامعة في معظم البلاد الإسلامية، فما يدّرس في مراحل التعليم الأساس، لا يؤهل شخصا مثقفا بثقافة مناسبة من الناحية الإسلامية، ليعرف ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وهو الحد الأدنى للثقافة الإسلامية وقد أدى ضعف المقررات الدينية، وعدم تلبيتها لحاجات الطلاب في توعيتهم في أمور دينهم وتنوير فكرهم بما يواجههم من تحديات في هذا العصر؛ إلى نقص الوعي الديني بوجه عام مما يكون له الأثر السلبي على سلوك واتجاهات الأفراد واتجاهاتهم.

2- عدم الاهتمام الكافي بإبراز محاسن الدين الإسلامي والأخلاق الإسلامية التي يحث عليها الدين الإسلامي، ومما يحث عليه الدين الإسلامي ويدعو إليه الرفق، والتسامح، وحب الآخرين، ومراعاة حقوق المسلمين منهم وغير المسلمين، والسلام، والتعاون، والرحمة، والبعد عن الظلم والاعتداء والبعد عن الحكم بالأهواء الشخصية، وغير ذلك مما يدعم الأمن والحب والعدالة بالمجتمعات ولاسيما الإسلامية، فالإسلام هو دين السلام والعدل والحرية، ولا بد من إظهار هذه المحاسن والأخلاقيات منذ بداية التعليم في الصفوف الأولى مع التركيز عليها في الصفوف الثانوية وبداية التعليم الجامعي.
3- عدم الخضوع للنظام في مرحلة الطفولة في مختلف المراحل التربوية؛ والسبب في ذلك إهمال تدريب الإرادة، بممارسة أعمال الضبط في ظروف الثورة والهيجان النفسي وبمقاومة الرغبات النفسية الشهوية، ولا شك أن للإنسان نوازع وانفعالات سلبية لا بد من التحكم فيها وضبطها كالغضب والشح والبخل عند الضيق والحاجة، والانتقام عند القوة والانتصار، وغيرها؛ ولهذا كله فإن بعض الأحداث الاجتماعية تحدث نتيجة عدم تكوين مثل هذه الروح الخاضعة للنظام (100).

4- قلة القدوة الناصحة المخلصة التي تعود على الأمم بغرض النفع وإرضاءً لله تبارك وتعالى وحبًا في دينهم وأوطانهم، وغياب القدوة يؤدي للتخبط وعدم وجود المرجعية الصالحة والأسوة الحسنة من عوامل التفكك والانحطاط والتخلف(101)؛ وبهذا نرى أن العامل التربوي يشكل جزءً من العوامل المساعدة على العنف من خلال بيان مظاهر هذه العوامل، ونستطيع من خلال البرامج التربوية الهادفة القضاء على العنف وتخليص الناس منه.

المطلب السادس: الأسباب الاجتماعية  (102)

لعل من المناسب الحديث عن هذا العامل المهم في أسباب العنف؛  لأن العنف يترسخ في الحياة الاجتماعية، ولا نستطيع الخلاص منه إلا بالرجوع إلا جوهر العلاقات الاجتماعية لبيان الدافع والمسبب، ونستطيع من خلال هذا العامل الوصول إلى القضاء على ما يسمى بالعنف الاجتماعي أو المجتمعي لدى الشباب الواعي، ومن جملة هذه الأسباب ما يلي:

1- التفكك الأسري والاجتماعي:

إن المجتمع الإسلامي اليوم بحاجة ماسة إلى الثقافة الأسرية، فهي وإن كانت موجودة فأكثرها مستقى من دراسات غربية تزيد الانحلال والانحراف وتزيد العنف وتفرق بين المتحابين وتباعد بين المتواصلين؛ لأنها ابتعدت بالأسرة عن شريعة الله يضاف إلى ذلك جهل الأزواج والزوجات بالحقوق والواجبات الأسرية والزوجية، ويشمل العنف الأسري عنف الزوج تجاه زوجته وعنف الزوجة تجاه زوجها وعنف الآباء تجاه الأولاد وعنف الأبناء تجاه الآباء، وهذا الحال تشهدها عديد من البلاد الأجنبية وعدد من البلاد العربية مما يؤدي إلى انتشار الأمراض النفسية ونسبة المجرمين والمنحرفين والشواذ.

- إن من أسباب نشوء الأفكار الضالة ظهور التناقض في حياة الناس وما يجدونه من مفارقات عجيبة بين ما يسمعون وما يشاهدون، فهنالك تناقض كبير أحيانًا بين ما يقرؤه المرء وما يراه، وما يتعلمه وما يعيشه، وما يُقال وما يُعمل، وما يدرَّس له وما يراه، مما يحدث اختلالًا في التصورات، وارتباكًا في الأفكار.(103)

- تفكك المجتمع وعدم ترابطه لا يشعر الشخص أمام هذا المجتمع المفكك بالمسئولية تجاهه ولا الحرص عليه ولا الاهتمام به ولا مراعاة الآخرين، فهذا يولد حالة من الشعور بالحرص الشديد على اقتناء كل جيد فيه وإن لم يكن حقه، وحين يمنع يتذمر ويزداد الأمر سوءًا، لذلك المجتمع المترابط والأسرة المتماسكة تحيط الأشخاص بشعور التماسك والتعاون، ومن شذ منهم استطاعوا استواءه ورده عن الظلم؛ لذلك قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا) (104)  فنصرته ظالمًا بمنعه عن ظلمه، والأسرة المتماسكة أقدر على ذلك، ومن العوامل المؤثرة في ذلك ما يلي:

- حداثة السن، حيث يلحظ من غالبيتهم أنهم صغار في السن، ومن المعلوم أن صغار السن هم أكثر رغبة في المغامرة وأكثر استعداداً للخروج عن نواميس المجتمع من كبار السن.

