مسألة "ضَعْ وَتعَجل" وتطبيقاتها المصرفية (*)
الدكتور إسماعيل محمد البريشي/ كلية الشريعة، الجامعة الأردنية.
ملخص
إن المصارف الإسلامية تقوم بدور مهم في استقطاب المدخلات وتوجيهها في الأنشطة الاقتصادية المشروعة، كما وتلعب دوراً عظيم الأهمية في بث الوعي الادخاري والاستثماري لدى شرائح لا بأس بها من الجمهور في العالم الإسلامي، وهي لهذا محتاجة إلى مزيد من الأدوات الاستثمارية والتمويلية التي تتيح لها القيام بهذا الدور على أكمل وجه.
ولعل تبني المصارف الإسلامية لوضع جزء من ديونها عن العملاء، مقابل قيام الآخرين بتعجيل سداد أقساط الدين، يساهم في تحقيق الهدف المتوخى من قيام تلك المصارف، حيث تستطيع تلك المصارف بهذا الأسلوب، استعادة ما لها من ديون على العملاء، كي تتمكن من ضخها في أنشطة اقتصادية واستثمارية أخرى، بدلاً من أن يبتلع التضخم جل العوائد المترتبة عن هذه الديون، والتي يمكن أن يتراخى المدينون في تسديدها.
وقد أبرزت هذه الدراسة، هذه المسألة عبر تجلية مفهومها، وبيان أحكامها، والكشف عن تطبيقاتها المصرفية، وصولاً إلى الحكم بجوازها، والتوصية للمصارف الإسلامية بأخذها، والتوسع في تطبيقاتها المصرفية.
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن سماحة الإسلام ويسره، ينتظمان جميع شرائع الإسلام وشعائره، ويظهر ذلك أكثر ما يكون في أبواب المعاملات المبنية في أصلها على الجواز؛ وذلك لأن أنماط المعاملات دائمة التجدد، ولا تفتأ قرائح الاقتصاديين تتفتق عن أنماط من المعاملات الجديدة التي يحتاج إلى بيان حكمها الشرعي، أو تكييفها الفقهي.
ومن هنا فإن المرونة التي تتسم بها الشريعة الإسلامية عموماً، والفقه الإسلامي على وجه الخصوص، كان لها أكبر الأثر في تجدد هذا الفقه، وحيويته، ودينامكيته وعدم عجزه عن مسايرة أي مدى يبلغه ركب الحضارة الإنسانية في شتى الميادين.
ومن مظاهر هذا التيسير وثمراته، تمكين الأطراف المشتركة في الدَّين الناشئ في الغالب عن البيع المؤجل من إيجاد الحلول المناسبة للوفاء بحاجات كل من الدائن والمدين.
ولعل جواز الوضع عند التعجيل هو من بين ثمرات هذه المرونة وجناها، حيث يوفر هذا النمط من المعاملة لأطراف عملية الدَّين إمكانية إبراء ذمة المدين وتعجل الدائن لقضاء دينه، دون أن يتحمل أحد هذه الأطراف ضرراً جراء هذه العملية.
أهمية الدراسة:
تكمن أهمية دراسة هذا الموضوع في النقاط لآتية:
1. إن دراسته تعتبر مؤشراً على مرونة الشريعة الإسلامية ويسرها وعدم قصورها عن مواكبة ومسايرة أي مدى يبلغه ركب الحضارة الإنسانية في مستوياته الفكرية والعقّدية والاقتصادية والمصرفية.
2. كثرة التطبيقات المصرفية والائتمانية وتعددها لهذه المسألة.
3. إن ترجيح القول بجواز هذه المسالة يشجع عملاء المصارف الإسلامية على سداد قروضهم التمويلية وديونهم تجاه تلك المصارف، إذا شعروا بأن المسارعة إلى السداد تعود عليهم بالنفع عبر تخفيف أعباء المديونية المترتبة عليهم.
4. وجود تطبيقات مبنية على هذه المسألة في البطاقات المصرفية عموما.
مشكلة الدراسة:
ستحاول هذه الدراسة الإجابة عن التساؤلات الآتية:
1. هل الوضع مع التعجيل يعد نمطا من الأنماط الربوية ومن ثمَّ فهو داخل في عموم الآيات المحرِّمة للربا، أم انه لا يدخل في إطار الأنماط الربوية؟
2. هل الوضع بشرط التعجيل يشبه حسم الديون في التطبيقات المصرفية التقليدية، أم إنه نمط مستقل لا تعلق له في مسالة حسم الديون؟
3. هل الوضع مع التعجيل يشبه الإنظار مع التأجيل المتمثلة في مسألة "إما أن تقضي وإما أن تربي" أم إنّ الأمر ليس كذلك؟
4. هل تتحقق في مسالة الوضع مع التعجيل المحاذير الربوية الناشئة عن الإنظار مع التأجيل، أم إنّهما صورتان متعاكستان فلا يسوغ قياس هذه على تلك؟
منهجية البحث:
سيقوم هذا البحث -إن شاء الله تعالى- على منهجية توازن وتزاوج بين المنهج الاستقرائي القائم على جمع المعلومات وتصنيفها، والمنهج التحليلي القائم على عرض الآراء وتحليلها والموازنة بينهما، وفحص الأدلة ووزنها؛ وصولا إلى ترجيحات يظهر للباحث أنها الأقرب للصواب.
الدراسات السابقة:
لم تفرد هذه الدراسة في حدود علمي واطلاعي ببحث مستقل يجمع شتاتها ويتحدث عن تطبيقاتها المصرفية وجل الدراسات في هذا الإطار لا تعدو أن تكون مسائل منشورة في كتب لم تفرد لها أساساً، أو فتاوى صادرة عن علماء أو مجامع فقهية، أو مقالات على مواقع إسلامية في شبكة المعلومات الدولية "الانترنت".
ومن أهم الدراسات في هذا الإطار:
1. بحث للدكتور محمد عبد الغفار الشريف بعنوان: "مسالة ضع وتعجيل وآراء العلماء فيها وضوابطها" وهو منشور في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، السنة الثالثة عشرة، العدد الرابع والثلاثون إبريل 1998م. وقد عرض الباحث لأقوال العلماء في المسألة مع أدلتهم ومناقشاتها، ثم فرق بين هذه المسألة والمسائل الملتبسة بها، وتختلف دراستي عن البحث المذكور من وجهين:
أ. إن الباحث لم يفرد مبحثا للتطبيقات المصرفية المعاصرة لهذه المسالة، وهي الثمـرة الحقيقيـة المتوخاة من بحثها.
ب. إن الباحث الشريف، قد رجح منع الوضع مع التعجيل، في حين خلصت دراستي إلى جوازه.
2. مجموعة مقالات في شبكة الانترنت، كتبت بصورة بسيطة ومختصرة ومجتزأة([1]).
3. مجموعة فتاوى كبار العلماء كالدكتور صالح بن فوزان الفوزان([2])، والشيخ حامد بن عبد الله العلي([3])، ومحمد سعيد البوطي([4]) وغيرهم.
4. كما وردت الإشارة إلى هذه المسالة باختصار لا يتجاوز صفحة في بعض الكتب ومنها:
أ. فقه المعاملات المالية للدكتور رفيق يونس المصري([5]).
ب. الربا والفائدة، دراسة اقتصادية مقارنة، د. رفيق المصري، د. محمد رياض الابرش([6]).
خطة الدراسة:
تشتمل هذه الدراسة على: المقدمة: حيث تم فيها بيان أهمية الموضوع وإشكالية البحث ومنهجيته وخطته والدراسات السابقة.
التمهيـد: وقد أُفرد لبيان مفهوم مسألة ضع وتعجل.
المبحث الأول: خلاف الفقهاء وسببه.
المبحث الثاني: الأدلة.
المبحث الثالث: المناقشة والترجيح.
المبحث الرابع: التطبيقات المصرفية.
الخاتمـة: وفيها النتائج والتوصيات.
والباحث إذا يقرر هذا يتضرع إلى الله العلي القدير أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن يكون إسهاماً متواضعاً ولبنة من لبنات البناء المعرفي والتطبيقي للصيرفة الإسلامية. والله من وراء القصد.
تمهيــد
مفهوم مسألة ضع وتعجل
صورة هذه المسألة أن يكون لرجل على رجـل دين إلى أجل، فيحتاج صاحب الدين "الدائن" إلى قضاء دينه قبل حلول الأجل، فيطلب من المدين أن يتعجل قضاء الدين، فيأبى عليه المدين ذلك ويتمسك بالأجل المضروب لقضاء الدين، فيعرض الدائن على المدين أن يحط جزءا من الدَين مقابل تعجيل القضاء.
ويدخل في هذه المسألة أيضاً ما لو كانت المبادرة من المدين، بأن توفر المال في يده قبل حلول الأجل فأراد أن يستفيد من ذلك، فيعرض على صاحب الدين أن يدفع له الدين على أن يحط جزءا من ذلك الدَين.
وعلى هذا فإن مسألة ضع وتعجل تعني: الاتفاق بين الدائن والمدين على أن يقوم الأخير بقضاء الدين الذي عليه قبل حلول الأجل المضروب له، شريطة أن يقوم الدائن بحسم جزء من الدين الذي له على المدين مقابل هذا التعجل.
