الأزمة المالية والاقتصادية العالمية: أسبابها وإمكانية تجنبها من منظور اقتصادي إسلامي(*)
رياض المومني / أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك - الأردن
(*) بحث مقدم لمؤتمر (الأزمة المالية والاقتصادية العالمية المعاصرة من منظور إسلامي) الذي أقامه المعهد العالمي للفكر الإسلامي بالتعاون مع جامعة العلوم الإسلامية العالمية، في عمّان - الأردن، ذي الحجة (1431هـ) - كانون أول (2010م).
المقدمة:
لا يزال العالم يعاني من آثار ما سمي بالأزمة المالية العالمية التي انفجرت في سبتمبر من عام 2008، لقد انهارت العديد من المؤسسات المالية العملاقة وانخفضت مؤشرات البورصات العالمية، وما إلى ذلك، وامتد الأثر إلى جميع دول العالم والى جوانب الاقتصاد الحقيقي في صورة ركود وبطالة وانخفاضات في معدلات النمو. ووفقا لبعض التقارير في البنك الدولي فان أسواق رأس المال في العالم خسرت في عام 2008 اكثر من ثلاثين تريليون دولار كما خسرت أسواق العقارات في نفس العام اكثر من 30 تريليون دولار، وتكاليف الإنقاذ عام 2009 تجاوزت الـ 20 تريليون دولار[1].
لقد أصبحت هذه الأزمة الشغل الشاغل لكبار رؤساء الدول الرأسمالية(حاضنة النظام الرأسمالي)، والمؤسسات الدولية وجميع علماء وخبراء الاقتصاد والمال. لقد انشغل الجميع في معرفة الأسباب الحقيقية لتلك الأزمة وكيفية تجاوزها ومنع تكرارها إن أمكن ذلك. وبعد مخاض شديد سواء كان ذلك عن قصد أو غير قصد سوقت الأزمة بأنها أزمة مالية وان كانت من العيار الثقيل إلا أن النظام الرأسمالي بأدواته المختلفة سرعان ما سيتجاوزها كغيرها من الأزمات. في حين الكثير يتساءل هل سيكون النظام الرأسمالي قابلا للاستمرار؟ هل يمكن لأمريكا أن تبقى متفردة بالعالم؟ هل من أفكار وأساليب وأدوات جديدة يمكن تطبيقها لعدم تكرار الأزمة؟ هل كان بالإمكان تجنب الأزمة؟
تهدف الورقة الحالية إلى مناقشة أربعة قضايا ذات علاقة بالأزمة في محاولة للإجابة عن التساؤلات التالية: هل الأزمة تتعلق بالنظام المالي فقط؟ وما التقدير الإسلامي للأزمة؟ وما مدى إمكانية تجنب الأزمة في ضوء ما يطرحه الاقتصاد الإسلامي من أدوات ورؤى فيما يتعلق بالمال واستخداماته؟ وإلى أي مدى يمكن اعتبار المصارف الإسلامية نموذجا عمليا للصيرفة الإسلامية ومثالا جيدا للاستقرار والأمن في ضوء ما يقوم عليه الاقتصاد الإسلامي من مبادئ ومرتكزات؟
أولاً: أسباب الأزمة:
إن الكثير من رجال المال والاقتصاد في الغرب يحاول تسويق الأزمة بأنها أزمة مالية وأسبابها مالية بحتة. ولكن كما نرى إن أسباب الأزمة اعمق من ذلك فهي ذات أبعاد ثلاثة تتعلق بالنظام المالي والنظام الاقتصادي الرأسمالي والحضارة الغربية، وتفصيلا نشير إلى الآتي:
1. الأزمة أزمة تمويل:
لقد حظي هذا الموضوع بنقاش كبير وبإيجاز شديد جاءت أهم النتائج كما يلي:
أ- جاءت بداية الأزمة عندما أعلنت بعض البنوك عن عدم قدرتها على توفير السيولة لسداد التزاماتها بسبب خسائرها المالية الكبيرة نتيجة للتوظيفات المالية الضخمة دون ضمانات كافية في سوق العقارات(تسمى هذه بالقروض الرديئة لأنها دون ضمانات كافية وذات معدلات فائدة غير ثابتة). لقد شهد سوق العقارات في أمريكا رواجا ترتب عليه ارتفاع في أسعار العقارات مما دفع بالعديد الاستثمار في هذا السوق حيث قدمت المؤسسات المالية أكثر من 11 تريليون دولار لشراء المنازل طمعا لتحقيق الأرباح.
ب - لقد عرفت أسواق المال العديد من التطورات والتطبيقات المالية المستخدمة تعرف بالمشتقات المالية ومن أبرزها عمليات التوريق، حيث قامت البنوك ومؤسسات التمويل العقارية ببيع دين القروض المتجمعة لديها على المدينين إلى شركات متخصصة بهدف التقليل من مخاطر الائتمان والسيولة. وعادة تقوم شركات التوريق بإصدار سندات بقيمة هذه الديون وتطرحها للاكتتاب العام، وبذلك تكسب شركات التوريق الفرق بين قيمة القروض وما تم دفعه لشرائها ويكسب حملة السندات الفوائد مع إمكانية بيعها في السوق المالي وتحقيق أرباح.
ويقال نظريا دائما أن الأسواق المالية من أهم أهدافها هو حشد المدخرات والمساهمة في تمويل الاستثمار، إلا انه ما يجري معظمه نشاطات تقوم على المضاربات والمقامرة بهدف تحقيق الأرباح مما اسهم بإقصاء رأس المال عن الإنتاج، وتحول الاقتصاد العالمي من الاقتصاد الحقيقي إلى الاقتصاد الرمزي، حيث ما تؤكده البيانات أن الاقتصاد الرمزي يفوق حجم الاقتصاد الحقيقي بأكثر من أربعين مرة، وهذا يفسر حجم الخسائر الكبيرة التي ألمت بالاقتصاد العالمي.
ج - ومما اسهم في ازدياد الاضطرابات في النظام المصرفي غياب الرقابة الداخلية والخارجية على المؤسسات المالية. فقد تمادى مديرو البنوك والمؤسسات المصرفية في عمليات الإقراض دون ضمانات وبلا حساب، فالهدف تعظيم مكتسباتهم بأية طريقة لأنها المقياس الوحيد لنجاحهم، ومما دفع بهم للتمادي بهذا السلوك هو غياب ما يسمى بالبنك المركزي وضعف ممارسته لدوره الرقابي وضعف استخدام الأدوات الفنية له لمراقبة عرض النقد وأنشطة المصارف.
إن قناعة أوساط اليمين المحافظ في الولايات المتحدة وكثير من هم بأعلى الهرم السياسي في أوروبا بأن الأزمة ما هي إلا أزمة مالية وحلولها يجب إلا تخرج عن هذا الإطار، فلا غرابة إذا أن نجد تمركز مقترحات الحل على:إنقاذ البنوك المتضررة واستعادة الثقة بأسواق المال، وضمان الودائع والقروض الجارية، وضخ مليارات الدولارات لضمان السيولة، وخفض أسعار الفائدة وتأميم بعض المؤسسات، وتحسين هيكل الرقابة، والتعاون لتحقيق الصلاح فعال وشامل للنظام المالي.