-  المستوى العقلي أو المعرفي والمتمثل في انعدام القدرة على التأمل والتفكير.

-  المستوى الوجداني والمتمثل بالاندفاعية في السلوك.

- المستوى السلوكي، والمتمثل في ممارسة العنف ضد الآخرين.

ويمكن القول بشكل مبدئي: إن السلوك المنحرف والمخالف للأعراف ونواميس المجتمع من الممكن أن يتحول إلى سلوك تدميري عند توافر مقومات السلوك العنيف، وهذه المقومات في نظري تنطلق من خمس زوايا مهمة.

  1. أيديولوجية فكرية تبرز أنماط السلوك التدميري المخالف لأعراف المجتمع.
  2. قابلية للإيحاء لتقبل الأفكار وتنفيذها على أرض الواقع.
  3. تدريب عسكري يساعد على مواجهة الآخرين وتنفيذ الإرادة الإجرامية.
  4. الفرصة السانحة لتحويل المشاعر السالبة إلى أنماط سلوكية على أرض الواقع.

5- التطرف على المستويات الثلاثة.

المطلب السابع: الأسباب المساعدة على العنف.

إذا كنا قد توصلنا إلى الأسباب المباشرة والرئيسية للعنف؛ فإن هناك عوامل تساعد على العنف ونستطيع من خلال هذه الوسائل المساعدة أن نحصر الأسباب جميعها(الرئيسية والمساعدة) على العنف، ومن هذه الوسائل ما يلي:

  1. وسائل الإعلام: تلعب وسائل الإعلام دورا لا يستهان به في تغذية أو دعم أو ظهور العنف والإرهاب والتطرف، فهي بما تقدمه من برامج وأفلام وأخبار وأساليب للإخبار عن الأحداث أو تركيبها وعن الأشخاص، وسيط مشارك لدى عديد من الدول، ومن وسائل الإعلام التلفاز المتمثل في القنوات الفضائية التي في أغلبها تنتهج منهج التطرف، فإما الاستهتار بالعقول والشعائر الدينية والأخلاقية، أو زرع الفتن وإثارتها من خلال بعض البرامج أو الأفكار والتهويل والتضخيم، ولو كان التناول في القضايا والموضوعات وحتى التحليلات تناولا إيمانيا يقوم على التعامل مع الحقائق والاستناد إليها في التفسير والتحليل، والتعليق وغيره، والمعايشة الحية للأحداث والتحري والتثبت من الأخبار وروايتها... ومراعاة الحالة النفسية المهيأة لدى المستقبل، وظروف الزمان والمكان، وتعد شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) وما يسمى بالفيس بوك، اليوم من الوسائط القوية الأثر في خدمة عمليات العنف والإرهاب الدولية، فهذه الشبكات تنشر الأفكار والمعلومات والتصريحات والأحكام بين الأطراف المشتركين فيها على امتداد العالم كله، وهي مفتوحة على مصراعيها للانضمام المطرد إليها يوما بعد يوم، وهي تضم علاوة على ذلك كل شئ بدءا من الكتب التراثية وانتهاء بالأفلام المحظورة فمثلا يمكن للمستخدم استعراض محتويات مكتبة الكونجرس الأمريكية الضخمة من خلال الإنترنت وهو جالس في بيته أو محله كما يمكنه التعرف على أحوال المجالات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية ويزيد عدد مستخدمي شبكة الإنترنت، أو المشتركين فيها على تسعين مليون مستخدم أو مشترك في شتى أنحاء العالم، حيث ينضم إليها ما يقارب سبعة ملايين مشترك سنويا، كذلك ما تبثه الصحف اليومية من أخبار وصور، بل مقالات تحت الحرية المغلوطة أو الدعم الإرهابي المبطن بالمقابل، كل ذلك يساعد على ظهور السلوكيات التي تخرج عن زمام المعقول والمنطق أو ردة الفعل الإرهابية أو المبالغ فيها.

2- رفقاء السوء.

لا شك أن للرفقاء أو الشلة دورا لا يستهان به في النزوع نحو العنف والإرهاب والتطرف، ولا سيما عندما يكون تأثير هذه الشلة قويا في وجود شخصية ضعيفة أو إيحائية أو غير مستقرة أسريا، كما أنها تسمح للفرد بالتعبير عن رأيه بحرية حتى لو كانت آراؤه خاطئة؛ بل ربما وجد فيها الفرد متنفسا للكبت الداخلي لديه أو محرضا على سلوك لا يقره المجتمع أو المنطق.

3- الدعم المالي:

 وهو مما يسهل عمليات توفير وسائل العنف والإرهاب والحصول عليها أو شرائها أو تهريبها والاستفادة من المعطيات التقنية في إظهارها والتفنن في إشاعة الخوف والهلع بين الناس، ولا شك أن المال قوة ووسيلة مهمة للتمويل والتجهيز والدعم لمثل تلك الأعمال أو تشجيع بعض الأفراد على دعم أو تسهيل المهام المتعلقة بأعمال عنف أو عدوان أو إرهاب.