قال الشيخ المنوفي موضحاً مفهوم هذه المسألة: "أن يتفق الدائن والمدين على إسقاط حصة من الدين بشرط أن يعجل المدين الباقي"([7]).
وشرط هذا الدين أن يكون آجلاً، فإذا كان عاجلاً لم يدخل في مسالة "ضع وتعجل"([8]).
ومن المسائل المشابهة لهذه المسألة والتي يمكن أن تلتبس بها، ما يعرف بالصلح عن الدين، كأن يدعي شخص على آخر ديناً، فيقر المدعى عليه له، ثم يصالحه على بعضه، أو على مال غيره، وقد يكون عن إقرار أو عن إنكار([9]).
والعلاقة بين مسألة "ضع وتعجل" وبين مسألة "الصلح عن الدين"، هي علاقة عموم وخصوص، إذ إن الصلح عن الدين قد يكون عن إنكار أو عن إقرار، بينما لا يأتي الإنكار في مسألة "ضع وتعجل"([10])، والصلح عن الدين قد يكون بأزيد منه أو بأقل، بينما لا يكون الأمر في مسألة "ضع وتعجل" إلا بأقل، حيث يحط الدائن جزءا من دينه على المدين مقابل تعجيل الدين.
المبحث الأول
خلاف الفقهاء وسببه
اتفق الفقهاء([11]) على جواز الحط من الدين مقابل تعجيله إذا لم يكن الحسم مشروطاً في العقد –أي عقد المداينة-.
وصورة ذلك: أن يبادر المدين إلى قضاء دينه قبل حلول الأجل، فيتبرع الدائن بحط جزء من الدين.
ولكنهم اختلفوا فيما لو كان هذا الحط أو الحسم مشروطاً، بين مانع لها ومجيز، وبين مفصل، فمانع لها في أكثر الصور مجيز في البعض.
وسبب اختلاف الفقهاء في هذه المسألة يرجع إلى جملة أمور:
1. تعارض الآثار في ظاهرها، فثمة من الآثار ما يفهم منه الجواز، بينما يفهم المنع من آثار أخرى، فمن أجاز، أخذ بالآثار التي يفهم منها الجواز، ومن منع، كان دافعه إلى المنع الآثار التي يفهم منها المنع.
2. الاختلاف في الآثار تصحيحاً وتضعيفاً، حيث وقع الخلاف في بعض الآثار المانعة وكذا المجيزة بين قائل بصحة هذه وضعف تلك، وبين مصحح لتلك ومضعف لهذه.
3. الاختلاف في كون هذه المسألة من المسائل المندرجة تحت الربا، أو من صوره، أم إنّها ليست كذلك، فمن رآها مندرجة تحت المعاملة الربوية منعها، ومن لم يرها كذلك أجازها.
4. الاختلاف في قياس مسألة الحسم نظير التعجل على مسألة الزيادة نظير الإمهال، فمن الفقهاء من قاس هذه على تلك، بجامع تأثير الزمن في كلتا الصورتين، بينما لم ير المجيزون هذا القياس سائغاً، وفرقوا بين الصورتين بالنقص في إحداهما والزيادة في الأخرى.
وفيما يأتي مذاهب الفقهاء في المسألة:
1. يرى أبو حنيفة([12]) ومالك([13]) والشافعي في الأصح عند الأصحاب([14])، وأحمد في أظهر الروايتين عنه([15])، منع هذه الصورة وعدم جوازها، معتبرين إياها من الصور الربوية.
2. بينما ذهب عبدا لله بن عباس([16]) والنخعي([17]) وزفر من الحنفية([18])، وهو ما رجحه ابن عابدين([19])، والشافعي في قول آخر([20])، وأحمد في رواية مرجوحة([21])، إلى جواز هذه الصورة، وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم([22])، وقد رجحه الشوكاني([23]).
المبحث الثاني
الأدلـــة
استدل كل من المجيزين والمانعين على ما ذهبوا إليه، بأدلة من السنة النبوية الشريفة وآثار الصحابة
-رضوان الله عليهم- والتابعين بالإضافة إلى الأدلة العقلية، وسأتناول هذه الأدلة مع مناقشتها من خلال المطالب الآتية:
المطلب الأول: أدلة المجيزين:
استدل القائلون بجواز الوضع عند التعجل، ولو كان ذلك على جهة الاشتراط بجملة من الأدلة، فيما يأتي أبرزها:
1. حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وفيه: لما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يخرج بني النضير قالوا: يا رسول الله، إنك أمرت بإخراجنا، ولنا على الناس ديون لم تحل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ضعوا وتعجلوا"([24]).
وجه الدلالة من هذا الحديث: أنه صلى الله عليه وسلم قد أمر بالوضع مقابل التعجل، ولو لم يكن هذا جائزاً لما أمر به –عليه الصلاة والسلام– إذ لا يعقل أن يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأمر غير جائز شرعاً.
2. وعن طاووس أن ابن عباس –رضي الله عنهما– سئل عن الرجل يكون له الحق على الرجل إلى أجل فيقول: عجل لي، وأضع عنك، فقال، لا بأس بذلك([25]).
فها هو حبر الأمة الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالفقه في الدين يجيز هذه الصورة صراحة، ثم أن ابن عباس لا يعقل أن يتجرأ على الإباحة إلا إذا كان عنده علم بذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، فالأثر وإن كان موقوفاً على ابن عباس، إلا أنه يأخذ حكم الرفع.
3. وعنه (أي ابن عباس) –رضي الله عنهما– قوله: "إنما الربا أخّر لي، وأنا أزيدك وليس عجل لي وأضع عنك"([26]).
وهذا صريح في الفرق بين الصورتين، حيث إن فهم ابن عباس مقدم على فهم غيره؛ لما عرف عنه من فقه في الدين وعلم التأويل.
4. واستدل المجيزون بجملة من الأقيسة والأدلة العقلية فيما يأتي أبرزها([27]):
أ. إن الشارع الحكيم متشوف إلى إبراء الذمم من الديون([28])، وفي تعجل قضاء الدين تحقيق لمقصد الشارع الحكيم.
ب. الفرق بين مسألة ضع وتعجل، وبين مسألة الزيادة مقابل الإنظار، حيث إن المسألة الأولى هي ضد الربا تماماً، إذ ينتفع المدين بحط جزء من دينه، وينتفع الدائن بتعجل قضاء الدين من غير أن يقع ضرر على أي واحد منهما، بخلاف صورة الزيادة مقابل الإنظار، حيث يتضرر فيها المدين بزيادة دينه، بل وربما تضاعفه دون أن يقع على الدائن أي ضرر.
وبعبارة أخرى فإن صورة الزيادة مقابل الإنظار هي نفع للدائن ومحض ضرر للمدين، بخلاف مسألة ضع وتعجل، فإن النفع مشترك فيها بين الطرفين، والضرر منتف عنهما.
ج. إن صورة الزيادة مقابل الإنظار ذريعة لزيادة الأموال الربوية، بالإضافة إلى ما يكتنفها من شغل الذمة، بخلاف مسألة ضع وتعجل فإن فيها تخليصاً للذمة من انشغالها بالديون دون أن يقع ضرر على الدائن، بل إنه منتفع بتعجل قضاء دينه.
المطلب الثاني: أدلة المانعين
استدل مانعو الحط مقابل تعجيل قضاء الدين بجملة من الأدلة فيما يأتي أبرزها:
1. عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه أنه قال: "أسلفت رجلاً مائة دينار، ثم خرج سهمي في بعث بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: عجل لي تسعين ديناراً، وأحط عشرة دنانير، فقال: نعم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أكلت ربا يا مقداد، وأطعمته([29]).
فقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بأن هذه الصورة من صور الربا حيث أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على المقداد وسمى ذلك أكلاً للربا وإطعاماً له.
2. ما روى عن أبي المعارك أن رجلاً من غافق كان له على رجل من مُهَرة مائة دينار في زمن عثمان، فغنموا غنيمة حسنة، فقال المهري أُعجل لك سبعين ديناراً على أن تمحوا عني المائة، وكانت المائة مستأخرة، فرضي الغافقي بذلك، فمرَّ بهما المقداد، فأخذ بلجام راتبه ليشهده، فلما قص عليه الحديث قال: كلاكما قد أذن بحرب من الله ورسوله"([30]).
فها هو المقداد رضي الله عنه يسمى هذه الصورة حرباً لله ورسوله مشيراً بذلك إلى الربا الوارد في قوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ[[278-279: البقرة].
والمقداد لا يمكن أن يقول بهذا إلا إذا كان عنده توقيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس هذا من الأمور الاجتهادية التي يمكن أن يقول فيها الإنسان برأيه.
فتفسير الحرب بهذه الصورة أمر ليس اجتهادياً، بخلاف الرأي الفقهي الذي يمكن أن يكون اجتهادياً؛ لأن قتادة يفسر ذلك آية قرآنية ولا يقرر رأياً وحكماً فقهياً.
3. وعن ابن عمر –رضي الله عنهما– قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشغار وعن بيع المجر، وعن بيع الغرر، وعن بيع كالئ بكالئ، وعن بيع آجل بعاجل([31]).
