أحكام العلاقة الزوجية في فترة ما بين العقد والزفاف فقهاً وقانوناً- رؤية معاصرة (*)
الدكتور محمد فالح بني صالح/ كلية الشريعة- جامعة الزرقاء
الملخص
يهدف هذا البحث الموسوم بـ (أحكام العلاقة الزوجية في فترة ما بين العقد والزفاف، فقهاً وقانوناً، رؤية معاصرة) إلى معالجة مسألة فقهية ومسلكية مهمة، وهي انتشار ثقافة التبسط بين العاقدين أثناء فترة ما قبل الزفاف، بحيث تجاوزت العلاقة بينهما حدود الخطوط الحمراء، وقد بينت الدراسة أن عقد الزواج، هو ربط بين شخصين مؤهلين لذلك العقد، في حدود المجالسة والمحادثة والمصافحة فقط، وأن المعقود عليها محجوزة لصالح العاقد بحيث لا يصح للغير خطبتها ولا العقد عليها.
كما أن الخلوة والمسافرة والدخول السري حرام ديانة، لما قد تؤول إليه من جحود إزالة العذرية والحمل المبكر، وإنكار نسب الذرية، مما يفضي إلى الفرقة غالباً قبل الزفاف، مع احتمال التغرير بالزوج الجديد الذي لم يعلم بحقيقة الحال، وجميع هذه الاعتبارات عند حصولها، تعتبر مناقضة لقصد الشارع من الزواج وغاياته الشريفة، من استقرارٍ وتناسلٍ وتعاونٍ على خيري الدنيا والآخرة، وكل ذلك يجعل الإذن الشرعي إذا أدَّى إلى الحرام إذناً مقيَّداً، سداً لذريعة الفساد، خصوصاً أن الإحصاءات ما قبل الأخيرة، أشارت إلى أن نسبة (70%) من حالات الطلاق تحصل قبل الزفاف، فقد جاء في إحصائيات 2006 أن عدد حالات الطلاق البائن قبل الدخول بلغت (2038) من مجموع حالات الطلاق لذلك العام وعددها (2604) حالة([1])، ولذا على المهتمين بأمور الشريعة من الشباب وأولياء البنات، إيلاء هذه المسألة كل اهتمام وحذر في فترة ما قبل الزفاف، حفاظاً على البناء السليم للأسرة السليمة، وبسلامتها سلامة الأمة جمعاء.
المقدمة
الحمد لله الذي خصنا بالشريعة الإسلامية وما فيها من الأحكام التفصيلية، ومن أهمها الأحوال الشخصية، بدءاً من الخطبة وعقد الزواج والآثار المترتبة عليها، وانتهاء بالفرقة والموت وآثارهما.
وموضوع بحثنا، يقتصر على (أحكام العلاقة الزوجية في الفترة الواقعة بين العقد والزفاف) حيث تنشأ بعد العقد الصحيح وقبل الزفاف، بعض العلاقات والممارسات بين العاقدين من جهة، وبينهما وبين أسرتيهما من جهة ثانية، بعضها موافق للشرع، وبعضها معارض للشرع أو الآداب العامة. ولذا فإن طبيعة البحث تقتضي محاكمة تلك التصرفات على ضوء مقاصد الشريعة والأعراف الصحيحة ومآلات الأفعال وذرائعها.
وقد بَنيتُ هذا البحث الموسوم بـ: (أحكام العلاقة الزوجية في فترة ما بين العقد والزفاف رؤية معاصرة) على مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة.
المقدمة:
المبحث الأول: عقد الزواج والأحكام المتعلقة به، وآثاره المالية.
المطلب الأول: عقد الزواج والإشهاد والإشهار والإعلان والزفاف.
المطلب الثاني: الآثار المالية المتعلقة بعقد الزواج.
المبحث الثاني: الآثار القوامية والاجتماعية المتعلقة بعقد الزواج.
المطلب الأول: حرمة الخطبة والعقد على المعقود عليها.
المطلب الثاني: ثبوت حرمة المصاهرة بين الزوجين وأسرتيهما.
المطلب الثالث: حكم طاعة الزوجة وآثارها وهي في بيت أهلها.
المطلب الرابع: حكم ومخاطر الدخول السري بالزوجة قبل موعد زفافها.
المبحث الثالث: أحكام انحلال العقد قبل الزفاف.
المطلب الأول: الطلاق والمخالعة قبل الزفاف.
المطلب الثاني: الإيلاء والظهار قبل الزفاف.
المطلب الثالث: الملاعنة قبل الزفاف.
المطلب الرابع: عدة الوفاة قبل الزفاف.
النتائج والتوصيات
المراجع
الفهارس
مشكلة الدراسة
بناءً على أن الزواج، هو الوسيلة الشرعية لتحقيق مقصد من مقاصد الشارع، المتمثلة في حفظ النسل وبناء المجتمع وتكوينه على أسس متينة وثابتة ومتوازنة وعادلة، فقد استفرغ الأصوليون والفقهاء، رحمهم الله، جهدهم في تقرير الأحكام الناظمة لهذا المشروع، ضمن مسائل تفصيلية، متدرجة، بدءاً من إثارة الفكرة وتصورها والترغيب فيها، ورسم طريق الوصول إليها، وتشريع الأحكام اللازمة، ووصولاً إلى إنجاحها على الوجه الأكمل، بأقل التكاليف وأيسرها.
وقد استجد على مشروع تكوين الأسرة أحوال كثيرة في عصرنا الحاضر لم تكن في حسبان الفقهاء السابقين، نتج عنها عدة مشكلات، حالت في كثير من الأحيان دون وقوفها على ساقيها، ومنها الترخص بالخلوات والأسفار المؤدية إلى المقاربة الجنسية، وذلك بسبب إطالة المدة الزمنية بين الخطبة والعقد، وبين العقد والزفاف، بذريعة إتمام المستلزمات، من مهرٍ ومسكنٍ وأثاث قد يمكن الاستغناء عن أكثرها، نتج عنها تجاوزات كثيرة، وأوقعت أصحابها في كثير من الحرج والمنازعات، وربما انتهى بعضها بالطلاق، حيث تشير إحصائيات المحاكم الشرعية إلى أن نسبة الطلاق قبل الدخول تزيد عن سبعين بالمائة من نسبة الطلاق العامة([2]).
وهذا مؤشر بات يدق ناقوس الخطر في تدمير الأسر، لذا رأيت كغيري من المهتمين في خدمة البيت المسلم، أن أكتب في موضوع أظنه لم يأخذ نصيبه في الفقه وقوانين الأحوال الشخصية الأردنية المتعاقبة، من تسليط الضوء على جزئياته في دراسة مستقلة متكاملة، للإجابة على عدة أسئلة منها:
* ما حكم قوامة العاقد على المعقود عليها أثناء إقامتها في بيت وليها مدّة ما قبل الزفاف؟ وهل تجب عليها طاعة العاقد أثناء تلك الفترة؟
* على من تكون نفقة المعقود عليها قبل زفافها؟
* ما حكم طلب الخلوة والمسافرة قبل الزفاف؟
* هل عقد الزواج يعطي حق العلاقة الجنسية قبل الزفاف الذي يقتضيه العرف والعادة؟
* هل هناك أضرار نفسية واجتماعية تترتب على الدخول السري عند نشوء خلاف بين العاقدين، من تجاحدٍ وإنكارٍ لفقد العذرية أو الحمل المبكر، وحدوث ذرية؟
* هل الزفاف الذي يبهج الجميع حق مشروع للزوجة وأوليائها في العرف والقانون؟ أم هو حقها وحدها، ولها التنازل عنه وتجاهل الأهل والمجتمع في ذلك؟
أهمية الدراسة
بناءً على الأسئلة المطروحة في مشكلة الدراسة، تبدو أهمية الإجابة عليها وتقرير الأحكام اللازمة لها، لبيانها للمجتمعات المقبلة على الزواج من الطرفين، وبيان مخاطرها، لتداركها والحؤول دون فشل الحياة الزوجية، والنزاعات الناتجة عن تجاوز أحكام الشريعة وآدابها.
منهج الدراسة
اعتمدت هذه الدراسة المنهج التوصيفي التحليلي ثم الاستنباطي، من خلال تتبع الحالات الاجتماعية مما يخص هذه المسألة، وملاحظة فشل كثير من الزواجات أثناء فترة ما قبل الزفاف، لأسباب تعود إلى الممارسات الخاطئة في العلاقة بين العاقدين، والتي غالباً ما أدت إلى الفرقة بينهما قبل الزفاف، مصحوبة بجملة من الخسائر، المادية والنفسية والاجتماعية.
الدراسات السابقة
من خلال تتبع كل ما يتعلق بعنوان هذه الدراسة من كتابات، لم أجد حسب اطلاعي دراسة مستقلة ومفصلة تعنى بهذا الموضوع، إلا ما درجت عليه كتب الفقهاء وقوانين الأحوال الشخصية الأردنية المتعاقبة بما فيها القانون المعدل لسنة 2010م، والذي نحن بصدده في بحثنا عن بسط قضايا النكاح ببيان أركانه وآثاره، وحقوق الزوجين المتبادلة بعد اجتماعهما في بيت الزوجية الشرعي دون تعرض مباشر لأحكام العلاقة بين العقد والزفاف.
أما الدراسات المعاصرة فقد اطلعت على كتابات وفتاوى على الشبكات الإسلامية، ومنها ما يلي:
1. الحياة الزوجية من البداية إلى النهاية والحقوق الإرثية، وهو كتاب للمرحوم المحامي: حمزة العربي – منشور في مكتبة الرسالة الحديثة – عمان 1976م.
2. فتاوى ومقالات، لكل من العلماء والباحثين أسماؤهم: سماحة الشيخ عبد الله بن باز، والأستاذ الدكتور محمد السيد الدسوقي، ود.حسام عفانة، الأستاذ بجامعة القدس في فلسطين، والشيخ محمد المنجد، والشيخ ابن عثيمين، والشيخ صالح الفوزان، والأستاذ عمرو خالد، والشيخ حسن الصفار، وآخرون.
إلا أن هذه الفتاوى، كانت على شكل أسئلة وإجابات ظاهرة غير تحليلية ولا مؤصلة، ولا كاشفة عن المعاني المقاصدية التي ترتكز عليها الدراسة في تلك الفترة، وذلك ما تم تأصيله وبيانه والكشف عن مفاصله ودقائقه في هذه الدراسة.
المبحث الأول
عقد الزواج والأحكام المتعلقة به وآثاره المالية
يمر موضوع الزواج بمراحل وإجراءات عدة يتوسطها الزفاف والإشهار، ذلك ما تتضمنه المطالب التالية:
المطلب الأول: عقد الزواج وأحكام الإشهاد والإشهار والإعلان والزفاف
أولاً: مفهوم الزواج
بما أن العقود تنشأ عن اجتماع الإرادات والرغبات المتقابلة بين أشخاص تتوفر فيهم شروط محلية العقد حسب موضوع أي عقد من العقود، فإن عقد الزواج في اصطلاح الشرع هو عقد يفيد ملك المتعة قصداً([3])، أي حل استمتاع الرجل من امرأة لم يمنع من نكاحها مانع شرعي بالقصد المباشر بلفظ إنكاح أو تزويج.
وهو في اصطلاح المعاصرين([4]): عقد الرجل على امرأة تحل له شرعاً، بحيث يفيد حل استمتاع المرأة بالرجل، وملك استمتاع الرجل بالمرأة على الوجه المشروع.
وعرفه قانون الأحوال الشخصية الأردني الجديد في المادة (5) ونصه: (الزواج عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعاً لتكوين أسرة وإيجاد نسل).
وبما أن الرغبة والقصد المباشر عند كل من طرفي العقد أمر خفي يصعب الاطلاع عليه، فقد أقيمت دلالة الإيجاب والقبول بين الطرفين مقام الرضا، صراحة بلفظ إنكاح أو تزويج، أو دلالة أو إشارة عند العجز عن ذلك.
حيث جاء في المادة (6): (ينعقد عقد الزواج بإيجاب من أحد الخاطبين أو وكيله، وقبول من الآخر أو وكيله في مجلس العقد).
وقد اتفق الفقهاء([5]) على اعتماد لفظي الإنكاح والتزويج للتعبير عن ذلك صراحة، لورودهما في القرآن الكريم في قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء:٣]، وقوله تعالى: {زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37]، واختلفت الأقوال فيما عداهما من الألفاظ.
وعقد الزواج الصحيح في الشريعة الإسلامية يرتب على العاقدين عدة آثار بمجرد الانعقاد، كحفظ حق الزوج في منع الغير من الخطبة، والعقد على المعقود عليها، وحرمة المصاهرة، وغيرها كما سيأتي بيانه.
ثانياً: الإشهاد
نظراً لما لعقد الزواج من أهمية تختلف عن أهمية العقود الأخرى، فقد أحاطه الشارع الحكيم بعناية بالغة، حيث لم يكتف بتوافق الإيجاب والقبول وموافقة الأولياء، بل طلب إشهاد المجتمع المحيط بالعاقدين، ممثلاً بشاهدين عاقلين كحد أدنى، فالمجتمع صاحب الحق في ذلك، باعتبار العاقدين جزءاً لا يتجزأ منه ولبنة صالحة في بنائه السليم.
