أضيف بتاريخ : 24-12-2025


المرجعية التشريعية للعمل المصرفي الإسلامي في الأردن(*)

أ.د. عبد الناصر موسى أبو البصل/ أستاذ الاقتصاد والمصارف الإسلامية- كلية الشريعة والدراسات الإسلامية– جامعة اليرموك

ملخص

تنطلق المصارف الإسلامية العاملة في الأردن في ممارسة أعمالها من مرجعية تشريعية مستقلة منذ عام 1977م، وبشكل مغاير لمرجعية المصارف التقليدية التي تعتمد أسلوب الفائدة في أعمالها، وهذه المرجعية الخاصة بالمصارف الإسلامية استمدت قانونيتها من القوانين المنظمة للعمل المصرفي في الأردن وبالتحديد من قانون البنوك على وجه الخصوص.

وفي هذا البحث الذي تطرق إلى هذه الخصوصية لمرجعية المصارف الإسلامية والتي تمثلت بهيئات الرقابة الشرعية لكل مصرف (بنك)، حيث منح قانون البنوك هذه الهيئات سلطة التخير من الآراء الفقهية التي تحقق المصلحة دون التقيد بمذهب أو الرجوع إلى القانون المدني أو مجلة الأحكام العدلية أو غيرها، ونظراً لعدم وجود تشريع في المعاملات يُلزم المصارف الإسلامية، وعدم وجود هيئة عليا تحكم عمل الهيئات الشرعية التابعة لتلك المصارف؛ وجدت اختلافات بين مخرجات تلك الهيئات (الفتاوى) مما اعتمدته من آراء لمعاملات المصارف التابعة لها؛ الأمر الذي يجعل العمل المصرفي (غير موحد) في الأردن من الناحية المرجعية، ومعلوم أن الوحدة التشريعية ووحدة الفتوى ركيزة مهمة في الدولة واستقرار المعاملات في المجتمع، كما يجعل العمل المصرفي الإسلامي أيضا منقسماً إلى اتجاهات متعارضة تؤثر في مدى تقبل الجمهور لأعماله.

مقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فعلى الرغم من مرور أكثر من أربعين سنة على إنشاء المصارف الإسلامية، وتطور أعمالها والخدمات التي تقدمها، وتجاوزها مرحلة التأسيس وإثبات الوجود، واستمرار العمل وفق منهجية لا تعتمد (الفائدة) أساسا في أعمالها -إلى جانب مصرفية عالمية تقليدية تقوم على أساس الفائدة أو (الربا) في المفهوم الإسلامي– لا تزال تلك المصرفية التي اعتمدت الشريعة الإسلامية شريعة عامة تحكم أعمالها؛ بحاجة إلى صياغة مرجعية منضبطة، توازي المرجعية التي تحكم المصرفية التقليدية التي تعد جزءاً من النظام المصرفي العالمي المتناغم في أعماله وخدماته وأسس عمله، وكذلك في التشريعات المحلية والعالمية المتوافقة فيما بينها في تنظيم تلك المصرفية.

وقد كان من المفترض في نمو المصارف الإسلامية أن تسير (الفكرة والتطبيق) في خطوط متوازية، تجمع المجالات التي تحكم عمل المصرفية كافة، ومن ضمنها مسألة المرجعية التشريعية؛ إلا أن الواقع اليوم يظهر أنها –أي البنوك الإسلامية- قد طورت معظم المجالات باستثناء المرجعية، ذلك المجال الذي بقي ضمن الإطار الذي بدأت به مع تغيير وتطور في هيكل العمل؛ الأمر الذي جعل عمل المصارف الإسلامية وإن أدخل في العمل المصرفي الشامل في الدول التي سمحت به؛ إلا أنه بقي يعمل في مجال خاصّ وموازٍ للمصرفية التقليدية، وضمن تشريعات تسمح له بالعمل المستقلّ الموازي، دون صدور تشريعات تشكل مرجعية قانونية لأعمال المصارف الإسلامية، كما هو حال المصرفية التقليدية، الأمر الذي تنبه له العلماء والمصرفيون والخبراء الذين أنشأوا هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ومجلس الخدمات المالية وغيرها، ممن عملوا على إصدار المعايير الشرعية والمحاسبية ضمن إصدارات الأيوفي (AAIOFI)[1]، وتنبهت له المجامع الفقهية أيضاً فأصدرت عدة قرارات مجمعية تنظم المصرفية في بعض جوانبها، وفي دراستنا هذه التي خصصت لتتبع مسألة المرجعية التشريعية للمصارف الإسلامية في المملكة الأردنية الهاشمية، وهي من أوائل الدول التي أصدرت تشريعات تحكم المصرفية الإسلامية منذ بداية ترخيص عمل البنوك الإسلامية سنة 1978م، بل ومن أوائل الدول التي أصدرت قوانين المعاملات المالية المستمدة من الشريعة الإسلامية ممثلاً بالقانون المدني الأردني لسنة 1976م.

مشكلة البحث:

ينطلق هذا البحث من خلال ملاحظة واقعية تمثل مفارقة واضحة بين عمل نوعين من المصرفية العاملة في الأردن، المصرفية التقليدية والمصرفية الإسلامية، تتميز فيها التقليدية بوجود مرجعية تشريعية تتضمن جملة من التشريعات الحاكمة والمنظمة لعملها، فيما لا تجد مثلها المصرفية الإسلامية، وإنما اتجهت اتجاهاً آخر مشكّلة خصوصية تشريعية رضي به المشرع الأردني بل قنّنه، كما رضي به القائمون على المصرفية الإسلامية، ومن هنا يمكن تلخيص مشكلة البحث الذي بين أيدينا بثلاثة أسئلة رئيسة يتفرع عنها غيرها، وهي على النحو الآتي:

1. ما المرجعية التشريعية للعمل المصرفي الإسلامي في الأردن؟

2. هل هناك فراغ تشريعي في مسألة تحديد مرجعية المصارف الإسلامية؟

3. ما ضوابط تشكيل المرجعية للبنوك الإسلامية في التشريع الأردني؟

الدراسات السابقة:

الدراسات التي تناولت المصرفية الإسلامية وجزئياتها كثيرة جدا، ولكن مسألة المرجعية التشريعية من بين مسائل المصرفية وموضوعاتها؛ لم تحظ بالبحث العلمي المتخصص بوجه عامّ، وهذا هو السبب الرئيس لتناول هذا الموضوع بالدراسة الحالية التي بين أيدينا، ومع ذلك أشير إلى بعض الدراسات التي تناولت المرجعية بالبحث على النحو الآتي:

- دراسة أبو حشيش (2021)[2] بعنوان: "مرجعية الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية الأردنية" وقد تناول الباحث فيها بعد الفصل الأول المخصص للإطار العام للدراسة (من مشكلة البحث وأهميته ومنهجيته والدراسات السابقة) ماهية الرقابة الشرعية في الفصل الثاني، ومؤسسات الصناعة المالية الإسلامية في الفصل الثالث، والمصارف الإسلامية الأردنية ومرجعيات الرقابة في الفصل الرابع، وفي هذا الفصل تناول نشأة المصارف الإسلامية الأردنية في المبحث الأول، والبنك المركزي وعلاقته بالمصارف الإسلامية في المبحث الثاني، ومقترح لتوحيد المرجعية الشرعية في المبحث الثالث، ثم الخاتمة. وعلى أهمية البحث الذي قدمه الباحث إلا أن لم يتطرق لبحث مسألة المرجعية التشريعية والأساس التشريعي للعمل المصرفي، نظراً لكون موضوعه البحثي مخصصاً لدراسة الرقابة الشرعية.