 4- الفراغ: يقول النبي  صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة، والفراغ)، فهاتان نعمتان كثيرًا ما يغبن فيها الإنسان، فإن الفراغ مفسدة للمرء وداء مهلك ومتلف للدين ونفسك إن لم تشغلها شغلتك، فإن لم تشغل النفس بما ينفع شغلتك هي بما لا ينفع، والفراغ النفسي والعقلي أرض خصبة لقبول كل فكر هدام وغلو وتطرف، فتتغلغل الأفكار وتغزو القلوب فتولد جذورًا يصعب قلعها إلا بالانشغال بالعمل الصالح والعلم النافع، والفراغ سم قاتل، وداء مهلك، ومرض فتاك، إنه مفسدة للعقل، مهلكة للنفس، متلفة للدين، محضن للعنف.

المبحث الثالث

 العلاج، والآثار، وسبل الوقاية (105(

ما أنزل الله داء إلا ونزل معه الدواء، كما جاء في الأثر، وإذا كان العالم اليوم يبحث عن العلاج المناسب لكل أمر، فلا بد أولاً أن يبين السبب المباشر والغير مباشر لظهور هذا المرض المدمر وإذا كنا قد توصلنا إلى هذه الأسباب، فلا بد لنا أن نشرع في بيان العلاج من خلال بيان الوسائط المساعدة والآثار وسبل الوقاية، وهو على النحو التالي:

المطلب الأول: علاج ظاهرة العنف.

1- نبذ العنف: جاء القرآن الكريم والسنة النبوية بتشريعات حكيمة تمنع مسببات الخصومات والصراعات، وبضوابط هادفة تحول دون اللجوء إلى الثأر؛ لكونه أسلوبا فوضويا في الانتصاف واسترجاع الحق، وتؤصل هذه التشريعات والضوابط أيضا للقصاص والحدود وسيلة حضارية عن طريق دعم مؤسسة القضاء، والفصل في الخصومات من أجل اشفاء غليل الإنسان المظلوم بكل واقعية دون لجوئه إلى استخدام العنف؛ ولذتك لا مجال لاستعمال القوة إلا بالحق. (106)

إن المتأمل في القرآن الكريم والسنة النبوية يتبين له أن هنالك إشارات قوية تدعو إلى نبذ العنف واستعمال القوة بالمفهوم السلبي إلا في حالة الوقوع تحت ظلم الآخر أو عدوانه، كما أنه لا إكراه على الدخول في الإسلام بالقوة ولا قتل للنفس التي حرم الله. (107)

وعندما نستعرض سبب النزول للآيات القرآنية نجد أن القرآن يوضح لنا أهمية ضبط النفس وعدم استعمال القوة إلا في حالة الضرورة، فقد ورد أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم غضب لمقتل عمه حمزة الذي اغتيل بطريقة غادرة، فبكى وحزن لموته، وقال في غضب: (والله لأقتلن بك سبعين منهم)، لكنه صلى الله عليه وسلم لم ينفذ ما أوعد به ولم يتركه الوحي الإلهي يفعل ذلك؛ ولكنه جاء ليؤصل ويقعد في القتال منهج وقاعدة ضبط القوة، قال تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) النحل/126، فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: (بل نصبر يا رب)، فبين القرآن بذلك أن هناك طريقين فقط، إما المعاملة بالمثل دون تجاوز الحد أو الصبر، لكن اللجوء إلى الطريق الثاني الذي هو الصبر يبدو مفضلا ومختارا  والله تعالى أعلم.

2- الحوار الديني: لقد اتضح أن التفاهم بين الأديان يسهم في علاج القضايا الإنسانية التي تواجه البشرية في كل مكان؛ ونظرًا لاختلاف الخبرات الدينية واختلاف الحلول التي تقدمها الأديان للمؤمنين بها؛ فإن تعاون الأديان يساعد على الوصول إلى حلول متنوعة وفعالة لمشكلات الإنسانية وبخاصة إذا تم توظيف تأثير الأديان في الشعوب توظيفًا جيدًا وصحيحًا لعلاج مشكلات الشعوب وبناء مستقبل أفضل للإنسانية (108)، والحوار الديني بطبيعته يختلف عن الجدل في أن الحوار الديني يحتوي ضمنًا على عناصر التفاهم بين الأديان، بينما الجدل يشير ضمنًا إلى عناصر الاختلاف والتباعد بين الأديان والمذاهب، وقد عبر القرآن الكريم عن هذه الطبيعة الإيجابية في الحوار بين الأديان في قوله تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) آل عمران/64، فالآية الكريمة تدعو إلى الحوار الديني بين المسلمين وأهل الكتاب وتشير إلى عناصر الاتفاق بين اليهودية والمسيحية والإسلام التي تكون أساساً للحوار بينهم، وتستبعد ضمنًا عناصر الاختلاف التي أدى إليها التطور التاريخي لكل من اليهودية والمسيحية؛ بل إن الإسلام يتجاوز تاريخ الاختلاف بين الديانات الثلاث ويطالب بالعودة إلى شكل بسيط وفطري للتوحيد يمثله الدين الإسلامي وهو دين الأنبياء جميعاً، وهو دين الفطرة. (109)