والإشهاد لغة([6]): من الشهود والشهادة: وهو الحضور مع المشاهدة، إما بالبصر، أو بالبصيرة.
قال تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282]، إلى قوله تعالى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282]، أي: لا يمتنعوا عن الحضور إذا لزم الأمر، ولا يخرج معناه اصطلاحاً عن المعاني اللغوية.
حكمه: ذهب الجمهور([7]): إلى أن الإشهاد شرط، وأنه من مكونات عقد الزواج، واعتبره المالكية سنة عند العقد، لكنه يكون واجباً مع الإشهار عند الدخول([8]).
وقد استدل الجمهور لذلك بأدلة عدة منها قوله صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) ([9])، لأن اتصال الرجل بالمرأة سراً يكون حراماً، فإن ضدّه يكون حلالاً، والحلال يشمل كل شيء لا يعاقب عليه باستعماله، ويطلق عند الفقهاء على غير الحرام، فيدخل فيه الواجب والمندوب والمباح([10])، وذلك يكون بحضور الولي والشهود، كما أن عقد النكاح يتجاوز العاقدين إلى الولد، فلا بدّ من الإشهاد لحفظ نسبه([11]).
والتفريق بين السفاح والنكاح يكون بالإشهاد، وقد أخد بوجوب الإشهاد قانون الأحوال الشخصية في المادة (8) ونصها: (يشترط في صحة عقد الزواج حضور شاهدين رجلين، أو رجل وامرأتين...) إلى قوله (وتجوز شهادة أصول الخاطب والمخطوبة وفروعهما على العقد).
ثالثاً: الإعلان
هو في اللغة([12]) خلاف الإسرار، وأكثر ما يقال ذلك في المعاني، وهو الظهور والإبانة والإشاعة. وخلافهُ: السرّ. ويؤيد ذلك قوله تعالى: {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا } [نوح: 9]، أي سراً وعلانية.
ويتفق معناه الاصطلاحي مع المعنى اللغوي، لأنه يعني إظهار الزواج وإشاعته بين جمع من الناس يتحقق بهم معنى الإعلان، وله عدة مظاهر منها([13]): توجه العريس وأهله إلى بيت أهل العروس باحتفالية ظاهرة ومعلنة، يشهدها المجتمع ويشارك فيها ويحفز المقبلين على الزواج، ومنها دعوة الناس إلى طعام الوليمة أو الحلوى. والإعلان مبني على الإشهاد، وأوسع منه لاستفاضته بين الناس([14]).
حكمه: ذهب المالكية([15]) إلى اشتراطه، لأنهم يرون الإشهاد مع التوصية بالكتمان لا يتضمن الإعلان، فهو مطلوب لصحة الدخول، فلو حصل دخول دون إعلان لم يصح إلا إن فشا، وفشوّه يكون بضرب الدفّ الذي يكون في الأعراس([16])، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالغربال) ([17]).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (فصل ما بين الحلال والحرام الدفّ ورفع الصوت في النكاح) ([18]). واكتفى الجمهور([19]) عن الإعلان بالإشهاد كما تقدم، واعتبروه إعلاناً، ولا خلاف في أنه إذا اجتمع للعقد الإشهاد والإعلان، فهذا الذي لا نزاع في صحته([20]) ذلك خروجاً من الخلاف.
ومما له صلة بالإعلان ومرادف له، الإشهار:
هو في اللغة([21]) من الشُهرة، وهو وضوح الأمر، كالإعلان، وهو في الاصطلاح لا يخرج عن هذا المعنى. فإشهار الزواج: يعني إظهاره ونشر خبره في المجتمع الذي يحيط به، بحيث يفشو بنحو ضرب دفّ أو وليمة([22])، أو إعلام الناس عن طريق الطبول والأنوار والزنيات([23])، وذهب الإمام أحمد في رواية([24]): إلى وجوب الأمرين معاً، الإشهاد والإشهار أو الإعلان، وقيد ابن تيمية وجوب الإشهاد بخشية التجاحد والإنكار، إذا كان النكاح في موضع لا يظهر فيه، فيكون الإعلان والإشهاد، وإلاّ فيكفي الإشهار والتسامع بين الناس، لأنّ الإعلان مع الدوام يغني عن الإشهاد([25]).
رابعاً: الزفاف
هو في اللغة([26])، مصدر زفّ زفافاً بمعنى أسرع، لقوله تعالى: {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ} [الصافات: 94]، أي يسرعون، ويأتي بمعنى: نقل العروس من بيت أهلها وإهدائها إلى بيت زوجها بسرعة([27])، والزفاف ملازم للبناء، فيقال بنى على أهله، ومن الخطأ الشائع قولهم: بنى بأهله. وكان العرف: أن يبني الزوج ليلة زفافه ودخوله قبة أو خيمة حسب ما كان سائداً، فقيل لكل داخلٍ بأهله: بانٍ([28])، وقد بنى النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة وهي بنت تسع([29]).
ومما يلازم الزفاف: العُرس بالضم، وهو اجتماع النساء لزفاف المرأة إلى زوجها([30]). والعِرس بكسر العين: اسم للزوجة ليلة عرسها، والعروس وصف يستوي فيه الذكر والأنثى ما داما في إعراسهما([31])، ويلاحظ من المعنى اللغوي للزفاف، أن الأصل أن تهدى العروس إلى زوجها بمجرد العقد عليها، فإذا تأخر هذا الإهداء لسبب ما، فإنه يجب الإسراع برّدها إلى بيت زوجها باحتفال مبهج بالفرح والسرور، وهو واجب على الزوج وحق لها ولأهلها، ويسمى هذا الاحتفال بيوم الزفاف([32]).
حكمه: الزفاف من السنن العملية في أعراف المسلمين الخاصة والعامة. وهو حق من حقوق الزوجة تكريماً لها ولأهلها، ولهم الحق في منع تسليمها للزوج بغير ذلك، ولا تعتبر ناشزاً بمطالبتها بذلك الحق، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف) ([33])، وما روي عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ هو وأصحابه ببني زريق، فسمعوا غناءً ولعباً فقال: (ما هذا؟ فقالوا: نكاح فلان يا رسول الله، فقال عليه السلام: "كمل دينه، هذا النكاح لا السفاح، ولا نكاح في السرّ حتى يُسمع دفٌ أو يُرى دخان) ([34]).
وروي عنه صلى الله عليه وسلم قوله: (فصل ما بين الحلال والحرام، الدفّ والصوت في النكاح) ([35])، والمقصود بالصوت: إعلان النكاح واضطراب الصوت به والذكر في الناس.
وبهذا يتبين أن الزفاف شرط غير منصوص عليه صراحة، ولا بد من اعتباره، لأنه يحقق مصالح النكاح من مودة وتكريم، وهذه لا تحصل إلا بتكلف. يقول الكاساني: إن ما ضاق طريق إصابته يعزّ في الأعين فيعز إمساكه، وما سهل طريق إصابته يهون في الأعين فيهون إمساكه([36])، فالنكاح بدون إشهار أو زفاف يسهل طريق الوصول إليه، فيهون في أعين أصحابه ويهون إمساكه عليهم.
ومعلوم أنه ليس للزفاف وقت ممنوع شرعاً، لا بين العيدين كما يشيع بين بعض العامة، ولا ليلة سبت ولا أحد، إلا أنه لا ينبغي أيام رمضان المبارك وأيام الإحرام بالحج، وحالات الحيض، مخافة الوقوع في المحذور الشرعي.
ومما ينبغي التنبه إليه، استحباب اقترانه بنية إقامة السنة ونية التحصن عن الوقوع بالحرام، كما ينبغي التزيُّن والاغتسال والتطيب من كليهما([37])، لقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 228]، وجميع ذلك ما يعين على إنجاح مقاصد الشارع في حفظ النسب([38]).
المطلب الثاني: الآثار المالية المترتبة على عقد الزواج
تسعى الشريعة الإسلامية إلى توفير الظروف الملائمة لإنجاح الحياة الزوجية، من خلال تشريع الأحكام المناسبة بمجرد انعقاد عقد الزواج، ضماناً لحقوق كل من الزوجين، وحسماً للنزاع المحتمل، ومن أبرز تلك الحقوق، الحقوق المالية، وبعضها خاصّ بالزوجة، كالمهر والنفقة، وبعضها مشترك بينهما كالميراث، وفيما يلي بيان تلك الحقوق والآثار ضمن الفروع التالية:
الفرع الأول: حق المهر
للفقهاء تعريفات للمهر، تلتقي عند المال الواجب للزوجة على زوجها بالعقد عليها أو بالدخول بها، أو: هو العوض في النكاح. ويسمى صداقاً، وأجراً، ونحلة، وفريضة([39]).
حكمه: اتفق الفقهاء([40]) على وجوب المهر للزوجة وجوباً غير مستقر، سواء كان مُسمّى، أم مهر مثل، فقد يثبت كله وقد يتنصف وقد يثبت الأقل من المسمّى أو مهر المثل، فالمقصود في ذلك واحد لقوله تعالى: {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} [النساء: 24]، أي: حال كونه فريضة أي: مفروضاً: فالأمر فيه للوجوب، وهذا يدل على أهميته، وقوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (اذهب فاطلب ولو خاتماً من حديد) ([41])، وللإجماع كما نقله ابن عبد البر بقوله: "أجمع المسلمون أنه لا يجوز وطء في نكاح بغير صداق"([42])، والوطء في دار الإسلام لا يخلو من عَقْرٍ (حدٍّ) أو عُقْرٍ (مهرٍ)، احتراماً لإنسانية المرأة وكرامتها([43])، أما تأكده، فقد اتفق الجميع على تأكده بالدخول أو الموت([44])، لحديث ابن مسعود في قضية بروع بنت واشق([45])، وجرى الخلاف في أمرين:
الخلوة الصحيحة وإقامة الزوجة سنة بعد الزفاف بلا وطء، فالحنفية والحنابلة([46]): أكدوا كامل المهر بالخلوة الصحيحة وعليها العدّة، فلأنها سلمت المبدل إلى زوجها، فأوجب على زوجها تسليم البدل إليها وهو المهر، كما في البيع والإجارة، حيث إن المبدل هو ما يستوفى بالمنافع ومحلها العين، فيقام تسليم العين مقام تسليم المنفعة وهو الوطء، مستدلين بقوله تعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء: 21]، وبما روى الإمام أحمد والأقدم بإسنادهما عن زرارة بن أبي أوفى قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق باباً وأرخى ستراً فقد وجب المهر والعدة([47]).
واشترط الحنفية في الخلوة الصحيحة المستتبعة لآثارها، ألا يمنع الوطء فيها؛ ما يلي:
1. مانع طبيعي: كالمرض والقرن، والرتق، والجب، والعنَّة، والحيض، والنفاس.
2. مانع شرعي: كالإحرام بالحج أو العمرة أو صوم رمضان.
3. مانع حسي: كوجود شخص مميز مع الزوجين. (الموصلي، الاختيار، 3/103، ابن الهمام، شرح فتح القدير، دار إحياء التراث العربي، 3/217).
وزاد الحنابلة([48]) أن كامل المهر يجب فيما يُعدّ من مقدمات الجماع، كاللمس بشهوة أو التقبيل، ولو حصل ذلك بغير خلوة، لأن ذلك يعدّ استيفاءً لبعض أحكام الزواج، حملاً للمسيس على ظاهره اللغوي وهو المسّ دون الجماع، كما تأوله بعض الصحابة كما في زوجة العنين المؤجل، فإنه يجب لها الصداق عند الطلاق لطول مقامها معه، فجعل للخلوة دون جماع أثراً في إيجاب الصداق، حيث استحل الزوج بذلك مالاً يحل لغيره، وقد علّق الإمام أبو زهرة([49]) رحمه الله على ذلك بأنه نظر سليم، خصوصاً في عصرنا، لما فيه من الاحتياط للفتاة وأسرتها، حيث غلب على كثير من الناس التساهل في التقاء الشاب والفتاة بمجرد العقد وقبل الزفاف, فربما يعدل الشاب عن إتمام الزواج بعد الاصطحاب الطويل، مما يدفع إلى القول بخطورة ذلك وإيجاب كامل المهر.
كما أوجب المالكية([50]) كامل المهر بالإقامة عند الزوج سنةً بعد الزفاف ولو لم يحصل بينهما مسيس.
أما الشافعية([51]): فلم يوجبوا كامل المهر بالخلوة، ما لم يحصل فيها مسيس، لقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237]، وهذه لم تُجامع ولم تُمّس، وبرأي الحنفية والحنابلة: أخذ قانون الأحوال الشخصية الأردني في المادة (43) المعدلة ونصها: (إذا سُمي مهر في العقد الصحيح، لزم أداؤه كاملاً بوفاة أحد الزوجين ولو قبل الدخول أو الخلوة أو بالطلاق بعد الخلوة الصحيحة)، وهذا الرأي أحوط لحفظ الحقوق، وقد يسقط نصفه([52])، إذا حصلت الفرقة قبل الدخول أو الخلوة الصحيحة بسبب من الزوج سواء كانت الفرقة طلاقاً أم فسخاً.