- دراسة النشمي (2008)[3] بعنوان "إمكانيات تحقيق التجانس في الفتاوى في المسائل المالية"، وقد خلص إلى اقتراح السير في ثلاثة مسارات لتحقيق التجانس، وهي:

1. توحيد منهج الاجتهاد لتحقيق التجانس في الفتوى.

2. اعتماد المرجعيات المجمعية لتحقيق التجانس في الفتوى.

3. العمل الاستثماري المجمع لتحقيق التجانس في الفتوى.

وواضح من هذه الدراسة والدراسات الأخرى أن هذه المقترحات الوجيهة إنما بنيت على ثبات الواقع الحالي من الاعتماد على آراء اللجان والفقهاء، دون وجود تشريعات واقعية، بمعنى إيجاد مرجعية تشريعية شاملة تحكم العمل المصرفي، وتبين الأحكام الشرعية المنظمة لذلك العمل.

أهداف البحث:

يهدف البحث بالدرجة الأولى بعد دراسة الواقع إلى:

- بيان المرجعية التشريعية للعمل المصرفي الإسلامي في الأردن؟

- بيان هل هناك فراغ تشريعي في مسألة تحديد مرجعية المصارف الإسلامية؟

- بيان ضوابط تشكيل المرجعية للبنوك الإسلامية في التشريع الأردني؟

- اقتراح تشريعات أو تعديل على التشريعات القائمة إن كان ثمة حاجة لذلك.

منهجية البحث:

تتلخص منهجية هذا النوع من البحوث في استخدام منهج البحث القانوني الأصولي، كونه يبحث في التشريعات ومصادر استمدادها وتحليل نصوصها، واقتضى هذا المنهج اتخاذ خطوات وإجراءات، أهمها:

1.استقراء التشريعات المنظمة للعمل المصرفي الإسلامي في الأردن.

2. تحليل النصوص المنظمة للمرجعية وتفسيرها حال وجود النصّ، وبيان الحكم حال انعدام النصّ، واستنباط قواعد الإحالة على التشريعات الأخرى.

3. البحث في مدى وجود فراغ تشريعيّ لا تسدّه النصوص والإحالات.

4. البحث في قرارات المجامع الفقهية على ما يساعد في البيان للموضوع.

5. مراجعة البنك المركزي[4]، وإجراء حوار مع أهل الاختصاص حول المسائل المتعلقة بالبحث.

خطة البحث:

اقتضى تناول هذا الموضوع بالدراسة تقسيم البحث إلى مقدمة وأربعة مطالب على النحو الآتي:

المطلب الأول: المرجعية التشريعية للمعاملات في القانون الأردني.

المطلب الثاني: نصوص التشريع المصرفي المتعلقة بمرجعية الشريعة للمصارف الإسلامية.

المطلب الثالث: ضوابط تشكيل المرجعية للبنوك الإسلامية في التشريع الأردني.

المطلب الرابع: المهمة التشريعية لهيئة الرقابة الشرعية.

المطلب الأول

المرجعية التشريعية للمعاملات في القانون الأردني

لا يمكن الحديث عن أحكام تشريع المعاملات المصرفية الإسلامية بمعزل عن التشريعات التي تحكم المعاملات المالية في أي دولة من العالم اليوم، والأمر نفسه ينسحب على تشريعات تنظيم المعاملات المصرفية في المملكة الأردنية الهاشمية، وذلك لأن النظام التشريعي العام الذي يطبق في دولة ما يشكل البيئة التي تنمو فيها العلاقات والمعاملات بين الأفراد والمؤسسات، سواء كانت تلك المعاملات مدنية أو تجارية، بل إن هذه التشريعات هي التي تبين اتجاهات التشريع ومقاصده ومصادر استمداده.

وباستقراء التشريعات التي يتم تطبيقها على المعاملات بوجه عام في المملكة الأردنية، نجد أنها تتمثل بالآتي:

أولاً: القانون المدني الأردني

وهو القانون رقم (43) لسنة 1976م[5]، وقد بدأ تطبيقه الفعلي اعتباراً من 1/1/1977م، ويعدّ القانون المدني الشريعة العامة التي تحكم المعاملات في المجتمع، بل إنه يسمّى بقانون المعاملات في بعض الدول، وهذا القانون يحتوي على باب تمهيدي وأربعة كتب على النحو الآتي:

الباب التمهيدي: حول نطاق تطبيق القانون الزماني والمكاني والأشخاص والأموال، ونظرية الحق وإساءة استعمال الحق وإثبات الحقوق.

أما الكتاب الأول: فينظم أحكام الحقوق الشخصية (الالتزامات) ومصادرها كالعقد والإرادة المنفردة والفعل النافع والفعل الضار، وكذلك آثار الحق وانقضائه.

الكتاب الثاني: في العقود، وينظم عقود التمليـــك: البيع والهبة والشركة والقرض والصلح.

وعقود المنفعة: الإجارة والمزارعة والمغارسة والمساقاة وإيجار الوقف والإعارة.

وعقود العمـل: والمقاولة والوكالة والإيداع والحراسة.

وعقود الغــرر: الرهان والمقامرة والمرتب مدى الحياة والتأمين.

وعقود التوثيقات الشخصية: الكفالة والحوالة.

أما الكتاب الثالث: ففي بيان أحكام حق الملكية والحقوق العينية والحقوق المتفرعة عنها.

والكتاب الرابع في التأمينات العينية: الرهن التأميني والرهن الحيازي والتوثيق العيني وحقوق الامتياز.

وكما هو ظاهر من بيان موضوعات القانون المدني أنه شامل لمختلف عقود المعاملات المالية، ولهذا يعد بحق الشريعة العامة التي تحكم العلاقات المالية في المجتمع.

كما أن للقانون المدني مذكرات إيضاحية، وضعها عدد من كبار العلماء في مجال الفقه والقانون والقضاء بحيث تعد مرجعاً لتوضيح مقاصد المشرع في اختياره للأحكام القانونية التي تضمنتها مواد القانون، وكذلك بيان مصادر استمدادها[6].

ثانياً: مجلة الأحكام العدلية[7]

بمقتضى نص الفقرة (1) من المادة (1448) من القانون المدني الأردني لسنة 1976م، والتي جاء فيها: "يلغى العمل بما يتعارض مع أحكام هذا القانون من مجلة الأحكام العدلية"؛ تكون أحكام المجلة العثمانية مكملة لنصوص القانون المدني في المسائل التي لم يتعرض لها القانون، وهذا يعني أن المجلة التي كانت مطبقة في الأردني منذ العهد العثماني إلى تاريخ 31/12/1976م، لا تزال سارية المفعول إلى يومنا هذا فيما لم ينص عليه في القانون المدني، وذلك بخصوص المعاملات المدنية.

ومعلوم أن مجلة الأحكام العدلية تعد موسوعة في فقه المعاملات وفق المذهب الحنفي بوجه عام، حيث تضمنت أحكام (البيوع والإجارة والكفالة والحوالة والرهن والأمانات والهبة والغصب والإتلاف والحجر والإكراه والشفعة والشركات والوكالة والصلح والإبراء والإقرار والدعوى والبينات والقضاء).