وبيع الآجل بالعاجل: هي ذاتها صورة ضع وتعجل، حيث يتم فيه بيع المبلغ الأصلي المؤجل بالمبلغ الجديد الذي حط منه وهو العاجل، والنهي الوارد في الحديث يقتضي تحريم هذه الصورة ومنعها؛ وذلك لما استقر في علم الأصول بأن النهي يقتضي التحريم ما لم تصرفه عن التحريم قرينه، وليس ثمة قرينة صارفة هذا النهي عن التحريم إلى غيره.
4. وعن ابن عمر –رضي الله عنهما– أنه قال: من كان له حق على رجل إلى أجل معلوم، فتعجل بعضه، وترك له بعضه فهو ربا([32]).
فهذا صريح كلام ابن عمر في أن الصورة المذكورة تعد رباً.
5. وعن قيس مولى ابن يامين، قال: سألت ابن عمر، فقلت: إنا نخرج بالتجارة إلى أرض البصرة وإلى الشام فنبيع بنسيئة، ثم نريد الخروج فيقولون: ضعوا لنا وننقدكم، فقال إن هذا يأمرني أن أفتيه أن يأكل الربا ويطعمه، وأخذ بعضدي –ثلاث مرات-، فقلت: إنما استفتيك، قال: فلا([33]).
6. وعن أبي صالح: قال: بعت بزّاً إلى أجل، فعرض على أصحابي أن يعجلوا لي، وأضع عنهم، فسألت زيد ابن ثابت عن ذلك، فقال: لا تأكله، ولا تؤكله([34]).
7. وعن إسماعيل بن أبي خالد، قال: قلت للشعبي، إن إبراهيم النخعي قال في الرجل يكون له الدّين على الرجل، فيضع له بعضاً ويعجل بعضاً: إنه ليس به بأس، وكره الحَكَم بن عتيبة، فقال الشعبي: أصاب الحكم وأخطأ إبراهيم([35]).
فهذه الآثار وغيرها مما لا يتسع المقام لذكره في هذه العجالة عن مجموعة من الصحابة والتابعين –رضوان الله عليهم– مُنبئة بعدم جواز هذا النوع من التعاملات ولا شك أن هؤلاء الصحابة والتابعين أعلم من غيرهم بمراد الله ومراد رسوله.
8. قياس هذه الصورة على صورة الزيادة مقابل الإنظار، يوضح ذلك الإمام مالك حيث يقول: (والأمر المكروه الذي لا اختلاف فيه عندنا: أن يكون للرجل على الرجل الدِّين إلى أجل، فيضع عنه الطالب، ويعجله المطلوب، وذلك عندنا بمنزلة الذي يؤخر دينه بعد محله عن غريمه، ويزيده الغريم في حقه، قال: فهذا الربا بعينه، لا شك فيه)([36]).
قال ابن عبد البر موضحاً مراد مالك بقوله آنف الذكر (قد بين مالك أن من وضع من حق له لم يحل أجله يستعجله، فهو بمنزلة من أخذ حقه بعد حلول أجله لزيادة يزدادها من غريمة لتأخيره ذلك؛ لأن المعنى الجامع لهما هو أن يكون بإزاء الأمد الساقط، والزائد بدلاً وعوضاً يزداده الذي يزيد في الأجل، ويسقط عن الذي يعجل الدين قبل محله، فهذا وإن كان أحدهما عكس الآخر، فهما مجتمعان في المعنى الذي وصفناه)([37]).
وبالجملة فإن المانعين يستندون في منعهم إلى عامل الزمن وتأثيره في القرض زيادة أو نقصاً، فكما أن الزيادة تجر نفعاً إلى الدائن، فإن النقص يجر نفعاً إلى المدين، والقاعدة في هذا أن كل قرض جر نفعاً فهو رباً.
المبحث الثالث
المناقشة والترجح
لقد توجهت على أدلة المانعين وكذا المجيزين جملة من المناقشات والإيرادات، وسأبين أهم هذه المناقشات وتلك الإيرادات من خلال المطلبين الآتيين:
المطلب الأول: مناقشة أدلة المجيزين:
لقد اعترض على أدلة المجيزين بجملة من الاعتراضات فيما يأتي أبرزها:
1. أما الاستدلال بقصة بني النضير والتي فيها قوله صلى الله عليه وسلم: "ضعوا وتعجلوا"، فقد أجيب على الاستدلال بها بعدة أجوبة منها:
أ. أن هذا الحديث ضعيف؛ لأن مداره على مسلم بن خالد الزنجي، ومسلم هذا ضعفه جماعة من الحفّاظ منهم، البيهقي([38])، والذهبي([39]).
ب. تضعيفه بعبد العزيز بن يحيى المديني، وهو ليس بثقة([40]).
لكن أجيب على هذا الاعتراض بأن عبد العزيز قد وثقه غير واحد، وكذا مسلم بن خالد الزنجي، فإنه مختلف فيه، وليس مجمعاً على توهينه، فقد روى عنه الإمام الشافعي واحتج به.
قال العثماني: الحديث حسن، لأن عبد العزيز قد تابعه الحكم بن موسى، أبو صالح عند البيهقي، وهو من رجال مسلم، وروى له البخاري تعليقاً، وثقة ابن معين والعجلي وغيرهما.
والزنجي مختلف فيه، وقد وثق، والحديث رواه الواقدي عن ابن أخي الزهري عن عروة بن الزبير، وهو شاهد جيد لما رواه الزنجي([41]).
ج. الحديث مضطرب، حيث اضطرب فيه مسلم بن خالد الزنجي، وهو سيء الحفظ ضعيف([42]).
د. على فرض صحته، وخلوه من الضعف والاضطراب، فليس في الحديث ما يدل على أن الوضع كان مشروطاً.
ويوضح ذلك البيهقي بقوله: "وهذا فيمن وضع طيبة به نفسه من غير شرط، ولا خير في أن يعجله بشرط أن يضع عنه"([43]).
ويظهر للباحث أن هذا الجواب ضعيف، ذلك أن احتمالية عدم الاشتراط بعيدة، وذلك لاحتياجها إلى النقل أولاً، حيث لا يكفي فيها مجرد الاحتمال الذي لا يعضده دليل، ولو ساغ رد الأخبار بمثل هذه الاحتمالات لم يصح الاحتجاج بخبر قط، حيث جلّ الأخبار يمكن أن ترد عليها الاحتمالات العقلية.
فالاحتمال الذي يقدح في الدليل، هو ذاك الاحتمال الذي يستند إلى دليل، أما مجرد الاحتمال العقلي، فلا يصلح دليلاً ولا يقدح في دليل.
وبالإضافة إلى ذلك كله، فإن سياق الحديث ظاهر في الاشتراط، لقوله صلى الله عليه وسلم "ضعوا وتعجلوا" فقد شرطَ النبي صلى الله عليه وسلم التعجل بالوضع في قوله هذا، وأي دلالة هي أدل على الشرط من ذلك.
هـ. أن القدر الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بني النضير بوضعه نظير التعجل، هو الزيادة على رأس المال، أي الربا، وليس جزءاً من رأس المال ذاته، فلا يصلح والحالة هذه أن يحتج به على المسألة التي نحن بصددها([44]).
ولا يخفى ضعف هذا الجواب أيضاً، فعلى فرض صحة هذا الاحتمال، وأنه كان هو الواقعة، فإن الزيادة الربوية أصبحت جزءا من الدين، ومن ثمّ فإن وضعها نظير التعجل دل على جواز وضع جزء من رأس المال، أو هو الزيادة الربوية ذاتها؛ لأن الخلاف إنما هو في وضع جزء من الدين نظير التعجل، وقد تم في قصة بني النضير.
و. إن هذه القصة كانت قبل تحريم الربا، فلا يصح الاحتجاج بها والحالة هذه، فإذا كان الربا في وقتها مباحاً، ولم يحرم بعد، حيث لم ينزل فيه تحريم، فلا يعقل أن يكون حكم هذه المسألة التحريم، يوضح ذلك الطحاوي حيث يقول: "لا حجة فيه عندنا لمن ذهب إلى عدم كراهته، لأنه قد يجوز أن يكون ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان منه من ذلك قبل تحريم الله عز وجل الربا، ثم حرم الربا بعد ذلك، فحرمت أسبابه([45]).
ويظهر للباحث أن هذا الجواب ليس متجهاً، ذلك أن الأمر يحتاج إلى نقل ولا يكفي فيه مجرد الاحتمال، فضلاً عن أن آيات تحريم الربا قد وردت في سورة البقرة، وسورة البقرة هي من أوائل سور القرآن المدني نزولاً، بل إن آيات تحريم الربا من أواخر ما نزل من القرآن.
2. وأما الاستدلال بالآثار فقد أجيب عنها بأجوبة فيما يأتي أبرزها:
أ. أن ما روى عن عبد الله بن عباس يتفق ومذهبه في الربا، حيث كان لا يقول إلا بربا النسيئة، علماً بأن عبدالله بن عباس قد رجع عن مذهبه هذا([46])، يؤيد ذلك ما أخرجه الطبراني عن أبي الزبير المكي قال: سمعت أبا أسيد الساعدي وابن عباس يفتي بالدينار بالدينارين، فقال أبو أسيد وأغلظ له القول، فقال ابن عباس: ما كنت أظن أن أحداً يعرف قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لي مثل هذا يا أبا أسيد، فقال أبو أسيد: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم، وصاع حنطة بصاع حنطة، وصاع شعير بصاع شعير، وصاع ملح بصاع ملح، لا فضل بينهما في شيء من ذلك([47]).