وبهذا أخذ القانون الأردني في المادة (45) المعدلة ونصها: (الفرقة التي يجب نصف المهر المسمّى بوقوعها قبل الدخول أو الخلوة، هي: الفرقة التي جاءت من قبل الزوج سواء كانت طلاقاً أم فسخاً كالفرقة بالإيلاء واللعان والرّدة وإباء الزوج الإسلام إذا أسلمت زوجته، وبفعله ما يوجب حرمة المصاهرة).
أما سقوط كل المهر([53]) فقد نصت عليه المادة (48) المعدلة، ونصها: (يسقط المهر كله إذا جاءت الفرقة بسبب من الزوجة كردتها أو بفعلها ما يوجب حرمة المصاهرة وإن قبضت شيئاً من المهر ترده).
الفرع الثاني: حق النفقة
تعتبر النفقة أثراً مهماً وحقاً أصيلاً من حقوق الزوجة التي رتبها لها الشارع، والمراد بالنفقة هنا: اسم لما ينفقه الزوج على زوجته من مال للطعام والكساء، والسكنى([54]) والحضانة للمطلقة بائناً.
وحكمها: الوجوب، بالكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب: فقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6]، وقوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]، وقوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7]. وذلك يعني النفقة.
وأما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم: (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) ([55]) وأما الإجماع([56]): فقد أجمع أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن.
وقت وجوبها:
للعلماء في ذلك رأيان: ذهب الحنفية والظاهرية([57])، إلى أن النفقة تجب بالعقد عليها باعتبارها محبوسة لحق الزوج، وتحرم خطبتها فضلاً عن العقد عليها من الغير، صيانة لنسب أولاده، حملاً لحقيقة النكاح على العقد، وسواء كان الحبس حقيقة بعد الدخول، أم حكماً، أي: بالتخلية والتسليم، يعني: عدم ممانعتها الانتقال وإن لم يطلبها الزوج، لأنه يكون قد ترك حقه مع إمكان الاستيفاء. فإن طالبها وامتنعت بلا عذر مقبول فهي ناشز، تأثم وتمنع من النفقة عليها، وتجبر على الانتقال بالوسائل التي تتناسب مع الآداب الكريمة إذا استوفت معجل صداقها.
وليس من الآداب الكريمة جلبها بواسطة الشرطة، ثم إنّ إيجاب النفقة للحبس يشبه نفقة إمام المسلمين المحبوس لمصالحهم([58])، وذهب الجمهور، وبعض متأخري الحنفية([59]): إلى أن سبب وجوبها، هو الزوجية والاحتباس أو التسليم الحُكمِي، وذلك باستعداد الزوجة لتسليم نفسها والانتقال إلى بيت الزوجية، وليس مجرد العقد، حملاً للنكاح على الدخول، فلا نفقة لها حتى تزف إلى منزل الزوج، حيث إن الزوجة لا تكون تحت القوامة إلا بعد انتقالها إلى بيت الزوجية، أو باستعدادها لتسليم نفسها للزوج عند طلبه ذلك. لقوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 34]، فالقوامة غير متصورة قبل ذلك.
فإن كان تأخير انتقالها إلى بيت الزوجية برغبة الزوج واختياره، فإن نفقتها تصبح واجبة عليه، وإن كان عدم انتقالها بسبب راجع إليها أو إلى وليها بلا سبب مقبول، فلا نفقة لها عندئذٍ وإن أقاما سنين عديدة، لفعله صلى الله عليه وسلم، حيث تزوج السيدة عائشة ولم يدخل بها سنتين، ولم يثبت أنه أنفق عليها إلا بعد الدخول([60])، وهذا ما جرى عليه العرف في أغلب بلاد المسلمين.
وبرأي الحنفية أخذ قانون الأحوال الشخصية الأردني حيث جاء في المادة (60) معدلة: (تجب النفقة للزوجة ولو مع اختلاف الدين من حين العقد الصحيح، ولو كانت مقيمة في بيت أهلها، وإذا طالبها الزوج بالنقلة وامتنعت بغير حق شرعي فلا نفقة لها، ولها حق الامتناع عند عدم دفع الزوج مهرها المعجل أو عدم تهيئة مسكن شرعي لها).
ومن اللافت للنظر أن القانون قد أوجب النفقة بمجرد العقد مخالفاً بذلك أعراف المسلمين عموماً التي لم توجب النفقة بمجرد العقد، وذلك بتصوري راجع إلى عدّة أسباب، أهمها:
الأول: والأهم هو حسم النزاع المتوقع ولو لآحاد المجتمع، لأن أعراف المسلمين في ذلك ليست واحدة.
الثاني: حفظ كرامة المرأة فيما لو حصل للزوج بعد العقد حبس أو غيبة طويلة.
الثالث: استعجال إتمام الزفاف تداركاً لما يترتب على تأخير الزفاف من مفاسد، فقد تشكل النفقة عامل ضغط لاستعجال الزفاف، بينما تساهل القانون في مسألة عدم ضبط العلاقة من حيث المبيت عند زوجها أو المسافرة معه قبل الزفاف مما هو سائد بين الناس وما يترتب على هذا العرف من مفاسد كثيرة جراء ظهور الحمل في بيت الأهل وجحود الذرية عند موت الزوج أو الطلاق قبل الدخول، ناهيك عن التغرير بالزوج الجديد في ذلك، وهذا ما ركز البحث على التحذير منه، وحبذا لو أخذ القانون هذه المسألة بعين الاعتبار ووضع ضوابط للدخول دون إذن الولي أو إقامة حفل الزفاف بدل إغفالها وعدم التعرض لذكرها، سدّاً لذريعة التهاون بالدخول السرّي وعواقبه، وربما اعتمد القانون بإغفال هذه المسألة على ما هو مقرر شرعاً من أن الولد للفراش، ولكن هل يثبت هذا الولد إلا بعد أن يفشو الأمر ويشيع بين الناس على أسوأ صورة ؟!!، فضلاً عن الوضع النفسي والاجتماعي لاستقبال ذلك المولود البريء.
الفرع الثالث: حق التوارث
التوارث صيغة متفاعل، وتقتضي التشارك، حيث يحق لكل من الزوجين أن يرث الآخر بعد وفاته أثناء الزواج الحقيقي ولو قبل الدخول، أو الحكمي أثناء عدّة الرجعية، ما لم يقم مانع من موانع الإرث، كالقتل واختلاف الدين لقوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} [النساء: 12]، إلى قوله تعالى: {فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: 12]، ولا خلاف بين أهل العلم في ذلك([61])، أما الطلاق البائن سواء كان قبل الدخول أو الخلوة الصحيحة أم بعد ذلك، فلا توارث معه لانقطاع علاقة الزواج بينهما.
المبحث الثاني
الآثار القوامية والاجتماعية للزواج قبل الزفاف
كما أنّ لعقد الزواج آثاراً مالية، بعضها بعد العقد وبعضها بعد الدخول، فإنّ له آثاراً سيادية واجتماعية، بعضها متفق عليه، كحرمة خطبتها، فضلاً عن العقد عليها، وكحرمة المصاهرة بين كل من الزوجين وأسرة كل منهما، وبعضها مختلف فيه، كحق الطاعة قبل الانتقال إلى بيت الزوجية وما يتعلق بذلك، كالخلوة والمسافرة والدخول السّري، مما ينبغي بيانه في المطالب الآتية:
المطلب الأول: حرمة خطبة الزوجة أو العقد عليها
إن من محاسن الشريعة وكلها محاسن، تحريم خطبة المعقود عليها([62]) بمجرد العقد عليها، وقد سبقت الإشارة إلى أنّ عقد الزواج، يثبت للعاقد حقه في حصر وحجز المعقود عليها لصالحه، بما يقطع نظر الغير عن خطبتها أو العقد عليها، باعتبارها صارت ذات زوج تحرم على الغير، وبذلك تسكن نفس الزوج ويطمئن قلبه على سلامة أهله؛ لأن اجتماع رجلين على امرأة واحدة يفسد الفراش ويوجب اشتباه النسب وفوات المودة، وقد ثبت التحريم بالكتاب والسنة والإجماع والفطرة لقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24]، والمراد بالمحصنة هنا: المتزوجة. وقوله صلى الله عليه وسلم: (ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك) ([63])، وقد أجمع المسلمون([64]) على ذلك، ويتضح من الآية الكريمة والحديث الشريف، تحريم خطبة المخطوبة، فضلاً عن تحريم العقد عليها، فهو من باب أولى.
وإلى ذلك: أشارت المادة (28/د) معدلة من قانون الأحوال الشخصية الأردني، ونصها: (يحرم العقد على زوجة آخر أو معتدته).
ومفادها: تحريم الخطبة والعقد على كل ذات زوج أو معتدته من طلاق رجعي، تصريحاً أو تعريضاً([65])، وكذا المعتدة من طلاق بائن عند الحنفية وأجازه الجمهور تلميحاً، باستثناء المعتدة من وفاة، فتجوز خطبتها تعريضاً، وكذا المطلقة قبل الدخول أو الخلوة الصحيحة تصريحاً وتلميحاً حيث لا عدّة لها، لقوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235]، وكأن الحكمة في المتوفى عنها زوجها أن الزوجية قد انتهت بموت الزوج، واحتمال الرجعة غير واردٍ بعده، فالنكاح عقد عُمر فإذا مات الزوج، انتهى النكاح، والشيء إذا انتهى تقررت أحكامه كتقرر أحكام الصيام بدخول الليل ونحو ذلك([66]).
المطلب الثاني: أحكام المصاهرة بين كل من الزوجين وأسرتيهما
تنشِأ عن عقد الزواج الصحيح أحكام شرعية جديدة بين أطراف العقد اتجاه أسرتيهما، تنظم العلاقات الاجتماعية بينهما، من شأنها صهر الأسرتين في بوتقة من المشاعر والتشارك، والمقصود بتلك الأحكام بعض المحرمات الشرعية؛ منها ما تكون حرمته على التأبيد، ومنها ما تكون على التأقيت، وفيما يلي بيانها:
الفرع الأول: المحرمات على الزوج من أسرة زوجته على التأبيد بسبب لا يقبل الزوال وهن ما يلي([67]):
1. أصول زوجته بنسبٍ أو رضاع بمجرد العقد عليها، حتى لو فارقها قبل الدخول، لقوله تعـالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23]، فبمجرد العقد على الزوجة تحرم عليه أمها وجداتها وإن علون، فلا تحرم مصافحتهّن ولا الخلوة بهنّ، ولا يصح له زواجهن بعد فراق زوجته.
2. فروع زوجته وإن نزلن، بشرط الدخول بها، لقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23]، وقد وضع العلماء ضابطاً لتلك الأحكام بقولهم: (العقد على البنات يحرم الأمهات والدخول بالأمهات يحرم البنات) ([68])، فلا تحرم مصافحتهن ولا الخلوة بهن، وكذا بنات أبنائهن.
الفرع الثاني: المحرمات على الزوج من أقارب زوجته على التأقيت([69])
هناك شريحة من النساء يحرمن على الزوج بمجرد العقد على الزوجة بسبب يمكن زواله يوماً ما، فإذا زال السبب المانع زالت الحرمة، وهن:
1. أخوات زوجته وبناتهنّ وبنات إخوانهنّ وإن نزلن، لقوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 23].
2. خالات زوجته، وعماتها من الدرجة الأولى فقط، وخالات وعمات أمها وأبيها من الدرجة الأولى كذلك، سواء كان ذلك من نسب أو رضاع، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها) ([70])، ومعنى التحريم هنا ينحصر في حرمة زواجه منهنّ أثناء زواجه من المرأة، لكن لا تصح مصافحتهن ولا الخلوة بهنّ، لأنهن أجنبيات من هذه الناحية، وإلى ذلك أشار القانون الأردني في المادة (28/هـ): (يحرم الجمع بين امرأتين بينهما حرمة النسب أو الرضاع، بحيث لو فرضت واحدة منهما ذكراً لم يجز نكاحها من الأخرى)، وهذه المادة أصلها في المغني لابن قدامة، وتدل على حرمة الجمع بين المرأة وعمات وخالات آبائها وأمهاتها(([71]).
الفرع الثالث: المحرّمون على الزوجة على التأبيد وهم:
1. أصول زوجها بنسب أو رضاع وإن علو، بمجرد العقد عليها. لقوله تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: 23].
2. فروع زوجها وإن نزلوا، لقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} [النساء: 22]، قال ابن كثير: "حرّم الله تعالى زوجات الأب تكرمة لهم وإعظاماً، وهذا أمر محل إجماع"([72]) فلا حرج في المصافحة والخلوة بينهم، وربما كانت الحكمة من ذلك، قوة العلاقة بين هذه الأطراف، وعدم استغناء كل منهم عن الآخر، وفي عدم التحريم حرج ومشقة، فقصد الشارع إطفاء باعث الغريزة بينهم، لدوام التواصل والتناصر والتعاون والمودة والمحبة.