والحوار الديني يشير بطبيعته إلى حرية التعبير الديني، فالمحاور له كل الحرية في إعطاء رأيه الديني الذي يمثل ديانته أو مذهبه في كل القضايا الدينية المطروحة في الحوار مع الأديان الأخرى كما أنه يتفهم في الوقت نفسه الرأي الديني الآخر المعبر عن آراء الأديان الأخرى. (110)

3- وسطية الإسلام منافاة للعنف ومجافاة للغلو في الدين، ولا شك أن الإسلام نظام اجتماعي متكامل، ينظم علاقة الإنسان بربه وعلاقة الإنسان بالكون وعلاقة الإنسان بالآخر، تقوم في أساس بنائه العقيدة، وتتولى الشريعة التنظيم على مختلف المستويات، ويطبع كل ذلك مبدأ الوسطية بتوازن داخلي وسلوكي ناتج عن توازن السنن، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا).(111)

إن الوسطية الإسلامية عدل وتوازن، يقابل من جهة بتطرف المغالاة، ومن جهة ثانية بتطرف الانحلال، وكلا التطرفين مدان في الإسلام،  ومن معاني الوسطية التي وصفت بها الأمة في الآية الكريمة معنى العدل، وتفسير الوسط في الآية بالعدل مروي عن النبي  صلى الله عليه وسلم، فقد روى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري أن النبي  صلى الله عليه وسلم فسر الوسط هنا بالعدل  والعدل والتوسط والتوازن عبارات متقاربة المعنى، فالعدل يدل على التوسط بين الطرفين المتنازعين دون ميل أو تحيز إلى أحدهما، وهو بالتالي ضد التطرف والمغالاة.

4 - تحكيم الإسلام شريعة ومنهاجًا في حياة المسلمين، أفرادًا، ومجتمعات وأمة، قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا) النساء/105  فالأصل في الأحكام الشرعية أنها لمصلحة الخلق، وتحقيق العدل، وحفظ التوازن في الحياة.(112)

5 - وجوب الاهتمام ببناء الفرد المسلم على أسس عقدية إيمانية؛ تعيد صياغة النفوس، وتفتح آفاق العقول، وتبث فيه روح الدين الحقيقي، وتؤصل العزة الإيمانية، وتمحور حياته حول هدف واحد، هو تحقيق العبودية لله بأبعادها كلها، وإعمار الأرض بشريعة الله، وتحقيق هذا مرتهن بإتباع طريق الله المستقيم قال تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الأنعام/153.

6 - نشر الوعي الديني والثقافة الشرعية بين عامة المسلمين وخاصتهم عن طريق الوسائل المتاحة كلها وربط المسلمين بدينهم، ولتحقيق التحصين الثقافي ضد الفكر الغازي.

7 - إن مفتاح سعادة هذه الأمة مطوي في كتابها العزيز الذي لا يأتيه الباطل من يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد؛ إذن فلا يمكن للمسلمين أن ينهضوا نهضة حقيقية إلا إذا أقبلوا عليه واهتدوا بهديه واستضاءوا بنوره وساروا على دربه.(113)

8 - على العلماء أن يبذلوا جهدهم لترشيد مسيرة المسلم بتحصينه بالفكر الإسلامي الصحيح وحمايته من الأفكار الضالة الهدامة، وتأصيل معاني الخير في نفسه ليكون عنصرًا بناء لا تخريب وتطوير لا تدمير، واعتدال لا غلو، وأناة لا تسرع، وكل امرئ يجري إلى ساحة الوغى بما استعد.

المطلب الثاني: أثار العنف.

   للعنف آثاره الخطيرة على الفرد والأسرة والمجتمع ومن هذه الآثار ما يلي:

1- العنف يولّد لدى المعتدى عليه عقد نفسية تجعله حاقداً على الناس وعلى مجتمعه، مستعداً لكل عمل عدواني في مستقبل الأيام.

 2- تدمير المجتمع والأسرة وتشتت شملها ويفرق جمعها.

 3- ضياع الزوجة وانحراف الأبناء، ويهدد أمن المجتمع كله ويشيع فيه ثقافة العدوان وأكل الحقوق ويجعله مجتمع الثارات والمشاكل التي قد يطول أمدها.

 4- تضرر النساء من العنف الأسري نظراً لطبيعة المرأة الضعيفة ولرغبتها المستمرة في التضحية حفاظاً على كيان أسرتها وحماية بيتها وسمعة أهلها؛ ولهذا نجدها تقبل التنازل عن حقوقها وترضى أن تكون ضحية للعنف حفاظاً على البيت والأبناء وسمعة العائلة.

 5- تضرر كبار السن، وهم أفراد من الأسرة أدوا واجبهم وتقدمت به السن وأصبحوا في حالة ضعف، ولعلهم الأجدر بالاهتمام والرعاية، ويرون أن من حقهم المطالبة بالعناية والاهتمام كرد للجميل بدل أن يعاملوا بالقسوة والتهميش.

المطلب الثالث: سبل الوقاية.

