جهالة المبيع في الفقه الإسلامي والقانون المدني الأردني
والتطبيقات المعاصرة والقانونية لرفعها(*)
د.عماد عبد الحفيظ الزيادات، ود.محمد عواد عايد السكر/ كلية الشريعة، الجامعة الأردنية
ملخص
يدور هذا البحث حول موضوع جهالة المبيع، حيث يبين متى تكون هذه الجهالة مؤثرة في صحة العقد، إذ ليس كل جهالة تخرج العقد من دائرة الصحة، فالجهالة بشكل عام قد تكون فاحشة مؤثرة، وقد تكون يسيرة غير مؤثرة، بل إنّ الجهالة اليسيرة لا يكاد يخلو منها عقد من العقود. ومن ثمَّ فإن مشكلة البحث تكمن في تحديد الأمور التي يؤدي فواتها إلى جهالة المبيع، وهي: الجنس والنوع، والصفة، والعين، والمقدار، وقد تم دراستها دراسة فقهية مقارنة من خلال الرجوع إلى المؤلفات الأصيلة في الفقه الإسلامي، ثم بيان التطبيقات المعاصرة التي تعمل على العلم بالمبيع، ورفع الجهالة الفاحشة عنه. مثل: الوصف اللفظي، والوصف الكتابي، واستخدام الملصقات، واللافتات الإعلانية، والنشرات، والبطاقات، والعلامة التجارية، والكتالوج، والصور الفوتوغرافية، ومخططات الأراضي. متوصلين إلى أن جهالة الجنس والنوع، والوصف، والعين، والمقدار تعتبر من أنواع الجهالة الفاحشة المؤثرة بالعقد، وأن طرق رفع هذه الجهالة ليست محصورة بطرق معينة، بل العبرة برفع الجهالة الفاحشة سواء أكان ذلك بالوصف التقليدي، أو أي أداة معاصرة. أما القانون المدني الأردني فقد عالج موضوع جهالة المبيع في موضعين؛ الأول: عند حديثه عن النظرية العامة للعقد، فكان الحديث يشمل جميع العقود، ومنها عقد البيع. والثاني: عند حديثه عن عقد البيع بصفة خاصة، وقد ذهب إلى أن الجهالة الفاحشة مبطلة للعقد دون اليسيرة، مبيناً طرق رفع هذه الجهالة، وقد أوضحت المذكرة الإيضاحية للمادة (161) أن الجهالة الفاحشة هي الناشئة عن جهالة الجنس أو التفاوت الفاحش في قيم ما يحتمله المبيع، وقد نص على بعض التطبيقات التي تصلح أن تكون وسيلة للعلم بالمبيع، وقد تم إيضاح هذه التطبيقات عند الحديث عن الجانب القانوني للبحث.
مقدمة
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على المصطفى، وعلى آله وصحبه، ومن سار على نهجه، وبعد:
ففي غمرة الثورة الاقتصادية التي تسود العالم لا بد من الحديث عن متعلقات البيوع، إذ البيع هو عماد الاقتصاد والتجارة، ومن الموضوعات المهمة المتعلقة بعقد البيع موضوع العلم بالمبيع ورفع الجهالة عنه، بخاصة أن هنالك الكثير من البيوعات التي تتم عن بعد، حيث ساعد عليها انتشار وسائل الاتصال الحديثة، لذا جاء هذا البحث في مبحثين:
المبحث الأول: جهالة المبيع في الفقه الإسلامي. وقد تم فيه بحث جهالة المبيع من عدة وجوه، وهي: جهالة جنس المبيع، ونوعه، وصفته، وعينه، ومقداره، وأثر كلٍّ منها على العقد في الفقه الإسلامي المقارن، وفق المذاهب الفقهية الأربعة، بذكر الأقوال وأدلتها ومناقشتها للوصول إلى الرأي الراجح. كما تم بيان بعض التطبيقات المعاصرة لرفع الجهالة عن المبيع. مثل: الوصف اللفظي، والوصف الكتابي، واستخدام الملصقات، واللافتات الإعلانية، والنشرات، والبطاقات، والعلامة التجارية، والكتالوج، والصور الفوتوغرافية، ومخططات الأراضي.
المبحث الثاني: جهالة المبيع في القانون المدني الأردني، وتناول المبحث المواد الآتية: (161)، (466)، (467)، أما المادة (161) فقد تناولت الجهالة بشكل عام سواء في البيوع، أو في غيرها من العقود، والمادتان (466)، (467) كانتا في جهالة المبيع بوجه خاص، وقد تم تحليل هذه المواد للوصول إلى ما تضمنته من أحكام جهالة المبيع، وأثر هذه الجهالة على العقد في القانون المدني الأردني، وفي نهاية المبحث تم عرض بعض تطبيقات العلم بالمبيع في القانون.
أهمية الدراسة:
تكمن أهمية الدراسة في الأمور الآتية:
1. بيان متى يكون المبيع مجهولاً.
2. بيان بعض طرق رفع الجهالة عن المبيع وخاصة الطرق المعاصرة.
3. بيان معالجة القانون المدني الأردني لجهالة المبيع.
4. بيان بعض تطبيقات القانون المدني لرفع جهالة المبيع.
وبناء عليه سيجيب البحث عن الأسئلة الآتية:
1. متى تتحقق الجهالة في المبيع؟
2. ما حكم جهالة المبيع في الفقه الإسلامي والقانون المدني الأردني؟
3. ما التطبيقات القانونية والمعاصرة لرفع جهالة المبيع؟
الدراسات السابقة:
هنالك بعض الدراسات التي تناولت موضوع الجهالة، منها:
* الجهالة، وأثرها في عقود المعاوضات، عبد الله علي محمود الصيفي، دار النفائس، ط (1)، 2006.
تحدث الباحث في هذا الكتاب عن الجهالة في عقود المعاوضات بشكل عام، وإن كان جل بحثه منصباً على عقد البيع، وتناول الجهالة في صيغة العقد، والعاقدين، والثمن، والمثمن، والأجل، مبيناً أن طرق انتفاء الجهالة تكون بالرؤية، والوصف، مختتماً بحثه بنماذج للجهالة في بعض العقود المعاصرة. أما عن جهالة المبيع التي هي موضوع هذا البحث، فقد ذكرها الباحث كأمثلة لجهالة المثمن، مع التمثيل لها، كما أنه لم يتطرق للصور المعاصرة لرفع الجهالة عن المبيع، ولم يقارن بحثه بأحكام القانون المدني.
* بحث الجهالة، وأثرها في عقود التوثيقات، محمد علي سميران، مجلة مؤتة للبحوث والدراسات، جامعة مؤتة، المجلد (20)، العدد (5)، 2005.
تحدث الباحث عن مفهوم الجهالة، وأقسامها، ثم بين أثرها في عقود التوثيقات؛ الرهن، الكفالة، الحوالة، وفي بيان مفهوم الجهالة لم يعرف الباحث الجهالة بل عرف الجهل، كما أن هذا البحث في عقود التوثيقات، والبحث محل الدراسة في جهالة المبيع خاصة.
تمهيد: في تعريف الجهالة
يستعمل الفقهاء لفظي الجهل، والجهالة، وهما وصف من الفعل جهل. وهذا الوصف يتنازعه طرفان: الأول: الإنسان. والثاني: الشيء المجهول كالمبيع مثلاً، ففي حال وصف الإنسان به كالمشتري مثلا يستعمل الفقهاء -غالبا- لفظ الجهل فيقال: جهل المشتري، أي إن المشتري جاهل بالمبيع من حيث القدر، أو الصفة، أو غير ذلك. وفي حال وصف المجهول يستعمل الفقهاء لفظ الجهالة، فيقال جهالة المبيع، أي إن المبيع مجهول بالنسبة للمشتري([1]).