بالرغم من التظاهر بتجاوز الأزمة، ونشر بعض البيانات التي تؤكد تحسن الاقتصاد العالمي، نسمع بالوقت نفسه أن مسلسل الإفلاس ما زال مستمرا وأداء اقتصاديات الكثير من الدول الصناعية ما زال متواضعا، وكأن الرأسمالية أصبحت عاجزة عن تجديد نفسها كما هو الحال في الأزمات السابقة، إن محق العديد من المؤسسات المالية العملاقة وسيطرة شبح الركود على الاقتصاديات العالمية ليؤكد أن أسباب الأزمة لا تقف عند الجانب المالي والعلاج الذي قدم ليس إلا مسكنا للألم لفترة وجيزة فقط[2].
2. الأزمة أزمة نظام:
إن الحرية الاقتصادية من أهم المرتكزات والقواعد التي يقوم عليها النظام الرأسمالي التي أكد عليها الاقتصادي آدم سميث، انسجاماً مع المقولة (دعه يعمل دعه يمر). وهو بذلك رفض أي تدخل للدولة في الشأن الاقتصادي اعتقادا منه أن تنافسية الأسواق واليد الخفية قادرة على تحقيق التوازن والاستقرار والمصلحة العامة.
وقد جاءت أزمة الكساد العالمي لتثبت فشل رؤى آدم سميث وخرافة اليد الخفية. وفي ضوء طروحات الاقتصادي كينز آنذاك طرأ تغيير فكري وعملي على النظام الرأسمالي، وتدخلت الدولة بقوة في الشأن الاقتصادي وقامت بما يلزم لتصويب وضع الاقتصاد وتجاوز مشاكل الركود والبطالة. ومع بداية السبعينيات من القرن المنصرم وبعد أن تربع على عرش المؤسسات المالية الدولية ثلة مما يطلق عليهم الكلاسيك الجدد وبعد أن احكم اليمين المحافظ قبضته على السياسة في الولايات المتحدة، طرأت تغيرات هامة منها الارتداد الفكري بالنسبة لتدخل الدولة، حيث تقلص دورها الاقتصادي والاجتماعي والرقابي وبرز إلى حيز الوجود مفهوم التخاصية، وهكذا عادت السيطرة والسلطة لدفة الاقتصاد للملكية الخاصة والقطاع الخاص.
وفي تسعينيات القرن المنصرم وبمساعدة مؤسسات عالمية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، ومنظمة التجارة العالمية، والشركات المتعددة الجنسية، ونتيجة للتطور الهائل في مجال الاتصالات..... شهد العالم موجة أخرى من التغيير أطلق عليها العولمة الاقتصادية الحديثة، حيث نجحت الرأسمالية في ربط كافة دول وشعوب العالم بمصيرها وبالذات بمصير الولايات المتحدة الأمريكية، القطب الأوحد في العالم.
نعم لقد أجبرت شعوب العالم لفتح حدودها أمام التجارة وحركة روؤس الأموال، وكان نتاج ذلك أن دفعت بحوالي خمسة مليار نسمة نحو الفقر والجوع والحرمان، وأسهمت في تهميش الدول النامية وسلبها لسيادتها الوطنية وكرامتها، واستنزفت مواردها وثرواتها، وأفرزت حالة من عدم الاستقرار في العالم، وأشعلت الحروب بحجة إرساء الديموقراطية وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب وحماية الأقليات[3].
وقد جاءت الأزمة المالية لتسقي الدول الرأسمالية من الكأس التي سقت منه الدول النامية، جاءت لتفجر معها نقاشات حادة حول النظام الرأسمالي وما سيؤول إليه. فهناك من رأى في الأزمة انتهاء للرأسمالية، فالنظام الرأسمالي يحمل بداخله جرثومة فنائه، فمنذ عام 1929 وقعت اكثر من مائة أزمة دون أن نجد حلولا تحد من تكرارها، فلن تنفع إعادة التسمية للرأسمالية، فالرأسمالية المرنة أو النقية أو الرحيمة كلها شعارات ولكن النتيجة جاءت على عكس منظريها فقد أحكمت الدولة من جديد سيطرتها على الملكية الخاصة، والاقتصاد الوهمي قد انفجر والمكتسبات التي تغنى بها البعض قد تبخرت. إن الانصهار الاقتصادي والمالي وضع النظام الاقتصادي الحر أمام تحديات صعبة بحيث تعالت الأصوات في أمريكا وغيرها تنادي بضرورة أجراء تغيرات حقيقية في النموذج الاقتصادي والسياسي القائم.
3. البعد الحضاري للأزمة:
لقد قامت الحضارة الغربية على مجموعة من الأسس قد تكون من الأسباب الكامنة وراء أزمات البشرية. فقد آمنت الحضارة الغربية بضرورة عزل الدين عن كل شعبة من شعب نظام الحياة، وجعلت كل شيء يأتي به الدين عرضة للشك والارتياب وكل ما يأتي به أساتذة العلوم والفنون الدنيوية الحديثة جدير بالقبول والاهتمام. وبعد أن عزلت الدين آمنت بالفلسفة المادية البحتة كما نظر إليها هيجل ودارون وغيرهم، وسياسيا آمنت بالديمقراطية والعلمانية والقومية. كما رسخت مبادئ الفردية والحرية المطلقة وتعظيم المنفعة الشخصية وفكرة عدم تعارض المصالح ومبدأ البقاء للأقوى.
إن النجاحات المادية والمكتسبات في مجال العلم والتكنولوجيا، دفع بالمجتمعات الغربية نحو الغرور والنظر إلى كل الأنظمة والحضارات في العالم بالسخرية والازدراء، لا بل بضرورة اندثارها وانخراطها تحت مظلة الحضارة الغربية، مستخدمة كل أشكال أدوات التغيير الاقتصادية والعسكرية. وبعد أن انهارت الاشتراكية في أواخر ثمانينات القرن المنصرم بدأ العالم الغربي وأمريكا بصورة خاصة تطبيق شعار صراع الحضارات ولكن هذه المرة كانت موجهة بصورة أساسية على الحضارة الإسلامية، فلم تكتفي بالجانب الإعلامي لتشويه الإسلام ورسالته، لا بل لجأت إلى الحرب العسكرية ضد العالم الإسلامي وما جرى ويجري في العراق وأفغانستان والصومال والسودان ولبنان وفلسطين اكبر شاهد على ذلك.
لقد أثبتت الأزمة الحالية التي تعصف بالعالم أن تحلل المعاملات المالية من القيم والمثل والسلوكيات السليمة بحد ذاته مفسدة والأخلاق الفاسدة تقود إلى معاملات فاسدة وأزمات طاحنة. فالطمع والجشع والاستغلال وغياب العدل والرحمة والمصداقية والكذب والأشعات المغرضة هي من نتاج الحضارة الغربية الحالية ومن أسباب الأزمة الحالية. وهنا نستذكر ما قاله جيمس ارثر: (إن الشيوعية أو الاشتراكية لا يمكن أن تكون بديلا عن الرأسمالية لأنها هي نفسها قد فشلت، ولذلك ما زالت الرأسمالية هي الخيار المتاح ولكن نحن بحاجة إلى رأسمالية جديدة ادعوها بالرأسمالية ذات الضمير، رأسمالية جديدة تؤكد البعد الأخلاقي كأحد أسباب فشل الرأسمالية الحالية) [4].