المطلب الثالث: حكم طاعة الزوج قبل الزفاف
الطاعة الزوجية من أبرز آثار عقد الزواج الصحيح، ولذا لا بد من بيان حكم الطاعة ومدى مشروعيتها، وشروطها ومجالاتها، وهذا هو أهم ما في هذا البحث.
والطاعة لغة([73]): الانقياد والموافقة، يقال: هو طوع يديك أي منقاد لك.
وهي اصطلاحاً: لا تخرج عن المعنى اللغوي، ويذكرها الفقهاء من خلال ذكر لوازمها، وهي هنا، موافقة الزوجة لأوامر الزوج ورغباته في غير معصية، ومن الطاعة: القرار في البيت([74]).
وحكم الطاعة الزوجية: هو الوجوب بلا خلاف بين أهل العلم. والأصل في الطاعة الزوجية ما أثنى الله به على النساء المطيعات لأزواجهن، وذلك في قوله تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34]، والقانتات: الطائعات، وهو وصف للصالحات مقابل الناشزات، فقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن القانتات هن المطيعات لأزواجهن([75]) والطاعة أحد أفراد القنوت الذي هو عام في طاعة الله وطاعة الأزواج([76]) وقوله صلى الله عليه وسلم: (ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيراً من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته) ([77]). الحديث.
لكن ينبغي التفريق هنا في أمر الطاعة بين مرحلتين، إحداهما: مرحلة الطاعة بعد الزفاف والانتقال إلى بيت الزوجية كما نبينه، والثانية: مرحلة الطاعة قبل الزفاف.
المرحلة الأولى: مرحلة ما بعد الزفاف
لا خلاف بين أهل العلم في وجوب طاعة الزوج بعد الزفاف والانتقال إلى بيت الزوجية وتسليم نفسها له([78]). وهذه المرحلة هي التي أشبعها المفسرون والمحدثون والفقهاء بحثاً دون مرحلة ما قبل الزفاف، وربما تعود أسباب ذلك إلى عدم الحاجة لبحثها، لأنها لم تكن ظاهرة ومنتشرة فيما مضى من العصور، حيث لم يكن هناك فارق زمني بين العقد والدخول، فحيثما تم العقد تبعه الزفاف والدخول، فانصبّ جلّ البحث عن الطاعة على تلك المرحلة، التي لم تكن مدتها متصورة عند الفقهاء بأكثر من
يومين أو ثلاثة، لذا كانوا يقولون: وتمهل الزوجة، أي بعد العقد، مدة بحسب العادة لإصلاح أمرها، كاليومين والثلاثة لأنه من حاجتها، فإذا منع الرجل منه كان تعسيراً، والمرجع في ذلك مردّه إلى العرف([79]). ومن مظاهر تلك الطاعة التي قررتها النصوص الشرعية والمدونات الفقهية والتي تعتبر حقوقاً للزوج عليها: القرار في البيت وعدم الخروج إلا بإذن الزوج، لأن ذلك يحقق مقاصد النكاح، حتى يطمئن قلب الزوج، ولولا ذلك لما حصل السكن بينهما، لقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6]، والأمر بالإسكان نهي عن ضده وهو الإخراج أو الخروج.
ولقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33]، وقوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1]، وجميع ذلك يعين على الاستقرار وعدم ارتياب الزوج مما قد يحمله على نفي النسب([80])، على أن ذلك لا ينفي خروجها برضا زوجها لصلة أرحامها، أو مزاولتها وظيفة لا تتعارض مع حشمتها.
هذه المظاهر للطاعة الزوجية، هي حق الزوج عليها بعد زفافها مقابل بدائل مشروعة قدمها لها، من مهر ونفقة ومعاشرة بالمعروف، وغير ذلك. وهي مُسلّمات معلومة في قاموس الحياة الزوجية المسلمة، وهي التي كرّستها أقوال الفقهاء قديماً وحديثاً، وليس منها في شيء ما يطفو على السطح في أيامنا من مشكلات طلب الطاعة المطلقة قبل الزفاف، وما ينتج عنها من تداعيات، وذلك عائد إلى ما استحدثه الناس من تساهل في إطالة المدة ما بين الخطبة وبين العقد، وبين الزفاف لأسباب بعضها مقبول وبعضها غير معقول.
المرحلة الثانية: مرحلة ما قبل الزفاف
لقد اختلطت الأمور على العامة في أحقية الطاعة الزوجية ومجالاتها في تلك الفترة، وربما كان لهذا الخلط أسبابه، فالنظرة المتعجلة إلى عقد الزواج تظهر أنه يوجب للعاقد على المعقود عليها مطلق الطاعة.
وبالنظر إلى مسّوغات الطاعة من استيفاء المعجل وبذل النفقة وحق التأديب، وإلى ما يقيدها من الأعراف والعادات كالزفاف، ومن سدّ للذريعة ومنع للضرر الناتج عن تداعيات الطاعة المطلقة، وبواعث طلبها ومآلاتها، فإن ذلك يدعو إلى النظر بأن عقد النكاح ينشأ غير مستقر، فالمهر قبل الدخول معرض للإلغاء أو التنصيف وعدم إيجاب النفقة، فلا يستقر ويولّد جميع آثاره إلا بالانتقال إلى بيت الطاعة، ومن تلك المسوّغات ما يلي:
المسوّغ الأول: استيفاء المعجل
سبق وأن ذكرنا أن المهر أثر من آثار النكاح، وسواء قلنا بأنه تكريم لها أم أنه بدل تسليمها نفسها فإنه بدل استيفاء للآخر، تحقيقاً للمعاوضة من جهة([81])، ومن جهة أخرى فإن ذلك النكاح لم يشرع لذاته، بل لمقاصد لا تحصل إلاّ بدوام النكاح والقرار عليه، ولا يدوم إلا بوجوب المهر وتأكده، وإلا فهناك ما بين الزوجين من الأسباب التي قد تحمل الزوج على الوحشة والخشونة، فلإيجاب المهر تأثيره في ردع الزوج عن بعض التصرفات القاسية، ثم إن مقاصد الزواج تتوقف على التوافق، ولا يحصل ذلك غالباً إلا إذا كانت المرأة طائعة، ولا تحصل الطاعة إلا بحصولها على ما يعزُّ أداؤه من مهر ونفقة([82])، وإلى عهد قريب من الزمان كان هناك تلازم بين العقد ودفع المعجل والدخول، فكان الدخول متوقفاً على الاستيفاء ومرتبطاً به وضعاً للشيء في نصابه، وعكس ذلك هو الاستثناء الذي أوقع الناس فيما هم فيه من المطل وذريعة الاحتماء بعقد الزواج.
المسوّغ الثاني: بذل النفقة وتهيئة المسكن
تقدم أن الجمهور([83]) لم يوجبوا النفقة إلا بالدخول والانتقال إلى بيت الزوجية، وهذا يعني أن الطاعة الزوجية غير واجبة حتى تزف إلي بيت الزوج، لأنّ من ينفق يُشرف ويطاع، وإلا فلا يتصور أن تكون تحت نفقة وليها، وتكون محجوراً عليها بالحبس لصالح العاقد قبل انتقالها إلى بيته، وهذا الحكم هو ما جرى به العرف في بلاد المسلمين والعرب منهم خاصّة، حيث يُستغرب مطالبة الزوج بالنفقة قبل الزفاف كما يُستهجن إلزام الزوجة بطاعته([84]) قبل أن تُزفّ إليه.
ولذا، فإنه ليس من الإنصاف إلزام الزوجة بالطاعة قبل زفافها إلى مسكنها الشرعي، وتسلّمها المفروض لها على الزوج من معجل صداقها، ونفقة معيشتها، وهذه هي مسوّغات القوامة الشرعية (وبما أنفقوا....) فلا قوامة للزوج قبل ذلك([85]).
المسوغ الثالث: حق التأديب
إن حق القوامة المشروع يّولد حق التأديب الوارد ذكره في قوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34].
وجه الدلالة: أن خوف النشوز وحق التأديب بكل صوره المذكورة في كتب التفسير، غير متصور الوقوع من إمرأة لم تنتقل إلى بيت الزوجية، وليس للزوج معها رصيد من التجربة، بحيث يجعله يعرف نشوز تلك الزوجة فيخافه، وليس له قوامة فعلية تعطيه حق الوعظ، كما أن حق الهجر لمن ليست في بيته ليس له أي معنى.
ونحن هنا لسنا بصدد تفصيل مراحل التأديب وتوضيحها بقدر ما تعنينا دلالته، إن هذه المعاني وغيرها. تدفع باتجاه عدم إيجاب الطاعة، ومنها طلب الخلوة والمسافرة والدخول قبل الزفاف، والنقلة إلى بيت الطاعة الشرعي.
المطلب الرابع: مدى مشروعية الطاعة بطلب الخلوة والمسافرة قبل الزفاف
سبق أن تقرر عدم القوامة الزوجية قبل زفاف الزوجة ونقلها إلى بيت الزوجية، إلا في حدودها الأدبية الضيقة، كالمصافحة والمجالسة والمحادثة، أما فيما يخص بعض الأحكام والقضايا الشرعية من تفاصيل ليلة الزفاف، فيفضل تأخيره إلى قبيل الزفاف بأيام تقريباً، فإن ذلك وقت الحديث عنه من أحكام وآداب.
فمن نافلة القول، عدم إيجاب الطاعة بطلب الخلوة أو المسافرة حتى يبلغ الكتاب أجله، وامتناع الزوجة عن تلبية ذلك الطلب قبل الزفاف، هو حق مشروع ولا يُعدُّ نشوزاً، لا ديانة ولا قضاءً ولا عرفاً، أما ديانة: فلأن القوامة عليها ما زالت لأبيها ما دامت في بيته،
وأما قضاءً: فقد ذهبت محكمة الاستئناف الشرعية في تطبيقاتها القضائية إلى أبعد من ذلك، حيث ردت دعوى الطاعة قبل الزفاف بقرارها رقم (24399) ونصه: (إن مجرد تهيئة الزوج المسكن الشرعي لزوجته التي لم تُزف إليه بعد، وطلبه منها طاعته فيه، غير كافٍ وحده، ما لم يقم الزوج مع ذلك بما يجب عليه لإتمام الزفاف، وتهيئة أسبابه حسب العادة والعرف، بما في ذلك ذهابه بنفسه أو إرسال محرم لها للنقلة إلى مسكنه) ([86]).
وبذلك تكون المحكمة الشرعية قد تجاوزت ربط الطاعة بقبض المهر واستحقاق النفقة، إلى اعتبار الزفاف المعروف، حقاً مشروعاً للزوجة كما تقدم، وتتوقف عليه الطاعة وإتمام الزواج، فهذا القرار من محاسن ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف الموقرة لأنه يتماهى مع مصلحة النكاح ومقاصده الشرعية، ومشاعر المرأة الاعتبارية والنفسية، ويُطلعُها على حقوقها التي تصون لها كرامتها، ويقطع الطريق على الذرائع والتلاعب من ذوي النوايا السيئة، إذ لو كانت نية صاحب الدعوى حسنة وبريئة، لأتى البيوت من أبوابها، ولم يتسلل من نوافذها الخلفية، ولربما أرادها بسوء ليبتزها أو يبتزَّ أهلها لأسباب تافهة، وعلى جميع الأحوال، فإن تلك المرأة هي الرابحة بامتناعها، سواء تم الزواج وتسلمت كامل حقوقها، أم تم الطلاق فثبت لها نصف صداقها، وحفظت كرامتها.
وأما عرفاً: فقد جرت أعراف المسلمين العامة على عدم إلزام المعقود عليها بطاعة العاقد، وخاصة في طلب الخلوة والمسافرة بها والمبيت معها خارج بيت أهلها قبل الزفاف، لأنّ ذلك في نظر العقلاء، عيباً وخفّةً وطيشاً ورعونة، بصرف النظر عن تجاوزات بعض المتهاونين من هنا وهناك، وهذا العرف السليم في الشرع له اعتبار، لذا عليه الحكم قد يدار([87]).
وللعرف مستنداته الصحيحة من الكتاب والسنة والقياس مما لا يتسع المقام لبسطه هنا. وللعرف عند الفقهاء والمفتين والقضاة دوره البارز عبر مسيرة الشريعة فيما لا نص فيه ولم يخالف النصوص الصحيحة، فكل ما ورد به الشرع مطلقاً، ولا ضابط له فيه ولا في اللغة يرجع فيه إلى العرف([88])، لذا فالزفاف شرطٌ ضمني من شروط الزواج في أعراف المسلمين المستحسنة والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً([89])، (وما رآة المسلمون حسناً فهو عند الله حسن) ([90])، وهذا الخبر هو أصلٌ للقاعدة الشرعية (العادة محكمة) ([91]) وما دام كذلك، فإن ذلك العرف يكون واجب التنفيذ كما لو كان مستنده الشرع، لأنه يحقق مصالح الناس، وقد أظهرت استبانة وزّعت على شرائح من طلبة كلية الشريعة في الجامعة الأردنية صحة هذا العرف وسنتكلم فيما يلي عن طلب الدخول السري قبل الزفاف في الفروع التالية:
الفرع الأول: حكم طلب الدخول السري قبل الزفاف
الحديث في هذه المسألة غاية في الأهمية ويستدعي التركيز في بيان حكمها ومحاذيرها ومخاطرها، على ضوء التفلّت الأسري الحاضر.