وأرى أن الجهالة هي: وصف لما خفي على أحد المتعاقدين، أو كليهما علمه، فيما يختص بالتعاقد.
المبحث الأول
جهالة المبيع في الفقه الإسلامي، والتطبيقات المعاصرة لرفعها
المطلب الأول: جهالة المبيع في الفقه الإسلامي.
المطلب الثاني: التطبيقات المعاصرة لرفع جهالة المبيع
المطلب الأول: جهالة المبيع في الفقه الإسلامي
ينقسم هذا المطلب إلى فرعين:
الفرع الأول: أوجه جهالة المبيع
الجهالة المؤثرة في صحة عقد البيع تعتري المبيع من عدة وجوه، سيتم بحثها في المقاصد الآتية:
المقصد الأول: جهالة الجنس والنوع والصفة.
تعريف الجنس، والنوع، والصفة.
يعرف الفقهاء الجنس، والنوع بعدة تعريفات منها:
- الجنس: "المقول على كثيرين مختلفين بالأحكام"([2])، والنوع" المقول على كثيرين متفقين بالأحكام"([3])، فقوله المقول على كثيرين: يعني أن جميع أفراد الجنس الواحد تتحد بالاسم؛ فالثوب اسم ينتظم الكتان، والقطن، والصوف، والحرير، فكل منها يقال عنه بأنه ثوب، إلا أن ثوب الحرير لا يحل لبسه، وغيره يحل، فاختلف الحكم([4])، فتكون الثياب جنس واحد؛ لاتحادها بالاسم، واختلافها في الحكم. والكتان نوع من الثياب لحل لبسه، والحرير نوع آخر من الثياب لحرمة لبسه.
- الجنس: "المقول على كثيرين اختلف المقصود منهم"([5])، والنوع: "المقول على كثيرين اتحد المقصد منهم"([6]). فالخل، والخمر وإن كان ينتظمهما اسم الأشربة، إلا أن المطلوب من الخل غير المطلوب من الخمر، فاختلف المقصد، فيختلف بعده الجنس، فيكون جنس الخل غير جنس الخمر([7]). أما الذكر والأنثى من الحيوان فإنهما من جنس واحد لتقارب المقصد منهما([8]).
تبين مما سبق أن الجنس الواحد يعرف باتحاد الاسم، لقولهم هو "المقول على كثيرين" أي إن مجموع الأفراد التي يجمعها جنس واحد يطلق عليها الاسم نفسه، أي تسمى بذات الاسم؛ فالكتان، والقطن، والحرير يقال على كل منها ثوب، فتكون قد اتحدت بالاسم، وكذلك بالنسبة للشاة، والفرس، والبقر يقال على كل منها حيوان، فتكون قد اتحدت بالاسم كذلك، أما الفرس، والدار لا يجمعهما اسم واحد فيكون كل منهما جنس مختلف، إلا أن اتحاد الاسم لا يكفي لتحديد الجنس الواحد، فلا بد من قيد آخر، وهو في التعريف الأول الاختلاف في الحكم، فالكتان، والقطن، والحرير تتحد بالاسم، وتختلف بالحكم، فيحل لبس الكتان، والقطن، ويحرم لبس الحرير، فيكون الثوب اسم جنس لها. والشاة، والخنزير تتحد باسم الحيوان، وتختلف بالحكم فيحل أكل الشاة، ويحرم أكل الخنزير، فيكون الحيوان اسم جنس لهما.
وفي التعريف الثاني جعل القيد اختلاف المقصد، ويقصد بالاختلاف هنا الاختلاف غير الفاحش، فإن كان الاختلاف فاحشاً اختلف الجنس، فقد جاء في شرح فتح القدير: "بل ليس الجنس في الفقه إلا المقول على كثيرين لا يتفاوت الغرض منها فاحشا، فالجنسان ما يتفاوت منهما فاحشا بلا نظر إلى الذاتي، وهذا قول المصنف: (وهو المعتبر في هذا دون الأصل) يعني المعتبر في أنهما جنسان، أو جنس واحد تفاوت الأغراض تفاوتا بعيدا، فيكون من اختلاف الجنس، أو قريبا فيكون من الجنس الواحد"([9]). وعليه فإن الاختلاف إذا كان فاحشاً اختلف الجنس، ومثاله: الخل مع الخمر([10])، أو الهروي والمروي، والقطن، والكتان من الثياب فقد جاء في شرح فتح القدير: "والثياب أجناس: أعني الهروي، والإسكندري، والمروي، والكتان، والقطن... والضابط فحش التفاوت في الأغراض، وعدمه، فإن اشترى ثوبا على أنه إسكندري، فوجده بلديا، أو هندي فوجده مرويا، أو كتان فوجده قطنا،... فاسد في جميع ذلك"([11]). أما إذا اختلف المقصد، والغرض اختلافاً قريباً اتحد الجنس، وإن اتحد المقصد والغرض من مجموعة الأفراد، كانت نوعاً واحداً، ومثاله: الذكر، والأنثى من الحيوان، فإنهما جنس واحد لتقارب الغرض([12])، فيكون البقر جنس، والذكر منه نوع، والأنثى نوع، والشاة جنس، والذكر نوع، والأنثى نوع، لاتحاد المقصود من الذكور، واتحاده في الإناث.
وإلى هذا المعنى ذهب بعض الحنفية عندما جعلوا الفرس من الحيوان، والكتان، والهروي من الثياب أمثلة للجنس، ومن ذلك ما جاء في الهداية: "أن يسمي جنس الحيوان دون الوصف، بأن تزوجها على فرس، أو حمار، أما إذا لم يسم الجنس بأن تزوجها على دابة..." ([13]). وفيه أيضاً: "أنه ذكر الثوب، ولم يزد عليه؛ ووجهه أن هذه جهالة الجنس؛ لأن الثياب أجناس، ولو سمى جنسا بأن قال: هروي، يصح التسمية، ويخير الزوج"([14]). وفي تنوير الأبصار: "ولو تزوجها على فرس، فالواجب الوسط، أو قيمته، وكذا الحكم في كل حيوان ذكر جنسه دون نوعه"([15]). وفي تبيين الحقائق: "أما الأول فمعناه أنه ذكر الثوب، ولم يزد عليه، ووجهه أن هذه جهالة الجنس؛ إذ الثياب أجناس شتى كالحيوان، ولو سمى جنساً بأن قال: هروي، أو مروي تصح التسمية، ويجب الوسط، ويخير الزوج"([16]).