وعدم إلغاء كل ما جاء في المجلة وإبقاء الأحكام التي لم ينصّ عليها القانون المدني يعطي مجالاً واسعاً لشمول النصوص للوقائع، كما يلغي الفراغ التشريعي على فرض وجوده، وما على القاضي أو المفتي إلا أن يقارن الحكم الوارد في المجلة مع القانون المدني، فإذا تعارضا فالمقدم هو المنصوص عليه في المدني، وإذا لم يتعرض القانون للمسألة بحكم، فالمعول عليه هو الحكم الوارد في المجلة.

ثالثاً: قانون التجارة الأردني رقم (12) لسنة 1966[8] وتعديلاته:

معلوم أن قانون التجارة يطبق على المعاملات التجارية، بينما يختص القانون المدني بالمعاملات المدنية، وإذا لم يجد القاضي نصاً يحكم المسألة في القوانين التجارية، يلجأ إلى القانون المدني باعتباره الشريعة العامة للمعاملات في المجتمع[9].

وقانون التجارة قانون متخصص، وقد نصّ على معاملات وعقود كثيرة تخص التجارة وأعمال المصارف والأوراق التجارية والإفلاس وغيرها.

فمن العقود التي نص عليها: الرهن التجاري، النقل، والوكالة التجارية، والوساطة، والسمسرة، والحساب الجاري، وسند السحب، والكمبيالة، والشيك، والصلح، وغيرها.

غير أن القانون التجاري الأردني يختلف عن القانون المدني من حيث المصدر التاريخي؛ فالمدني مستمد من الشريعة، أما التجاري فمستمد من القوانين الغربية وخاصة الفرنسي.

رابعاً: قانون الشركات الأردني لسنة 1997م[10]

نصّ هذا القانون على الشركات التجارية ونظم أحكامها بالتفصيل مثل:

- شركة التضامن.

- شركة التوصية البسيطة.

- شركة المحاصة.

- الشركة ذات المسؤولية المحدودة.

- شركة التوصية بالأسهم.

- شركة المساهمة العامة.

وكذلك نظم الشركات القابضة والاستثمار وغيرها.

خامساً: قانون البنوك لسنة 2000م[11]

وهذا القانون بين ونظم أعمال البنوك التجارية بنوعيها القائمة على نظام الفائدة، وكذلك الإسلامية التي لا تتعامل بالفائدة، وقد تضمن القانون تعريف الأعمال المصرفية والأعمال المصرفية الإسلامية وغيرها ممّا يعدّ بياناً[12] لأحكام المعاملات التي لا يشملها القانون المدني والتجاري.

وقانون البنوك أيضاً قانون متخصص فيما يتعلق بتنظيم إنشاء البنوك وإدارتها والرقابة عليها وكلّ ما يتعلق بالسياسة النقدية وضبط أعمال البنوك حماية للنظام المصرفي.

سادساً: قانون المعاملات الإلكترونية لسنة 2015 م[13] وتعديلاته

نصّ هذا القانون على المعاملات التي يمكن إجراؤها بواسطة الوسائل الإلكترونية، والمعاملات التي لا يجوز فيها ذلك[14]. ونظم التوقيع الإلكتروني والتوثيق الإلكتروني والسند الإلكتروني، وغيرها من أمور ذات أهمية في تنظيم المعاملات التي تطورت أدواتها المعاصرة في ظل العصر الرقمي الجديد الذي استلزم التطوير في الأنظمة والقوانين، سعياً للإفادة من هذا التطور وحماية للمتعاملين.

سابعاً: قانون صكوك التمويل الإسلامي لسنة 2012م[15]

وهذا القانون متخصص بتنظيم الأحكام المتعلقة بصكوك التمويل الإسلامية من مختلف النواحي، من حيث الإصدار، والانتهاء، والإطفاء، وكذلك بيان أصناف تلك الصكوك من حيث العقود التي تصدر بموجبها، كالإجارة والمضاربة والمرابحة والسلم والشركة والاستصناع وغيرها، وما يتعلق بالشركة ذات الغرض الخاص والمشروع الذي تصدر الصكوك لتمويله، أو لتسييله بواسطة الصكوك، وغير ذلك من أحكام تشريعية حاكمة لهذه الأداة التمويلية المعاصرة التي لم تكن معروفة من قبل.

ثامناً: قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2021م[16]

من المعلوم أن أحكام عقد التأمين تخضع للقانون المدني، الذي جعل التأمين عقداً من العقود المسماة، ونظم أحكامه بالتفصيل، مرجحاً لرأي القائلين بجواز التأمين التجاري[17] وواضعاً ضوابطه وشروطه، ولكن ممارسة أعمال التأمين مسألة تنظيمية إضافية تحتاج إلى تشريع خاص بها، وهو ما تم بالفعل، حيث صدر قانون رقم 12 لسنة 2021 لتنظيم أحكام قطاع التأمين، وقد بين القانون الجهات التي يجوز لها تقديم خدمات التأمين وأحكام تنظيم هذا المرفق، كما قسم القانون التأمين إلى قسمين: تأمين تكافلي، وعرفه بأنه "أعمال التأمين التي تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها[18]"، والتأمين غير التكافلي، وأطلق عليه مصطلح "التأمين" دون قيد التكافلي.

وقد جانب القانون الصواب بتعريفه للتكافليّ بأنه أعمال التأمين التي تتفق مع أحكام الشريعة؛ لأنّ ذلك يدلّ على أنّ التأمين التجاريّ لا يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، والقانون –قانون تنظيم أعمال التأمين- في صنيعه هذا يجعل العقد المسمى في القانون المدني عقداً مخالفا لأحكام الشريعة، ومعلوم أن الذين وضعوا القانون المدني الأردني قد التزموا بالتكليف الملكيّ باستمداد التشريع من الشريعة الإسلامية، وليكون قانوناً معاصراً يلبي المستجدات، ونحن لا نقول بأن التكافلي غير موافق للشريعة بل هو كذلك موافق للشريعة؛ إلا أن قصر تعريف التأمين الإسلامي عليه هو الذي نعترض عليه مراعاة لقول الفريق الذي أجاز عقد التأمين ووضعوا له ضوابط تجعله عقداً مشروعاً، دون أن نصادر رأي من لا يراه مشروعاً، ولو أن القانون المدنيّ كان خاليا من إيراد أحكام عقد التأمين لما كنا أوردنا هذا الاعتراض هنا.

ونرى أيضا أنه سيمنع قيام شركات تأمين تجاري تعتمد عقد التأمين وتلتزم بالضوابط الشرعية التي بينها الذين أجازوا التأمين كالشيخ مصطفى الزرقا[19]، والشيخ علي الخفيف[20]، وهما من لجنة الخبراء الذين تمت الاستعانة بهم لوضع القانون.

تاسعاً: تعليمات "تنظيم التأمين التكافلي رقم (1) لسنة 2011م[21]

وهذه التعليمات عرفت التأمين التكافلي وعناصره وأحكامه بالتفصيل من ضرورة وجود حساب خاص لحملة الوثائق، وحساب خاص باستثمار رأس المال، وبينت ضرورة وجود هيئة رقابة شرعية لمراجعة جميع العقود والاتفاقيات التي تستخدمها شركة التأمين التكافلي؛ لضمان موافقتها للأحكام الشرعية، وإصدار الفتاوى الشرعية في الموضوعات التي تستدعي ذلك، والحكم على أنشطة الشركة واستثماراتها من حيث الموافقة والمخالفة لأحكام الشريعة، وبينت التعليمات أنّ الشركة ملزمة بالمعايير المحاسبية الإسلامية والشرعية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (الأيوفي).