  كل مجتمع من المجتمعات يعمل جهده للبعد عن مواطن العنف والإرهاب والتطرف، والمجتمع الواعي هو الذي لا يصل إلى العنف بتاتاً؛ بل يعمل الخطط والبرامج للحيلولة دون الوقوع في العنف، ويجب على المجتمعات أن يأخذوا بسبل الوقاية للحيلولة دون الوقوع أو الوصول إلى العنف ومن هذه الوسائل أو السبل التي تقي المجتمع من العنف ما يلي:

-  إتباع الأساليب الواعية في التحاور

-  المساواة في التعامل مع الأبناء.

-  إشباع احتياجات الأبناء النفسية والاجتماعية والسلوكية، وكذلك المادية.

-  المشاركة الحسية والمعنوية مع الأبناء، ومصادقتهم لبث الثقة في نفوسهم.

- التقليل من مشاهدة مناظر العنف على الفضائيات.

-  عدم الاعتماد على المربيات في إدارة شئون الأسرة.

- غرس القيم والمبادئ والأخلاق في نفوس الأبناء منذ الصغر.

-  متابعة الأبناء وتوجيه سلوكهم.

-  تنمية العواطف الكامنة من حب الوطن والمجتمع والانتماء إليهما.

- حسن العشرة بين الأبوين، والحد من ظاهرة الطلاق.

ولما كان العنف اعتداء على نفوس الناس وأموالهم بغير حق وانتهاكًا لحرماتهم، وأمنهم ومصالحهم كان لزاما أن تتضافر الجهود لمدافعته والقضاء عليه، صيانة لضرورات الناس، وأمنهم ومصالحهم وحماية لهم من تبعات العنف وآلامه وشروره.

المطلب الرابع: مقترحات لعلاج العنف لدى الشباب.

1- لا بد من أن تعيد المؤسسات الرسمية العربية النظر في أساليبها التقليدية التي اعتادت عليها في مجالات الوعظ والإرشاد والتوجيه، وأن تتحول إلى مؤسسات فعالة قادرة على تقديم إجابات عن تساؤلات الحياة المعاصرة، ومساعدة الإنسان العربي على التكيف مع الواقع الذي يعيش فيه، ثم النهوض به وتطويره؛ ولا بد أن تنفتح تلك المؤسسات على العالم الخارجي، وتدير في الوقت نفسه حوارًا حقيقيًا مع التيارات الدينية المختلفة في الوطن العربي.

  1. إن الثقافة الدينية التي يتعرض لها تلاميذ المدارس، والمقررات الدينية المقررة في مدارسنا تحتاج إلى مراجعة دقيقة، كما ندعو إلى تدريس أدب الخلاف ضمن المناهج الدراسية، قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) النحل/125 (114)
  2. إن الحوارات الوطنية في الأقطار العربية مطلب ضروري؛  لأنها تضمن توثيق الصلة بين الدولة والمجتمع المدني، وتضمن كذلك إتاحة الفرصة أمام القطاعات المختلفة للإسهام بنصيب في صياغة التوجهات السياسية، والمشاركة في مواجهة أزمات الأمة.(115)
  3. التنسيق مع الأجهزة الإعلامية لتغطية النشر عن العمليات الإرهابية، إذ إن الإرهاب يعمد دائمًا إلى القيام بعمليات مثيرة من شأنها جذب انتباه الجماهير وإثارة الرعب العام، وغالبًا ما تستدرج وسائل الإعلام إلى التغطية المكثفة للنشاطات الإرهابية، وتحقق بذلك الأهداف الخبيثة للعنف. (116)
    5- على الجميع، وبالأخص العلماء والدعاة والمربون واجب عظيم في بيان الحق للشباب ووصف طريق الصواب، وتوعية الناشئة وتبصيرهم بسلامة المنهج، والشباب بأمس الحاجة اليوم لمن يفتح قلبه لهم، ويجلس إليهم، ويسمع منهم، ويلين القول لهم، بدل أن تٌغلق الأبواب في وجوههم، وتعصف بهم الشبهات والضلالات.

6- المشاركة السياسية للشباب من مختلف الطبقات، في اتخاذ جميع القرارات التي تمس حياة المواطن سواء داخل الأسرة أو المدرسة أو السكن.

7 - يجب أن يتجه الواقع التربوي إلى تعليم الطفل كيف يناقش، وكيف يعبر عن رأيه بحرية، وكيف يحترم آراء الآخرين، وكذلك يجب التركيز على فلسفة المشاركة في جميع مراحل التعليم، وذلك من خلال خلق ملكة التفكير الخلاق والنقدي، والحوار المبني على التحليل والاستنباط، واحترام الرأي الآخر، والإيمان بالمشاركة الفعالة في قضايا المجتمع، فضلًا عن غرس روح المبادرة لدى الطلاب من خلال الحوار والإقناع وليس التخويف والعقاب..

8- الإيمان بالتعددية: إن الاختلاف بين البشر في أفكارهم وآرائهم ومواقفهم وعاداتهم أمر طبيعي تقتضيه ظروف نشأة البشر، حتى إن القرآن الكريم يؤكد على حتمية وجود الاختلاف والتفاوت بين بني آدم عليه السلام في قوله عز وجل: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) الشورى/8، وقال تعالى: (وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) يونس/19، وقال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) هود/118-119.