فقال ابن عباس: هذا شيء كنت أقوله برأي، ولم أسمع فيه شيئاً([48]).
ب. أن هذا مذهب صحابي في مسألة يسوغ فيها الاجتهاد، فلا يمكن أن يعارض به الحديث الشريف، إذ لا حجة في قول أحد إذا خالف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن تيمية –رحمه الله-: (وليعلم أنه ليس أحد من الأئمة المقبولين عند الأمة قبولاً عاماً، يتعمد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سنته، دقيق ولا جليل، فإنهم متفقون اتفاقاً يقيناً على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن إذا وجد لواحد منهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه، فلابد له من عذر في تركه)([49]).
3. وأما الأقيسة والاستنتاجات العقلية فقد أجيب عنها بما يأتي:
أ. أن هذه الأقيسة والاستنتاجات العقلية كائنة في مقابلة النص، فيجب طرحها، إذ لا اجتهاد مع النص، بمعنى أنه لا يمكن أن يرد النص بالقياس أو بالاجتهاد العقلي.
ب. أن صورة "ضع وتعجل" واضح فيها معنى الربا، وهي قرينة لمسألة الإنظار، فكما أن الدائن ينتفع من إنظار المدين من خلال الزيادة التي يرتبها عليه كما في مسألة "إما أن تقضي وإما أن تربي" فإن المدين ينتفع بالحط في مسألة "ضع وتعجل"؛ لأن الفرق بين المبلغين راجع في أساسه إلى الزمن.
ثم إن حكمة تحريم الربا متحققة في هذه الصورة أيضاً، وأعني بها منع الاستغلال، فإن المدين في مسألة ضع وتعجل يستغل حاجة أخيه الدائن إلى استعجال قضاء دينه، مع أن هذا الدائن قد أحسن إليه عندما رضي بإقراضه.
المطلب الثاني: مناقشة أدلة المانعين:
لقد توجهت على أدلة المانعين جملة من المناقشات والإيرادات فيما يأتي أبرزها:
1. أما حديث المقداد بن الأسود، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم "أكلت ربا يا مقداد وأطعمته"، فقد أجيب عنه بأن الحديث ضعيف؛ لأنه من رواية يحيى بن يعلى الأسلمي وهو ضعيف من جهة عدالته وحفظه([50]).
2. وأما حديث الغافقي، فيجاب عنه بما يأتي:
أ. تضعيفه بأبي المعارك الوادي، فقد اختلف في اسمه، فتارة يقال: علي أبو المعارك الوادي، وتارة يقال: ابن المعارك، وهذا الاختلاف مفضٍ إلى الجهالة.
بالإضافة إلى أن أبا المعارك هذا يروي الحديث عن رجل عن المقداد، وهذا الرجل مجهول([51]).
ب. أنه قول صحابي فلا يكون حجة ولا معارضاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم.
ج. وأما القول بأن قول المقداد يأخذ حكم الرفع([52])، فقول غير متجه، وذلك لأن هذه المسألة من المسائل الاجتهادية التي يمكن أن يقول فيها الصحابي باجتهاده.
3. وأما حديث ابن عمر، وفي آخره ... "وعن بيع آجل بعاجل"، فقد ضُعِّفَ بموسى بن عبيدة، وقد كان سيء الحفظ، وقيل إنّ سبب سؤ حفظه اشتغاله بالعبادة([53])، ومثل هذا لا تقوم به حجة على مسألة كهذه.
4. وأما أثر ابن عمر– رضي الله عنهما – فيجاب عنه بأنه مذهب صحابي في مسألة الاجتهاد فيها سائغ، فلا يصلح معارضاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبخاصة إذا علمنا أن ابن عمر– رضي الله عنهما– معروف بالتشدد في مثل هذه الأمور، والسلف الصالح –رضوان الله عليهم– كانوا يحذرون من تشديدات ابن عمر، وترخصّات ابن عباس -رضي الله عنهما-.
فابن عمر معروف بالاحتياط والتورع، وكلامنا إنما هو في الجواز أو عدمه.
5. وأما أثر قيس مولى بن يامين، فيجاب عنه بمثل ما أُجيب من سابقه؛ وذلك لأن هذا الأثر مروي عن ابن عمر- رضي الله عنهما-، فهو اجتهاد منه دفعه إليه التورع والتحرج كما سبق ذكره آنفاً.
6. وأما أثرا أبي صالح وإسماعيل بن أبي خالد، فيجاب عنهما بأنهما مذهبان لصاحبيهما، ولا حجة إلا في خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكل إنسان يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
7. وأما قياس مسألة "ضع وتعجل" على مسألة الإنظار فيجاب عنه بالفرق بينهما؛ لأن المسألة الأولى تشتمل على براءة ذمة المدين وحصول النفع للدائن، بينما لا تبرأ ذمة المدين في الصورة الثانية، بل تبقى ذمته مشغولة بالدين الذي أضيف إليه مبلغ جديد من المال لقاء الإنظار.
8. وأما منع الوضع مع التعجل استناداً إلى أن هذا الوضع جعل للزمن تأثيراً في الدين، فلا يبدو متجهاً أيضاً؛ وذلك لأنه مبني على مقدمة غير مسلمة وهذه المقدمة محتاجة للاستدلال عليها، وليس الاستدلال بها، فضلاً عن أن الزمن له تأثير واضح في زيادة الثمن، ومن هنا اختلف البيع الحال في الثمن عن البيع نسيئة أي بثمن مؤجل.
ولم يختلف أحد على جواز البيع بالتقسيط، ومعلوم أن ثمن المبيع في بيع التقسيط لا بد أن يكون أزيد من ثمن المبيع في البيع الحالِّ.
المطلب الثالث: الترجيح:
إن الناظر في أدلة الفريقين وأجوبتهم على أدلة المخالفين، لا يسعه إلا أن يسجل الملاحظات الآتية:
1. إن أدلة مانعي الوضع مقابل التعجل هي أدلة ضعيفة سنداً ودلالة، فلا يمكن الاعتماد عليها، واستنباط الحكم منها، وبخاصّة وأن الأصل في المعاملات الجواز ما لم يأتي الدليل على التحريم.
2. على فرض سلامة هذه الأدلة من المطاعن في سندها أو في دلالتها، فإنها معارضة بمثلها، بل وبأقوى منها من أدلة المجّوزين، ومن ثمَّ فإن القول بالمنع لا يتجه استناداً واعتماداً على تلك الأدلة.
3. إن من القواعد المقررة في باب المعاملات: "قاعدة الأصل في المعاملات الجواز([54])، وهذه القاعدة يشهد لها العقل بالاعتبار، ذلك أن المعاملات متجددة في صيغها وأنماطها، ومن ثمَّ فإن النصوص متناهية ولا يمكن أن تحيط بها، وعلى هذا فإن الذي يدعي النقل عن حكم الأصل وهو الجواز، هو المطالب بالدليل، في حين أن الذي يوافق الأصل ليس بمطالب بدليل، إذ يكفيه موافقته للأصل.
ومع ذلك فإن القائلين بالجواز قد أتوا بأدلة من النقل والعقل كانت أقوى سنداً ودلالة من أدلة المانعين.
4. إنه يمكن تقسيم أدلة المانعين إلى قسمين من حيث الدلالة:
أ. أحاديث مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن المتأمل لهاتين الطائفتين من أدلة المانعين، لا يحتاج إلى كثير عناء كي يقرر أن الأحاديث النبوية على ضعفها من حيث السند، ليست دالة على المدعى من حيث الدلالة، ولعل أكثرها دلالة على حكم المسألة التي نحن بصددها ما ورد من نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الآجل بالعاجل، وهذا نص عام يدخل فيه الكثير من الصور كبيع العينة، والتورق، وربا النسيئة، إلى غير ذلك من الصور، وإن قصر دلالته على الصورة محل النزاع تحكم بلا دليل.
ب. آثار صريحة في الدلالة كالآثار المنقولة عن المقداد ابن الأسود، وابن عمر، وغيرهما.
وهذه الآثار المروية عن الصحابة في هذا المضمار، يمكن الإجابة عنها بأنها آثار وأقوال لقائليها في مسألة يسوغ فيها الاجتهاد، فلا تعدو كونها مذاهب لأصحابها، لا تصلح معارضاً لأدلة المجوّزين، فضلاً عن ضعف السند الذي يكتنف جل هذه الآثار.
5. إن المستند الذي استند إليه المانعون هو ادعاء اندراج هذه المسألة تحت الربا، والحق أن المتأمل لهذه الصورة يمكنه الجزم بأنها عكس الربا تماماً؛ لأن الربا قائم على الزيادة في الدين نظير الأجل، وليس الأمر كذلك في هذه الصورة، حيث إنَّ الوضيعة التي تحط عن المدين والناشئة عن الرغبة في استعجال قضاء الدين، هي نقص وليست زيادة، فالربا لا ينطبق عليها، لا لغة ولا شرعاً، وبخاصة إذا علمنا أن من أهم حكم تحريم الربا، منع الإثراء الفاحش على حساب المحتاجين، وليس الأمر كذلك في مسألة ضع وتعجل، حيث يكون النفع للمدين المحتاج الذي هو الطرف الأضعف في كل دين.