المطلب الثاني

نصوص التشريع المصرفي المتعلقة بمرجعية الشريعة للمصارف الإسلامية

تناولت التشريعات الأردنية المنظمة لعمل المصارف تحديداً عدة مصطلحات للدلالة على المرجعية، وبما أن المصارف الإسلامية مرجعيتها الشريعة الإسلامية ليتحقق فيها تسميتها بالمصارف الإسلامية؛ فقد تم استقراء التشريعات المشار إليها واستخراج النصوص محلّ الدراسة وتحليلها لتتضح معالم المعنى المراد منها مما يتعلق بالمرجعية التشريعية، وذلك على النحو الآتي:

استخدم قانون البنوك لسنة (2000م) عدة مصطلحات للدلالة على خصوصية المصرفية الإسلامية وبأن المرجعية التي تميز البنك الإسلامي عن غيره قوامها ركنان:

الأول: أن البنك الإسلامي عرف بأنه الذي يمارس "الأعمال المصرفية بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها....".

الثاني: أن تكون "أعماله قائمة على غير أساس الفائدة في مجال قبول الودائع والخدمات المصرفية الأخرى وفي مجال التمويل والاستثمار بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها".

فإذا اختلّ أحد هذين الركنين أو كلاهما، لا يستحق البنك وصف "البنك الإسلامي" وفق نصوص قانون البنوك الأردني، وهي واضحة الدلالة على المراد.

وباســتقراء نصوص القانون، نجد أنه استخدم المصطلحات الآتية لبيان أن "المرجعية" في استمداد أحكام المعاملات المصرفية في البنك الإسلامي هي:

المصطلح الاول: "أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها"، م(2) تعريف البنك الإسلامي، وكذلك وردت في تعريف الأعمال المصرفية الإسلامية في المادة نفسها.

المصطلح الثاني: "الآراء الفقهية المعتمدة" م(53) فقرة (أ).

المصطلح الثالث: "أحكام الشريعة الإسلامية" م(58) فقرة (أ) عند بيان القانون لأحكام هيئة الرقابة الشرعية وقد جاء فيها:

"تنفيذاً لالتزام البنك الإسلامي بمقتضى عقد تأسيسه ونظامه الأساسي بوجوب تقيده "بأحكام الشريعة الإسلامية يعين البنك...".

المصطلح الرابع: "الأحكام الشرعية" م(58) فقرة (أ) بند (1)، حيث ذكرت مهام هيئة الرقابة الشرعية: "مراقبة أعمال البنك الإسلامي وأنشطته من حيث التزامها بالأحكام الشرعية".

المصطلح الخامس: "الخلو من المحظورات الشرعية"، ورد ذلك في التعليمات رقم (6/220) الصادرة عن البنك المركزي المتعلقة بتطبيق معايير المحاسبة المالية الصادرة عن الأيوفي للمؤسسات المالية الإسلامية، حيث جاء فيها ما يأتي:

أ. يقع على عاتق هيئة الرقابة الشرعية مراقبة أعمال البنك وأنشطته من حيث "توافقها وعدم مخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية" ومتابعة ومراجعة العمليات للتحقق من خلوها من أي "محظورات شرعية"...."[22].

المصطلح السادس: "الالتزام الشرعي "ورد في التعليمات المعدلة للحاكمية المؤسسية للبنوك الإسلامية رقم (64/2016) الصادرة عن البنك المركزي بتاريخ 25/9/2016م ما نصه:

م(11) فقرة (4) أ: "يجب أن تجتمع الهيئة بشكل دوري للقيام بالمراجعات الدورية ومتابعة "الالتزام الشرعي" لعمليات البنك..."، وكرر مصطلح "الالتزام الشرعي" في البند (9) من المادة نفسها، وفي الفقرة (10) بند (د) رقم (2).

المطلب الثالث

ضوابط تشكيل المرجعية للبنوك الإسلامية في التشريع الأردني

تم استخلاص تشكل المرجعية التشريعية التي تحكم أعمال المصارف الإسلامية المتعلقة بالمعاملات الإسلامية من خلال تحليل نص الفقرة (أ) من المادة (53) من قانون البنوك لسنة (2000م)[23]، على النحو الآتي:

المادة (53): "على البنك الإسلامي مراعاة الشروط والقيود التالية:

1. أن تكون أعماله وأنشطته متفقة مع الآراء الفقهية المعتمدة، ويقصد بها:

الأحكام الفقهية التي يلتزم بها البنك الإسلامي على أساس الاختيار من بين سائر المذاهب الإسلامية وفقاً للمصلحة الراجحة ودون التقيد بمذهب معين، ووفقاً لما تعتمده هيئة الرقابة الشرعية في البنك لهذه الغاية.

2. أن تكون أعمال وأنشطته قائمة على غير أساس الفائدة...".

تحليل نص المادة:

أولا: المصدر التاريخي لهذا النصّ:

ورد هذا النص في القانون رقم (62 لسنة 1985) قانون البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار في المادة[24] رقم (2) منه والتي عرفت مجموعة من الكلمات والعبارات الواردة في القانون، وحددت المراد منها، وقد جاء فيها ما نصه:

"الآراء الفقهية المعتمدة: الأحكام الفقهية التي يلتزم بها البنك حسب قانونه ولوائحه المطبقة، وذلك على أساس الاختيار من بين سائر المذاهب الإسلامية وفقاً للمصلحة الشرعية الراجحة ودون التقيد بمذهب معين".

وهذا النص نقله قانون البنك الإسلامي لسنة 1985 من قانون البنك رقم (13) لسنة 1978[25] والذي ألغي بالقانون رقم (62) لسنة 1985م.

وبالرجوع إلى المشروع الذي تقدمت به اللجنة التحضيرية للبنك الإسلامي[26] الأردني، والمذكرة الإيضاحية لمشروع القانون الذي وافقت عليه لجنة الفتوى في دائرة الإفتاء في المملكة الأردنية الهاشمية[27]، بتاريخ 28 رمضان 1397هـ، الموافق 11/9/1977م.

نجد أنّ المادة الثانية من المشروع تضمنت تعريف عبارة "الآراء الفقهية المعتمدة" بأنها "الأحكام الفقهية التي يلتزم بها البنك –حسب قانونه ولوائحه المطبقة – وذلك على أساس الاختيار من بين سائر المذاهب الإسلامية وفقاً للمصلحة الشرعية الراجحة، ودون التقيد بمذهب معين"[28].

أما المذكرة الإيضاحية والتي أقرتها لجنة الفتوى أيضاً؛ فقد جاء فيها توضيحاً لهذه العبارة بقولها تحت عنوان "الآراء الفقهية المعتمدة" ما نصّه:

"إنّ من المعروف للدارسين أنّ الأحكام الفقهية تختلف في كثير من المسائل الفرعية، من مذهب لآخر، ومن هنا تتبدى آفاق السعة والتيسير عند النظر إلى مجموع الآراء الفقهية في مختلف المذاهب الإسلامية على أنها فروع من الشجرة المباركة، التي يمكن أن يستظل بها الراغبون في الإفادة من هذا التراث الأصيل، وأن مبدأ الاختيار في الأحكام يمثل باب خير عظيم في إمكان إيجاد الحلول الملائمة المختارة من فقه الإمام أبي حنيفة النعمان في هذه المسألة، ونسمات عبير السنّة لدى الإمام مالك، ونظرات الأصول عند الإمام الشافعي، وسماحة التعامل وسعته عند الإمام أحمد، وعند غير هؤلاء الأئمة الأعلام الفضل والعلم الكثير، وأن المقصود بهذا هو: الالتزام بالرأي المختار للحالات المتشابهة وفقاً للمصلحة الشرعية الراجحة في إطار من إمكان الإفادة من مختلف الآراء الفقهية في المذاهب الإسلامية لكي تتم تغطية الحاجات المختلفة بدون حرج أو تضييق"[29].