ثانيا: التقدير الإسلامي للأزمة:
يمكن إيجاز أسباب المشكلة إسلاميا في الآتي:
1. التعامل بالربا/ الفائدة:
يقول سبحانه وتعالى: "يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم"(البقرة 276)، هناك إجماع على أن الفائدة نوع من أنواع الربا ومعظم المجامع الفقهية اعتبرت فوائد البنوك من الربا المحرم. ولا ابلغ في هذا الشان مما قاله سيد قطب: (ولم يبلغ من تفظيع أمر أراد الإسلام إبطاله من أمور الجاهلية ما بلغ من تفظيع الربا، ولا بلغ من التهديد في اللفظ والمعنى ما بلغ التهديد في امر الربا... فلقد كانت للربا في الجاهلية مفاسده وشروره ولكن الجوانب الشائنة القبيحة من وجهه الكالح ما كانت كلها بادية في مجتمع الجاهلية كما بدت اليوم وتكشفت في عالمنا الحاضر) [5].
نعم الربا او ما يسمى بالفائدة هو أساس عمل البنوك والمؤسسات المالية ووصل الأمر باعتباره عائد لرأس المال، فالتعامل به أمر طبيعي رغم ما قد يسببه من مشاكل اقتصادية واجتماعية. فمن الناحية الاقتصادية الفائدة من العوامل المؤدية للتضخم والمعطلة للطاقة البشرية المنتجة، والمؤدية إلى انتشار الكساد والبطالة. والإسلام حينما حرم الربا إنما حرمه لأن فيه ظلما واضحا، ولأنه يربي الإنسان على الكسل وفيه انقطاع المعروف بين الناس، ولأنه مبني على مصائب الناس ويؤدي إلى خيانة الأمانة في المال الذي استخلف الله الإنسان فيه، ناهيك عن دوره في سوء توزيع الدخل وتمركزه بيد فئة الأغنياء. فلا غرابة إذا أن نجد من هو من جلدتهم يحذرهم من مساوئ الفائدة والتعامل فيها، فالاقتصادي المعروف كينز يقول: "إن معدل سعر الفائدة يعوق النمو الاقتصادي، لأنه يعطل حركة الأموال نحو الاستثمار في حرية وانطلاق، فان أمكن إزالة هذا العائق فان رأس المال سيتحرك وينمو بسرعة"[6].
وكما أسلفنا أن ارتفاع سعر الفائدة اسهم في زيادة أعباء القروض العقارية وتوقف عدد كبير من المقرضين عن السداد، مما فجر الفقاعة العقارية وحدثت الانهيارات المتتالية، فلا غرابة أن نجد من يقترح للخروج من الأزمة تعديل سعر الفائدة إلى حدود الصفر وخفض معدل الضريبة إلى ما يقارب الـ 2%.
2. العقود الوهمية:
لقد ابتدع النظام التمويلي الوضعي مجموعة من العقود مثل المشتقات والمستقبليات والخيارات التي بمجملها تقامر على اتجاه الأسعار في المستقبل هادفة إلى تعظيم الربح السريع دون الانتباه لحجم المخاطر التي تسببها في الأسواق المالية. وهذه عقود تعتمد على بيع ما لا يملك والمتاجرة بالديون وتندرج تحت المعاملات الوهمية وجميعا محرمة إسلاميا. نعم الإسلام يحرم كل الصيغ التمويلية القائمة على الفائدة والغرر، ويقبل بكل الصيغ التي تقوم باستخدام المال في المجالات التنموية الحقيقية، ومن هنا أجاز الإسلام المعاملات التي تقوم على قاعدة المشاركة في الأرباح كالمضاربة والمشاركة والمرابحة والمساقاة وغير ذلك.
ولعل من أهم أسباب ظهور ما يسمى الاقتصاد الرمزي تطبيق العقود غير المشروعة في أسواق الأسهم التي تجعل الثروات من خلال نمو قيم الأسهم بمعدلات عالية تفوق معدلات الثروة المرتبطة بالاقتصاد الحقيقي، وهذا ما تم عام 1929، حيث ارتفعت اسعر الأسهم خلال الفترة 1925-1929 بمقدار 120%، في حين النمو الاقتصادي لم يتجاوز خلال الفترة نفسها 17%، ونتيجة لذلك فقد خسرت أسعار الأسهم 90% من قيمتها عام 1932. ونفس الصورة تتكرر عام 2008م، فالانصهار الاقتصادي الذي حصل يعزى إلى خسارة أكثر من 15 تريليون دولار خلال فترة قصيرة جدا، كما نجد مؤشر داوجونز قد خسر اكثر من 500 بليون دولار في يوم واحد، وبنك بير ستيرنس خسر 90% من قيمته إذ انخفضت قيمة أصوله من 16,7 بليون دولار إلى 1,7 بليون[7].
لقد جاءت الشريعة الإسلامية بمطلب واضح يؤكد على ضرورة تحويل علاقات النشاط المالي من علاقة القرض إلى علاقة المشاركة ومن علاقة الفائدة إلى علاقة الربح. لا بل وضعت الشريعة الإسلامية خيارات متعددة لكافة المتعاملين حسب رغبتهم في تحمل المخاطرة، فمن لا يريد المخاطرة فله بعقود المعاوضات من بيوع العاجل، ومن يريد تحمل هامش من المخاطرة فله بعقود المعاوضات من بيوع الأجل وبيوع السلم، ولمن يريد تحمل المخاطر الحصول على المشاركة. ولذلك ألغى الإسلام من قاموسه ما يسمى بالفائدة أو الربا كأساس للتعاملات المالية.
3. توليد النقود:
في تاريخ الرأسمالية الحديثة كان حدثان هامين هما: أولهما ما يسمى بالنظام النقدي الذهبي، والتخلص من كافة القيود والتشريعات الحكومية المعيقة للنمو الاقتصادي وقد تم ذلك إبان ولاية ريغان وتحديدا في عام 1982. هذان الحدثان اسهما في إعطاء بنك الاحتياط الفدرالي والمصارف التجارية الحرية التامة لتوليد النقود دون أية رقابة حكومية مما أدى إلى نمو هائل في عرض النقود والاقتصاد الوهمي دون أن يصاحب ذلك زيادة في القاعدة الإنتاجية الحقيقية. وكما معلوم ان ما يسمى بنك الاحتياط الفدرالي هو بمثابة مجموعة من البنوك الخاصة وهي ليست جزءا من الحكومة، ولكنها من خلال ترتيبات خاصة مع الحكومة تقوم بطبع النقود وإقراضها بفائدة من خلال البنوك الأعضاء، والأرباح المتأتية عن طريق الفائدة تعود لحسابات تلك البنوك وللمساهمين فيها[8].
لقد حرص الإسلام على إصدار النقود وضبطها واضعا مجموعة من الضوابط المتعلقة في إصدارها أو توليدها، حيث جعل الإصدار من وظائف الدولة أو من ينوب عنها وتوليدها بالقدر الذي تسمح به الدولة وفقا لما تقتضيه المصلحة الاقتصادية.