فبناءً على النتائج التي توصلت إليها دراسة مسألة الطاعة من حيث عدم مشروعيتها قبل الزفاف، سواء في ذلك طلب الخلوة، أو المسافرة ونحوها، فإنه من باب أولى، القول بعدم مشروعية الدخول السرّي قبل الزفاف، باعتباره في النهاية مندرجاً تحت مسألة طلب الخلوة والمسافرة، بل هو غايتهما العملية، فإن قيل: كيف وعقد الزواج يفيد حل الاستمتاع بالمعقود عليها، والدخول السري أحد أفراده؟
فالجواب: أنّ الحِل حكم شرعي مأذون فيه، قيدته مصلحة النكاح ومآله، تحقيقاً لمقصد الشارع من إعفافٍ بالحلال وتعاونٍ على المصالح الدنيوية والأخروية([92]) وطلب الذرية، وسواء كان المقصود بالحِل: الحق أم الإذن والإباحة، فالأساس الذي يستند إليه الحِل هو الشرع، لأنه مصدر الأحكام ومنشؤها، والحِل هنا ليس غاية في ذاته، بل هو وسيلة لتحقيق مصلحة النكاح وغايته.
يقول الشاطبي: "إن وضع الشرائع، إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معاً"([93])، لقوله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6].
ومثل هذه الآية، كثير ومستمر في جميع تفاصيل الشريعة([94])، وبما أن تكاليف الشريعة تهدف بالجملة إلى حفظ مقاصدها في العباد، الضرورية منها والحاجيّة والتحسينية، تحقيقاً لمبدأ العدالة، فإنها لا تقتصر على ظواهر النصوص، دون النظر إلى ما يخصص عمومها، أو يقيد مطلقها من أعراف ومقاصد، لذا فإن الاجتهاد التشريعي المعتمد على أصول الفقه، يعتبر أصلاً كذلك لاستنباط الأحكام التي تحقق العدل والمصلحة فيما لا نص فيه، لئلا تعود الشريعة على أصلها بالنقض، ومعاندة قصد الشارع عيناً باطلة([95]).
وإن من أهم ما يحقق مقاصد الشارع، النظر في بواعث الأفعال ومآلاتها، لما لها من تأثير في الحكم على الأفعال صحة أو فساداً. لذا فسأبحث مسألة الدخول السري لمحاولة الوقوف على حكمها الشرعي من خلال الباعث والمآل.
أما الباعث: فهو الدافع الذي يحرك إرادة الإنسان إلى التصرف لتحقيق غرض غير مباشر([96])، وهو المعيار الذي يكشف عن النوايا المشروعة وغير المشروعة عند كثير من الفقهاء، حيث يقاس به شرف النوايا وطهارتها، ويحقق المبدأ الأخلاقي في جميع التصرفات، وأصل الاعتداد به، قوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى) ([97]).
ولذا فإن معيار الباعث ذاتي إذا لم يعلن عنه صاحبه ويخبر به الطرف الآخر، ليحدد موقفه إزاءه سلباً أو إيجاباً، فإذا كان غير معلن فلا يكشف عنه إلا المآل الذي يصار إليه.
فالباعث على التصرف الذي ظاهره الجواز، إذا كان لتحقيق أمر غير مشروع، لم يشرع بالنظر إلى هذا الباعث، ولا يصلح الفعل الذي ظاهره الجواز معتصماً([98]) والدخول السري الذي هو من مخرجات الخلوة التي حصلت خلسة، تصرّفٌ ظاهرهُ الجواز، لكن باعثه تحقيق شهوةٍ أمْرُها غير مشروع قبل الزفاف، لأنه بغير إذن الأولياء، وبغير الإشهار المقرر حقاً للمعقود عليها ولأوليائها، وإذنها وحدها لا يعتدُّ به، لأنها ليست صاحبة الشأن من الناحية الشرعية، فالقوامة عليها ما زالت لأوليائها، ولا يعتبر مُبرّراً مشروعاً، حفاظها على إرضاء العاقد وتحسباً لردود فعله مستقبلاً.
ولذا فباعث الدخول السرّي باعثٌ تعسفي وغير أخلاقي، ولم يحقق مصلحة حقيقية ظاهرة، فهو مصادم لقصد الشارع، والمقاصد أرواح الأعمال([99])، فالدافع غير المشروع يجعل الفعل المأذون فيه فعلاً تعسفياً لعلة المفسدة المادية الراجحة، التي يؤول إليها([100])؛ لأن الأسباب تأخذ حكم المقاصد غالباً، فيكون للباعث أثره في تكييف الفعل من المشروعية أو عدمها، فإذا كان الضرر راجحاً صار الفعل غير مشروع، لئلا يساعد على تفشي التصرفات الضارة بين الناس، ويؤدي في النهاية إلى فعل ما لا يجوز، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ومن المقرر عند علماء القواعد الفقهية: أن ما وضع لمباح لم يقصد به التوصل إلى مفسدة لكنه يفضي إليها غالباً؛ فإنه يجب سد تلك المفسدة، لأن الظن يجري مجرى العلم، فاعتباره هو الأرجح([101])، حيث إن اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات([102]).
وأما المآل: فهو نتيجة الباعث وثمرته، وعلى ضوئه يحل الفعل أو يحرم بقطع النظر عن أصل وصفه الشرعي([103]).
والدخول السري كما يبدو، له مآلان متعارضان:
المآل الأول: هو مصلحة العاقد المتوهمة المأذون له فيها بالعقد الشرعي، وهي الاستمتاع.
المآل الثاني: هو المفسدة التي تنتج عن ذلك الاستمتاع، من خطر المجاحدة والمتاركة، التي قد تفضي إلى ضياع الحقوق والتغرير بزوج آخر، وهذه المفسدة عظيمة جداً وهي تبدو أرجح من المصلحة التي في الدخول السري، لأنها مناقضة لقصد الشارع من حيث عدم استقرار النكاح ودوامه، وقد ذهب الأصوليون إلى أن مثل هذا الفعل يصبح غير مشروع لأنه آل إلى مفسدة([104]).
الفرع الثاني: معيار المفسدة التي تجعل الفعل المأذون فيه غير مشروع
لقد قسم الإمام الشاطبي([105]) الفعل المأذون فيه الذي يؤدي إلى مفسدة غير مشروعة إلى ثمانية أقسام، وصاغها المرحوم الشيخ مصطفى الزرقا([106]) بمواد قانونية مقترحة ومنها بتصرف ما يلي:
مادة (1/ب): إذا تولَّد من استعمال الحق ضرر جسيم للغير، أو إزعاج شديد، وكانت المصالح التي يحققها لصالح الحق تافهة تجاه ذلك الضرر أو الإزعاج، فإنها تصبح غير مشروعة.
وجاء في المادة (3/أ)، ما يلي: يعتبر قرينة على تمحض قصد المضارة بشرط علم صاحب الحق بالضرر، انعدام الغاية الشرعية من استعمال الحق.
(3/ب) انتفاء أية ثمرة أو منفعة لصاحب الحق من ممارسة حقه يجعله غير مشروع
(3/جـ) إذا كان لصاحب الحق مندوحة عن الإضرار بالغير، بأن كان يستطيع استعمال حقه بطريقة لا تضر بالغير ولا تحمّله أية كلفة إضافية، أو تحمّله كلفة تافهة، فإن ذلك يجعل تصرفه غير مشروع، لأن صاحب الفعل إما أنه مقصر في النظر المأمور به وذلك ممنوع، وإما أنه قصد إلى نفس الإضرار، وهو ممنوع أيضاً، فيلزم أن يكون ممنوعاً من ذلك الفعل([107]).
وأخيراً: فإن هذه المواد المؤصلة على نصوص الشريعة تنطبق على الدخول السري وتقضي بمنعه شرعاً، لأن لصاحبه مندوحة عنه للوصول إلى طلبه بما لا يضر بالمعقود عليها ولا بأهلها.
وإذا تعارض المانع والمقتضي يقدم المانع (لاعتناء الشارع بالمنهيات أكثر من اعتنائه بالمأمورات) ([108])، وذلك استناداً إلى قوله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) ([109]) وفيه الإخبار الذي يفيد النهي عن الإضرار بالغير بصريح اللفظ، مما يجعل الفعل الضار غير مشروع، سواء كان قصد الضرر متوفراً أم معدوماً، اجتثاثاً لواقعة الضرر في أية صورة من صورها([110]).
وجميع ذلك يصب في توازن المصالح أو انعدام التناسب([111])، الذي هو عين العدالة التي جاءت الشريعة لإقرارها في الحياة، فمصلحة الفرد يجب أن تتسق مع التنظيم التشريعي ولا تناقضه([112]).
بقيت هنا مسألة أصولية متعلقة بذلك، وهي: بناء على التأصيل الفقهي لانعدام مشروعية الفعل المأذون فيه إذا أدى إلى مفسدة، فهل ينعكس هذا الحكم على أصل المشروعية لذلك الفعل بالبطلان؟ أي: هل يجعل الوصف المنخرم غير مناسب أم لا؟ لقد رجح الدكتور الدريني([113]) ما ذهب إليه الأصوليون من الشافعية، حيث ذهبوا إلى عدم انخرام مناسبة ذلك الوصف، لأن أصلَ المشروعية ثابت لا يتغير، أما المآل: فهو متغير دائماً، كما أن المفسدة لا تبطل المناسبة عند تعارض المآلات.
ويؤيد ذلك ما قرره الشاطبي بقوله: "ولأن الأمر الكلي إذا ثبت، فتخلف بعض الجزئيات على مقتضى الكلي لا يخرجه عن كونه كلياً"([114]) ويمكن الاستئناس لذلك، بمسألة الصلاة في الدار المغصوبة، حيث إن أصل الصلاة مأذون فيها([115])، لكن يلزم إضرار الغير، فتكون محرمّة، ولذلك تكون العبادة عند الجمهور صحيحة مجزئة، ويكون صاحبها عاصياً بالطرف الآخر، وضامناً إن كان ثمَّ ضمان، ولا تضاد في الأحكام لتعدد جهاتها([116]).
وبناءً على ذلك، فإن الفعل المشروع إذا أدى إلى مفسدة وآل إليها كمفسدة جحود الدخول وجحود الولد وموت العاقد، فإنه يجعل ذلك الفعل بخصوصه غير مشروع لكنه لا يخرج العقد بالكلية عن أصل مشروعيته، أما المآل فهو متغير كما تقدم.
الفرع الثالث: مخاطر الخلوة والمسافرة والدخول السري
قبل الكلام عن استنتاج المخاطر المتوقعة من الخلوة وما بعدها، يمكن التذكير بحقيقة قد تغيب أحياناً عن البال، وهي: أن مشكلات ما بين العقد والزفاف لم يكن لها وجود في ما مضى من الزمان كما هي صورتها المجتمعية في السنوات الحالية، حيث كانت المدة ما بين الخطوبة وبين العقد ثم الزفاف قصيرة جداً كما ذكرنا سابقاً، وربما كان السبب قلة التكاليف وعدم المبالغة في المهور والتجهيز والأثاث، وعدم الحاجة لانتظار اكتمال مدة الدراسة، فنتج عن هذه الظروف كثير من المشكلات ذات المخاطر المجتمعية الجسيمة، فإطالة المدة بين العقد والزفاف قد توقع العاقدين في فترة اختبار محرجة تجعل المعقود عليها بين خيارين أهونهما صعب:
الخيار الأول: أن تعامل العاقد على أنه زوج أو شبه زوج، وتتبسط معه وكأنها في بيت الزوجية الحقيقي شريطة عدم الوصول إلى المحظور، وهذا تصور مقبول نظرياً، لكنه لا يتحقق عند التطبيق العملي، لأن الفطرة الجسدية لا يمكن كبحها دون الوصول إلى المرحلة الأخيرة، وكل محاولة لضبط الأمر، لا تعني إلا المزيد من الإثارة وضعف المقاومة ثم الوقوع في الممنوع.
وأما الخيار الثاني: فهو أن المعقود عليها، تعامل العاقد على أنه شخص غريب أو خطيب، فتتحرز منه دائماً، وهي بذلك معذورة حرصاً على مصلحتها، لكن هذا الخيار صعب كذلك من الناحية العملية، فالعاقد يعتبر العقد إذناً شرعياً، كأن المعقود عليها زوجة تعيش في بيته، فهو دائم المحاولة للاختلاء والمسافرة ثم الدخول جراء الضغوطات الإغرائية الرهيبة، التي يتعرض لها الطرفان. وكلا الخيارين منطقي من الناحية الافتراضية، لكنه يعتبر ضاراً بالاثنين معاً من حيث الكبت الجنسي وحرج الرقابة المجتمعية.