تحليل واستنتاج:

وبتحليل مضمون نص المادة (53) من قانون البنوك فيما يتعلق بالمرجعية الشرعية لأعمال "البنك الإسلامي"[30]، ومن خلال نصوصه ونصوص المصدر التاريخي له، يتضح ما يأتي:

أولاً: أن المنهجية التي ترتكز عليها المرجعية التشريعية لعمل البنك الإسلامي هي منهجية "التخير بين المذاهب الإسلامية"، وهذا يعني أن البنك غير ملزم وغير ملتزم بمذهب معين؛ ولو كان المذهب السائد في الدولة.

ومنهجية التخير بين الآراء الفقهية المشار إليها في النص تقوم على ركنين هما:

الركن الأول: أن يكون الرأي الذي اعتمد تطبيقه على المسألة أو المعاملة مستمداً من أحد المذاهب الإسلامية، وفي هذا انفتاح كبير على المذاهب، فهو يشمل المذاهب الأربعة وغيرها من المذاهب التي اصطلح على تسميتها بالمذاهب الإسلامية، ولكن على الرغم من أن النص قد جاء مطلقاً "المذاهب الإسلامية" إلا أنه وبالرجوع إلى المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون البنك الإسلامي الذي قدم للحكومة سنة 1977م، ووافقت عليه لجنة الإفتاء في المملكة، قد جاء فيها[31] ذكر وإشادة بآراء الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، ومعلوم أن مذاهب هؤلاء الأئمة واسعة جداً، وفيها من الثراء الفقهي الشيء الكثير، إلا أن الواقع العملي لأعمال المصارف الإسلامية يدل على أنها اعتمدت على الإطلاق في التخير من جميع المذاهب وليس فقط المذاهب الأربعة، فالنص يشمل مذهب الظاهرية والزيدية والإباضية والجعفرية؛ فتصبح المذاهب ثمانية، وهذا موافق للمذاهب الممثلة في مجمع الفقه الإسلامي الدولي.

الركن الثاني: أن يحقق الرأي المعتمد (المختار) المصلحة الراجحة، ويقصد بالمصلحة الراجحة "المصلحة المعتبرة شرعاً، والراجحة شرعاً، أو هي المصلحة الشرعية الراجحة كما وردت في قانون البنك الإسلامي لسنة 1978 ولسنة 1985 ومذكرته الإيضاحية، التي أوردت نصوصهما قبل قليل.

وتكون المصلحة راجحة "إذا شهد الشرع لجنسها"[32]، والتي تكون ملائمة لتصرفات الشارع الحكيم وتدخل تحت أصل كليّ...، وقد نصّ مجمع الفقه الإسلامي الدولي على ضوابط المصلحة المعتبرة شرعاً، وهي:

الشـــرط الأول: أن تكون حقيقية لا وهمية.

الشـــرط الثاني: أن تكون كلية لا جزئية.

الشـــرط الثالث: أن تكون عامة لا خاصة.

الشـــرط الرابع: أن لا تعارضها مصلحة أخرى أولى منها أو مساوية لها.

الشرط الخامس: أن تكون ملائمة لمقاصد الشريعة[33].

وما ذكره المجمع مؤكد لما ذكره الفقهاء والأصوليون ومستمد منه[34]، وهذه الضوابط والشروط هي التي تضمن عدم انحراف المصرفية الإسلامية عن مسارها، بارتكاب مخالفات شرعية تحت ذريعة المصالح، وذلك لأن المصالح المعتبرة هي التي لا تخالف نصّاً من قرآن أو سنة أو إجماع أو قياس، كما أنّ قانون البنوك نفسه قد ذكر عنصراً أساسياً في اعتماد البنك ليكون بنكاً إسلامياً بأن يكون تعامله على غير أساس الفائدة (وهي الربا في المصطلح الشرعي) إضافة لنصه على اعتماد مرجعية شرعية تشريعية لضبط أعماله.

ثانياً: إسناد مهمة اختيار الآراء الفقهية المعتمدة لهيئة الرقابة الشرعية.

بموجب نصّ الفقرة (أ) من المادة 53 آنفة الذكر، يشترط أن تقوم هيئة الرقابة الشرعية في البنك باعتماد الرأي الفقهي المختار من بين آراء المذاهب الإسلامية والمحققة للمصلحة الشرعية، ليكون حاكماً على المسألة مدار البحث أو المعاملة التي سيعتمدها البنك في أعماله الاستثمارية أو المصرفية بوجه عامّ.

وهذا يعني أنّ مهمّة هيئة الرقابة في هذه الحالة مهمة تشريعية صرفة تجعلها سلطة اجتهادية مختصة بالبنك الإسلامي الذي تعمل معه، فإذا لم تعتمد الرأي الفقهي هيئة الرقابة، يكون هذا الرأي مخالفاً لقانون البنوك في الأردن، ولا يكتسب صفة الإلزام، بل لا يكتسب حجية أصلاً بغير اعتماد الهيئة، وهذا يوجب على البنوك الإسلامية اختيار علماء متخصصين في علم المعاملات والمصرفية ليتمكنوا من القيام بالمهمة التشريعية الاجتهادية المنوطة بهم، وهو ما سنبينه في المطلب الآتي.

المطلب الرابع

المهمة التشريعية لهيئة الرقابة الشرعية

عالجت المادة (58) من قانون البنوك موضوع هيئة الرقابة الشرعية في البنك الإسلامي، ومهامها، وتشكيلها، وشروط أعضائها وصفاتهم، كما نصت التعليمات الصادرة من البنك المركزي الأحكام الخاصة بحوكمة هيئة الرقابة الشرعية[35].

وبناءً على نص المادة (58) فقرة (أ) بند (2) تتولى الهيئة مهمة "إبداء الرأي في صيغ العقود اللازمة لأعماله وأنشطته"، أي أعمال البنك الإسلامي وأنشطته.

والمقصود بإبداء الرأي في هذه المادة إبداء الرأي الشرعي –التقييمي للمعاملة أو العقد وصيغته من حيث موافقتها للشريعة الإسلامية أو أنها مخالفة، ورأي الهيئة ليس رأياً استشارياً متروكاً لإدارة البنك حرية الالتزام به أو عدم الالتزام به؛ بل هو "رأي ملزم"، لأنه يمثل "مرجعية تشريعية" بنصّ القانون[36]، ويترتب على هذا الرأي صيرورة مضمونة تشريعاً واجب التطبيق بالنسبة للمعاملة أو العقد محل "الرأي" الذي قامت الهيئة بإصداره.