وبناءً عليه فإن قياس مسألة "ضع وتعجل" على مسألة "زد وتأجل"، أو مسألة "إما أن تقضي وإما أن تُربي" قياس مع الفارق؛ لأن الهدف من الحط من الدين مقابل تعجيله هو نفع المدين والتيسير عليه، فضلاً عما يحصل عليه الدائن من نفع أيضاً يتمثل في استعجال قضاء دينه، وليس الأمر كذلك في مسألة "زد وتأجل"، حيث يلحق المدين الضرر بشغل ذمته بمبلغ إضافي، بينما ينتفع الدائن الذي هو الطرف الأقوى بزيادة دينه.
ويضاف إلى ذلك كله تشوف الشارع الحكيم إلى إبراء الذمم، وهذا إنما يتأتى من خلال مسألة "ضع وتعجل" فضلاً عن أن الشارع الحكيم يضيق ذرعاً بأي زيادة ربوية تطرأ على الدين بصرف النظر عن سببها ومسوغها، ولذا فإن قياس هذه المسألة على مسألة الزيادة مع التأجيل يبدو في غاية الضعف.
6. إن الأدلة التي ساقها المجّوزون كانت أمس بصلب موضوع البحث من تلك التي ساقها المانعون، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالأحاديث النبوية، ولا شك أن ما سيق أصالة لبيان حكم المسألة، مقدم على ما لم يسق أصالة لبيان حكمها.
وبناء على ما سبق، فإن القول بجواز الوضع مقابل التعجيل هو الأقرب إلى قواعد الشريعة، والأكثر تحقيقاً لمقاصدها في نصرة الفقراء والمحتاجين، ومنع تغول أصحاب رؤوس الأموال، كما أن القول بالجواز هو الأكثر انسجاماً مع الأدلة الشرعية في هذه المسألة، وهذا ما أفتى به مجمع الفقه الإسلامي، حيث رجح جواز الوضع من الدين المؤجل مقابل التعجيل، مقيداً ذلك بألا يكون الوضع ناشئاً عن اتفاق مسبق([55]).
ويرى الباحث انه لا ضروري للقيد الذي ذكره المجمع في فتواه، بل يرى جواز الوضع مع التعجيل ولو كان ذلك ناشئاً عن اتفاق مسبق؛ وذلك لان نفي المشارطة إنما هو في الربا الذي هو زيادة على رأس المال بخلاف مسالة الوضع بشرط التعجيل، فإنَّه إنقاص من الربح، وللدائن أن يحط من ربحه سواء أكان ذلك على جهة الاشتراط أم لا، لكن ليس له أن يزيد على رأس المال أو على الأرباح مقابل التأجيـل؛ لأن تلك زيادة وهذا نقص.
المبحث الرابع
التطبيقات المصرفية
لا تبدو المصارف الإسلامية شديدة التحمس للقيام بتطبيقات مصرفية لهذه المسألة، بل غالباً ما تحجم أكثر المصارف الإسلامية عن تطبيقها، ويرى الباحث أن سبب ذلك يرجع إلى تبني جلّ المصارف الإسلامية للرأي الفقهي الذي يمنع الحطيطة مقابل التعجيل، وهو رأي جمهور الفقهاء كما سبق وأن عرفنا.
غير أن بعض المصارف الإسلامية قد نصت في أنظمتها الداخلية على جواز أن يقوم المصرف بحسم جزء من الدين المستحق على العميل، مقابل قيام الأخير بتسديد الأقساط التي عليه قبل موعد استحقاقها، على ألا يكون ذلك جزءًا من الاتفاقية التي يبرمها المصرف مع العميل([56]).
ومن الصور التي يمكن أن يتم فيها الوضع، مسألة المرابحة للآمر بالشراء، ومسألة الإجارة المنتهية بالتمليك، وهما أداتان تمويليتان تعتمد عليهما المصارف الإسلامية في أنشطتها المصرفية، ويعتبران من أهم صيغ التمويل الإسلامية لدى هذه المصارف.
ويمكن الحديث عن هاتين المسألتين من خلال المطلبين الآتيين:
المطلب الأول: الوضع مع التعجيل في المرابحة:
تعد المرابحة للآمر بالشراء من أهم الأدوات الاستثمارية والتمويلية التي تلجأ إليها المصارف الإسلامية لاستقطاب المدخرات من المودعين وضخها في السوق المصرفي لدى العملاء.
وتقوم فكرة المرابحة للأمر بالشراء، والتي تجريها المصارف الإسلامية، على قيام المصرف بشراء السلع والآلات من ملاكها بثمن حال وإعادة بيعها للعملاء بثمن مؤجل مع نسبة مرابحة تختلف من مصرف إلى آخر.
ولقد ذكر الفقهاء للمرابحة تعريفات عدة متضاربة منها بأنّ المرابحة هي:
بيع السلعة بالثمن الذي اشتراه به وزيادة ربح معلوم أيضاً([57]).
وقد اتفق الفقهاء على جواز هذا النوع من البيوع([58])، وهو من بيوع الأمانات([59]).
والمرابحة للآمر بالشراء كما تجريها المصارف الإسلامية مكونة من بيعين([60]):
البيع الأول: وهو البيع الذي يتم بين ملاك السلع والأدوات، وبين المصرف الإسلامي، حيث يقبض البائع الثمن كاملاً، وحالاً من المصرف، وتدخل هذه السلع وتلك الأدوات في ملك المصرف وفي ضمانه.
البيع الثاني: وهو الذي يتم بين المصرف والعميل، حيث يكون بيعاً بالتقسيط مع زيادة نسبة مرابحة سنوية تختلف من مؤسسة مصرفية إلى أخرى.
وقد شاع هذا النوع من صيغ التمويل الإسلامية شيوعاً كبيراً من خلال المصارف الإسلامية، أو النوافذ المصرفية الإسلامية في البنوك التقليدية، بالإضافة إلى الصناديق التمويلية والإقراضية المختلفة.
وقليلة هي المصارف الإسلامية التي تتبنى الوضع مع التعجيل، فهذا الأسلوب ليس بمعتمد في البنك الإسلامي الأردني، ولا في البنك العربي الإسلامي الدولي ولا في مؤسسة إدارة وتنمية أموال اليتامى.
ولعل السبب في ذلك يرجع بالإضافة إلى تبني الرأي الفقهي السائد إلى عدم رغبة تلك المصارف بالحط([61])، الذي ربما يكبد المصرف بعض الخسائر المالية، وبخاصة وأن المصارف الإسلامية لا تشكو من قلة السيولة، التي تعد المحفز الأكبر لدى البنوك التقليدية في حسم الديون، من أجل تشجيع العملاء على تسديد قروضهم قبل الأجل المضروب، كي تتمكن هذه المصارف التقليدية من تسييل القروض، وإعادة إقراضها إلى عملاء جدد.
غير أن هذا الواقع لا ينسحب على الصناديق التمويلية، وبخاصة الحكومية منها، ومنها صندوق التنمية والتشغيل الأردني، حيث يقوم هذا الصندوق بحسم نسب المرابحة عن السنوات التي يتعجل المتمولين قضاءها، وذلك بحط نسبة المرابحة عن تلك الأقساط.
فلو فرضنا أن قيمة التمويل تساوي عشرة آلاف دينار مقسطة على خمس سنوات، بنسبة مرابحة مقدارها (5%)، فإن الدين الذي للصندوق على المتمول، هو رأس المال (عشرة آلاف دينار) مضافاً اليه المرابحة عن خمس سنوات (25%) أي (2500) ألفان وخمسماية دينار، فيصبح مجموع الدين اثنا عشر ألفا وخمسمائة دينار، فإذا قام المدين بتسديد أقساط السنتين الأخيرتين خلال السنوات الثلاث الأولى، فإن الدين سيصبح أحد عشر ألف وخمسمائة دينار، أي بنقص مقداره ألف دينار، وضعت عن المدين لقاء تعجيله هذه الأقساط.
ونلاحظ من ذلك أن المقدار الذي حط من الدين يشكل نسبة المرابحة عن السنتين الأخيرتين (10%).
وبالرغم من أن هذا الحط معروف لدى العملاء، وهو بمثابة اتفاق ضمني بين الصندوق والمتمولين([62])، إلا أن الحافز للصندوق على ذلك، هو تشجيع المتمولين على المسارعة إلى قضاء ديونهم كي يتمكن الصندوق بدوره من إعادة إقراض هذه الأموال إلى متمولين آخرين جدد كي يعم نفعه أكبر شريحة ممكنة من الجمهور، فضلاً عن أن هذا النوع من الصناديق ليس مؤسسات ربحية، وإنما هي مؤسسات خدمية تهدف إلى تقديم الخدمة إلى المواطنين لتنمية الوعي الادخاري والاستثماري لديهم، وتشجيعهم على القياهم بالمشاريع الصغيرة التي تدر عليهم من العوائد ما يتمكنون به من العيش الكريم، فضلاً عما يهدف إليه مثل هذا النوع من الصناديق من محاربة الفقر والبطالة.
المطلب الثاني: الإجارة المنتهية بالتمليك
بالرغم من أن المصارف الإسلامية في عمومها لا تبدو متحمسة للوضع مع التعجيل في بيع المرابحة للأجر بالشراء، إلا أن سلوكها مع الإجارة المنتهية بالتمليك يبدو مختلفاً تماماً.