فقد جعل صاحبا التنويـر والهدايـة - في النـص الأول- تسمية الفرس بياناً للجنس، وجعل صاحبا التبيين والهداية- في النص الثاني- تسمية الهروي بياناً للجنس، إلا أن محققي الحنفية حملوا المراد من الجنس على النوع، فقد جاء في البناية في شرحه لعبارة الهداية ما نصه: "قوله تزوجها على ثوب غير موصوف (ذكر الثوب، ولم يزد عليه، ووجهه) أي وجه وجوب مهر المثل (أن هذه جهالة الجنس) أي النوع، وقد ذكرنا أن مراده من الجنس النوع على اصطلاح الفقهاء (إذ الثياب أجناس) أي أنواع كالقطن، والكتان، والإبرسيم ونحوها. (ولو سمى جنساً) أي نوعاً (بأن قال هروي تصح التسمية، ويخير الزوج) يعني بين القيمة، والوسط (لما بينا) أن الثياب أنواع"([17])، فقد حمل العيني مراد صاحب الهداية من الجنس على النوع، كما هو ظاهر في النص السابق، وهذا ما صرح به صاحب غاية البيان([18]). وقد حقق ابن عابدين المسألة، وجعل الفرس، والكتان، والهروي من الثياب، مثالاً للنوع، وليس للجنس. فقد جاء في حاشيته ما نصه: "علم مما ذكرنا أن نحو الحيوان، والدابة والمملوك، والثوب جنس، وأن نحو الفرس، والحمار، والعبد، والثوب، الهروي، أو الكتان، أو القطن نوع، وأن الذي تصح تسميته، ويجب فيه الوسط، أو قيمته الثاني، فكان على المصنف أن يقول: وكذا الحكم في كل حيوان ذكر نوعه، دون وصفه، كما قال في متن المختار: تزوجها على حيوان، فإن سمى نوعه كالفرس جاز، وإن لم يصفه. وقال في شرحه الاختيار: ثم الجهالة أنواع: جهالة النوع، والوصف، كقوله ثوب، أو دابة، أو دار فلا تصح التسمية هذه. ومنها ما هو معلوم النوع مجهول الصفة كقوله عبد، أو فرس، أو بقرة، أو شاة، أو ثوب هروي، فإنه تصح التسمية ويجب الوسط الخ، فقد جعل الدابة، والثوب معلوم الجنس مجهول النوع، والوصف، وجعل العبد، والفرس، والثوب الهروي معلوم الجنس، والنوع مجهول الوصف، وهذا موافق لما مر في تعريف الجنس والنوع عند الفقهاء. فإن قلت: قال في الهداية. معنى هذه المسألة أن يسمى جنس الحيوان، دون الوصف بأن تزوجها على فرس، أو حمار. أما إذا لم يسم الجنس بأن تزوجها على دابة لا تجوز التسمية، ويجب مهر المثل. فقد جعل الفرس، والحمار جنسا. قلت: أراد بالجنس النوع، كما صرح به في غاية البيان، ولذا قابله بالوصف. وأما قول البحر: لا حاجة إلى حمل الجنس على النوع؛ لأن الجنس عند الفقهاء هو المقول على كثيرين الخ، ففيه أنه لا يصح حمل الجنس في كلام الهداية: على الجنس الفقهي كما لا يخفى، بل يتعين حمله على النوع، وكذا قال في الهداية: ولو سمى جنسا، بأن قال هروي تصح التسمية ويخير الزوج، فقد سمى الهروي جنسا وليس هو جنسا بالمعنى المار، ولو تبع المصنف الهداية، فقال ذكر جنسه دون وصفه بدل قوله دون نوعه، لصح كلامه، بأن يراد بالجنس النوع؛ لمقابلته له بالوصف، أما مع مقابلته بالنوع، فلا يصح، هذا ما ظهر لي. قوله: (بخلاف مجهول الجنس) أي ما ذكر جنسه بلا تقييد بنوع كثوب ودابة"([19]).
يتبين من النص السابق ما يأتي:
أولاً: أن ابن عابدين نص على أن الحيوان، والدابة، والثوب اسم جنس عند الفقهاء، وأن الفرس والهروي، والمروي من الثياب نوع.
ثانياً: انتقد ابن عابدين الحصكفي عندما جعل ذكر الفرس بياناً للجنس جهالة للنوع، وقال كان عليه أن يقول: "وكذلك الحكم في كل حيوان ذكر نوعه دون وصفه" بدلاً من قوله: "وكذلك الحكم في كل حيوان ذكر جنسه دون نوعه".
ثالثاً: استدل ابن عابدين بما ورد في الاختيار من أن ذكر الثوب، والدابة فيه بيان للجنس جهالة للنوع، وأن ذكر الفرس، والبقرة، والشاة، والهروي بيان للنوع.
رابعاً: حمل ابن عابدين ما ورد في الهداية من ذكر الجنس على النوع؛ لما يأتي:
1. أن صاحب الهداية قابل الجنس بالوصف، فقال: "وأن يسمي جنس الحيوان، دون الوصف" والذي يقابل الوصف، هو النوع، وليس الجنـس؛ لأن النوع بيـن الجنس، والوصف.
2. جاء في الهداية: "ولو سمى جنساً، بأن قال هروي"، فقد سمى الهروي جنساً، وليس الهروي كذلك.
ويميل الباحث إلى ما حققه ابن عابدين في بيان المراد من الجنس، والنوع؛ لأن المبيع يُعلم وترفع عنه الجهالة بثلاثة أمور؛ بيان الجنس، والنوع، والصفة، والصفة دون النوع، والنوع دون الجنس([20]). والصفة قائمة بالعين؛ لأنها الأمارة اللازمة بذات الموصوف الذي يعرف بها([21])، فنقول شاة حلوب، أو شاة سمينة، أو شاة هرمة، والذي يجمع هذه الأعيان بهذه الصفات كونها شياه، فيكون اسم الشاة نوعاً لها؛ لأن النوع فوق الصفة، والشاة تشترك مع غيرها في كونها حيواناً، فيكون الحيوان اسم جنس بالنسبة لها؛ لأن الجنس فوق النوع. وكذلك الأمر بالنسبة للثياب، فلكل هروي من الثياب صفات قائمة به تميزه عن غيره، والذي يجمع هذه الأعيان من الثياب كونها هروية، فيكون الهروي نوعاً لها؛ لأن النوع فوق الصفة، والهروي يشترك مع غيره بكونه ثوباً، فيكون اسم الثوب جنساً لها، لأن الجنس فوق النوع.
أما الصفة فهي: الأمارة اللازمة بذات الموصوف الذي يعرف بها([22])، ومجهول الصفة: ما انتفت عنه الإمارات التي تميزه عما سواه، كأن يقول البائع: بعتك ثوباً هروياً، أو ثوباً من الكتان، أو القطن، أو يقول: بعتك فرساً أو بقرة أو شاة([23]) دون زيادة بيان، أي يذكر الجنس- وهو هنا الثوب والحيوان -والنوع- وهو كون الثوب هروياً، أو من الكتان، أو القطن، أو كون الدابة فرساً، أو بقرة...- ولا يذكر الصفات التي تميز هذه الأنواع عن غيرها.
وفيما يأتي بيان لهذه الوجوه من الجهالة:
أولاً: جهالة جنس المبيع
وتكون ببيع سلعة دون تسميتها([24])، كأن يقول بعتك شيئا بعشرة([25])، أو بعتك ما في كمي([26]). وهذه الجهالة من أفحش أنواع الجهالات؛ لأنها تتضمن جهالة الذات، والنوع، والصفة، والمقدار([27])؛ لهذا ذهب فقهاء الحنفية([28])، والمالكية([29])، والشافعية([30])، والحنابلة([31]) إلى عدم صحة بيع مجهول الجنس. مستدلين على ذلك بأن الجهل بالجنس من الغرر الكبير([32])، وأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر([33])، فيكون مجهول الجنس من بيع الغرر الممنوع.