وبناء على ما تقدم، يتبين أن لهذا السلوك عدة مخاطر تجب مراعاتها، ومنها ما يلي:
1. إن الدخول السري فيه مخالفة شرعية، لأن المعقود عليها ما زالت تحت قوامة والديها، فهي تعتبر خلية عرفاً وربما قانوناً كذلك، وكأنهما خاطبان، وأن حلّ الاستمتاع إذنٌ قيدته المقاصد الشرعية والأعراف الصحيحة، بألا يكون وطء قبل الزفاف، وما ثبت بالعرف الصحيح ثبت بدليل شرعي.
2. إنه اعتداء على حق الزفاف الذي هو حق للفتاة وأهلها، باعتبار أن الزفاف إشهار من شأنه أن يحمي سمعتهم أمام الناس، (وما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله أحسن) ([117]).
3. إنه امتهان لكرامة كلا العاقدين معاً، حيث يفقدهم الثقة بسلامة تصرفاتهم، لأنهم يحسون بالتأثم في داخلهم، ويشعرون بعقدة الذنب، والإثم ما حاك في الصدر وخشيت أن يطلع عليه الناس.
4. إنه يصبح سبباً في ضعف ميل كل منهم تجاه الآخر، ويولد في نفوسهم نوعاً من الفتور والمخاشنة التي تؤدي غالباً إلى الفرقة، لأن الشاب وصل بسهولة إلى ما يعسر الوصول إليه بلا معاناة فيسهل عليه تركه.
5. إنه يشعر الفتاة بعقدة الذنب وهي تتسلل من وراء والديها الحنونين خلسة، حيث تعرضهم إلى الفضيحة عند افتضاح الأمر بين الناس.
6. إنه يجعل فترة الزفاف بعد ذلك فاقدة لقيمتها وبهجتها، ويصير الطرفان ينظران إلى ابتهاج الأهل والمجتمع نظرة المتفرج وليس المتفاعل، فكأنهم في مشهد تمثيلي! مما ينعكس أثره على علاقتهما تلك الليلة وما بعدها.
7. إنه يعرض الفتاة لفقد عذريتها وفي حالة عدم إتمام الزواج قد ينكر الرجل ما حصل ثم تتزوج من زوج آخر فيكتشف أمرها فيردها بفضيحة بعد دخولها بزفة، وعلى افتراض عدم اكتشافها، تكون قد غررت به على أنها بكر وليست ثيباً، وتظل عقدة الذنب تلاحقها طيلة حياتها كذلك.
8. إنه يُعرّض الفتاة إلى حملٍ مبكر قبل انتقالها إلى بيت الزوجية، وفيه فضائح لا تخفى على أحد.
9. إنه يعرض المولود إلى ضياع النسب عند عدم الاعتراف به، فيظل منبوذاً في نظر المجتمع طيلة حياته، لأنه لم يولد تحت ضوء الشمس وبهجة الجميع، بل جاء إلى الحياة من الأبواب الخلفية، فهو دائماً يتوارى من الظهور عن القريب والبعيد، وفي ذلك ضرر عظيم.
10. إنه عامل هدم كبير في إيقاع الطلاق قبل الزفاف، حيث تشير إحصائيات المحاكم الشرعية في الأردن أن نسبة (70%) من حالات الفرقة بين العاقدين تحصل قبل ليلة الزفاف([118])، وأغلب تلك الحالات ناتج عن استعجال الدخول أو محاولة ذلك حسب ما رأيناه في مسائل التحكيم القضائي في المحاكم الشرعية، والخطر الأهم من كل ما ذكر، هو أن الدخول السري، دخول مبعثه داعية الهوى، والشريعة جاءت لإخراج المكلف من داعية الهوى والنفس، إلى داعية الشرع وتحقيق العدل ودفع الضرر وبطلان العمل المبني على الهوى. لأن متبع الهوى، يتخذ الأحكام ذريعة لاقتناص أغراضه([119])، وهذا ما يميز المسلم العاقل بسلوكه الرباني عن سلوك غيره من الناس وبقية المخلوقات غير العاقلة.
الفرع الرابع: جزاء الدخول السري (الفعل الضار)([120])
بما أن الدخول السري يعتبر فعلاً ضاراً فينبغي ألا يخلو عن جزاءٍ يناسبه، وبما أنّ أصل الفعل مأذون فيه، فإن الجزاء المناسب يتمثل بالجزاء التعزيري والجزاء الأخروي.
أما التعزيري: فهذا موكول إلى ولي الأمر، لأن مثل هذا الضرر ليس فيه حدّ مقرر في الشرع، فإذا ظهر مثل هذا الضرر ووصل الأمر إلى القاضي فللقاضي تقدير ذلك الضرر وتقدير الجزاء المناسب، فقد يكون الجزاء توبيخاً، وقد يكون مالياً.
وأما الجزاء الأخروي: فلا يخلو هذا الضرر عن الإثم الذي يلحق الفاعل، لأن الفعل الضار حرام ويقابله الحلال، ونظام العقوبة الأخروية أهم من العقوبة الدنيوية.
المبحث الثالث
أحكام انحلال العقد قبل الدخول
المطلب الأول: الطلاق والمخالعة وآثارهما
الفرع الأول: الطلاق أو الفسخ قبل الدخول
إذا وقع العقد صحيحاً، فإن العاقد يملك إيقاع طلقة أو أكثر على المعقود عليها، واستدل ابن عباس([121]) لذلك بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49] ولم يقل سبحانه: إذا طلقتموهن ثم نكحتموهن، فتبيّن أن الطلاق لا يقع إلا بعد عقد صحيح، ولذا لا يختلف حكم الطلاق قبل الدخول عنه بعد الدخول من حيث الوقوع([122])، إلا أنه قبل الدخول يقع بائناً على الفور، أما بعده فتقع الطلقة الواحدة أو الاثنتين طلاقاً رجعياً.
ودليل وقوعه قبل الدخول قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 49].
ووجه الدلالة: أن لفظ الطلاق جاء متراخياً عن لفظ النكاح بـ (ثُـمّ) وقبل لفظ المسيس، وقد رتبت الآية الكريمة على ذلك أثرين آخرين:
الأول: عدم وجوب العدة لوقوعه بائناً.
الثاني: وجوب المتعة عند التسريح الجميل، على اختلاف الفقهاء([123]) في وجوبها لكل مطلقة أو للتي لم يُسمّ لها مهر، أما إذا سمي لها مهر فيجب لها نصفه، لقوله تعالى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237].
ويؤيد هذا المعنى، قوله صلى الله عليه وسلم: (لا طلاق قبل النكاح) ([124])، ومعناه: أن الطلاق لا يقع حتى يحصل النكاح([125])، ونصت المادة (80و81) معدلة من قانون الأحوال الشخصية الأردني بقولها: (محل الطلاق المرأة المعقود عليها بزواج صحيح)، كما أنه لا فرق بين الطلاق والفسخ من حيث إيقاع كل منهما قبل الدخول، وأن كلاً منهما لا عدة فيه على المطلقة أو المفسوخة بأي سبب كان([126]).
إلا أن الفسخ لا ينقص عدد الطلقات، بخلاف الطلاق، كما أن الطلاق لا يكون إلا بعد عقد صحيح، أما الفسخ فقد يطرأ بعد عقد صحيح بأحد أسبابه، كالفسخ بسبب إباء الزوج الدخول في الإسلام عند إسلام زوجته ونحو ذلك، وقد يكون الفسخ مقارناً للعقد فينقضه من أصله، كالفسخ بخيار البلوغ أو عدم الكفاءة عند القائلين باشتراط لزومها.
الفرع الثاني: الخلع قبل الدخول
الخلع والمخالعة لغة: اسمان لحقيقة واحدة وتعني النزع، ومنه خلع الإنسان ثوبه وقائده([127]).
واصطلاحاً: للفقهاء عدة تعريفات تلتقي كلها حول إزالة ملك النكاح بعوض، ويمكن استخلاصها بأن الخلع: هو إزالة ملك النكاح بلفظ الخلع على عوض يأخذه الزوج([128]).
فالتعريف يُظهر أن الخلع لا بد فيه من توافر رضا الزوجين، باعتباره عقداً يفتقر إلى الإيجاب والقبول، خلافاً للقانون الأردني المعدل م(102) الذي استثنى رضا الزوج.
حكمه وأثره: يُسن للرجل إجابة المرأة للخلع إن طلبته([129]) بشروط ليس هنا محل بسطها، سواء كان ذلك قبل الدخول أم بعده، ويفارق الطلاق بأن المطلق وهو الزوج لا يرجع على المطلقة بشيء، أما المخالع فيرجع على المختلعة بالعوض الذي يتفقان عليه، وهذا الحكم فيه إنصاف للمرأة التي تخاف فشل حياتها الزوجية، ويقع بالخلع طلقة بائنة عند الجمهور كالطلاق([130])، ودليل مشروعيته قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229]، وحديث: (اقبل الحديقة وطلقها تطليقة) ([131])، وإجماع الفقهاء([132]) سلفاً وخلفاً على مشروعيته.
المطلب الثاني: الإيلاء والظهار قبل الدخول
الفرع الأول: الإيلاء قبل الدخول
الإيلاء لغة: مطلق الحلف، وقد كان هو والظهار طلاقاً في الجاهلية، يستخدمونه بقصد الإضرار بالزوجة، بالحلف بترك قربانها السنة فأكثر، ثم جاء الشرع فغيّر حكمه([133]).
وشرعاً: حلف زوج يصح طلاقه على ترك وطء زوجته مدة أكثر من أربعة أشهر ولو كان الحلف قبل الدخول بشروط مخصوصة([134]).
ودليله: قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226].
حكمه: حرام عند الجمهور([135]) ديانة للضرر بالزوجة، وحكمه قضاء، إن حنث ورجع إلى جماعها في مدة الإيلاء لزمته كفارة يمين، وإن لم يجامع حتى انقضت مدة الإيلاء يكون باراً بيمينه، وتطلق بمضي المدة بائناً عند الحنفية، ويلزم الزوج تطليقها عند الثلاثة، وإلا طلقها القاضي رجعياً([136]). والظاهر من التعريفات الفقهية عدم الفرق في وقوعه قبل الزفاف أو بعده. لأن الحلف الشرعي لا يكون إلا على المعقود عليها، كما هو واضح من لفظ (نسائهم) في الآية الكريمة، وهي تعني الزوجات حيث لم تفرق بين المدخول بهن وغير المدخول بهن.
ويؤثر وقوع الطلاق بالإيلاء قبل الدخول على المهر بالتنصيف، لأن التطليق يكون بسبب راجع إلى الزوج.
الفرع الثاني: الظهار قبل الدخول
الظهار لغة: مصدر، ماضيه ظاهر([137]).
واصطلاحاً: تشبيه الرجل زوجته بامرأة محرمة عليه على التأبيد، أو بجزء منها يحرم عليه النظر إليه، كالظهر أو البطن أو الفخذ، وكان طلاقاً في الجاهلية، ثم نقل الشارع حكمه إلى تحريمه قبل إخراج الكفارة العظمى مبالغة في النهي([138]). وصورته: أن يقول الرجل لزوجته: أنت عليّ كظهر أمي، أو كبطن أختي ونحوه. وهو: حرام بالإجماع([139]).
ودليله: قوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [المجادلة: 2]، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3].
ودليله من السنة: مظاهرة أوس بن الصامت من خولة بنت مالك بن ثعلبة([140])، التي جاءت الآية الكريمة بمناسبتها، وهو من الألفاظ المنهي عنها كالإيلاء، لأنه من فعل الجاهلية، والظاهر من التعريف الشرعي، أنه لا فرق في فعله وقوله بين المدخول بها وغير المدخول بها، وأن كلمة (نسائهم) في الآية الكريمة تشمل الحالين معاً دون تفريق، لأن كل زوج صح طلاقه صح ظهاره([141]).
المطلب الثالث: اللعان قبل الدخول
اللعان لغة: مأخوذ من اللعن، مصدر للفعل لاعَنَ، وهو الإبعاد([142]).
وشرعاً: شهادة مؤكدة بالأيمان مقرونة باللعن وبالغضب([143]).
أو: هو عبارة عن كلمات معلومة، جُعلت حجة للمضطر إلى قذف من لطخ فراشه وألحق به العار([144]) بشروط مخصوصة.
ودليل مشروعيته، قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 6] إلى قوله تعالى: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9] والظاهر من لفظ (أزواجهم) في الآية الكريمة، أن كل مسلم صح طلاقه صح لعانه([145]) قبل الدخول وبعده.
وحكمه: الوجوب عند الحنفية([146])، وكذا عند الشافعية([147]) إن كان بينهما ولد، وإلا فالجواز، ويترتب على اللعان المستجمع لشروطه: سقوط حدّ القذف عن الزوج، وسقوط حدّ الزنا عن الزوجة إذا لاعنت زوجها، وإلا فعليها حدّ الزنا، ووقوع الفرقة بين الزوجين بائنة عند أبي حنيفة، وفسخاً عند الجمهور، ونفي نسب الولد وإلحاقه بأمه، وانتفاء أحكام الميراث والنفقة بين الولد والزوج الملاعن، باستثناء حرمة المصاهرة بينهما، وعدم قبول شهادة أحدهما للآخر احتياطاً([148]).