الخاتمة

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد  صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن سار على نهجهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:

وبعد فإن ظاهرة العنف لدى الشباب من الأسباب المقلقة في المجتمع؛  لأنها تهدد كيان وقوائم هذا المجتمع، فعلينا أن نبذل الغالي والرخيص وكل ما نستطيع في سبيل القضاء على هذه الظاهرة التي انتشرت في بلادنا؛  ولأنها من الأمراض الفتاكة التي تدمر البلاد والعباد، ومن أهم النتائج التي توصلت إليها ما يلي:

1- أهمية الأمن، وأنه حاجة إنسانية ملحة، ومطلب فطري لا تستقيم الحياة بدونه، ولا يستغني عنه فرد أو مجتمع .

2- أن للإسلام منهجه المتفرد في تحقيق الأمن ومكافحة العدوان والعنف.

3- إن سلوك العنف مخالف لدين الإسلام،  مناقض لما جاء به من السماحة واليسر والرحمة.

4- أن مؤسساتنا الشرعية تحارب العنف وتؤدي دورًا فاعلًا في القضاء عليه وقطع شبهاته وضلالاته.

5- العلاج الشافي والبلسم الناجع للعنف هو الإسلام، حيث إنه دين رب العالمين،  الذي يعلم ما يصلح عباده، قال تعالى: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الملك/14،  ثم إن الإسلام يسلك الطريقة الصحيحة في العلاج لهذه المشكلة، ويقطع أسباب الانحراف، ابتداءً من النفس الأمّارة بالسوء، ثم علميًا ودعويًا بالحكمة والموعظة الحسنة من خلال العلماء العاملين المخلصين، ثم اقتصاديًا واجتماعيا برفع الظلم وتوفير الحريات والعيش الكريم للناس، وإذا لم تنفع تلك العلاجات لبعض الأنفس المريضة؛ فإنه يعاقب المجرمين عقابًا رادعًا عادلًا بإقامة الحدود الشرعية عليهم.

أهم التوصيات:

1- على المؤسسات العلمية والتربوية عقد محاضرات وندوات داخلية وعبر الفضائيات لتوعية الناس من هذا الوباء الخطير الذي أصبح يدق في قلب الأمة.

2- عمل نشرات إرشادية وتوزيعها على طلبة المدارس والجامعات والمساجد لبيان طرق الوقاية من العنف وبيان أثره الخطير على الأمة (جماعات وأفراد).

الهوامش:


(1) الزيد، حصة بنت عبدالكريم، موقف الصحابة من أحداث العنف في عهد الخلفاء الراشدين، ج1، ص34 دار الكتب العلمية، بيروت، 1999م.

(2) الجوهري، إسماعيل بن حماد الجوهري، (ت393هـ) الصحاح في اللغة، ج 1ص500، دار المعرفة، بيروت، 2000م.

(3)فراهيدي، الخليل بن أحمد، (ت 170هـ)، العين، ج1، ص 118، المكتبة التجاري، مكة المكرمة، 1405هـ.

(5) انظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، (ت711هـ)، لسان العرب، ج 9، ص 257، دار صادر، بيروت.

(6)الشبل، علي بن عبد العزيز، الجذور التاريخية لحقيقة الغلو والتطرف والإرهاب والعنف ج1 ص15. دار البشائر الإسلامية، بيروت، 1987م.وانظر: النهاية لابن الأثير: مادة عنف.

(7)محمد علي إبراهيم، الإرهاب والعنف والتطرف في ميزان الشرع، ج 1، ص33، المكتب الإسلامي، القاهرة، 1990م.

(8)الشبل، علي بن عبد العزيز، الجذور التاريخية لحقيقة الغلو والتطرف والإرهاب والعنف ج1 ص15.دار البشائر الإسلامية، بيروت، 1987م.

(9) الشبل، علي بن عبد العزيز، الجذور التاريخية لحقيقة الغلو والتطرف والإرهاب والعنف ج1 ص7، دار البشائر الإسلامية، بيروت، 1987م.

(10) سورة التوبة آية رقم  129.

(11) سورة الحجرات آية رقم 7. 

(12) سورة النساء آية رقم 25.  

(13) رواه البخاري في صحيحه، باب الدين يسر، ج1 ص78 برقم 39

(14) انظر: عزوزي، حسن بن إدريس، قضايا الإرهاب والعنف والتطرف في ميزان القرآن والسنة، ج1، ص 24، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2000م.

 (15) انظر: التركي، عبدالله بن عبدالمحسن، حقوق الإنسان وأسباب الضعف في المجتمع الإسلامي في ضوء أحكام الشريعة، ص13-14، دار صادر، بيروت، لبنان، 2009م.

(16) انظر: دراسة خاصة عن العنف السياسي في مصر، ص 568، وانظر أيضًا: العنف والشريعة في مصر، ص 50

(17) عزوزي، حسن بن إدريس، قضايا الإرهاب والعنف والتطرف في ميزان القرآن والسنة، ج 1، ص 13، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2000م.

(18) محمد الحسيني مصيلحي، الإرهاب مظاهره وأشكاله وفقا للاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، ج1ص13، دار المعرفة، القاهرة.

(19) الأوصيف، عبدالله بن الكيلاني، الإرهاب والعنف والتطرف في ضوء القرآن والسنة، ج 1، ص 1، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1421هـ.

 (20) رواه البيهقي في شعب الإيمان ج4 ص346

(21) أخرجه البخاري، باب: خوف المؤمن أن يحبط، برقم6044

(22) رواه البيهقي ج1ص234

(23) انظر: عزوزي، حسن بن إدريس، قضايا الإرهاب والعنف والتطرف في ميزان القرآن الكريم ج1 ص33، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2000م.