وفي المذهب الحنفي في بيع مجهول الجنس كلام من الجدير بيانه، خلاصته: أن بعض النصوص عند الحنفية تفيد جواز بيع مجهول الجنس، ويثبت للمشتري الخيار، فقد جاء في مختصر القدوري:"من اشترى شيئا لم يره فالبيع جائز"([34]) وجاء في بداية المبتدي: "ومن اشترى شيئا لم يره، فالبيع جائز، وله الخيار إذا رآه"([35]) ويقول ابن الهمام في شرح هذه العبارة: "لكن إطلاق الكتاب يقتضي جواز البيع، سواء سمى جنس المبيع أو لا، وسواء أشار إلى مكانه، أو إليه - وهو حاضر مستور- أو لا، مثل أن يقول: بعت منك ما في كمي، بل عامة المشايخ قالوا: إطلاق الجواب يدل على الجواز عنده. وطائفة قالوا: لا يجوز لجهالة المبيع من كل وجه"([36])، فيتبين من هذا جواز بيع ما لم ير المتعاقدان، وإن كان مجهول الجنس، وهذا ما رجحه بعض الحنفية فقد نقل ابن عابدين عن المنح: "وفي حاشية أخي زاده ذكر هذا البحث، ثم قال: وقال عامة مشايخنا إطلاق الجواب يدل على جوازه، وهو الأصح"([37])، إلا أن الأخذ بالإطلاق، وترجيحه يقتضي القول بجواز بيع مجهول الجنس، وإن كانت الجهالة من كل وجه كقوله: بعتك شيئا بعشرة، وهذا ما استبعده ابن الهمام([38]) ونقله عنه ابن عابدين([39])، لذلك قيد كثير من علماء الحنفية الإطلاق بما في المبسوط إذ جاء فيه "الإشارة إليه- أي المبيع الذي لم يره المتعاقدان- أو إلى مكانه شرط الجواز، فلو لم يشر إليه، ولا إلى مكانه لا يجوز بالإجماع"([40]). وبمثل هذا قال صاحب تنوير الأبصار([41]). فيكون مقتضى هذا التقييد جواز بيع مجهول الجنس، بشرط الإشارة إليه، أو إلى مكانه. فعبارتا المبسوط، وتنوير الأبصار تفيدان جواز بيع مجهول الجنس؛ لاشتراطهما الإشارة إلى المبيع الذي لم يره المتعاقدان، إلا أن عبارتا المبسوط وتنوير الأبصار لم تفرقا بين معلوم الجنس، ومجهوله. ويحمل ابن عابدين اشتراط الإشارة إلى المبيع الذي لم يره المتعاقدان لجواز البيع على مجهول الجنس دون المعلوم جنسه. فيقول: "إن الإشارة ليست شرطا دائما بل عند عدم معرف آخر يرفع الجهالة"([42])، فيرى أن الإشارة إلى المبيع أو إلى مكانه لازمة عند عدم تسمية الجنس والوصف([43])، فيتبين من ذلك أن العلم بالجنس شرط لصحة العقد وتقوم الإشارة إلى المبيع أو إلى مكانه مقام تسمية الجنس. ثم إن الإشارة إلى مكان المبيع تقوم مقام تسمية الجنس إذا كانت تتضمن جهالة يسيرة كقوله بعتك ما في هذا البيت، أو الصندوق. أما إذا كانت الجهالة فاحشة فلا تقوم الإشارة إلى المكان مقام التسمية كقوله بعتك ما في هذه القرية أو هذه الدار([44]).
وبعد هذا العرض يتبين أن في المذهب الحنفي قولين في بيع مجهول الجنس:
1. قول يفهم من المتون ظاهره جواز بيع مجهول الجنس وهو ضعيف في المذهب وإن رجحه بعض الحنفية.
2. قول يفهم من عبارتي المبسوط وتنوير الأبصار من جواز بيع مجهول الجنس بشرط الإشارة إليه إن كان حاضراً، أو إلى مكانه إن كانت الإشارة إلى المكان تتضمن جهالة يسيرة وهذا ما أخذ به ابن الهمام وابن عابدين.
وذكر الصديق الضرير في كتابه الغرر أن ابن عابدين أخذ بالقول الذي يفهم من عبارة القدوري وهو القول بعدم صحة البيع بدون ذكر الجنس([45]) وهذا الكلام فيه نظر؛ لأن ابن عابدين وإن كان يشترط بيان الجنس لصحة البيع، إلا أنه يغتفر عنده ذكر الجنس إذا وجد معرف آخر بالمبيع، فالجهالة الفاحشة تنتفي عنده بأمور منها: بيان مكان المبيع الخاص، كبعتك ما في هذا البيت أو ما في كمي([46]). فقد أجاز بعض البيوع من غير ذكر الجنس كما في الحالة السابقة؛ فقول البائع بعتك ما في هذا البيت، ليس فيه ذكر للجنس.
وذهب المالكية في قول إلى جواز بيع مجهول الجنس إذا كان البيع على وجه المكارمة والمواصلة، ويكون البيع على وجه المكارمة والمواصلة بأن يكون بيع تولية مثل أن يوليه ما اشترى من يومه فيصح البيع ويثبت للمشتري الخيار هذا إذا كان بلفظ التولية أما إذا كان بلفظ البيع أو بغير الثمن الذي اشترى به فلا يصح بيع مجهول الجنس إلا أن يشترط الخيار للمشتري([47]).
والدليل على هذا أن ثبوت الخيار أو اشتراطه للمشتري يرفع الغرر الذي ينجم عن الجهالة؛ لأن البائع عالم بالمبيع والمشتري لا غرر عليه ولا ضرر؛ لأنه يقدر على رد المبيع إذا رآه فلم يوافقه([48]).
بعد هذا العرض يتبين أن المذهب عند الفقهاء وهو منع بيع مجهول الجنس؛ لأن الجهالة الناجمة عن جهالته هي من أعظم الجهالات، ثم إن القول بالمنع هو أكثر انسجاما مع مقاصد التشريع وحكمته، وأدعى إلى استقرار المعاملات الذي هو من شأن التجارة، وما ذهب إليه بعض الحنفية لم يكن على الإطلاق بل إن جواز البيع عندهم مع جهالة الجنس محمول على وجود الإشارة إلى المبيع أو إلى مكانه مع إثبات الخيار للمشتري؛ لأن وجود الإشارة مع إثبات الخيار يعملان على رفع الجهالة، وما ذهب إليه بعض المالكية وهو إغفال جهالة الجنس في بيع التولية مع ثبوت الخيار فكأنهم جعلوا بيع التولية من باب التبرعات في جانب البائع؛ لأنه يبيع بنفس الثمن الذي اشترى به، والجهالة عند المالكية تغتفر في عقود التبرعات. فخلاصة القول إن التشريع يرفض جهالة الجنس في البيع؛ لأنها تخرج العقد عن دائرة العدل الذي رسم به الشرع عقود المعاوضات وتجعله من باب العبث والعقود ما شرعت عبثا وإنما لتحقيق النفع للمتعاقدين.