4. إقصاء الدولة:
إن من مقومات النظام الاقتصادي الرأسمالي الملكية الخاصة وحرية التبادل، وعليه فان عمليات الإنتاج والتوزيع مرتبطة ارتباطا قويا بملكية العناصر الإنتاجية وعمليات السوق. وللأسف الشديد وبالرغم من تكرار الأزمات والعودة إلى الدولة كأداة هامة لتجاوزها، نجد منظري النظام الرأسمالي وبعد تجاوز الأزمة يدفعون بقوة للتخلص منها وتقديس الملكية الخاصة وقوى السوق والعودة مرة أخرى لأراء آدم سميث. لقد تجاوز الإسلام هذه الإشكالية بجعله الملكية الخاصة والعامة أصلان مكملان لبعضهما البعض كما بين دور الدولة في الاقتصاد رقابيا وقانونيا وتوزيعيا لا بل واستثماريا. فالدولة موجودة باستمرار وليست فقط تستدعى في الحالات الطارئة كما هو الحال في الرأسمالية[9].
5. سوء توزيع الدخل:
التوزيع الشخصي غير العادل هو السمة البارزة في النظام الرأسمالي. ونتيجة للعولمة الاقتصادية والتجارة العالمية... فقد انعكس سوء التوزيع على الدول النامية أيضا، وتعكس الحقائق والأرقام في هذا الشأن الإفرازات الحقيقية للعولمة، إذ تشير الأرقام إلى أن أغنى 20% من سكان العالم يتمتعون بحصة من الدخل العالمي تبلغ 86 ضعفا عن أل 20% الأفقر. وقد أشار تقرير التنمية. البشرية (2005) أن 40% من سكان العالم يعيشون بأقل من دولارين في اليوم وان هناك أكثر من 1. 2 مليار نسمة في العالم يعيشون على أقل من دولار باليوم. وتؤكد الإحصاءات أن 10% في العالم ينفقون 54% من الدخل العالمي. وهناك 200 شخص فقط لديهم 1000 مليار دولار في حين 582 مليون شخص في أقل البلدان نموا ومجموعها 43 بلدا دخلهم 146 مليار دولار. وما تؤكده الإحصاءات أيضا أن 20% من دول العالم تستحوذ على 88% من الناتج الإجمالي في العالم وعلى 85% من التجارة الدولية. من ذلك كله يمكن القول أن العولمة قد أسهمت في تركز الثروة في أيدي فئة قليلة من الأثرياء جنبا إلى جنب مع زيادة تفشي الفقر لأغلبية سكان العالم.
وتشير البيانات أيضا انه بالرغم أن متوسط دخل الفرد في أمريكا حوالي 35 ألف دولار سنويا، إلا أن هناك تباين بين شرائح وفئات المجتمع، إذ بعضها يصل دخلها إلي 90 ألف دولار، وأخرى لا يتجاوز دخلها 6 آلاف دولار سنويا[10]. والأمثلة كثيرة ولكن ما يهمنا هو التأكيد أن سوء التوزيع في الدخل أدى إلى الآتي[11]:
أ - بروز أنماط وعادات استهلاكية تتوافق مع الأغنياء، ولرغبة الفقراء في تحسين مستويات معيشتهم كالآخرين وجدوا ضالتهم بالاقتراض الربوي.
ب - تذبذب مستويات الاستهلاك والطلب مما يسهم في إيجاد تذبذبات في الأداء الاقتصادي مما قد يؤدي إلى أزمات مالية واقتصادية كما هو الحال في هذه الأزمة.
ج - تعميق الفجوة بين الاقتصاد الحقيقي والوهمي، إذ اتجه الأغنياء نحو التوظيفات المالية ذات المردود السريع.
6. الفساد والإفساد:
لعل كما أسلفنا من أهم مسببات الأزمة الاستغلال والكذب والشائعات والغش والتدليس والغرر والمعاملات الوهمية، وكلها تعكس الفساد الأخلاقي الاقتصادي. إن غرس حب المادة والطمع، وتقديس مبدأ التعظيم والتكثير بأي وسيلة دون ضوابط أخلاقية، قد غيب الأخلاق الحميدة وعطل المنافسة العادلة وابعد الإنتاج عن أهدافه. ولعل من أهم مظاهر الفساد ما يتعلق بالتقويم المالي للشركات واعتماد حساباتها، وعدم قيام ما يسمى بالبنك المركزي بوظيفة الإشراف على البنوك وقد قيل انه لمدة ست سنوات لم يمارس البنك المركزي وظيفته بحجة الحرية الاقتصادية، واستخدام الرشوة للحصول على القروض، والاعتماد على المقامرات والمراهنات في المشتقات المالية، واخفاء الحقائق عند بيعة الديون الرديئة، والادعاء بتحقيق أرباح وهمية للحصول على رواتب ومكافآت. نعم إن الأزمة الحالية نموذج واقعي حي من نتاج تحلل المعاملات المالية من القيم والمثل والسلوكيات السوية.
وكما أسلفنا أن الإسلام قد وضع القواعد والأسس الضابطة لكافة الأنشطة وعزز الجانب الروحي والخلقي والقيمي عند الفرد المسلم. وبذلك نجده يدعو لتداول المال وعدم أكل أموال الناس بالباطل والابتعاد عن المعاملات التي تقوم على الربا والغرر والخداع والجشع. فالإسلام لم يكن يوما مع الفردية التي تضحي بمصلحة المجتمع، ولا مع الحرية الفردية المطلقة التي تصادر حرية المجتمع، ولا مع تعظيم المنافع على حساب المجتمع.
7. الإسراف والترف:
الاستهلاك العظيم فكرة مقبولة في النظام الرأسمالي، وتعد مقياسا لتطور ورفاه الشعوب والأفراد، وغياب الرشد في مجال الاستهلاك دفع الأفراد إلى تجاوز حدود قدراتهم المالية والتسع في الإقراض، وقد عزز ذلك الدعاية الإعلامية وانخفاض سعر الفائدة وتبني سياسات اقراضية متساهلة طمعا من أصحاب رؤوس الأموال في إيجاد أوعية مختلفة لاستثمار وتوظيف أموالهم لجني الأرباح والحوافز. ولعل رغبة الأفراد في تملك عقار اكبر من قدراتهم واندفاعهم نحو الاقتراض ومن ثم تراكمها وعجزهم عن الوفاء بها كانت الفقاعة التي أشعلت الأزمة.
8. الأنانية والفوقية والجبروت:
بعد انهيار الاشتراكية، وتفرد أمريكا في العالم، بدى واضحا رغبتها في السيطرة الاقتصادية والسياسية، واجبار العالم السير بركابها وليكون بمثابة العبد من السيد، وفي حالة الرفض من أي جهة تأتي الحروب والعقوبات. ومع تولي المحافظون الجدد الحكم في أمريكا وتحت ضغط اللوبي الصهيوني تحولت الأنظار إلى العالم الإسلامي بهدف تركيعه واضعافه. ومن هنا بدأت بتطبيق فلسفة صراع الحضارات والولوج بحرب عسكرية مباشرة ضد العالم الإسلامي منفقة مليارات الدولارات ومهملة أوضاعها الداخلية، مما انعكس سلبا على اقتصادها وحدث ما حدث.