وتقوم فكرة الإجارة المنتهية بالتمليك على قيام المصرف بتملك العين من مالكها الأصلي من خلال عقد بيع، يدفع المصرف قيمة للمالك الأصلي نقداً، ثم يقوم المصرف بإبرام عقد مع المتمول، هو عقد إجارة سنوي توزع أقساطه على سنوات في الغالب ما تكون كثيرة، بحيث تغطي هذه الأقساط الإجارية ثمن العين المؤجرة مع زيادة نسبة مئوية غالباً ما تكون أقل من نسبة المرابحة للآمر بالشراء ثم يتم نقل ملكية هذه العين إلى المتمول (المستأجر) وذلك بعد أن يقوم الأخير بدفع آخر قسط مستحق عليه دون دفع ثمن آخر لنقل الملكية([63]).
فإذا تعجل المستأجر سداد أقساط سنتين أو ثلاث سنوات مثلاً، بأن دفعها دفعة واحدة قبل حلول أجلها، فإن المصرف في هذه الحالة يضع عنه نسبة الأرباح بما يوازي هذه السنوات.
فلو فرضنا أن القسط السنوي للعين المؤجرة هو ألفان وخمسمائة دينار بنسبة مرابحة هي (4%) فإذا تعجل المتمول سداد أقساط هذه السنوات الثلاث، فإنه سيدفع سبعة آلاف وخمسمائة دينار ليحط عنه نسبة المرابحة عن هذه السنوات ومقدارها ثلاثمائة دينار.
وتبدو المصارف الإسلامية مضطربة عندما تحجم عن تطبيق مسألة ضع وتعجل في بيع المرابحة للآمر بالشراء، بينما تعمد إلى العمل بمضمونها في مسألة الإجارة المنتهية بالتمليك، وذلك يرجع في ظن الباحث إلى قلة نسبة المخاطرة في مسألة الإجارة المنتهية بالتمليك مقارنة مع بيع المرابحة للآمر بالشراء، ففي المسألة الأولى تبقى العين المؤجرة في ملك المصرف ولا يتم نقل ملكيتها إلى المتمول المستأجر إلا عندما يقوم الأخير بدفع آخر قسط من الأقساط الإجارية، بخلاف المرابحة للآمر بالشراء، فإن المصرف ينقل ملكية العين أو السلعة أو الأداة المشتراة من قبله إلى العميل مباشرة بعد أخذ الضمانات من كفالة ورهن وغيرهما.
ويرى الباحث ألا مسوغ لهذا الاضطراب، حيث يمكن للمصارف الإسلامية أن تعمل بمسألة الوضع مع التعجيل بالإضافة إلى ما يحققه ذلك من منفعة للعملاء، وإبراء لذممهم، فإن هذا الأسلوب يعود بالفائدة على المصارف أيضاً على المدى الطويل، حيث إن العميل في الغالب لن يبادر إلى تعجيل قضاء ديونه إذا كان يعلم مسبقاً أن المبلغ المستحق عليه سيدفعه عَجَّل أو لم يعجل، مما يعود بالضرر البالغ على المصرف، وبخاصة في القروض طويلة الأجل، حيث سيأكل التضخم النقدي كل المرابحة عن السنوات الأخيرة من القرض.
فلو فرضنا أن عميلاً موله المصرف الإسلامي بخمسين ألف دينار مقسطة على عشرين سنة بنسبة مرابحة مقدارها (5%) وأراد العميل أن يتعجل سداد الخمسة عشر عاماً الأخيرة بعد مضي خمس سنوات، فإن ما يدفعه العميل في السنة الخامسة ستكون قيمته النقدية وقوته الشرائية أكبر بكثير مما لو قسط هذا المبلغ كله على مدى خمسة عشر عاماً مضافاً إليها نسبة المرابحة.
فإذا فرضنا جدلاً أن نسبة التضخم هي (3%)، فلك أن تحسب الخسارة التي سيخسرها البنك، وهي (45%) من قيمة القرض، فإذا أضفت لذلك كله تفويت المصرف على نفسه جمع هذه السيولة وضخها في مشاريع وقروض تمويلية، فلك أن تتخيل نسبة الخسارة التي يتكبدها المصرف.
وعليه فإن الحط مع التعجيل، والذي سبق أن رجح الباحث جوازه وعدم اندراجه في الربا لا صورة ولا معنى، هو في مصلحة العميل والمصرف على السواء، ولم يبد للباحث فرق بين المرابحة للآمر بالشراء وبين الإجارة المنتهية بالتمليك، يسوغ إحجام المصارف الإسلامية عن الوضع عند التعجيل في الصورة الأولى وإقدامها على ذلك في الصورة الثانية.
الخاتمــة
توصلت هذه الدراسة إلى جملة من النتائج فيما يأتي أبرزها:
1. إن الفقهاء متفقون على جواز الحط مع التعجيل إذا لم يكن ذلك مشروطاً في العقد.
2. إن مسألة الوضع مع التعجيل لا تندرج في الربا المحرم؛ وذلك لأن الوضع هو إنقاص وحط، وليس زيادة، بخلاف الربا الذي هو زيادة محضة.
3. إن قياس مسألة الوضع مع التعجيل على الزيادة مع التأجيل، قياس مع الفارق، حيث إن الزيادة مع التأجيل هي ذاتها مسألة "إما أن تقضي وإما أن تُربي" بخلاف الوضع الذي لا يعد رباً، لا صورة ولا معنى.
4. إن الأدلة التي ساقها مانعو الوضع مع التعجيل، لم تكن من حيث السند أو الدلالة، مؤهلة لإثبات مدعاهم، فضلاً عن أن جلها يدخل في باب الورع، أكثر من دخوله في باب الحكم الشرعي صحة وبطلاناً، وجوازاً أو منعاً.
5. إن الوضع مع التعجيل فيه منفعة للواضع والمعجل معاً، بخلاف الزيادة مع التأجيل، إذ إن النفع فيها للدائن المستزيد، علماً بأنه الطرف الأقوى في معادلة الدين أصلاً.
6. إن التطبيقات المصرفية لمسألة ضع وتعجل لدى المصارف الإسلامية تبدو متواضعة، ويسودها الاضطراب، حيث تجنح بعض المصارف الإسلامية إلى تطبيقها في بعض الصور دون أخرى.
7. إن سبب إحجام المصارف الإسلامية عند التوسع في الاستفادة من الوضع مع التعجيل يرجع إلى تبني هيئات الفتوى والرقابة الشرعية فيها إلى الرأي الفقهي السائد، الذي يعد هذه الصورة مندرجة في إطار التعاملات الربوية.
8. إن الحافز لهيئات الفتوى والرقابة الشرعية إلى تبني هذا الرأي، هو الأخذ بالاحتياط وإيثار السلامة، وعدم الرغبة في الخروج عن المألوف.
9. إن أدلة القائلين بجواز الوضع مع التعجيل، كانت أمس بصلب المسألة موضوع البحث من أدلة المانعين.
10. إن الأقيسة التي ساقها المانعون، كانت ضعيفة في جلها، ويبدو فيها الفارق بين الفرع المقيس، والأصل المقيس عليه.
11. إن مسألة ضع وتعجل هي أقرب إلى الصلح في الأموال منها إلى أي نمط من أنماط المعاملات الربوية، وأن هذا الصلح مرغوب فيه، لما يترتب عليه من وفاءٍ بحاجة المدين إلى الحط، وحاجة الدائن إلى التعجيل.
كما وتوصلت هذه الدراسة إلى جملة من التوصيات فيما يأتي أبرزها:
1. التوصية بتبني هيئات الفتوى والرقابة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية الرأي الفقهي القائل بجواز الوضع مع التعجيل، حيث إن الاحتياط لا مقام له في المعاملات، لأنه يؤدي في الغالب إلى تعويق النشاط الاقتصادي، والحد من قدرة المصارف الإسلامية على المنافسة في السوق المصرفي العالمي.
2. قيام المصارف الإسلامية بالتوسع في التطبيقات المصرفية لمسألة ضع وتعجلً، لما لهذا التوسع من انعكاسات إيجابية على الصيرفة الإسلامية، ولما له من تأثيرات تنشيطية وتحفيزية للصناعة المالية الإسلامية عموماً.
3. توجيه الأبحاث في الصناعة المالية الإسلامية إلى زيادة التوسع في الأدوات التمويلية، كي تتاح أمام المصارف الإسلامية فرص المنافسة المتكافئة مع البنوك التقليدية للاستحواذ على أكبر قدر ممكن من السوق المصرفي العالمي.
(*) المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، جامعة آل البيت، المجلد السادس، العدد (4)، 1432 ه/2010م.
الهوامش:
([1]) انظر: عبد الله زقيل، مقال ماذا تعرف عن "ضع وتعجل"، [email protected].
([2]) انظر: الشيخ فوزان الفوزان، الفرق بين البيع والربا في الشريعة، http://www.alfawzan.com.
([3]) انظر: موقع الشيخ حامد بن عبد الله العلي، http://www.h-alali.cc/f- .
([4]) انظر: موقع الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي http://www.bouti.com.
([5]) انظر: رفيق يونس المصري، فقه المعاملات المالية لطلبة كليات الاقتصاد والإدارة، دار القلم، دمشق، ط1، 2005م، ص119.