ثم إنه من الأصول المقررة في الشريعة الإسلامية في أبواب المعاوضات وجوب تكافؤ البدلين في تلك العقود، ونعني بالبدلين الثمن والمثمن، فكيف السبيل إلى التحقق من وجود هذا التكافؤ أو التقارب مع جهالة جنس المبيع، أضف إلى ذلك أن التوازن بين أطراف العقد أمر مطلوب شرعاً ولا شك أن جهالة جنس المبيع تخل بذلك التوازن وبخاصة إذا علمنا أن المشتري في الغالب يكون أضعف من البائع لحاجة الأول أكثر من الثاني. وبعد هذا كله فإن جهالة الصفة والمقدار مفضية إلى الغرر ومضرة بالعقد فكيف لجهالة الجنس التي هي أعظم ضرراً وأقدح خطراً وأبعد شأناً في إحداث الخلل سواء في تكافؤ البدلين أو التوازن المطلوب بين أطراف العقد، ثم إنّ القول الذي لا يبطل العقد بالجهالة في المذهب الحنفي قول مستنبط من عموم نصوص المتون الفقهية، وهو قول لا يقوى حتى داخل المذهب الحنفي على معارضة النصوص الدلالة على اشتراط العلم بالجنس، فكيف تقوى على معارضة المآخذ والمدارك الشرعية العامة القاضية بوجوب العلم، وكيف يقوى أيضاً على معارضة مقاصد الشريعة في العقود عامة وفي عقود المعاوضات خاصة والتي يعتبر العلم بالمبيع جنساً وصفة وقدرا علامة بارزة فيها.
ثانياً: جهالة نوع المبيع
جهالة النوع كدابة لم يبينها فيقول بعتك دابة([49]) وهذا النوع من الجهالة ألحقه بعض الفقهاء بالجنس والبعض الآخر أدخله في الوصف مما أوجد هذا عندهم اختلافا في تحديد النوع، ويدل على ذلك ما جاء في شرح فتح القدير "والثياب أجناس: أعني الهروي والاسكندري والمروي والكتان..."([50])، فهذا النص يبين أن الهروي جنس والاسكندري جنس وهكذا. بينما يرى ابن تيمية أن هذه أنواع والجنس أعم منها وهو الثوب ويدل على ذلك قوله "أما المعين المعلوم جنسه وقدره المجهول نوعه أو صفته، كقوله بعتك الثوب الذي في كمي"([51])، ثم إن الخلاف في تحديد النوع لم يكن مقتصرا على المذاهب الفقهية بل تغلغل داخل المذهب الواحد فقد جاء في المبسوط "ولو اشترى شخصا على أنه عبد فإذا هو جارية فالبيع فاسد عندنا وقال زفر: جائز وللمشتري الخيار؛ لأن بني آدم جنس واحد ذكورهم وإناثهم كسائر الحيوان... وحجتنا- أي حجة جمهور الحنفية- في ذلك أن الذكور والإناث في حكم جنسين"([52]) فالعبد جنس والجارية جنس عند جمهور الحنفية بينما يرى زفر أنهما نوعين لجنس واحد هو بني آدم.
الآراء الفقهية في بيع مجهول النوع::
القول الأول: ذهب الحنفية([53]) والمالكية في قول([54]) والشافعية في قول مرجوح([55]) إلى صحة بيع مجهول النوع ويثبت للمشتري الخيار.
ثم إن بعض المعاصرين نسب إلى الحنفية القول باشتراط ذكر النوع لصحة البيع مطلقاً([56]) إلا أن نصوصهم تفيد خلاف ذلك، منها: ما جاء في شرح فتح القدير:"إطلاق الكتاب يقتضى جواز البيع سواء سمى جنس المبيع أولا، وسواء أشار إلى مكانه أو إليه، وهو حاضر مستور أو لا. مثل: أن يقول بعت منك ما في كمي. بل عامة المشايخ قالوا: إطلاق الجواب يدل على الجواز عنده. وطائفة قالوا لا يجوز لجهالة المبيع من كل وجه. والظاهر أن المراد بالإطلاق ما ذكره شمس الأئمة وغيره كصاحب الأسرار والذخيرة لبعد القول بجواز ما لم يعلم جنسه أصلا"([57]). فالقول بجواز بيع مجهول الجنس-وهو ما ذهب إليه عامة المشايخ- يتضمن القول بجواز بيع مجهول النوع؛ لأن جهالة الجنس تتضمن جهالة النوع. وما ذهب إليه عامة المشايخ قد صححه بعض الحنفية، فقد نقل ابن عابدين عن المنح: "وفي حاشية أخي زادة ذكر هذا البحث. ثم قال: وقال: عامة مشايخنا إطلاق الجواب يدل على جوازه وهو الأصح. وقال بعضهم لا يجوز وصحح"([58]).
وفي الفتاوى الهندية: "وصورة المسألة: أن يقول الرجل: لغيره بعت منك هذا الثوب الذي في كمي هذا، وصفته كذا، والدرة التي في كفي هذه وصفتها كذا، أو لم يذكر الصفة،... وأما إذا قال: بعت منك ما في كمي هذا، أو ما في كفي هذه من شيء. هل يجوز هذا البيع؟ لم يذكره في المبسوط. قال عامة مشايخنا: إطلاق الجواب يدل على جوازه عندنا"([59]). يتبين من هذا النص أن الحنفية يصححون البيع إذا ذكر الجنس، وإن لم يذكر النوع، فالثوب جنس لم يبين نوعه، بل يبين النص تصحيح بيع مجهول الجنس، والنوع، والصفة عند عامة المشايخ كما في قوله: "بعت منك ما في كمي هذا، أو ما في كفي هذه من شيء". فقوله من شيء يتضمن جهالة الجنس والنوع والصفة. وهي مسألة فتح القدير السابقة.
القول الثاني: ذهب المالكية في الصحيح([60]) والشافعية في الراجح([61]) إلى عدم صحة بيع مجهول النوع، ووافقهم الإمام أحمد بن حنبل في رواية حكاها عنه ابن تيمية([62]) وهي الراجحة فقد جاء في مطالب أولي النهى "ولا يصح إن قال: بعتك هذا البغل، فبان فرسا...، للجهل بالمبيع"([63]).
ويستند هذا الفريق إلى أن جهالة النوع تتضمن الغرر فنهي عنه بنص الحديث([64]) عن أبي هريرة نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر"([65]).
ويناقش الفريق الأول هذا الدليل بأن الغرر في جهالة النوع يرتفع بثبوت الخيار للمشتري؛ لأن المبيع إذا وافقه أخذه، وإذا لم يوافقه تركه. وبالتالي لا أثر للغرر على المشتري.
القول الراجح:
إن جهالة نوع المبيع كقوله بعتك حيوانا أو سيارة من قبيل الجهالة الفاحشة المؤثرة في العقد، وإن ثبت الخيار للمشتري؛ لأن الخيار وإن كان يرفع الغرر عن المشتري فإنه يثبته في جانب البائع؛ لأن احتمال رد المشتري للمبيع كبير، فقد يكون المشتري بحاجة إلى فرس للركوب فيظهر المبيع شاة، وهذا بخلاف قوله بعتك فرساً فإن احتمال الرد يقل فيقل تبعا لذلك الغرر الناجم عن الجهالة.
وأما القول بأن جهالة النوع ترتفع بثبوت خيار الرؤية فيرد عليه بأن خيار الرؤية لم يشرع لرفع الجهالة الفاحشة، وإنما يجب رفع الجهالة الفاحشة ابتداء ليصح العقد، ثم يثبت خيار الرؤية بعد صحة العقد لرفع الجهالة اليسيرة التي لا تنافي صحته([66])، ولرفع الجهالة الفاحشة المنافية لصحة العقد لا بد من العلم بالمبيع ابتداء، ويكون ذلك بالعلم بجنس المبيع ونوعه، أو الإشارة إليه وما إلى ذلك.