وفيما تقدم جاء في المادة (165) من قانون الأحوال الشخصية الأردني ما نصه:
* يترتب على اللعان بين الزوجين فسخ عقد زواجهما.
* إذا كان اللعان لنفي النسب وحكم القاضي به، انتفى نسب الولد من الرجل ولا تجب نفقته عليه، ولا يرث أحدهما الآخر ويلحق نسبه بأمه، ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لاعَنَ بين رجل وامرأته، فانتفى من ولدها ففرق بينهما وألحق الولد بالمرأة([149]).
المطلب الرابع: عدة الوفاة قبل الدخول
العدة: اسم لمدة من الزمن، تتربص فيها وتحصيها المرأة عند زوال النكاح المتأكد أو شبهته، لمعرفة براءة رحمها، أو للتعبد، أو لتفجعها على زوجها([150]).
حكمها: الوجوب عند الفرقة بعد الدخول، أو وفاة الزوج قبل الدخول أو بعده([151]).
وأجمعت الأمة على وجوب العدة في الجملة([152])، وإنما اختلفوا في أنواعها، واتفق الفقهاء([153]). على أن المطلقة قبل الدخول لا عدة لها لأنها تقع بائنة، واختلفوا في التي حصلت لها الخلوة، كما مرّ بيانه، وبما أن محل بحثنا هو عدة المتوفى عنها زوجها، فإن عدتها تكون قبل الدخول كعدتها بعد الدخول لغير الحامل وهو أربعة أشهر وعشرة أيام، لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]. ويتعلق بعدة الوفاة أحكام، منها:
1. حرمة العقد عليها أثناء([154]) عدتها لقوله تعالى: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235].
2. المقام في بيت الزوجية الذي كانت تقيم فيه أثناء حياتها الزوجية عند الجمهور([155]) ، فلا يصح لها الخروج ليلاً عند الحنفية([156])، ولا نهاراً إلا لضرورة وعذر عند الجمهور([157]).ولا يصح لها الذهاب إلى الحج طيلة المدة عند الحنفية، وإذا مات الزوج أثناء الطريق فلها الخيار عند الجمهور([158]) ولا يصح لأهل الزوج إكراهها على مبارحة بيتها بغير سبب مشروع لقوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } [الطلاق: 1].
والبيت المضاف للمرأة هو البيت الذي تسكنه عند الفرقة، سواء كانت بطلاق أو موت. ومن الأسباب: الخوف على نفسها أو مالها لعدم صلاحية المنزل أو بعده عن العمران، أو عدم قدرتها على دفع الأجرة، ولكن لها الخروج لبعض حاجاتها الضرورية.
3. وجوب الإحداد في عدة الوفاة لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا) ([159]).
ويكون الإحداد([160]): بالامتناع عن كل ما من شأنه التزين للزوج، كالطيب في الثوب والبدن، والزينة سواء في البدن كالخضاب والكحل، وفي الثياب كلبس الحرير والملابس الزاهية ولبس الحلي، وليس من الإحداد ترك التنظيف بالاغتسال، ولا لبس الثياب المتسخة أو الممزقة.
النتائج
لقد توصلت الدراسة إلى جملة من النتائج ومنها ما يلي:
1. عقد الزواج من أهم العقود التي أمر القرآن الكريم بالوفاء بها، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بقضية الإيمان، لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} [المائدة: 1].
2. عقد الزواج ضرورة شرعية، فيه ربط بين اثنين تتوفر فيهما شروط المحلية، وفيه حماية من التطلع للخطبة والعقد على المعقود عليها من الغير، وهذا من أهم آثار قدسية عقد الزواج.
3. عقد الزواج الصحيح يُنشئ أحكام المحرمية بين الزوجين وأسرتيهما من حيث التأبيد والتأقيت، بعضها بمجرد العقد، وبعضها يتوقف على الدخول.
4. عقد الزواج عقد غير مستقر، ولا يفيد حق الدخول السري، حيث يمكن أن يتعرض للطلاق أو الفسخ وتنصيف المهر أو إسقاطه قبل الزفاف، وهذا فيه من الإضرار بالمرأة ما فيه.
5. عقد الزواج فيه الإذن بحل الاستمتاع ضمن حدود معينة كالمصافحة والمجالسة، لكن قيدته مصالح النكاح ومآلاته، من ديمومة وتعاون على المصالح الدنيوية والأخروية، وأي تأثير على هذه المصالح بالإفساد، فإنه يجعل تعدي تلك الحدود من خلوة ومسافرة أو دخول أمراً محرماً ديانةً.
6. حق الطاعة الزوجية قبل الزفاف، يتعارض مع حق أوليائها ما دامت تعيش عندهم.
7. تحريم الدخول السري قبل الزفاف، لا يؤثر على أصل مشروعية العقد بالإبطال.
8. الزفاف أو الإشهار أو إذن الأولياء بالدخول، حق للزوجة وأوليائها في الأعراف الإسلامية الصحيحة، والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً.
9. جميع أحكام الطلاق قبل الدخول تنطبق على أنواع الفرق الأخرى، من حيث المهر والعدة والتوارث وغيرها.
التوصيات
وبناءً على ما تقدم فإن الدراسة توصي بما يلي:
1. ضرورة إيلاء قضية مرحلة ما قبل الزفاف أهمية كبرى، من قبل الأولياء الباحثين والمهتمين بإنجاح البيت المسلم وإسعاده، بوضع الضوابط الكفيلة بذلك، خوفاً من تعثر الزواج من أول خطواته.
2. إيلاء مسألة الخلوة والمسافرة والدخول السري عناية خاصة من قبل قانون الأحوال الشخصية الأردني، بتضمين وثيقة العقد صيغة تشعر العاقدين بعدم المسيس قبل الزفاف المعروف، أو قبل إذن الأولياء.
3. تضمين قانون الأحوال الشخصية مادة تنص على أن الزفاف حق قانوني للمعقود عليها ولأوليائها، يقتضيه العرف الصحيح ومقاصد النكاح.
4. عدم التساهل من قبل كل المعنيين بالرد والإجابة على أسئلة من هم في فترة ما قبل الزفاف، من حيث الترخيص لهم بالدخول، الدخول السري قبل الزفاف، بذريعة عقد الزواج.
5. التأكيد على دور المحاكم الشرعية الموقرة، برد كل دعوة ترفع إليها بطلب حق الاختلاء والمسافرة والدخول، قبل القيام بإعداد البيت الشرعي وموافقة الأولياء، وحق الزفاف المتعارف عليه بين المسلمين الغيورين.
والله ولي التوفيق
(*) المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، جامعة آل البيت، المجلد (10)، العدد (2)، حزيران 2014م.
الهوامش
([1]) التقرير الإحصائي السنوي لعام 2006 الصادر عن دائرة قاضي القضاة في الأردن، ص74-80 جدول رقم (1).
([2]) التقرير الإحصائي السنوي، مرجع سابق
([3]) الزيلعي: فخر الدين، تبيين الحقائق –دار المعرفة- بيروت (2/94) وما بعدها، والصاوي: احمد، بلغة السالك – مصطفى الحلبي، مصر (1/374). والشربيني: الخطيب، مغني المحتاج –مصطفى الحلبي وأولاده- مصر (3/123).
([4]) عقلة: محمد، نظام الأسرة في الإسلام، مكتبة الرسالة – عمان (1/96). وبدران أبو العينين: الزواج والطلاق في الإسلام، مؤسسة شباب الجامعة – القاهرة ص(10).
([5]) الكاساني: أبو بكر، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، مطبعة الإمام – مصر(3/1327). والصاويك بلغة السالك(1/375). وابن حزم: علي، المحلَّى، دار الفكر، بيروت (4/464). والشربيني: مغني المحتاج (2/123). والنووي: يحيى، روضة الطالبين – المكتب الإسلامي (6/36-37). وابن قدامة: المغني، دار الكتاب العربي – بيروت (7/333).
([6]) الأصفهاني: الحسين الراغب، ت (425هـ) مفردات ألفاظ القرآن الكريم، دار القلم- دمشق، كتاب الشين.
([7]) الكاساني: بدائع الصنائع (3/1376)، وابن رشد: محمد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، مصطفى الحلبي، مصر (2/17)، والحصني: تقي الدين، كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار، دار الكتب العلمية – بيروت، ص(473)، وابن قدامة: المغني (7/339).
([8]) ابن عبد البر: يوسف، الاستذكار، مؤسسة النداء - أبو ظبي.
([9]) الدار قطني: علي، سنن الدار قطني، كتاب النكاح، دار المحاسن، القاهرة (3/221)، وقال عنه: رجاله ثقات.
([10]) الجرجاني: علي، التعريفات، تحقيق ابراهيم الأبياري، دار الكتاب العربي، بيروت، (1/124)، وغندور: احمد، الأحوال الشخصية في التشريع الإسلامي ص(83).
([11]) ابن قدامه: المغني، (7/340).
([12]) الأصفهاني: المفردات، كتاب العين. والرازي: محمد، مختار الصحاح – دار الفكر، حرف العين، ومجموعة من المؤلفين، المعجم الوسيط، المكتبة الإسلامية للطباعة والنشر، استانبول، تركيا.
([13]) ابن رشد: بداية المجتهد(2/18)، وابن عبد البر: الاستذكار (16/212- 215)، وغندور أحمد: الأحوال الشخصية في التشريع الإسلامي ص(83).
([14]) الصاوي: احمد بن محمد، بلغة السالك لأقرب المسالك (1/375 – 376). والزحيلي: وهبه، الفقه الإسلامي وأدلته، دار الفكر- دمشق (7/81).
([15]) ابن ماجه: أبو عبد الله، سنن ابن ماجه، باب إعلان النكاح، دار الفيحاء برقم (1895).
([16]) ابن ماجه: سنن ابن ماجه، رقم (1896). والترمذي أبو عيسى، سنن الترمذي، دار الفكر - بيروت رقم (1088) وحسنه، والنسائي: أحمد، سنن النسائي بشرح السيوطي، المطبعة المصرية (5/123).
([17]) الكاساني: بدائع الصنائع (3/1376)، وابن رشد: بداية المجتهد (2/17). والحصني: كفاية الأخيار ص(473) والزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته (7/82).
([18]) ابن تيميه: أحمد، مجموع فتاوي شيخ الإسلام ابن تيميه (32/130).
([19]) الرازي: مختار الصحاح، حرف الشين.
([20]) الزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته (7/71).
([21]) الشعراوي: الزواج والطلاق والخلع ص(56). وعقلة: نظام الأسرة في الإسلام بتصرف (1/400-412).
([22]) ابن تيمية: مجموع الفتاوي، (32/127-129).
([23]) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، (32/130).
([24]) الرازي: مختار الصحاح، حرف الزاي، والأصفهاني: المفردات، حرف الزاي.
([25]) قلعه جي: محمد رواس وآخرون، معجم لغة الفقهاء، حرف الزاي، والمعجم الوسيط – مجموعة مؤلفين – حرف الزاي.
([26]) الرازي: مختار الصحاح، حرف الزاي، والأصفهاني: المفردات، حرف الزاي.
([27]) قلعه جي: محمد رواس وآخرون، معجم لغة الفقهاء، حرف الزاي، والمعجم الوسيط – مجموعة مؤلفين – حرف الزاي.
([28]) الرازي: مختار الصحاح، - حرف الباء.
([29]) البخاري: الصحيح رقم (5158)، وابن ماجه: سنن ابن ماجه، حديث رقم (1876) و(1877).
([30]) ابن عابدين: محمد أمين، حاشية رد المحتار على الدرّ المختار، دار الفكر، بيروت (8/30)، وقعله جي: محمد رواس، الموسوعة الفقهية الميسرة، دار النفائس – عمّان (2/132).
([31]) الفيومي: احمد، المصباح المنير، دار المعارف- القاهرة، حرف العين.
([32]) عقلة: نظام الأسرة في الإسلام، (1/404).
([33]) سبق تخريجه في ابن ماجه رقم (1895).
([34]) البيهقي: السنن الكبرى، كتاب الصداق (7/290) وفيه ضعيف.
([35]) سبق تخريجه ص(8).
([36]) الكاساني: البدائع (3/1424).
([37]) عقله: محمد، نظام الأسرة في الإسلام بتصرف (1/405-407).
([38]) الزحيلي: وهبه، نظرية الضرورة الشرعية، دار الفكر- دمشق، (ص160).
([39]) الكاساني: بدائع الصنائع (3/1451)، وابن الهمام: كمال الدين، فتح القدير، دار إحياء التراث العربي – بيروت(3/204)، والشربيني: مغني المحتاج(2/230)، وابن ضويان: ابراهيم، منار السبيل في شرح الدليل، المكتب الإسلامي – السعودية، (2/187)، والزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته، (7/251).