([6]) انظر: رفيق يونس المصري، محمد رياض الأبرش، الربا والفائدة "دراسة اقتصادية مقارنة"، دار الفكر، دمشق، ط1، 1999م، ص21.
([7]) الشيخ علي بن خلف المنوفي (ت 939ه(، كفاية الطالب الرباني على رسالة أبي زيد القيرواني، تحقيق: أحمد إمام، مطبعة المدني، القاهرة، ط1، 1407ه-1987م، ج3، ص340.
([8]) انظر: محمد عبد الغفار الشريف، "مسألة -ضع وتعجل-"، بحث منشور في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة الكويت، ع34، إبريل، 1998م، ص89.
([9]) انظر: شمس الدين محمد بن أبي العباس، أحمد بن حمزة، ابن شهاب الدين الرملي، الشهير بالشافعي الصغير (ت 1004ه(، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، دار الفكر، بيروت، ط الأخيرة، ج4، ص384. نور الدين علي بن علي الشبراملسي (ت 1087ه(، حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج، ج4، ص384.
([10]) انظر: الشريف، مسألة ضع وتعجل، ص90.
([11]) انظر: أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك، الطحاوي (ت 321ه(، شرح مشكل الآثار، تحقيق: شعيب الأنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1415ه-1994م، ج11، ص65. علي بن أحمد الصعيدي العدوي (1189)، حاشية العدوى بهامش كفاية الطالب الرباني، ج3، ص341. مالك ابن أنس (ت 179ه(، المدونة الكبرى، دار الفكر، 1986م، ج4، ص123. علي بن محمد بن حبيب الماوردي (ت 450ه(، الحاوي الكبير، تحقيق: تعليق الشيخ علي معوض والشيخ عادل عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1994م، ج6، ص 367. ابن قدامة، المغني، ج6، ص316.
([12]) انظر: علاء الدين بن مسعود الكاساني (ت 587ه(، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، دار الكتب العلمية، ط2، 1986م، ج6، ص45. عثمان بن علي الزيلعي (743ه(، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، ط2، عن الطبعة الأولى الأميرية ببولاق، 1315ه، ج5، ص41. محمود بن أحمد العيني (ت 855ه(، البناية في شرح الهداية، دار الفكر، ط2، 1990م، ج9، ص32-33.
([13]) انظر: أحمد بن محمد الصاوي (ت 1372ه(، بلغة السالك لأقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك، مطبعة بولاق، مصر، ج2، ص148. محمد بن رشد القرطبي (ت 595ه(، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، دار الكتب العلمية، ط1، 1996م، ج4، ص525. مالك، المدونة، ج4، ص123.
([14]) انظر: أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي، (ت 476ه(، المهذب، ضبطه وصححه ووضع حواشيه: الشيخ زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، بيروت، 1416ه، ط1، ج1، ص33. الشيخ عبد الحميد الشرواني، والشيخ أحمد بن قاسم العبادي (ت 994ه(، حواشي الشرواني وابن قاسم العبادي على تحفة المحتاج بشرح المنهاج، دار الكتب العلمية، ط1، 1996م، ج6، ص527. الإمام يحيى ابن شرف النووي (ت 676ه(، روضة الطالبين وعمدة المفتني، المكتب الإسلامي، ط2، 1985م، ج4، ص195-196. محمد بن أحمد الخطيب الشربيني (ت 977ه(، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، دار الفكر، ج2، ص178-179.
([15]) انظر: أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة (ت 620ه(، المغني، دار الفكر، ط1، 1984م، ج6، ص109. علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي (ت 885ه(، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار إحياء التراث العربي، 1986م، ج5، ص236. منصور بن يونس ابن إدريس البهوتي (ت 1051ه(، الروض المربع بشرح زاد المستنقع، مراجعة وتحقيق وتعليق: محمد عبد الرحمن عوض، دار الكتاب الإسلامي، ط8، 1998م، ص296-297.
([16]) انظر: ابن عبد البر الأندلسي، الاستذكار لمذاهب فقهاء الامصاء، تحقيق: عبد المعطي القلعجي، دار قتيبة، بيروت، دار الوعي، القاهرة، ط1، 1414ه، ج20، ص261. القرطبي، بداية المجتهد، ج4، ص525.
([17]) انظر: الحافظ عبد الرزاق همام الصنعاني (ت 211ه(، المصنف، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، المجلس العلمي، جوهانسبرغ، ط1، 1390ه، ج8، ص73. ابن عبد البر، الاستذكار، ج20، ص264.
* والنخعي هو إبراهيم بن يزيد، النخعي، فقيه العراق، (ت 95ه(، انظر: عبد الحي بن احمد الحنبلي (ت 1089ه(، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، دار المسيرة، بيروت، 1399ه، ج1، ص111.
([18]) انظر: الطحاوي، شرح مشكل الآثار، ج11، ص64.
([19]) انظر: محمد أمين بن عمر الشهير بابن عابدين (ت 1252ه(، حاشية رد المحتار على الدر المختار، ط2، 1966، دار الفكر، 1979، ج5، ص640.
([20]) انظر: الشيرازي، المهذب، ج1، ص172. الشربيني، مغنى المحتاج، ج2، ص179. النووي، روضة الطالبين، ج4، ص196.
([21]) انظر: أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الله بـن
محمد ابن مفلح (ت 884ه(، المبدع شرح المقنع، المكتب الإسلامي، لبنان، ط1، 1394ه-1974م، ج4، ص273-280. المرداوي، الإنصاف، ج5، ص236.
([22]) انظر: شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (ت 751ه(، إعلام الموقعين عن رب العالمين، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة، القاهرة، ط1، 1374ه، ج3، ص371. علاء الدين، أبو الحسن علي بن محي الدين عباس (ت 803ه(، الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار المعرفة، بيروت، ص134. محمد بن أبي بكر بن سعد بن جرير الزرعي ابن قيم الجوزية، إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، تحقيق: محمد عثمان، مكتبة الرحاب، ط1، 2007م، ج2، ص296.
([23]) انظر: محمد بن علي الشوكاني، السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1985م، ج3، ص149.
([24]) رواه الحاكم في كتاب البيوع، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بأن –مسلم بن خالد– ضعيف وعبد العزيز أي ابن يحيى المديني ليس بثقة (انظر: أبو عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بالحاكم النيسابوري (ت 405ه(، المستدرك على الصحيحين في الحديث، وفي ذيلة تلخيص المستدرك لشمس الدين أبي عبد الله محمد بن احمد الذهبي (ت 848ه(، دار الفكر، بيروت، 1978م، ج2، ص52. ورواه الإمام أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (ت 458ه(، السنن الكبرى، كتاب البيوع، باب من عجل له أدنى من حقه قبل محله فقبله ووضع عنه طيبة به أنفسهما، مطبعة مجلس دائرة المعارف بحيدر آباء الدكن بالهند، ط1، 1355ه، ج6، ص28.
([25]) انظر: ابن عبد البر، الاستذكار، مسألة رقم (30111)، ج20، ص261. أبو بكر عبد الرزاق الصنعاني، المصنف، منشورات المجلس العلمي جنوب أفريقيا، الاثمد رقم (14360)، ط1، 1972م، ج8، ص72. أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي (ت 235ه(، المصنف في الأحاديث والآثار، تحقيق: محمد الجمعة ومحمد الحيدان، مكتبة الرشد، الرياض، 1425ه، ط1، 2004م، في المكاتب يقول لمواليه: أعجل لك وتضع عني (306)، ج4، ص471. البيهقي، السنن الكبرى، كتاب المكاتب، باب الوضع بشرط التعجل، ج10، ص335.
([26]) انظر: الصنعاني، المصنف، كتاب البيوع، باب الرجل يضع من حقه ويستعجل، الأثر رقم (14362)، ج8، ص72. ابن عبد البر، الاستذكار، مسألة رقم (30113)، ج20، ص261.
([27]) انظر: ابن قيم الجوزية، أعلام الموقعين، ج3، ص359، وله (أي ابن قيم الجوزية)، إغاثة اللهفان، ج2، ص297.
([28]) انظر: الشريف، مسألة ضع وتعجل، ص110.
([29]) انظر: البيهقي، السنن الكبرى، كتاب البيوع، باب لا خير في أن يعجله بشرط أن يضع عنه، ج6، ص28.
([30]) انظر: نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (807ه(، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، دار الكتاب، بيروت، ط2، 1967، ج4، ص116.
([31]) انظر: الهيثمي، مجمع الزوائد، كتاب البيع، باب من أراد أن يتعجل أخذ دينه، ج4، ص80. الصنعاني، المصنف، كتاب البيوع، باب آجل بآجل، أثر رقم (14440)، ج8، ص90. وبيع الكاليء، هو بيع الدين بالدين وبيع المجر: هو بيع ما في بطون الإبل.
([32]) انظر: الصنعاني، المصنف، كتاب البيوع، باب الرجل يضع من حقه ويتعجل، ج8، ص71. وأخرج نحوه الإمام مالك من طريق الزهري عن سالم عن ابن عمر، وفيه أن عبد الله بن عمر سئل عن الرجل يكون له الدين على الرجل إلى أجل فيضع عنه صاحب الحق، ويعجله الآخر، فكره ذلك عبد الله بن عمر، ونهى عنه، (انظر: الإمام مالك بن أنس الأصبحي (ت 179ه(، الموطأ، كتاب البيوع، باب (39) ما جاء في الربا في الدين، أثر رقم 82، صححه ورقمه، وخرج أحاديثه وعلق عليه: محمد فؤاد عبد الباقي، دار أحياء التراث العربي، بيروت، ج2، ص672. ومن طريقة أخرج البيهقي في سننه ج6، ص28).