(24) انظر: عزوزي، حسن بن إدريس، قضايا الإرهاب والعنف والتطرف في ميزان القرآن والسنة  ج 1، ص 29، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2000م.

(25) الفيومي أحمد بن محمد، المصباح المنير في تهذيب ابن كثير تفسير سورة مريم، ص82

(26)  انظر: عبد المقصود محمد سعيد خوجه، التعامل مع الإرهاب والعنف والتطرف، ص124، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1421هـ.

(27) عزوزي، حسن بن إدريس، قضايا  الإرهاب والعنف والتطرف في ميزان القرآن الكريم ج1 ص16. وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1421هـ.

(28) الرازي، محمد بن عمر، (ت 606هـ)، تفسير الرازي (مفاتيح الغيب)، ج 6، ص 32، دار صادر، بيروت، 1999م.

(29) أخرجه البخاري برقم 6927، وانظر: ابن حجر، فتح الباري، ج12 ص280

(30)البخاري مع الفتح، ج12 ص280، رقم الحديث: 6927 

(31) أخرجه ، مسلم كتاب البر والصلة والآداب باب فضل الرفق برقم 2593

(32) أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب باب فضل الرفق برقم 2594

(33)أخرجه السيوطي في جمع الجوامع برقم 2530، وأخرجه الطبراني برقم 2225

(34) أخرجه الترمذي كتاب البر والصلة باب: ما جاء في الرفق برقم 2013 

(35)أخرجه البخاري، باب: صب الماء على البول، برقم220 

(36) انظر: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، فتح الباري شرح صحيح البخاري، تحقيق: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي دار المعرفة، بيروت، 1379هـ.

(37) أخرجه البخاري برقم 69 ومسلم برقم 1734

(38) أخرجه البخاري برقم 3560 ومسلم برقم 2327

(39) أخرجه البخاري، باب: الرفق في الأمر كله، برقم6024

(40) ابن حجر، فتح الباري ج17 ص488 برقم 5786

(41) أخرجه مسلم، باب: فضل الرفق، برقم6766

(42) أخرجه مالك في الموطأ، باب: ما يؤمر به من العمل برقم 1804، وأبو داوود برقم 4807، والإمام أحمد في المسند ج1، ص112.

(43) أخرجه أحمد في مسنده ج3 ص 328

(44)انظر: أسماء بنت عبد العزيز الحسين، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف دراسة تحليلية، ج1 ص11، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1421هـ.

(45) محمد الهواري، الإرهاب المفهوم والأسباب وسبل العلاج، ج1 ص123، دار الكتب  العلمية، 1999م.

(46) السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف، ص30،

(47) أسماء بنت عبد العزيز الحسين، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف دراسة تحليلية ص54، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1421هـ

(48) محمد الهواري، الإرهاب المفهوم والأسباب وسبل العلاج ص20. وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

  (49) سعد، محمد بن سعد، (ت168هـ) الطبقات الكبرى، ج5 /ص400، دار صادر بيروت، 1968م .

(50)السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص37، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(51) محمد الهواري، الإرهاب المفهوم والأسباب وسبل العلاج ص24. وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(52) محمد الهواري، الإرهاب المفهوم والأسباب وسبل العلاج ص29. وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(53) محمد الهواري، الإرهاب المفهوم والأسباب وسبل العلاج، ج1 ص43، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(54)أسماء بنت عبد العزيز الحسين، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف دراسة تحليلية ص14. وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1409هـ.

(55) محمد الهواري، الإرهاب المفهوم والأسباب وسبل العلاج ص23. وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(56) السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص13. وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(57) السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص13. وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(58) انظر: مصنف عبد الرزاق، ج6، ص51. ط2 ، المكتب الإسلامي بيروت، 1403هـ، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي.

 (59)رواه أحمد  في المسند ورجاله، رجال الصحيح، ج10، ص 357، وانظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي، ج3، ص 366، دار الريان بالقاهرة وبيروت، 1407هـ.

(60)انظر: المسند المستخرج على صحيح مسلم لأبي نعيم الأصفهاني، ج1، 386 ط2. دار الكتب العلمية بيروت، 1417هـ. تحقيق: محمد حسن الشافعي

(61) السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص14، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(62) رواه أيضًا بصيغ مقاربة أحمد وابن ماجه، باب: التثبت في الفتنة برقم4093، وأبو داوود، باب: في النهي عن السعي إلى الفتنة برقم4263

(63) السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص13، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(64) السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص13، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(65) رواه أحمد في الزهد ج2 ص43، واللالكائي في السنةج1 ص32

(66) الشاطبي، إبراهيم بن موسى، (ت970هـ) الاعتصام، ج1، ص38، دار الكتب العلمية، بيروت، 1990م.

(67) السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص13، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(68) السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص31، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد،  المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(69) السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص33، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(70) السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص33، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(71) انظر: صالح بن غانم السدلان، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص33، وانظر: الزهراني، ناصر بن مسفر، حصاد الإرهاب، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1409هـ.