إن الإسلام لم يدعو يوما للعصبية، دعا لحسن الجوار، وأكد على التعارف والعلاقات الطيبة بين الشعوب ونهى عن إشعال الحروب وتأجيج الفتن ونهى عن الدمار والإفساد لكسب المال بدون حق. ان تأثر العالم بتلك الأزمة بسرعة كبيرة نجم عن تطبيق كافة دول العالم لكل ما تراه أمريكا ملائما لها، فلم تكتفي بإلزام العالم التعامل بالدولار كعملة عالمية، لا بل فرضت أفكارها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية تحت ما سمي بالعولمة.
ثالثا: مدى إمكانية تجنب الأزمة:
من الأسئلة التي تثار: هل كان بالإمكان تجنب الأزمة؟ الرئيس الأمريكي اوباما في إحدى المقابلات قال:" كان بالإمكان تفادي الأزمة الاقتصادية الحالية لو كانت وول ستريت أكثر عرضة للمساءلة والمحاسبة وأكثر شفافية في تعاملاتها المالية، ولو كان قد تم منح المستهلكين وحملة الأسهم مزيدا من المعلومات وسلطة اتخاذ القرارات"، وأضاف" إن ذلك لم يحصل وذلك لأن المصالح الخاصة أثارت حملة كبيرة لانتهاك القواعد الأساسية والبديهية الموضوعة لتفادي الاستغلال وحماية المستهلكين"[12].
ويقول سوروس: " أعتقد انه كان بالإمكان أن نتجنب حدوث الأزمة غير أن هذا الأمر كان يتطلب الاعتراف بأن النظام المالي بالطريقة التي يعمل وفقا لها في الوقت الحاضر، قائم على أسس وقواعد زائفة تماما، ولسوء الحظ فان لدينا فكرة قائمة على التشدد إزاء دور الأسواق، حيث ان تلك الأيديولوجية هي المهيمنة والسائدة في الوقت الراهن تقوم على أن باستطاعة الأسواق ان تصحح نفسها بنفسها وهذا أمر زائف وأكاذيب لأننا نجد في عالم الواقع ان السلطات المختصة هي التي تتدخل لانقاذ الأسواق لدى مواجهتها للمشكلات"[13]
ويقول أحد الاقتصاديين: " كان بالإمكان تدارك المشكلة في بدايتها عن طريق ان تتولى الحكومة الفدرالية حماية صغار الملاك بتحمل الفرق بين القسط الشهري قبل الزيادة وبعد الزيادة لفترة سنتين أو ثلاثة حتى يقوم المقرض بتصحيح أوضاعه"[14].
وباستعراض الأقوال السابقة وخطط الإنقاذ التي سارعت الدول في تنفيذها نجد أنها جميعا تقترب مما يقوم عليه النظام المالي والاقتصادي من قواعد تحقق الأمن والاستقرار وتقلل من المخاطر. وللإجابة على السؤال الهام:" هل في الإسلام من قواعد أمن واستقرار لو طبقت كان بالإمكان تجنب الأزمات والكوارث المالية والاقتصادية؟" والإجابة نعم وهذه بعض منها:
1. الأخلاق في الاقتصاد والمعاملات:لقد حصن الإسلام الفرد المسلم بمنظومة أخلاقية سواء في مجال الإنتاج أو الاستهلاك أو التعامل، وربط بين الجانب المادي والروحي في كافة أنشطة الفرد المسلم، وأثناء تلاوة الفرد المسلم للقرآن الكريم ودراسته للسنة النبوية يجد الربط المحكم بين الأخلاق والاقتصاد، فهناك دائما النهي عن الإفساد وتحريما للربا والسرقة والغش والظلم واكل الأموال بالباطل، كما هناك مطالبة واضحة بالأمانة والصدق والتيسير والتعاون والشفافية. إضافة لذلك نجد التأكيد على إنتاج الحلال حسب أولويات واضحة والابتعاد عن إنتاج المحرمات وممارسة الاحتكار والجشع الذي يلحق الضرر بالفرد والمجتمع الإسلامي، ونجد مثل ذلك في جانب النشاط الاستهلاكي أو في التعامل. نعم تلك هي المنظومة الأخلاقية التي تحقق الأمن والاستقرار لكافة المتعاملين.
2. الرشد والاعتدال في الاستهلاك:لقد وضع الإسلام مجموعة من الضوابط المرشدة للاستهلاك والضامنة لنمط استهلاكي عقلاني وحجم من الإنفاق الاستهلاكي معززا للطلب الكلي بشكل متوازن لا يؤدي إلى الركود أو إلى التضخم. فقد وضع الإسلام هدفا للاستهلاك إذ ربطه بالضرورات الخمس، كما وضع سلم أولويات تبدأ بالضروريات ثم الحاجيات ثم التحسينيات، كما ركز على مبدأ الاعتدال في الاستهلاك، حيث نهى عن الإسراف والتبذير وكذلك عن البخل والتقتير. ولا ننسى أيضا تأكيد الإسلام على جوانب بغاية الأهمية منها الصدقات والإنفاق على المحتاجين والإيثار، التي تؤدي إلى زيادة المنفعة الحدية للوحدة النقدية وبالتالي إلى تعظيم النفع العام للمجتمع.
3. تحريم الإسلام لكافة صور وصيغ بيع الدين بالدين. إن الربا والتوريق والمضاربات(البيع على المكشوف، البيع بالهامش، التعامل بالمؤشر) كلها محرمة، وكل نشاط يؤدي للربا أو فيه مقامرة وغرر ومراهنة.... أيضا يقع عليه التحريم. وكما أسلفنا أن نظام المشتقات المالية ما هي إلا وسيلة من الوسائل المؤدية إلى زيادة التضخم والممارسات غير الأخلاقية ونمو الاقتصاد الرمزي، كما أنها من الأسباب الرئيسة للانهيار السريع في المؤسسات المالية التي تتعامل بمثل هذا النظام.
4. قيام النظام المالي والاقتصادي في الإسلام على قاعدة المشاركة في الربح والخسارة وعلى المشاركة الحقيقية بين أصحاب الأموال وأصحاب الأعمال والخبرة والعمل. وبوجود هذه القاعدة مع تحريم الربا يضمن إشراك رأس المال في الإنتاج بصورة مباشرة وان رأس المال لا يمكن أن يحصل على عائد أو دخل بمجرد ملكية الفرد أو المؤسسة له وانما لا بد من ربطه في العمل المنتج. وفي الإسلام عائد عناصر الإنتاج أما تكون على هيئة ربح أو إجارة، وعليه فرأس المال العيني يمكن إجارته، أما النقدي فيكون على هيئة ربح من خلال المشاركة بالصيغ الاستثمارية الإسلامية. إن نظام المشاركة في الإسلام يحد من الاتجار بالنقد ويوجه الأموال النقدية إلى النشاط الاقتصادي الحقيقي مما يحقق تقدم الاقتصاد واستقراره.
5. التأكيد على مبدأ التيسير على المقترض الذي لا يستطيع سداد دينه لقوله تعالى:" وان كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون". نعم ليس الحل بتحميل المعسر مزيدا من الفوائد والأعباء، مما يعمق الأزمة. فالإسلام طرح مبدأ النظرة كونه قادرا على امتصاص آثار الأزمة حال وقوعها بشكل كبير، أما الجزء الآخر من الآية فيطرح مبدأ آخر هو التصدق بالدين إن أمكن أو شطبه وهنا تتجلى سمو الأخلاق وروابط الأخوة والتعاضد.