([33]) انظر: الصنعاني، المصنف، كتاب البيوع، باب الرجل يضع من حقه ويتعجل، أثر رقم (14368)، ج8، ص74.
([34]) انظر: الصنعاني، المصنف، كتاب البيوع، باب الرجل يضع من حقه ويتعجل، أثر رقم 14355. مالك، الموطأ، كتاب البيوع، باب ما جاء في الربا في الدين، أثر رقم (81)، ج2، ص159. البيهقي، السنن الكبرى، كتاب البيوع، باب لا خير في أن يعجله بشرط أن يضع عنه، ج6، ص28.
([35]) انظر: ابن عبد البر، الاستذكار، ج20، ص264. الصنعاني، المصنف، كتاب البيوع، باب الرجل يضع من حقه ويتعجل، ج8، ص74.
([36]) مالك، الموطأ، ج2، ص673.
([37]) ابن عبد البر، الاستذكار، ج20، ص259.
([38]) انظر: البيهقي، السنن الكبرى، ج6، ص28. وقال: في إسناده ضعف.
([39]) انظر: محمد بن أحمد الذهبي (ت 748ه(، التلخيص على المستدرك، ج2، ص52. وقال الذهبي الزنجي ضعيف.
([40]) انظر: المرجع السابق، المكان نفسه. البيهقي، السنن الكبرى، ج6، ص28. قال الذهبي، وعبد العزيز، أي المديني، ليس بثقة.
([41]) انظر: الشيخ، الشيخ ظفر أحمد التهانوي (ت 1394ه(، إعلاء السنن، تحقيق: محمد تقي عثمان، إدارة القرآن والعلوم الإسلامية، كراتشي، ج14، ص352.
([42]) انظر: علي بن عمر الدار قطني (ت 385ه(، سنن الدارقطني، عالم الكتب، بيروت، ط4، 1986م، ج3، ص46.
([43]) البيهقي، السنن الكبرى، ج6، ص28.
([44]) انظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي، منظمة المؤتمر الإسلامي – مجمع الفقه الإسلامي، ع7، 1992م، ج2، ص46.
([45]) الطحاوي، شرح مشكل الآثار، ج11، ص63.
([46]) انظر: التهانوي، إعلاء السنن، ج14، ص353.
([47]) رواه الحاكم في المستدرك، وصححه على شرط مسلم (انظر: المستدرك، كتاب البيوع ج2، ص20. وانظر: التهانوي، إعلاء السنن، ج4، ص441).
([48]) انظر: المراجع السابقة، الأماكن نفسها.
([49]) الإمام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية (ت 728ه(، مجموع الفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جمع وترتيب: عبد الرحمن قاسم النجدي، طبع على نفقة الملك فهد بن عبد العزيز (1398ه(، ج2، ص232.
([50]) انظر: التهانوي، إعلاء السنن، ج14، ص352.
([51]) انظر: الهيثمي، مجمع الزوائد، ج4، ص116. قال الهيثمي: وأبو المعارك لم أجد من ترجمه.
([52]) انظر: محمد بن عبد الله الحاكم (ت 405ه(، معرفة علوم الحديث، دار إحياء العلوم، بيروت، ط1، 1406ه، ص27-29.
([53]) انظر: الهيثمي، مجمع الزوائد، ج4، ص80. وله: كشف الأستار، ج2، ص91. الحافظ أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني (ت852 ه( مختصر زوائد مسند البزار، تحقيق: صبري أبو ذر، مؤسسة دار الكتب الثقافية، بيروت، ط1، 1412ه، رقم 880. وقال البزار: (رجل– أي موسى بن عبيدة– مفيد، وليس بالحافظ، وأحسب إنما قصر به عند حفظ الحديث شغله بالعبادة.
([54]) انظر: علي أحمد الندوي، القواعد الفقهية، دار القلم، بيروت، ط3، 1994م، ص122.
- إذ أصل الأشياء على الإباحة حتى يرد المنع، أو يثبت الحظر والمنع.
- الأصل الإباحة، حتى يصح المنع من وجه لا معارض له.
([55]) جاء في قرار المجمع المذكور: "الحطيطة من الدين المؤجل لأجل تعجيله سواء أكانت بطلب من الدائن لأمر المدين (ضع وتعجل) جائزة شرعاً، ولا تدخل في الربا المحرم إذا لم تكن بناء على اتفاق مسبق. (انظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي، ع7، ج2، ص218).
([56]) ولا يبـدو هذا التطبيق المصرفي بعيـداً عن الرأي
الفقهي السائد، حيث إن الفقهاء متفقون على جواز الوضع إذا لم يكن الوضع مشروطاً في العقد (انظر المبحث الأول: خلاف الفقهاء وسببه وحاشية رقم (6) من هذه الدراسة.
([57]) محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي (ت 1330ه(، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1996م، ج3، ص159.
([58]) انظر: الكاساني، بدائع الصنائع، ج5، 220. شمس الدين محمد بن أحمد السرخسي (ت 483ه(، المبسوط، دار المعرفة، بيروت، 1986ه، ج13، ص83. أكمل الدين محمد بن محمود البابرتي (ت 786ه(، شرح العناية على الهداية، طبعة الحلبي وطبعة بولاق، مصر، ج5، ص253-254. كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي، السكندري المعروف بابن الهمام (ت 681ه(، شرح فتح القدير، دار الفكر، ط2، ج6، ص494. الدسوقي، حاشية، ج3، ص159. محمد بن أحمد بن محمد الكلبي، ابن جزيّ (ت 741ه(، القوانين الفقهية، دار الكتب العلمية، بيروت، ص174. أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن المغربي الحطاب (ت 954ه(، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، دار الفكر، بيروت، ط2، 1398ه، ج4، ص489. أبو عبد الله محمد الخرشي (ت 1101ه(، حاشية الخرشي على مختصر سيدي خليل، دار صادر، بيروت، ج5، ص171. أبو القاسم، عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الرافعي (ت 623ه(، فتح العزيز شرح الوجيز، تحقيق وتعليق: علي محمد عوض، وعادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1997، ج4، ص319. الشربيني، معنى المحتاج، ج2، ص76. ابن قدامة، المغني، ج4، ص280.
([59]) بيوع الأمانات بالإضافة إلى بيع المرابحة، بيع الحطيطة: وهو البيع بما قام على المشتري مع إنقاص قدر معلوم، (انظر: ابن عابدين، حاشية رد المختار، ج5، ص132. الصاوي، بلغة السالك، مطبعة مصطفى البابي، ط الأخيرة، 1952، ج2، ص77. الشربيني، مغني المحتاج، ج2، ص77).
وبيع التولية: وهو البيع بما قام على المشترى دون زيادة أو نقص، أي بيع السلعة برأس مالها فقط، (انظر: ابن عابدين، حاشية، رد المختار، ج8، ص123. ابن قدامة، المغني، ج4، ص242). وسميت هذه البيوع بيوع أمانات، لأنها تعتمد على أمانة المشتري الذي صار بائعاً، حيث يعتمد المشتري الثاني على خبرةً في مقدار رأس المال.
([60]) انظر: أحمد سالم عبد الله ملحم، بيع المرابحة وتطبيقاتها في المصارف الإسلامية، مكتبة الرسالة الحديثة، عمان، ط1، 1989م، ص194. عز الدين محمد خوجة، الدليل الشرعي للمرابحة، مراجعة: عبد الستار أبو غدة، مجموعة دلة البركة، شركة البركة للاستثمار، ط1، 1419ه، ص41. محمد عثمان شبير، المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي، دار النفائس، ط4، 1422ه، ص309، 318. رفيق يونس المصري، بيع التقسيط تحليل فقهي واقتصادي، دار القلم، دمشق، الدار الشامية، بيروت، ط1، 1990م، ص32.
([61]) انظر: مركز الاقتصاد الإسلامي، المصرف الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية، إدارة البحوث، (11) سلسلة نحو وعي اقتصادي إسلامي، ص132-133.
([62]) حيث إن الحط –أو الحسم– الذي يقدمه الصندوق للعميل ليس منصوصاً عليه في الاتفاقية التي تمت بينهما، وإنما هو مجرد مواعدة من قبل الصندوق للعميل، وهي معروفة لكل من يتعامل مع الصندوق ومعلق بها على شاشة التلفاز.
([63]) انظر: سليمان بن تركي التركي، بيع التقسيط وأحكامه، دار اشبيليا، السعودية، ط1، 1424ه، ص195. رفيق تونس المصري، المصارف الإسلامية، دراسة شرعية لعدد منها، مركز النشر العلمي، جامعة الملك عبد العزيز، جدة، 1416ه، ص30-33. محمود عبد الكريم أحمد إرشيد، الشامل في معاملات وعمليات المصارف الإسلامية، دار النفائس، الأردن، ط2، 2007م، ص63-64. شبير، المعاملات المالية المعاصرة، ص327.