ثم إن عدم اشتراط العلم بنوع المبيع يؤدي إلى الإضرار بمبدأ استقرار العقود الذي هو مبدأ مقرر في الشريعة الإسلامية وفي أبواب المعاوضات على وجه الخصوص؛ لأن إثبات الخيار بعد إبرام العقد يجعل العقد متردداً، كما يجعل العاقد وهو هنا البائع قلقاً من إمكانية الرد بالخيار.
إن الناظر في أدلة الشريعة الإسلامية الغراء ومقاصدها فيما يختص بالعقود يلاحظ تأكيد هذه الشريعة أمر العلم بالمبيع جنساً ونوعاً وصفة وقدراً، وأن الجهالة في أي منها غير مغتفرة إلا إذا كانت يسيرة لا تؤدي إلى التنازع والتضاد.
أضف إلى ذلك وجوب صيانة كلام المكلفين عن الإلغاء والإهمال، فالعاقدان عندما يبرما عقداً الأصل فيه الصحة واللزوم؛ لذا فلا بد أن يكون مستكملاً شرائط تلك الصحة وكذلك اللزوم، وإن في تصحيح العقد، ثم إثبات الخيار علاجاً للجهالة ما يناقض المقاصد الشرعية في وجوب صيانة كلام المكلفين عموماً والعاقدين خصوصاً عن الإلغاء والإهمال، ثم إنّه من الخطأ بمكان النظر إلى جانب أحد المتعاقدين دون الآخر فإذا كان يمكن رفع الضرر عن المشتري بإثبات الخيار له، فكيف يمكن رفع الضرر عن البائع المتمثل في عود مبيعه إليه بعد أن وطن نفسه على بيعه، وما سبق ذلك نقص لقيمة المبيع حيث سيزهد الناس في شرائه إذا علموا برده، وأنَّى لهم أن يعلموا أن الرد إنما كان بسبب جهالة نوع المبيع.
ثالثاً: جهالة صفة المبيع([67]).
وقد اختلف الفقهاء في بيع مجهول الصفة على قولين هما:
القول الأول: ذهب الحنفية([68]) والمالكية في قول ضعيف([69]) والشافعية في قول ضعيف([70]) والإمام أحمد في رواية([71]) إلى أن البيع صحيح ويثبت للمشتري خيار الرؤية، إلا أن المالكية يفارقون هذا القول في أن الخيار يثبت للمشتري بالاشتراط وإلا كان البيع باطلا([72]).
ثم إن الحنفية يختلفون في اشتراط الإشارة إلى المبيع أو إلى مكانه في مجهول الصفة فذهب بعضهم كالشرنبلالي إلى عدم اشتراطها في معلوم الجنس([73]) وذهب البعض الآخر إلى اشتراطها مثل ابن عابدين([74]) وابن نجيم([75]).
القول الثاني: بيع مجهول الصفة باطل وإلى هذا ذهب المالكية([76]) والشافعية([77]) والحنابلة في الأظهر([78]).
الأدلة:
أدلة الفريق الأول:
1- قوله تعالى: (وأحل الله البيع)[275: البقرة]([79]).
وجه الدلالة: تدل الآية الكريمة بعمومها على صحة البيع دون تفصيل بين معلوم الصفة ومجهولها.
ويناقش هذا الدليل بأن الآية عامة مخصوصة بحديث النهي عن بيع الغرر([80]) الذي أخرجه مسلم([81]).
2- ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من اشترى ما لم يره فهو بالخيار إذا رآه"([82])، وما رواه مكحول مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من اشترى شيئا لم يره، فهو بالخيار إذا رآه، إن شاء أخذه وإن شاء تركه"([83]).
وجه الاستدلال: إثبات الخيار للمشتري يدل على صحة البيع؛ لأن الخيار لا يكون إلا في بيع صحيح([84])،
وإثبات الخيار للمشتري عند الرؤية يدل على جهله بصفة المبيع قبل الرؤية فإذا رآه وعلم صفته ثبت الخيار له؛ لأن فائدة الخيار تكون عند الاطلاع على صفة المبيع، فدل على صحة بيع مجهول الصفة وثبوت الخيار عند الرؤية.
مناقشة هذه الأدلة([85]):
الحديث الأول: ضعيف لأن إسناده([86]) فيه عمر بن إبراهيم بن خالد الكردي ضعيف جدا([87]).
الحديث الثاني: ضعيف من وجهين:
الوجه الأول: أنه حديث مرسل([88])؛ لأن مكحول تابعي، ويرد ابن الهمام على القول بإرسال الحديث بأنه وإن كان مرسلاً إلا أن المرسل حجة عند أكثر أهل العلم([89]).
الوجه الثاني: أحد الرواة في الإسناد([90]) ضعيف وهو أبو بكر بن أبي مريم([91]).
وعلى فرض صحة الحديثين فمن الممكن حملهما على البيع على الصفة ثم وجده متغيرا([92]).
3- ما رواه ابن أبي مليكة "أن عثمان ابتاع من طلحة ابن عبيد الله أرضا بالمدينة ناقلة بأرض له بالكوفة فلما تباينا ندم عثمان ثم قال بايعتك ما لم أره فقال طلحة إنما النظر لي إنما ابتعت مغيبا وأما أنت فقد رأيت ما ابتعت. فجعلا بينهما حكما فحكما جبير بن مطعم فقضى على عثمان أن البيع جائز وأن النظر لطلحة أنه ابتاع مغيبا"([93]).
وجه الاستدلال: ثبوت الخيار لطلحة خلافا لعثمان؛ لأن طلحة لم ير ما اشترى ومن ثمَّ يكون جاهلا بصفة المبيع بينما عثمان رأى ما اشترى فعلم صفته فثبوت الخيار لطلحة مع جهله بصفة المبيع دل على صحة البيع.
ويناقش هذا الدليل: بأن الخبر قول صحابي وفي اعتباره حجة خلاف([94])، يقول النووي:"إنه - أي الخبر- لم ينتشر في الصحابة، والصحيح عندنا أن قول الصحابة ليس بحجة إلا أن ينتشر من غير مخالف"([95]).
4- القياس على النكاح: فكما أن النكاح يصح بدون وصف للمعقود عليه، فكذا البيع يصح بدون وصف للمعقود عليه، بجامع أن كلاً منهما عقد معاوضة([96]).
ويناقش هذا الدليل: بأن هذا قياس مع الفارق؛ لأن النكاح لا يقصد منه المعاوضة، لذلك لا يفسد بفساد العوض. ثم إن الصفات التي تعلم بالرؤية ليست هي المقصودة في النكاح فلا يعتبر الجهل بها بخلاف البيع([97]). ويذهب النووي إلى أن المعقود عليه في النكاح استباحة الاستمتاع، وهذا لا يمكن رؤيته([98]).
أدلة الفريق الثاني:
ما رواه أبو هريرة، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر"([99]).
وجه الاستدلال: إن بيع مجهول الصفة من بيع الغرر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر، فيكون بيع مجهول الصفة منهيا عنه.
ويناقش الحنفية هذا الاستدلال: بأن الغرر هو أن يظهر له ما ليس في الواقع فيبني عليه فيظهر له خلافه فيتضرر به، وبيع مجهول الصفة ليس كذلك لثبوت خيار الرؤية؛ لأن ثبوت الخيار يرفع الضرر عن المشتري فيحمل النهي على البيع البات الذي لا خيار فيه؛ لأنه هو الذي يوجب الضرر بالمشتري([100]).