6. لقد أولى الإسلام التوزيع أهمية خاصة، فلم يركز فقط على مرحلة توزيع الثروة كما هو الحال في الرأسمالية، إذ جعل هيكل التوزيع يقوم على أركان ثلاثة: أ) توزيع مصادر الثروة، حيث بين الإسلام ما يمكن أن يكون ملكية خاصة أو عامة كما بين أدوات التوزيع التي تقوم على العمل والملكية والحاجة. ب) توزيع الدخل أو الثروة إذ ركز على أداتين للتوزيع هما الأجور والأرباح. جـ) إعادة التوزيع، حيث بين أهدافه وأدواته المختلفة ومستوياته.
7. إن الإسلام بهذه الأركان الثلاثة السابق يهدف إلى العدل في توزيع الأموال بين الأفراد مما يسهم في تأمين حد الكفاية لكل فرد في المجتمع، وضمان حصول كل ذي خدمة إنتاجية على قيمة ما أنتجته خدمته، وتأمين التوازن الاجتماعي، وتشغيل طاقات وموارد المجتمع بالصورة التي تحقق اكبر مصلحة ممكنة للمجتمع[15].
8. لقد حرم الإسلام الاكتناز، بقوله تعالى:" والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم"(التوبة 34)، ولاكتناز من معانيه عدم استخدام الثروة النقدية في اوجه الإنفاق المشروعة. إن تحريم الكنز والربا ومع وجود فريضة الزكاة يدفع بالادخار نحو الاستثمار الحقيقي وهذا يشكل ضمانا ضد وقوع المجتمع في مشاكل الانكماش والبطالة كما توجه المسلم لانفاق ماله بصورة متوازنة بين المجالات المختلفة دون الوقوع بأي محظور شرعي.
9. لقد أكد الإسلام على أهمية الدولة، إذ ذهب باتجاه مغاير للنظام الرأسمالي فالدولة ليست حيادية تجاه القضايا الاقتصادية وانما لها وظائف مستمرة متعددة الأبعاد والجوانب. وهناك نصوص كثيرة توضح أن الدولة مسؤولة عن حماية الدين والشريعة وعن سياسة الدنيا ورعايتها وتعميرها، فهي بذلك مسؤولة عن التنمية الاقتصادية وعن تحقيق العدالة في توزيع الدخول والثروات ومسؤولة عن توفير الأمن وحماية المجتمع وحماية الفقراء والضعفاء، ومسؤولة عن قيام القطاع الخاص بمهامه بعدل وكفاية، ومسؤولة عن تشغيل وتنمية الموارد التي سيطرتها. من كل ذلك نستنتج أن الدولة في الإسلام دولة منتجة ودولة متدخلة ولها وظائف عديدة يجب أن تؤديها.
10. اهتمام الإسلام بالاستثمار: في ضوء ما تقدم يمكن القول أن الاستثمار الحقيقي في الإسلام أوسع نطاقا واكبر حجما وابعد مدى عنه في الاقتصاد الوضعي وذلك للآتي: تحريم الربا، وتحريم الاكتناز، وفريضة الزكاة التي يشكل وجودها أداة ضغط على الأموال المدخرة، بالوقت نفسه فهي بمثابة أداة ائتمانية دائمة إذ يوجد في مصارفها سهما للغارمين. وارتفاع معدل العائد على الاستثمار وذلك لتحريم الفائدة كعنصر تكلفة وتحريم الأوضاع الاحتكارية في سوق عناصر الإنتاج، والرشد في حجم الدعاية والإعلان[16].
11. الإفصاح والمنافسة:من المعروف إن تركيبة السوق في النظام الإسلامي تقوم على التعاون والحرية والمنافسة المشروعة، وجميع التعاملات يجب إن تتم بوضوح وشفافية دون إخفاء لأية معلومة سواء عن البائع أو المشتري، لذلك نهى عليه الصلاة والسلام عن تلقي الركبان، وأن يبيع حاضر لباد، كل ذلك حتى لا تتعطل قوى السوق الطبيعية (العرض والطلب)، ولكي تتحدد الأسعار من خلال تفاعل قوى العرض والطلب.
ويطلب أيضا من كافة الشركات نشر كل ما يلزم من بيانات ومعلومات مالية أو إدارية ليكون كافة الشركاء والمساهمين على دراية ومعرفة بأحوال المؤسسة. وما اجمل قوله عليه الصلاة والسلام:" البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو قال حتى يتفرقا، فان صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وان كتما وكذبا محقت بركة بيعهم"(صحيح البخاري، دار الجيل بيروت، حديث رقم2079، الجزء السابع، ص 475).
رابعا: المصارف الإسلامية والأزمة العالمية:
إن تجربة المصارف الإسلامية وصمودها إلى حد ما إبان الأزمة دفع البعض دراسة طرق ومنهج توظيف المال والأسس الذي تقوم عليه، وحيث أن المصارف الإسلامية تستمد من الأصول والمرتكزات الإسلامية، أضحى الاهتمام اكبر بدراسة الشريعة الإسلامية خاصة في مجال المعاملات المالية، كما ظهرت اعترافات وصيحات من غير المسلمين تطالب بتطبيق ما جاء به الإسلام في المجال المالي والاقتصادي لوضع حد لهذه الأزمة ومنع حدوثها مستقبلا، ولم يقف الأمر عند التنظير بل تجاوز ذلك في بعض الدول كفرنسا لإصدار قرارات بمنع تداول الصفقات الوهمية والرمزية واشتراط التقابض في أجل محدد بثلاثة أيام من إبرام العقد، كما صدرت قرارات أيضا بالسماح للمصارف الإسلامية العمل في معظم الدول الأوروبية وأمريكا.
لقد أظهرت المصارف الإسلامية صمودا ملحوظا إبان الأزمة، فعلى سبيل المثال فان بنك الميزان الإسلامي في إسلام آباد تأثر بسبب انخفاض أسعار العقارات بنسبة لا تتجاوز 6%، كما جاء في الدراسة التي أجرته مجلة "The Banker Magazine"، إن الأصول التي تملكها البنوك التي تطبق أحكام الشريعة الإسلامية في كافة عملياتها ارتفعت بنسبة 28. 6% لتصل إلى 822 مليار دولار في عام 2009 مقابل 639 مليار دولار في عام 2008. كما حقق قطاع الخدمات المصرفية الإسلامية نموا سنويا مقداره 15% في عام 2008، ووصل حجمه حول العالم التريليون دولار[17].