إشكال ومقترح:

غير أن هذه القوة الملزمة التي منحها قانون البنوك لرأي الهيئة التشريعية يعصف بمبدأ الوحدة التشريعية الواجبة في كل إقليم أو دولة، حيث إن من آثار هذا العمل الاجتهادي وفق "مبدأ التخير" الذي جعله القانون منهجاً يحكم عمل البنك الإسلامي بموافقة هيئة الرقابة الشرعية، سيكون "اختلاف" قرارات الهيئات الشرعية وتعارضها سمة ظاهرة في أعمال البنوك الإسلامية العاملة في الدولة، كما هو الحال في الاختلاف بين المذاهب الفقهية الأربعة، فكيف بمن جعل المذاهب الإسلامية كلها مورداً تستقي البنوك الإسلامية وهيئاتها الشرعية منها الآراء الفقهية المختلفة، فما أقرته هيئة الرقابة للبنك (س) يخالف ما أقرته هيئة الرقابة للبنك (ص) مع أن العقد أو المعاملة واحدة[37].

واختلاف الآراء الفقهية بين المذاهب، وفي المذهب الواحد أيضاً؛ كان أحد أسباب لجوء الخلافة العثمانية في أواخر عهدها إلى اللجوء إلى عملية "تقنين الأحكام الشرعية"[38]، وصدور مجلة الأحكام العدلية سنة 1286 هجرية 1867 ميلادية، وقرار حقوق العائلة العثماني، وعدة قوانين عثمانية، وكذلك الأمر بالنسبة للدول العربية والإسلامية، ومن بينها المملكة الأردنية الهاشمية التي طبقت مجلة الأحكام العدلية إلى تاريخ 31/12/1976م[39]، وهذا القانون يعدّ الشريعة العامة للمعاملات المالية (المدنية).

وإذا كان نص المادة (53) من قانون البنوك قد منح هيئة الرقابة الشرعية اعتماد الرأي الفقهي الذي يرون المصلحة فيه، ليطبق على أعمال البنك الإسلامي ومعاملاته؛ فيكون هذا النص مستبعدا وقاضياً بالإلغاء على القانون المدني (المعاملات) الذي اختار رأياً فقهياً واحداً عند صدوره وإعداده، فهيئة الرقابة الشرعية وبنصّ القانون لها أن تختار وفق الشروط والضوابط التي ذكرناها آنفاً، فقانون البنوك أيضاً جعل أعمال البنك الإسلامي الخاصة بعمله كبنك إسلامي مستثناة من القانون التجاري[40]، ومن معاملات البنوك التقليدية التجارية الأخرى التي تعتمد الفائدة في أعمالها، فالبنك الإسلامي هنا لا يطبق القانون المدني، وكذلك لا يطبق القانون التجاري أيضاً.

الحلّ المقترح لمشكلة اختلاف آراء هيئات الرقابة الشرعية:

كان النصّ الوارد في قانون البنوك والذي أخذ أساساً من قانون البنك الإسلامي الملغي مستساغاً، ولا يشكل تطبيقه أية اختلافات تذكر؛ لعدم تعدد البنوك الإسلامية ولكون البنك الإسلامي  واحداً؛ وهذا يعني عدم وجود هيئات رقابة متعددة، إلا أن الأمر اليوم قد أصبح مختلفاً؛ حيث يعمل في مجال المعاملات المصرفية الإسلامية في الأردن أربعة مصارف إسلامية، يضاف إليها عدة شركات تمويل إسلامية وعدة مؤسسات حكومية كذلك[41]، وكلها لديها هيئات رقابة شرعية، فتعدد الهيئات في الأردن واقع ظاهر، وكل هيئة لها قراراتها واجتهاداتها، وهذه الهيئات ليست ملزمة إلا بما ورد في نص قانون البنوك من حيث العمل المؤسسي بعد التزام أعضاء الهيئات الشرعية الذاتي وهم من العلماء وأساتذة وعلوم الشريعة المشهود لهم بالكفاءة، ولكن ذلك لا ينفي وقوع الاختلاف في الرأي بين تلك الهيئات بل وتضارب الفتاوى.

والحل المقترح يتضمن ثلاثة خيارات:

الاول: إصدار تشريع متخصص ببيان أحكام المعاملات المصرفية الإسلامية مثل قانون المعاملات المصرفية الإسلامية.

الثاني: تعديل القانون المدني بإضافة مواد تشمل معاملات المصارف الإسلامية، وإن كنت أرى أن القانون المدني الحالي تسمح نصوصه وخاصة في النظرية العامة للعقد بمعظم أعمال البنوك الإسلامية من حيث العقود المطبقة فيها بوجه عام، ولكن إضافة بعض العقود المسماة الجديدة وتنظيم أحكامها فيه تطوير للقانون المدني.

الثالث: إيجاد هيئة شرعية على مستوى المملكة تتبع البنك المركزي الأردني، تكون مهمتها "تشريعية" بالدرجة الأولى، وتسحب الاختصاصات التشريعية من الهيئات الفرعية التابعة لكل مصرف (بنك) أو شركة تمويل إسلامي، أو أي مؤسسة تقوم بمثل هذا العمل.

والهيئة الشرعية المركزية تعطي صلاحية التخير للآراء الفقهية المعتمدة المحققة للمصلحة الشرعية المعتبرة، وتعتمد المعاملات المصرفية بضوابطها الشرعية، بحيث تكون قراراتها ملزمة لجميع المصارف العاملة ولجميع المؤسسات والشركات التي تقدم خدمات مشابهة لخدمات المصارف الإسلامية سواء كانت عامة أو خاصة: مثل مؤسسة تنمية أموال الأيتام وصندوق الحج وغيرها، وتكون قرارات الهيئة المركزية حاكمة على قرارات هيئات الرقابة الشرعية الفرعية جميعها دون استثناء، ويطلق على هذه الهيئة اسم "الهيئة الشرعية المركزية" بينما يطلق على الهيئة التابعة للبنك أو المصرف أو المؤسسة أو الشركة "هيئة الرقابة الشرعية" التابعة لذلك البنك أو تلك المؤسسة.

ومعلوم أن هذا الأمر يقتضي تعديل قانون البنوك الحالي بإضافة نصّ معدل للفقرة (أ) من المادة (53) المشار إليها.

علماً بأن عدداً من الدول العربية والإسلامية قد بادر وسبق الأردن بإنشاء مثل تلك الهيئة من مثل جمهورية السودان (1992م)، دولة الكويت (2020م)، ودولة الإمارات العربية المتحدة (2018م)، وسلطنة عمان (2014م)، والسلطة الفلسطينية (2010م).

وأشير في هذا المقام إلى تجربة السودان التي جعلت من أهداف إنشاء الهيئة المركزية فيها "إصدار الفتاوي الشرعية والتوصيات والمشورة وذلك لتوحيد الأسس والأحكام الشرعية التي ينبني عليها النشاط المصرفي والمالي" كما نص عليه قانون تنظيم العمل المصرفي لسنة 2004 في السودان[42].

بين قانون البنوك وقانون الإفتاء:

نص قانون الإفتاء لسنة[43] 2006 على الآتي:

- تنصّ الفقرة (1) من المادة (3) على أن من مهام دائرة الإفتاء العام "الإشراف على شؤون الفتوى في المملكة وتنظيمها".

- وتنص الفقرة (3) من المادة (8) التي تناولت صلاحيات مجلس الإفتاء ومهامه فقالت: يتولى المجلس "بيان الحكم الشرعي في الشؤون العامة المستجدة التي تحتاج إلى اجتهاد وفي الأمور التي تحتاج إلى دراسة وبحث في المذاهب الفقهية والقضايا المحالة إلى الدائرة من أي جهة رسمية".