الرأي الراجح:
من خلال استعراض الأدلة السابقة، ومآخذ الفقهاء في أقوالهم، فإنّه يظهر للباحث أن جهالة الصفة تعتبر مؤثرة، ومفضية إلى بطلان العقد أو فساده؛ وذلك لأن أغلب الصفات تكون معتبرة ومرادة للعاقد؛ حيث إنّ العاقد يهمه أن يكون المبيع بالصفة التي يُرد، وأن تفاوت الصفات في الأهمية لا يلغي أهمية العلم بها وبخاصة إذا علمنا أن بعض الصفات تكون مرغوبة بحيث أن فقدانها ينقص قيمة المبيع نقصاً بيناً.
أما الأحاديث التي ذكرت الخيار فجلّها ضعيف كما رأينا، وعلى التسليم بصحتها فإنه من الخطأ بمكان أن نفسر كلام النبي صلى الله عليه وسلم وفق الاصطلاح الفقهي الحادث، فالخيار الوارد في كلام النبي صلى الله عليه وسلم يعني عدم إجبار المشتري على أخذ المبيع، وهذا معنى أعم من الاصطلاح الفقهي الحادث للخيار والذي يعتبر ثبوت الخيار أثراً من آثار صحة العقد، وثمرة من ثماره، وعلى هذا فلا يبقى للقائلين بصحة العقد متمسك بالأحاديث التي ذكرت الخيار؛ لأن تنزيل هذه الأحاديث على الاصطلاح الحادث تنزيل ليس في محله.
ومن هنا فإن اشتراط العلم بالصفة لصحة البيع هي الأقرب لنفي الجهالة والأقطع لمادة النزاع، والأكثر مناسبة مع مقاصد الشريعة، منها مقصد استقرار العقود ووقوعها صحيحة لازمة.
المقصد الثاني: جهالة العين والمقدار
أولاً: جهالة عين المبيع
المقصود بجهالة عين المبيع أن يقول البائع: بعتك شاة من هذا القطيع، أو ثوباً من هذا العدل، ومثله ثوب من ثوبين ومن ثلاثة ومن أربعة.
ذهب الفقهاء إلى عدم صحة هذا البيع([101]) للتفاوت بين شاة وشاة، وثوب وثوب، فتكون الجهالة فاحشة ومفضية إلى المنازعة([102]) فيدخل في بيع الغرر([103]) ويرى ابن الهمام إن علة البطلان معنى غير الجهالة، وهو عدم المبيع([104]).
وذهب الحنفية إلى تصحيح بيع ثوب من ثوبين، أو ثلاثة استحسانا إذا شُرط خيار التعيين للمشتري وفيما زاد عن الثلاث يكون البيع فاسدا([105]) وخالف في هذا زفر وقال العقد فاسد وما زاد عن الثلاثة وما دون الثلاثة سواء وهو القياس([106]) ويوافق استحسان الحنفية المالكية في بيع ثوب من ثوبين وهو ما يسمى عندهم بيع الاختيار. وهو بيع يجعل فيه البائع للمشتري اليقين لما اشتراه كأبيعك أحد هذين الثوبين على البت بدينار وجعلت لك يوما أو يومين تختار واحداً منهما([107]).
ويشترط المالكية لصحة هذا البيع اتحاد الجنس والصنف والثمن، فإن اختلف الجنس كشاة وثوب، أو اختلف الصنف كثوبين هروي ومروي، أو اختلف الثمن لم يجز، وإن كان الاختلاف من حيث الجودة والرداءة صح([108]).
وإلى مثل استحسان الحنفية ذهب الشافعية في قول ضعيف حكاه المتولي([109])، وأبو الوفاء من الحنابلة([110]).
ووجه القياس عند الحنفية: إن المبيع أحد الثياب الثلاثة، وهي متفاوتة والتفاوت يؤدي إلى الجهالة الفاحشة المفضية إلى المنازعة، فيكون المبيع مجهولا جهالة مانعة من صحة العقد([111]).
ووجه الاستحسان: إن الحاجة داعية إلى ذلك، فليس كل إنسان يستطيع دخول السوق ككبار السن والنساء، والمرضى، فيحتاج إلى أن يأمر غيره، ولا تندفع الحاجة بشراء شيء واحد معين من الجنس المطلوب؛ لأنه قد لا يوافق صاحب الحاجة فيشتري أحد الاثنين، أو الثلاث، ويحمل الجميع إلى الآمر، فيختار ما يوافقه ويرد الباقي. واقتصار الاستحسان على الثلاثة دون الأربعة لاقتصار الأشياء على الجيد والوسط والرديء فيبقى الحكم في الزيادة مردوداً إلى أصل القياس([112]).
ويناقش الحنفية القياس: إن اشتراط خيار التعين للمشتري يجعل جهالة عين المبيع غير مفضية إلى المنازعة المانعة من التسليم والجهالة غير المفضية إلى المنازعة لا تمنع صحة العقد([113]).
الرأي الراجح:
هو ما ذهب إليه الحنفية في الاستحسان لما يأتي:
1. لأن الحاجة داعية إلى ذلك، فقد يحتاج الشخص إلى أن يأخذ أكثر من سلعة ليختار من بينها واحدة، كالوالد يشتري أكثر من قطعة من الملابس لكل ولد من أولاده ليختار الابن واحدة منها، وكذلك الوكيل لخير موكله، وكذلك أي شخص ليستشير غيره مما له خبرة أكثر منه، كالابن ليستشير والده.
2. جريان العرف بذلك، فإن هذا النوع من البيوع معروف عند التجار وعامة الناس وبخاصّة عندما توجد الثقة بين البائع والمشتري.
3. إن الجهالة المؤثرة في صحة العقد هي الجهالة المانعة من التسليم؛ لأنها هي التي تؤدي إلى النزاع([114])، والجهالة هنا غير مانعة من التسليم لوجود خيار التعيين للمشتري، فالمشتري إذا عين أحد السلع فعلى البائع أن يسلمه إياها.
وهنا لا بد أن يكون ثمن كل سلعة مبيناً ليصح العقد وإلا كانت الجهالة فاحشة، فإذا كان التعيين للمشتري في ثلاثة أثواب فيجب أن يبين ثمن كل ثوب، ولا يصح أن يكون الثمن مجملاً.
ثانياً: جهالة قدر المبيع
ذهب الفقهاء إلى عدم صحة بيع مجهول القدر([115]) وخالف في ذلك الشرنبلالي من الحنفية إذ يرى أن العلم بالجنس يغني عن العلم بالقدر والصفة؛ لأن جهالة القدر والصفة بعد العلم بالجنس ترتفع بثبوت الخيار واستدل بذلك بمجموعة من الفروع صحح فيها الحنفية البيع بدون بيان قدر ولا وصف مثل بيع جميع ما في هذا البيت أو الصندوق([116]).
ويناقش ابن عابدين قول الشرنبلالي بما يأتي:
1. إن الأخذ بهذا القول يلزم منه تصحيح بيع حنطة بدرهم ولا قائل به([117]).
2. انتفاء الجهالة بثبوت خيار الرؤية قد يسقط برؤية بعض المبيع، فتبقى الجهالة المفضية إلى المنازعة([118]).
3. إن ما استدل به الشرنبلالي من الفروع هو من الجهالة اليسيرة غير المؤثرة في العقد لذلك لو قال بعتك جميع ما في هذه القرية أو الدار لم يصح لفحش الجهالة([119]).