وبالرغم مما تقدم يتساءل البعض فيما إذا كانت المصارف الإسلامية تتعامل بالمنتجات المالية الإسلامية وإنها بحق تمثل الصيرفة الإسلامية وبالتالي ستكون قادرة في الإسهام بدرجة اكبر في استقرار الاقتصاد العالمي وفي تطوير منتجات مالية إسلامية تكون قابلة للتطبيق دون التخلي عن الثوابت الإسلامية. وعليه بالإمكان استعراض خصائص المنتجات الإسلامية وواقع تطبيقها:
1. على الجانب النظري:
هناك خصائص عدة تميز المنتج المالي الإسلامي عن غيره ومن أهمها: عدم استخدام الفائدة أخذا واعطاء، وتحقيق العدالة بين الأطراف المتعاملة، والتعدد والتنوع، وتقوم الأدوات المالية إما على موجودات(المرابحة، والسلم، والاستصناع، والإجارة)، أو على المشاركة في الأرباح (المشاركة والمضاربة)، أو على الصكوك (الأوراق المالية)، وتربط المنتجات المشروعات الاستثمارية بالاحتياجات الحقيقية للمجتمع، والمحافظة على الصبغة الإسلامية، والابتعاد عن التقليد لما هو قائم في السوق الوضعية التقليدية.
2. على الجانب العملي:
إن تجربة المصارف الإسلامية تحتاج إلى تقييم واقعي للتعرف على مواطن الضعف ومواطن القوة وامكانية التطوير في المستقبل. وبالرغم مما أشرنا إليه فيما يتعلق بنمو القطاع المصرفي الإسلامي، هذا لا يعني أن المصارف فعلا كانت بمنأى عن الخطر، كما ان البعض قد تأثر سلبا اكثر من غيره، مما يطرح تساؤلات عن مدى تطبيق المصارف الإسلامية للمنتجات المالية الإسلامية وعن مدى تقليدها للمنتجات التقليدية، وعن مدى التزامها بقواعد الصيرفة الإسلامية. لقد أشارت دراسات عديدة إلى بعض نقاط الضعف في عمل المصارف الإسلامية نوجزها بالآتي[18]:
أ - الابتعاد عن مبدأ مهم يحقق العدل من خلال المشاركة في تحمل المخاطر، والتركيز على الإنتاجية وهو الخراج بالضمان، وأهم صيغ تجسد المبدأ هي المشاركة والمضاربة والمزارعة والمساقاة، فنرى التركيز على المرابحة والبيع بالتقسيط وانتشار التورق الذي يعاظم المديونيات. علما أن المؤسسات الإسلامية تستقطب الأموال من المودعين على أساس المضاربة والمشاركة في عملية تلقي الأموال، لكنها تخلت عن المبدأ في التوظيف واقترب تطبيقها هنا من القرض الربوي الذي فرت منه.
ب - ممارسة الكثير من المؤسسات والصناديق الاستثمارية للحيل الشرعية، ومثال ذلك:
- التورق العكسي(المرابحة العكسية)، والتعهد بالضمان من المضارب أو الوكيل بالضمان لرأس المال.
- التداول اليومي المبرمج مع الضمان، وإزاحة كافة التزامات المؤجر من صيانة أساسية وتكلفة التامين أو تبعة الهلاك للعين على المستأجر في الإيجار التمويلي.
- تعهد المصدر للصكوك (المضارب أو الوكيل) بإعادة شراء الصكوك بالقيمة الاسمية.
- التورق في السلع والمعادن في الأسواق الدولية بغرض إدارة السيولة، دون ضوابط شرعية.
- اقتطاع المخصصات لمواجهة مخاطر الاستثمار قبل اقتطاع نصيب المضارب.
- فرض غرامات التأخير والشرط الجزائي على المتأخرات، واشتراط أحد الشريكين على الآخر بعقد الشراكة بشراء حصته مرابحة لتفادي عدم جدوى المشروع (فشله) عادة وهذا مطبق في كثير من البنوك الإسلامية.
ج - غياب أو ضعف الرقابة والمراجعة الشرعية على مستوى الهيئات -التي يقتصر دورها على الفتوى، وإجازة المنتج أو الإدارات التنفيذية للمؤسسة للتأكد من سلامة التطبيق والاكتفاء بالحصول على الفتوى كسند شرعي يعفي الإدارة العليا من المسالة أمام الناس (الجمعية العمومية).
د - التركيز على مبدأ الكم دون الكيفية والمآل حيث إن السائد الآن هو هيكلة المنتجات لإيجاد قاعدة عريضة من المنتجات تحقق رضا العملاء وتدر الربح للبنك، وتحل مشكلة إدارة السيولة، معتمدين في ذلك على هيكلة المنتجات التقليدية القائمة بغرض محاكاة الواقع دون النظر للآثار على المدى الطويل، ومراعاة المقاصد الشرعية حيث إنها وسائل لا أحكام. بل مراعاة الجانب الأخلاقي حيث أن معظم المنتجات مكرسة لخدمة الموسرين القادرين على تقديم الضمانات المناسبة وعلى هذا تتسع الهوة بين الفقراء والأغنياء ويكرس الطبقية، ويزيد الجريمة ولا يحقق التوزيع العادل للثروة ويوسع دائرة الملكية وهي مبادئ قامت عليها الصناعة المالية الإسلامية حيث إن المقاصد تراد في العقود وتبرم لأجلها.
ومن الأمثلة بطاقات الائتمان، والصكوك الإسلامية المطروحة حاليا، وبيوع المشتقات والخيارات وصناديق التحوط الإسلامية. ومعظمها مبني على الغرر وربح طرف على حساب الآخر.
في ضوء ما تقدم، وفي إطار اهتمام الغرب في المصارف الإسلامية لا بد من التأكيد على ما يلي:
أ- ما زالت تعاني المصارف الإسلامية من ضعف واضح في إيجاد منتجات مالية متطورة قادرة على توظيفها محليا وعالميا لأسباب كثيرة قد يكون منها حداثة التجربة وغياب العلماء المتخصصين المتفرغين لعملية التطوير.
ب - إن التهليل والانفتاح الغربي على المصارف الإسلامية وأدواتها قد لا يكون لقناعتهم بالإسلام وقدرته على حل مشاكلهم بقدر رغبتهم في إيجاد أي وسيلة تنقذهم مما هم فيه ولو كان ذلك على حساب مبادئهم ومعتقداتهم.
نعم إن الغرب بحاجة إلى السيولة واعادة الحياة إلى الاقتصاد ولعله وجد إحدى المنافذ هي أموال الودائع العربية والإسلامية في المصارف الإسلامية، لذلك المصارف الإسلامية مطالبة بالولوج تدريجيا في تلك الأسواق وتقيمها أولا بأول وليس الهرولة نحوهم دون قوانين واضحة لحماية أصولهم واستثماراتهم.
الخاتمة:
يمكن إيجاز أهم نتائج الدراسة بالآتي:
- ما يسمى بالأزمة المالية العالمية، من حيث الأسباب لها ثلاثة أبعاد: أزمة نظام مالي، وأزمة نظام اقتصادي رأسمالي، وأزمة حضارة غربية.
- من المنظور الإسلامي، التعامل بالفائدة وبيع الديون بالديون، والممارسات غير المسؤولة وسقوط القيم والفساد، والإنفاق الترفي والتبذير، وإقصاء الدولة، وتوليد النقود، والتسلط والظلم والاستغلال هي المسببات للأزمة.
- يقدم الإسلام مجموعة متكاملة من الضوابط والمرتكزات خاصة بالأمن والاستقرار المالي والاقتصادي، لو طبقت لكان بالإمكان تجنب الأزمة الحالية او غيرها وتجنيب البشرية الخسائر الفادحة التي ألمت بها.