فهذان النصان يقرران أن شؤون الفتوى بوجه عامّ تشرف عليها دائرة الإفتاء العام، كما أن القضايا المستجدة من الشأن العام من اختصاص مجلس الإفتاء، فالفتوى في مسائل المصارف وعقودها تدخل تحت عموم النص، وكذلك مستجدات القضايا المصرفية تدخل تحت اختصاص مجلس الإفتاء؛ وهذا الأمر صحيح ومنطقي إذا لم يكن هناك نص آخر يقرر حكما أو اختصاصا آخر، وهو ما جاء في قانون البنوك، فالفتوى للمصرف الإسلامي تحديدا منوط بموجب المادة 53 بهيئة الرقابة الشرعية، ويكون النص الوارد في قانون البنوك خاصا بالبنوك الإسلامية منها، كما يكون النص الوارد في قانون الإفتاء نصا عاما لجميع المسائل، والخاص يقدم على العام.

ومن هنا نجد أيضا أن قانون البنوك قد أبعد قانون الإفتاء أيضا عن الفتوى في مسائل البنك الإسلامي، وهو ما يجعل هيئة الرقابة الشرعية في البنك تقوم مقام من يصدر القوانين ويشرعها.

غير أنني أرى أن المادة 17 من قانون الإفتاء قد نصّت على ما يأتي "يُلغَى أي نص أو حكم في أي تشريع آخر إلى المدى الذي يتعارض فيه مع أحكام هذا القانون" وهذا النص يفهم منه أيضاً دخول مسائل المعاملات المصرفية التي تحتاج إلى فتوى تعدّ من الشؤون العامة، فالمجتمع اليوم يحتاج في عمومه إلى عقود تمويل وهي كلها تعدّ من المستجدات، ولذا يستطيع مجلس الإفتاء أن يصدر الفتوى التي تنهي الخلاف وتوحّد الرأي الشرعي في عقود المصارف الإسلامية.

أما إذا أخذنا بمقترح تعديل القانون المدني أو إيجاد (هيئة على مستوى المملكة تتبع للبنك المركزي ويكون تعيينها بالتشاور مع مجلس الإفتاء) سيكون التعارض وفق التفسير الأول للنص أو الإشكال التعارضي كأن لم يكن.

النتائج والتوصيات

هناك جملة من النتائج ظهرت خلال البحث تتعلق بالتشريع الأردني الذي يحكم المصارف الإسلامية، وبخصوص مرجعية البنوك الإسلامية تشريعياً، خلص البحث إلى الآتي:

1. إن التشريع الأردني قد قرر الفصل التام بين نوعين من العمل المصرفي: القائم على الفائدة، والقائم على غير الفائدة.

2. العمل المصرفي الإسلامي ملزم بنصّ القانون أن يكون محكوماً بأحكام الشريعة الإسلامية، ولا يجوز له مخالفتها تحت طائلة المساءلة من قبل البنك المركزي الأردني، كما أنه لا يجوز له أن يتعامل بالفائدة، وأن أعماله كلها تقوم على عدم التعامل بالفائدة، وهذه مسألة يجب أن تكون نصب عين هيئات الرقابة الشرعية، وتشكل ضمانة لعدم انحراف المصرفية الإسلامية وتقريبها من المصرفية التقليدية سلوكاً ومآلاً.

3. على الرغم من وجود قوانين وتشريعات في المملكة، بعضها مستمد من أحكام الشريعة الإسلامية، كالقانون المدني، وأخرى غير مستمدة منه، كقانون التجارة في بعض مواده، إلا أن العمل المصرفي غير مستمد من أحكام هذه التشريعات، وأن مرجعيته بنصّ قانون البنوك ممثلة بالشريعة الإسلامية كقاعدة عامة لاستمداد الأحكام الموضوعية، وأمر اختيار الحكم الشرعي للعقد أو المعاملة المصرفية الإسلامية منوط بهيئة الرقابة الشرعية التي تلتزم باختيار الآراء الفقهية المعتمدة وفق ضوابط منهجية التخير بين الآراء.

4. يشترط للرأي الشرعي الذي يطبق على معاملات وأعمال البنك الإسلامي أن يكون من بين آراء المذاهب الإسلامية المعتمدة دون التقيد بمذهب معين، وأن لا يكون رأيا لا دليل له، ولا رأيا شاذاً، وأن يكون محققاً للمصلحة، ويقصد بها المصلحة الشرعية المعتبرة المحققة لمقاصد الشريعة، وأن تعتمده هيئة الرقابة الشرعية في البنك.

5. يشكل استثناء البنوك الإسلامية من مرجعية قوانين المعاملات في الأردن إحالة على هيئات الرقابة ومنحها مهمات التشريع، ولا تكون أمام حالة فراغ تشريعي، بل إن هذه الإحالة تسد الفراغ التشريعي وتجعل التشريعات متطورة بتطور المعاملات ومستجداتها.

6. يلزم من وجود هيئة رقابة لكل بنك إسلامي في الأردن تعدد المرجعيات المنوط بها تحكيم الشريعة الإسلامية على المعاملات، الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى تعدد الآراء في المعاملة الواحدة بتعدد الهيئات والبنوك، لعدم وجود تقنين موحد لأعمال المصارف.

7. توصي الدراسة بضرورة إيجاد تشريع موضوعي يحكم أعمال المصارف الإسلامية، أو تعديل القانون المدني باعتباره شريعة عامة للمعاملات، أو إنشاء هيئة شرعية مركزية على مستوى المملكة تتبع البنك المركزي مهمتها اختيار الآراء المعتمدة الحاكمة على المعاملات المصرفية الإسلامية، أو إناطة الأمر بدائرة الإفتاء العام، وتترك مهمة الرقابة للهيئات الفرعية لكل بنك، عملاً على توحيد الفتوى والمرجعية للأعمال المصرفية.

(*) مجلة الفتوى والدراسات الإسلامية، دائرة الإفتاء العام، المجلد الثالث، العدد السابع، 1444هـ/ 2023م.

الهوامش


[1]) أيوفي هي إحدى أبرز المنظمات الدولية غير الربحية الداعمة للمؤسسات المالية الإسلامية، تأسست عام 1991م ومقرها الرئيس مملكة البحرين، ولها منجزات مهنية بالغة الأثر على رأسها إصدار 100 معيار حتى الآن في مجالات المحاسبة والمراجعة وأخلاقيات العمل والحوكمة، بالإضافة إلى المعايير الشرعية التي اعتمدتها البنوك المركزية والسلطات المالية في مجموعة من الدول باعتبارها إلزامية أو إرشادية" (Accounting and Auditing Organization for Islamic Financial Institution )   Accounting and Auditing Organization for Islamic Financial Institutions (aaoifi.com)

[2]) أبو حشيش، محمد عبد القادر موسى، مرجعية الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية الأردنية، رسالة ماجستير، جامعة العلوم الإسلامية العالمية، 2021.

[3]) النشمي، عجيل جاسم، إمكانيات تحقيق التجانس في الفتاوى في المسائل المالية- ورقة مقدمة للمؤتمر السابع للهيئات الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية، البحرين، 2008.

[4]) تم الاجتماع بمعالي محافظ البنك المركزي الدكتور عادل شركس يوم 21 -11-2022 بمكتبه حول هذا الموضوع والمقترحات المتعلقة به.

[5] الجريدة الرسمية عدد 2645 تاريخ 1-8-1976 ص2.