(72) السدلان، صالح بن غانم،  أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص33،  وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(73) انظر: عبد الرحمن المطرودي، وجهة نظر في مفهوم الإرهاب والموقف منه في الإسلام، ص35، دار طيبة، 1405هـ

(75)  أسماء بنت عبد العزيز الحسين، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف دراسة تحليلية ص31.دار النور للطباعة والنشر، بغداد، 1992م.

(76) رواه البخاري عن عثمان باب: من يرد الله به خيرا يفقه في الدين برقم 71.

(77)  محمد الهواري، الإرهاب المفهوم والأسباب وسبل العلاج ص35، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(78) رواه البخاري ج3 ص 1321، باب علامة النبوة في الإسلام، كتاب المناقب برقم 7123، ومسلم ج1 ص563

(79) رواه البخاري، باب ما يذكر من ذم الرأي، ج6، ص2665 برقم (6877)

(81) انظر: شعب الإيمان ج2، ص425 برقم 2283 فصل في ترك التفسير بالظن

(82) محمد الهواري، الإرهاب المفهوم والأسباب وسبل العلاج ص34،  وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(83)  رواه ابن ماجه ج3 ص 1008 برقم 3029، باب قدر رمى حصى الرمي، وابن أبي شيبة برقم 13909، ج3، 248، والطبراني في الكبير برقم 7094، ج7، 267 وأحمد في المسند ج1، ص347 برقم (3248).

(84) صحيح مسلم برقم 2670، ج4، ص 2055.

(85) السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص21،  وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(86) أخرجه البخاري باب: مناقب لحسن والحسين برقم5343

(87) السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص61،  وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(88) السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص21،  وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(89) رواه البخاري في كتاب الرقاق بهذا اللفظ، باب القصد والمداومة على العمل برقم 39، وأخرجه مسلم أيضًا في صحيحه برقم 2816

(90) السدلان، صالح بن غانم،  أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص21،  وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(91) رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله موثوقون، ج1 ص32، باب معرفة معنى الحديث بلغة قريش

(92) المعجم الأوسط ج8، ص116 برقم (8140) وفيه ابن لهيعة، ورواه في الكبير ج22، ص361.

(93) اللالكائي أبو القاسم، هبة الله بن الحسن بن منصور، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة، دار طيبة، الرياض، 1402، تحقيق: د. أحمد سعد حمدان ج85، 1 رقم 102

(94) القرطبي، ابن عبد البر، جامع بيان العلم وفضله، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2000م.

(95) السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص21، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(96) السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص21. وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(97)السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص21،  وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(98) محمد الهواري، الإرهاب المفهوم والأسباب وسبل العلاج، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(99) أسماء بنت عبد العزيز الحسين، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف دراسة تحليلية ص 35، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(100) السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف ص15، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

(102) أسماء بنت عبد العزيز الحسين،  أسباب الإرهاب والعنف والتطرف دراسة تحليلية ص 25، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1415هـ.

(103) عبد الله بن عبد العزيز اليوسف، دور المدرسة في مقاومة الإرهاب والعنف والتطرف، ص17، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1409هـ.

(104) رواه البيهقي ج6، ص 94 في السنن الكبرى برقم1289 باب تحريم الغصب وأخذ أموال الناس

(105) أسماء بنت عبد العزيز الحسين، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف دراسة تحليلية ص18. وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ.

 (106) محمد علي إبراهيم، الإرهاب والعنف والتطرف في ميزان الشرع ج1 ص24، دار طيبة للنشر والتوزيع، 1406 هـ.

(107) عزوزي، حسن بن إدريس، قضايا الإرهاب والعنف والتطرف في ميزان القرآن والسنة، ج، ص 31، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ

(108) محمد خليفة حسن، الحوار الديني ودوره في مواجهة التطرف الديني والإرهاب، ج 1، ص 10، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1420هـ.

(109) محمد خليفة حسن،، الحوار الديني ودوره في مواجهة التطرف الديني والإرهاب، ج 1  ص 13، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1406هـ.

(110) محمد خليفة حسن، الحوار الديني ودوره في مواجهة التطرف الديني والإرهاب، ج 1، ص 22، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1405هـ

(111) عزوزي، حسن بن إدريس، قضايا الإرهاب والعنف والتطرف في ميزان القرآن والسنة، ج 1، ص 45، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1405هـ

(112) السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف، ج 1، ص 39، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ

(113) السدلان، صالح بن غانم، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف، ج 1، ص 40، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1419هـ

(114) عز الدين، الأساليب العاجلة وطويلة الأجل لمواجهة التطرف والإرهاب في المنطقة العربية، ص 450، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية، 1408هـ

(115) الحسيني (السيد محمد)، تعقيب في «تحديات العالم العربي في ظل المتغيرات الدولية»، أعمال المؤتمر الدولي الثاني الذي نظمه مركز الدراسات العربي الأوروبي، القاهرة من 25-27 / 1 / 1994م، مركز الدراسات العربي الأوروبي، باريس 1994م، ص 476-478.

(116) الجاسر (عبد الله)، دور وسائط الإعلام في مواجهة التطرف والإرهاب، بحث منشور في «تحديات العالم العربي في ظل المتغيرات الدولية»، أعمال المؤتمر الدولي الثاني الذي نظمه مركز الدراسات العربي الأوروبي، القاهرة من 25-27 / 1 / 1994م، مركز الدراسات العربي الأوروبي، باريس 1994م، ص 463.