- بالرغم من مآسي النظام الاقتصادي الرأسمالي، له نظام سياسي يحافظ عليه ويدافع عنه ويسعى لإنعاشه، وما أحوج النظام الاقتصادي الرباني الى رعاية حقيقية من الدول الإسلامية إذا ما أريد له النجاح والانتشار عالميا.
- تحتاج التجربة المصرفية السلامية إلى مراجعة وتدقيق لتعزيز نقاط القوة وتصويب نقاط الضعف، فبالرغم من صمودها النسبي إبان الأزمة فهي بحاجة الى منتجات إسلامية حقيقية تنسجم مع الأصول الإسلامية وتتماشى مع متطلبات العصر.
- ظهور تيارات تدعو إلى مراعاة القيم واحترام الأخلاق والابتعاد عن كل ما قد يلحق الضرربالانسان والبيئة، ولعل الاقتصاد الإسلامي بمرتكزاته وخصائصه المميزة له يجد مكانا له في التطبيق ليسهم في تجنيب البشرية من الأزمات الطاحنة.
وأخيرا نقول أن اقتصادا كالاقتصاد الإسلامي وضعت أسسه وقواعده من خالق البشر، يراعي العدالة الاجتماعية، ويحقق التوازن بين المصلحة الخاصة والعامة، ويدرأ المفاسد، ويرتكز على منظومة راقية من الأخلاق والقيم، ويعزز الاقتصاد الحقيقي ويبتعد عن التعامل الوهمي لهو جدير أن يعطى الفرصة للتطبيق لأنه دون شك سيحقق السعادة لبني البشر وسيحفظ لهم منجزاتهم وأموالهم.
الهوامش:
[1]سويلم، سامي "الاقتصاد الإسلامي قادر على تخفيف كوارث الأزمة المالية العالمية"، المصرفية الإسلامية، العدد 11، مارس 2010.
http://www. almasrafiah. com/2010/03/01 article_,357125. html.
وكذلك، الطيار، صالح بن بكر، احصائيات الاقتصاد العالمي، 2009م، منشور على موقع مدار برس الإلكتروني:
http:// www. maderpress. com/news
[2] حول الأزمة العالمية وأسبابها هناك العديد من المراجع منها على سبيل المثال:
- عمر، محمد عبد الحليم، " الانحلال الأخلاقي والسلوكيات غير السليمة في أمريكا سبب الأزمة الاقتصادية"، تقرير مركز الراصد المالي الإسلامي.
- قحف، منذر، الأزمة المالية: أفكار لحلول طويلة الأجل:خطوط عريضة، ورقة عمل قدمت إلى مؤتمر: تداعيات الأزمة المالية العالمية وأثرها على اقتصاديات الدول العربية، شرم الشيخ، 2009م.
- دوابة، أشرف محمد، الأزمة المالية العالمية، دار السلام، جمهورية مصر العربية، الطبعة الأولى، 2009.
- ظبيان، معاوية، "الأزمة المالية الدولية:أسبابها وأبعادها وسماتها"، ورقة مقدمة لندوة الأزمة المالية الدولية وانعكاساتها على أسواق المال والاقتصاد العربي، عمان، 2008.
- قندح، علي، " الأزمة المالية العالمية، الجذور وأبرز الأسباب والعوامل المحفزة، مجلة البنوك في الأردن، العدد التاسع، المجلد27، 2008.
- بو غده، حسين، "الأزمة المالية العالمية:الأسباب، الآثار، والحلول المقترحة لمعالجتها"، مؤتمر الأزمة المالية والاقتصادية الدولية والحوكمة العالمية، سطيف، الجزائر، 2009.
- Klinz,Wolf,The International Financial Crisis: its causes and what to do about it? Liberals and Democrats Workshop, February 27, 2008.
[3] حول العولمة وأثارها انظر:
- المومني رياض، " واقع ومستقبل الاقتصاديات الإسلامية في ظل العولمة "، الندوة الإقليمية، " العولمة وانعكاساتها على العالم الإسلامي في المجالين الاقتصادي والثقافي"، الأردن، عمان، 2006م.
- بيتر مارتن وآخرون، فخ العولمة، ترجمة عدنان عباس علي، عالم المعرفة، الكويت، 1998م.
- الطواها، علاء الدين، العولمة واعادة النمط الرأسمالي عالميا: دراسة سوسيولوجية، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة اليرموك، 2004م.
[4] Malkawi, Mohammed, Fall of Capitalism and Rise of Islam, Xlibris Corporation, 2010, p:124.
[5] قطب، سيد، تفسير آيات الربا، دار الشروق، القاهرة، 1980م.
[6] حول الربا وأثاره انظر:عبنده، عيسى، الربا ودوره في استغلال أموال الشعوب، دار الاعتصام، القاهرة، مصر، 1980م. وكذلك قرشي، المودودي، أبو الأعلى، الربا، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1985م.
[7] Malkawi,Mohammed, مرجع سابق، ص:94-95.
[8] المرجع السابق، ص 110.
[9] حول وظائف الدولة في الإسلام يمكن الرجوع إلى: المومني رياض، وظائف الدولة في صدر الإسلام، مجلة أبحاث اليرموك، المجلد الخامس، العدد4، 1989م. وكذلك: المبارك، محمد، تدخل الدولة الاقتصادي في الإسلام، بحوث مختارة، مرجع سابق، ص:201-219
[10] المومني رياض، العولمة وانعكاساتها....، مرجع سابق، وكذلك عبابنة، يوسف عبدالله، الأزمة المالية المعاصرة، رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة اليرموك، 2010، ص:127-136.
[11] عبابنة يوسف، رجع سابق، ص:132-133.
[12] جاء ذلك في خطابه الأسبوعي بتاريخ 18/4/2010:
Mashy. com
[13] سيريا بزنس، مقابلة بتاريخ 16 نوفمبر 2008،
Htpp:// www. syriabusness. org/modules. php?name=News&file=print&sid=7107
[14] لمزيد من التفصيل حول السياسات والتدابير والإجراءات التي طبقت واقترحت لتجاوز الأزمة، انظر: عبابنة، يوسف، مرجع سابق، ص:220-226.
[15] دنيا، شوقي، دروس في الاقتصاد الإسلامي: النظرية الاقتصادية من منظور اسلامي، دون تاريخ، ص 184- ض188.
[16] المرجع السابق، ص 271-278.
[17] العتوم، عامر، دور المصارف الإسلامية في ظل الأزمة المالية العالمية، بحث قدم في المؤتمر الثاني للعلوم المالية والمحاسبية، جامعة اليرموك، الأردن، 28-29 أبريل 2010، ص 738.
[18] انظر:
- لاحم، الناصر، منتجات الصيرفة الإسلامية- وفقه الحيل- منشور على منتديات مكتوب
Lahem 88. maktooblog. com
- الحصين، صالح بن عبد الرحمن، تعليق على مقال حول حوكمة الالتزام في المؤسسات المالية الاسلامية، مجلة العصر، 29/7/2007.
- القضاة، منصور، التصنيف الشرعي لمنتجات المؤسسات المالية الإسلامية ودوره في تطوير أدائها، رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة اليرموك، 2009م، ص:107-110