[6]) انظر: المذكرات الإيضاحية للقانون المدني الأردني، ج 1 ص31 من طبعة المذكرات الصادرة عن نقابة المحامين، ط2 -1985، مطبعة التوفيق- عمان.

[7]) صدرت المجلة سنة 1286هجرية الموافق لسنة 1869 ميلادية، انظر: الزرقا، المخل الفقهي العام، 1\ 239.

[8]) منشور في الجريدة الرسمية، رقم 1910، تاريخ 30\3\1966.

[9]) انظر: صالح بك، محمد، شرح القانون التجاري، ج1، ص 25، ط4، 1938. وانظر أيضا: مخلوف، حنان عبدالعزيز، مبادئ القانون التجاري، ص30-31، طبعة 2011.

[10]) نشر في العدد رقم 4204 من الجريدة الرسمية بتاريخ 15\5\1997، ص2038.

[11]) نشر في العدد رقم 4448 من الجريدة الرسمية بتاريخ 1\8\2000، ص2950.

[12]) نص قانون البنوك على جملة من الأعمال المصرفية التي يقوم بها البنك، مثل: قبول الودائع بأشكالها المختلفة، منح الائتمان، خدمات الدفع والتحصيل، بطاقات الائتمان والشيكات، التعامل بأدوات السوق النقدي، شراء الديون وبيعها...، التمويل بالتأجير، التعامل بالعملات والصرف، إصدار الأوراق المالية...، عمليات الحفظ والإدارة للأوراق المالية والثمينة....الخ.

[13]) نشر في العدد رقم 4524 من الجريدة الرسمية بتاريخ 31\12\2001، ص 601.

[14]) كالأحوال الشخصية والوقف والوصية.

[15]) الجريدة الرسمية، العدد 5179 بتاريخ 19\9\2012، ص4244.

[16]  الجريدة الرسمية، عدد 5718 بتاريخ 16\5\2021، ص1753.

[17]  كالشيخ العلامة مصطفى الزرقا والشيخ علي الخفيف وغيرهم.

[18] مادة (2) من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2021.

[19]   الزرقا، مصطفى أحمد، نظام التأمين، مؤسسة الرسالة، ط1، 1984، بيروت، ص56.

[20]   الخفيف، علي، التأمين، بحث مقدم للمؤتمر الثاني لمجمع البحوث الاسلامية في الأزهر الشريف 1965، مطبوع على الآلة الكاتبة، ص40.

[21]) انظر: تعليمات رقم (1) لسنة 2011 صادرة عن مجلس ادارة هيئة التأمين (منشور أيضاً على موقع البنك المركزي الأردني).

[22] ص5 من التعليمات، البند الأول.

[23] نشر في الجريدة الرسمية، عدد 4448، تاريخ 8\1\2000، ص2950.

[24] نشر في الجريدة الرسمية، عدد رقم 3361، تاريخ 1\1\1985، ص1986.

[25]  منشور في الجريدة الرسمية، عدد 2773، تاريخ 4\1\1978، ص858.

[26] أعد المشروع ونظمه الدكتور سامي حسن محمود رحمه الله مقرر اللجنة التحضيرية للبنك وفي مكتبتي نسخة من ذلك المشروع ومذكرته الإيضاحية.

[27] كانت لجنة الفتوى تضمن أصحاب الفضيلة والسماحة:

1.الشيح محمد عبده هاشم (المفتي العام)، 2. الشيخ عز الدين الخطيب، 3. الشيخ محمد أبو سردانه، 4. الشيخ أسعد بيوض التميمي، 5. الدكتور إبراهيم زيد الكيلاني، 6. الدكتور عبدالسلام العبادي، 7. الدكتور ياسين درادكة، ومعه أيضاً من غير اللجنة 8. الشيخ عبدالحميد السائح، 9. الدكتور محمد صقر، 10. الدكتور سامي محمود.

[28] م(2) ص (25) من المشروع.

[29]   ص 9 و10 من المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون البنك الإسلامي الأردني.

[30]   مصطلح البنك الإسلامي يقصد به أي مصرف أو بنك يقدم المعاملات المصرفية على غير أساس الفائدة ويلتزم بأحكام الشريعة، فيصدق على كل المصارف الإسلامية في الأردن.

[31] ص 9 و10 من المذكرة الإيضاحية للقانون (مطبوع على الآلة الكاتبة).

[32] السفياني، الثابت والشمول، 469، وانظر: تيسير الوصول، لابن إمام الكاملية، 6/129.

[33] قرار رقم 141 (7/15) في دورته الخامسة عشرة المنعقدة في مسقط (سلطنة عُمان، بتاريخ محرم 1425هـ / آذار 2004م.

[34] انظر: ضوابط المصلحة للدكتور محمد سعيد البوطي، ص115-248، قواعد الأحكام في مصالح الأنام، ص60، الموافقات، 2/44، وما بعدها، المهذب في علم أصول الفقه، 3/109، الزحيلي، الوجيز في أصول الفقه،  1\256.

[35] نصت تعليمات الحاكمية المؤسسة للبنوك الإسلامية رقم 64/2016 على ما يتعلق بهيئة الرقابة الشرعية في المادة (11) منها وكذلك في المادة (15).

[36] قانون البنوك.

[37] انظر مثلاً اختلاف صيغ عقد الإجارة المنتهية بالتمليك، وكذلك اختلاف المصارف الإسلامية في معاملات ما يسمى بالتمويل الشخصي واستخدام التوفير المصرفي المنظم.

[38]  انظر ما كتبه أستاذنا الشيخ مصطفى الزرقا في كتابه المدخل الفقهي العام 1\225-226 حول أسباب ظهور مجلة الأحكام العدلية.

[39]  انظر المادة 1448 من القانون المدني الأردني.

[40]  فيما يتعلق بمعاملات البنك بموجب اعتماد قانون البنوك لمسألة الآراء الفقهية المعتمدة مرجعية للتطبيق بشروط المادة 53 منه.

[41]  كما أسجل ملحوظة مهمة جدا وهي أن قانون البنوك قد أعطى هيئة الرقابة الشرعية صفة المرجعية للبنك الإسلامي، ولكنه لم يعط هذا الحق للمؤسسات التمويلية الأخرى التي يجب أن تلتزم بالقوانين والأنظمة التي تحكمها، مع أن الواقع يقول بأن هذه المؤسسات التي لا تعد من البنوك تأخذ النماذج التي أعدتها البنوك الإسلامية وتقوم بتطبيقها، والأولى في نظري أن يكون استثمارها من خلال الشراكة مع البنوك الإسلامية ولا تكون بنوكا موازية في تمويل الافراد، أو أنها تقوم بتجميع أموالها وتؤسس بنكا إسلاميا مستقلا لها.

[42]  انظر هذا القانون على موقع البنك المركزي السوداني (قانون تنظيم العمل المصرفي للعام 2004 | CBOS (dot.jo))، وانظر أيضا: بحث الدكتور عبداللطيف آل محمود، دور هيئات الرقابة الشرعية المركزية في معالجة النقص التشريعي، ص 11، ورقة مقدمة لملتقى بنك البحرين الإسلامي الثاني "البنوك الإسلامية بين المعايير الشرعية والقوانين المطبقة"، 4-3 إبريل 2018م، فندق الدبلومات راديسون ساس- مملكة البحرين.

[43]  قانون رقم 60 لسنة 2006 المنشور على الصفة 442 من العدد رقم 4792، الجريدة الرسمية الصادر بتاريخ 16\11\2006.