([40]) الكاساني: البدائع (3/1422) وما بعدها، وابن رشد: بداية المجتهد(2/18)، وابن عبد البر: الاستذكار(16/67)، والحصني: كفاية الأخيار، ص(489-490)، وابن قدامه المغني (8/62).
([41]) البخاري: محمد، الصحيح، دار إحياء التراث العربي – بيروت رقم (5149) ومسلم: بن الحجاج، صحيح مسلم بشرح النووي، مناهل العرفان – بيروت ( ج3/143).
([42]) ابن عبد البر: الاستذكار (16/67).
([43]) الزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته (7/252).
([44]) الكاساني: البدائع (3/1422)، والحصني: كفاية الأخيار (ص489-490)، وابن قدامه: المغني: (8/58)، والزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته (7/288).
([45]) الترمذي: السنن (34/450) رقم (1145).
([46]) الكاساني: البدائع(3/1458و1461)، وابن قدامه: المغني(8/62)، والزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته(7/289-292).
([47]) ابن قدامة: المغني (8/ 62).
([48]) ابن قدامة: المغني (8/ 66).
([49]) أبو زهرة: محمد، الأحوال الشخصية، دار الفكر العربي – القاهرة، أنظر بدران أبو العينين، الفقه المقارن للأحوال الشخصية ص(201).
([50]) ابن رشد: بداية المجتهد (2/23).
([51]) الحصني: كفاية الأخبار ص(489-490).
([52]) الكاساني: البدائع (3/ 1459)، وابن رشد: بداية المجتهد (2/23)، والحصني: كفاية الأخيار ص(495)، وابن قدامة: المغني (8/ 102). والزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته(7/293).
([53]) أنظر الكاساني: البدائع (3/1459)، وابن رشد: بداية المجتهد، (2/23)، والحسني: كفاية الأخيار ص(495)، وابن قدامه: المغني، (8/102).
([54]) المعجم الوسيط (2/942)، والأصفهاني: المفردات ص(819)، والزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته (7/786).
([55]) رواه مسلم: الصحيح رقم (707).
([56]) الكاساني: البدائع (5/2197)، وأبو عبد الله الدمشقي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص(454)، مؤسسة الرسالة – بيروت.
([57]) الكاساني: البدائع (5/2197)، وابن حزم: علي، المحلّى (6/510).
([58]) الكاساني: البدائع (5/2197).
([59]) الكاساني: البدائع (5/2205)، وابن رشد: بداية المجتهد (2/54)، وابن عبد البر: الكافي (2/559)، والحصني: كفاية الأخيار ص(582-583)، وابن قدامى: (9/282)، والزحيلي: الفقه الإسلامي (7/765و788).
([60]) ابن قدامى: المغني (9/282).
([61]) الكاساني: البدائع (3/1547)، والشربيني: مغني المحتاج (3/445)، وابن قدامى: المغني (8/58).
([62]) الكاساني: البدائع (3/1410)، وابن رشد: بداية المجتهد (2/47-48)، والحصني: كفاية الأخيار ص(478)، وابن قدامه: المغني (9/106).
([63]) البخاري: الصحيح رقم (5144) بلفظه، ومسلم الصحيح رقم (808) وابن ماجه السنن (1867).
([64]) الكاساني: البدائع (3/1410)، وابن رشد: بداية المجتهد (2/48)، والحصني: كفاية الأخيار ص(478)، وابن قدامه: المغني (9/106).
([65]) ابن قدامه: المغني (9/106).
([66]) ابن قدامه: المغني (9/106).
([67]) الأشقر: عمر، أحكام الزواج في ضوء الكتاب والسنة، دار النفائس، الأردن ص(240).
([68]) الأشقر: عمر، أحكام الزواج في ضوء الكتاب والسنة، ص(243).
([69]) الأشقر: أحكام الزواج في ضوء الكتاب والسنة ص(250).
([70]) البخاري: الصحيح رقم (5109).
([71]) ابن قدامة: المغني (9/ 522 و523).
([72]) ابن كثير: إسماعيل، تفسير القرآن العظيم، عيسى الحلبي، مصر (1/ 468).
([73]) الرازي: محمد، مختار الصحاح، حرف الطاء.
([74]) الأشقر: الواضح في شرح قانون الأحوال الشخصية الأردني، دار النفائس عمان ص(181)، والزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته (7/ 335).
([75]) ابن كثير: تفسير ابن كثير (1/491). والصابوني: محمد علي، صفوة التفاسير- دار القرآن الكريم - بيروت (1/174).
([76]) الرازي: فخر الدين، تفسير الفخر الرازي- دار الفكر، بيروت (9/93).
([77]) ابن ماجه: أبو عبد الله، سنن ابن ماجة، أبواب النكاح رقم (1857).
([78]) الكاساني: البدائع (3/1551)، وابن رشد: بداية المجتهد (2/22). والحصني: تقي الدين، كفاية الأخيار ص(582).
([79]) الزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته (7/335).
([80]) الكاساني: البدائع (3/1546).
([81]) الكاساني: البدائع (3/1458و1546).
([82]) الكاساني: البدائع (3/1424).
([83]) الكاساني: البدائع (5/ 2205)، وابن رشد: بداية المجتهد (2/54). والحصني: كفاية الأخيار ص(582- 583)، وابن قدامة: المغني (9/ 282).
([84]) الأشقر: الواضح في شرح قانون الأحوال الشخصية الأردني ص(215).
([85]) الكاساني: البدائع (3/1551)، وابن رشد: بداية المجتهد (2/22)، والحصني: كفاية الأخيار ص(582)، وابن قدامة: المغني (9/282).
([86]) عمرو: عبد الفتاح عايش، القرارات القضائية في الأحوال الشخصية الأردنية، ص (195)، قرار (24399).
([87]) ابن عابدين: الحاشية (5/88).
([88]) السيوطي: جلال الدين، الأشباه والنظائر، مصطفى الحلبي – مصر ص(98).
([89]) الزرقا: احمد، شرح القواعد الفقهية، دار الفكر، دمشق ص(237).
([90]) أخرجه احمد عن عبد الله بن مسعود موقوفاً بإسناد صحيح، نصب الراية لأحاديث الهداية للزيلعي، كتاب الإجازات، المكتبة الإسلامية (433).
([91]) السيوطي: الأشباه والنظائر ص(89).
([92]) الشاطبي: إبراهيم، الموافقات في أصول الشريعة، دار المعرفة – بيروت (1/396).
([93]) الشاطبي: الموافقات، (2/6).
([94]) المرجع نفسه (2/7).
([95]) الدريني: نظرية التعسف في استعمال الحق، ص(252)، مؤسسة بيروت.
([96]) الدريني: نظرية التعسف في استعمال الحق ص(207)، مؤسسة بيروت.
([97]) البخاري رقم (1)، ومسلم رقم (1907).
([98]) الدريني: نظرية التعسف ص(179).
([99]) الشاطبي: الموافقات (2/344).
([100]) الدريني: نظرية التعسف ص(240).
([101]) الشاطبي: الموافقات (2/ 359)، والزحيلي: وهبة، نظرية الضرورة الشرعية، دار الفكر بيروت، ص(14).
([102]) السيوطي. الأشباه والنظائر ص(87).
([103]) الدريني، نظرية التعسف في استعمال الحق ص(179).
([104]) الشاطبي: الموافقات، (2/342-349).
([105]) الشاطبي: الموافقات (2/ 348).
([106]) الزرقا: مصطفى: صياغة قانونية لنظرية التعسف باستعمال الحق في قانون إسلامي دار البشير- الأردن، ص(59- 60).
([107]) الشاطبي: الموافقات (2/ 357- 358).
([108]) السيوطي: الأشباه والنظائر ص(87).
([109]) ابن ماجه: سنن ابن ماجه رقم (2341) واسناد رجاله ثقات.
([110]) الدريني، نظرية التعسف، ص(122).
([111]) الدريني، نظرية التعسف، ص(264).
([112]) الدريني، نظرية التعسف ص(80) وما بعدها.
([113]) الدريني: الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده ص (86 – 191).
([114]) الشاطبي الموافقات (2/ 53).
([115]) الشاطبي: الموافقات (2/219 و358).
([116]) الشاطبي: الموافقات (2/ 358).
([117]) رواه احمد: سبق تخريجه صفحة (22).
([118]) التقرير الإحصائي، مرجع سابق.
([119]) الشاطبي: الموافقات، 2/168-176.
([120]) الدريني: نظرية التعسف، ص290.
([121]) الصنعاني: محمد سبل السلام، ط عيسى الحلبي- مصر (3/179).
([122]) الكاساني: البدائع (4/2104).
([123]) الكاساني: البدائع (4/2105)، والأشقر: أحكام الزواج ص(270)، والصابوني: محمد، تفسير آيات الأحكام (2/295).
([124]) ابن ماجه: سنن ابن ماجه، كتاب الطلاق رقم (2049).
([125]) القرطبي: محمد، الجامع لأحكام القرآن، مطبعة دار الشعب – القاهرة (14/203).
([126]) الأشقر: الواضح في شرح قانون الأحوال الشخصية ص(297).
([127]) الأصفهاني: المفردات- حرف الخاء. والرازي: مختار الصحاح وحرف الخاء.
([128]) ابن الهمام: فتح القدير (7/54)، ابن رشد: بداية المجتهد (2/66). والحصني: كفاية الأخيار ص(512). وابن قدامة: المغني (8/173)، والزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته: (7/480).
([129]) الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (7/483).
([130]) الدمشقي: أبو عبد الله، رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص(409).
([131]) البخاري: الصحيح، باب الخلع رقم (5273).
([132]) الدمشقي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص (409).
([133]) الأصفهاني: المفردات، حرف (الهمزة) والزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته (7/535).
([134]) الحصني: كفاية الأخيار ص(544)، وابن قدامة، المغني (8/502 و523).
([135]) ابن عابدين الحاشية (2/546)، والزحيلي الفقه الإسلامي (7/546).
([136]) الدمشقي: رحمة الأمة ص(423)، وابن قدامة المغني (8/540- 541- 542).
([137]) الرازي: مختار الصحاح حرف (الظاء).
([138]) الحصني: كفاية الأخيار ص(547-448)، والدمشقي: رحمة الأمة، ص(425). وابن قدامة: المغني (8/566) وما بعدها.
([139]) المطيعي: محمد، تكملة المجموع مطبعة الإمام - القاهرة (16/431). والحصني: كفاية الأخيار ص(547)، وابن قدامة: المغني (8/553)، والزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته (7/588). والجزيري: عبد الرحمن، كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، المكتبة التجارية الكبرى، مصر (4/490).
([140]) الصابوني: محمد صفوة التفاسير (3/334).
([141]) ابن قدامة: المغني (8/554).
([142]) ابن قدامة: المغني (9/2).
([143]) الكاساني: البدائع (5/2150).
([144]) الحصني: كفاية الأخيار، ص(554).
([145]) الدمشقي: رحمة الأمة، ص(429).
([146]) الكاساني: البدائع، (5/2141 و2143).
([147]) الحصني: كفاية الأخيار، ص(555).
([148]) الكاساني: البدائع، (5/2158 و2159)، وابن الهمام: فتح القدير، (4/121)، والدمشقي: رحمة الأمة، ص(430).
([149]) البخاري: الصحيح رقم (5315).
([150]) الكاساني: البدائع، (4/1995)، والصاوي: بلغة السالك، (1/496)، والشربيني: مغني المحتاج، (3/483)، وابن ضويان: إبراهيم، منار السبيل المكتب الإسلامي، (2/278)، والزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته، (7/627).
([151]) الدمشقي: رحمة الأمة، ص(446)، وابن قدامة: المغني، (9/76)، والزحيلي: الفقه الإسلامي، (7/638).
([152]) ابن رشد: بداية المجتهد، (2/89)، والحصني: كفاية الأخيار، ص(558)، وابن قدامة: المغني، (9/76)، وابن ضويان: منار السبيل. والزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته، (7/625).
([153]) والحصني: كفاية الأخيار، ص(561)، وابن ضويان: منار السبيل (2/279)، والزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته (7/625).
([154]) الكاساني: البدائع (4/1995)، وابن جزي: محمد، قوانين الأحكام الشرعية ص(260)، والحصني: كفاية الأخيار ص(559)، وابن قدامة: المغني (9/120)، والزحيلي، الفقه الإسلامي (7/653).
([155]) ابن قدامة: المغني (9/170-176) وما بعدها، والزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته (7/657).
([156]) الكاساني: البدائع (4/2028).
([157]) ابن جزي: محمد، قوانين الأحكام الشرعية ص(264)، وابن قدامة: المغني (9/176).
([158]) الدمشقي: رحمة الأمة، ص (447)، وابن قدامة: المغني (9/184) وما بعدها.
([159]) البخاري: الصحيح، كتاب الجنائز رقم (1279-1282) ومسلم: الصحيح رقم (58-64).
([160]) الكاساني: البدائع (4/2035) وابن جزي: قوانين الأحكام الشرعية ص(263-264). والحصني: كفاية الأخيار ص(568-570) وابن قدامة المغني (9/166) وما بعده.