الراجح في المسألة:
إن العلم بالجنس لا يغني عن العلم بمقدار المبيع؛ لأن جهالة المبيع هنا من الجهالة الفاحشة التي تؤدي إلى المنازعة وإن علم الجنس كقوله بعتك دابة أو ثوباً، ويدل على ذلك نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة([120])، وقد قال النووي في شرحه على مسلم في تفسير بيع الحصاة: "أما بيع الحصاة ففيه ثلاث تأويلات: أحدها: أن يقول: بعتك من هذه الأثواب ما وقعت عليه الحصاة التي أرميها، أو بعتك من هذه الأرض من هنا إلى ما انتهت إليه هذه الحصاة. والثاني: أن يقول: بعتك على أنك بالخيار إلى أن أرمى بهذه الحصاة. والثالث: أن يجعلا نفس الرمي بالحصاة بيعا. فيقول: إذا رميت هذا الثوب بالحصاة فهو مبيع منك بكذا"([121]). فعلى التأويل الأول لبيع الحصاة -في صورة بيع الأرض- يلاحظ إن جنس المبيع معلوم إلا أنَّ المقدار مجهول ومع ذلك فهو بيع منهي عنه، لما فيه من الغرر الناتج عن جهالة مقدار المبيع.
وقوله إن الجهالة ترفع بثبوت خيار الرؤية. يجاب عنه بما يأتي:
1. إن خيار الرؤية قد يسقط قبل الرؤية؛ كأن يكون المبيع عقاراً، فيبيعه المشتري قبل الرؤية والقبض، إذ يجوز بيع العقار عند الحنفية قبل القبض، ومن ثمَّ لا ترتفع المنازعة بين البائع والمشتري.
2. إن القول بصحة بيع معلوم الجنس وإن كان مجهولاً من الوجوه الأخرى، يقتضي القول بجواز بيع مجهول الجنس أيضاً مع إثبات خيار الرؤية، كأن يقول: بعتك شيئاً بعشرة دنانير، ولك خيار الرؤية. فما الفارق بين المسألتين؟!
أضف إلى ذلك أن تحديد القدر يعد غاية في الأهمية لنفي الجهالة المبطلة للعقد وبخاصة أن المقادير متفاوتة تفاوتاً بيناً يؤثر تأثيراً بالغاً في بدل المبيع وهو الثمن، إضافة إلى أن بيان المقدار هو أقطع لمادة النزاع وأكثر انسجاماً مع مقاصد الشريعة التي تشترط العلم بالمبيع جنساً ونوعاً وصفة وقدراً؛ لأنه ينشأ عن جهالة أي واحد منها تنازع الأصل عدمه؛ حفاظاً على الوقت والجهد، وصيانة لمرفق القضاء من تضيع الأوقات في النظر في المنازعات والمخاصمات التي تنشأ عن الجهالة.
وذهب الحنفية([122]) والشافعية([123]) إلى أن معرفة الحدود تغني عن معرفة المقدار، كقوله بعتك ملء هذا الإناء حنطة. إلا أن الحنفية قيدوا الإناء بكونه لا يحتمل الزيادة والنقصان كأن يكون من الحديد، وقيد الشافعية صحة البيع بما إذا كان المبيع حاضراً مجلس العقد كقوله بعتك ملء هذا الإناء من هذه الحنطة بكذا.
هذا ولم يمنع الفقهاء بيع مجهول القدر على الإطلاق، فأجازوا بيع الجزاف وهو: ما لم يعلم قدره على التفصيل([124]).
يقول المرغيناني من الحنفية: "ويجوز بيع الطعام والحبوب مكايلة ومجازفة وكذا إذا باعه بخلاف جنسه لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم بعد أن يكون يدا بيد"([125]). بخلاف ما إذا باعه بجنسه مجازفة لما فيه من احتمال الربا، ولأن الجهالة غير مانعة من التسليم والتسلم"([126]).
ويقول ابن جزي من المالكية: "وقولنا (معلوماً) تحرزا من المجهول فإنَّ بيعه لا يجوز إلا أنه يجوز بيع الجزاف"([127]).
ويقول النووي من الشافعية: "إذا باع الصبرة من الحنطة أو الشعير أو الجوز أو غير ذلك جزافا ولم يعلم واحد منهما قدرها كيلا ولا وزنا، ولكن شاهداها فالبيع صحيح بلا خلاف عندنا"([128]).
ويقول الرحيباني من الحنابلة: "ويصح بيع صبرة جزافا مع جهلهما أي: المتابعين، أو علمهما بقدرها، لعدم التغرير"([129]).
وقد أجاز الفقهاء بيع الجزاف؛ لأن البيع جزافاً تشترط فيه رؤية المبيع، وبرؤية المبيع تنتفي الجهالة الفاحشة التي تفضي إلى المنازعة، وتمنع التسليم والتسلم، أما جهالة القدر على وجه التفصيل فهي من قبيل الجهالة اليسيرة التي لا تفضي إلى المنازعة، ومن ثمَّ لا يفسد معها العقد.
ومن الأدلة على مشروعية بيع الجزاف ما يأتي:
1- عن سالم عن أبيه رضي الله عنه قال رأيت الذين يشتـرون الطعام مجازفة يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أَن يبيعوه حتى يُئْوُوهُ إلى رحالهم([130]).
2- عن ابن عمر كنا نشتري الطعام من الركبان جزافـاً فنهانا رسول صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله من مكانه([131]).
وجه الدلالة من النصين السابقين: يتضمن النصان السابقان أمرين؛ الأول: البيع جزافاً. والثاني: بيع ما تم شراؤه جزافاً قبل أن يقبض. فسكت النبي صلى الله عليه وسلم عن الأول، ونهى عن الثاني، ولو كان البيع جزافاً باطلاً لنهى عنه.
وللفقهاء في بيع الجزاف شروط ليس هنا محل بحثها وتفصيلها([132]).
وبعد هذا العرض، يتبين أن الجهالة التي يجب أن تنتفي عن العقد هي الجهالة الفاحشة، ولرفع هذه الجهالة لا يقتصر الأمر على وسيلة معينة بل ترتفع بكل طريقة تؤدي إلى علم المتعاقدين بالمبيع، فذكر الجنس مثلاً الذي يؤدي كثيراً من الأحيان إلى الجهالة الفاحشة، لا نجد ضرورة إلى ذكره إذا عُلم المبيع علماً وافياً بوسيلة أخرى، كقول البائع بعتك سلعتي هذه بألف دينار، وكانت السلعة حاضرة، فالعبرة بتخصيص المبيع عن غيره من السلع، وهذا التخصيص قد يكون بالإشارة أو الوصف المميز، ولهذا أرى إن المرجع في رفع الجهالة عن المبيع هو العرف، ويكون لكل سلعة بحسبها، فالأرض تعلم ببيان حدودها، والسيارة ببيان نوعها أو الإشارة إليها، والطعام بالإشارة إليه أو وصفه، وهكذا.
الفرع الثاني: أثر جهالة المبيع على عقد البيع.
لبيان أثر جهالة المبيع على عقد البيع لا بد من الوقوف على أنواعها، وجهالة المبيع تتنوع إلى ثلاثة أنواع([133]) هي:
1. الجهالة الفاحشة: وهي التي تفضي إلى المنازعة مثـل بيـع حبل الحبلـة([134]) وبيـع الملامسـة([135]) والحصاة([136]) وهذه من البيوع المنهي عنها التي تؤدي إلى منع صحة العقد. ومن الممكن أن نعرف الجهالة الفاحشة للمبيع بأنها: انتفاء العلم بالمبيع على الوجه الذي لا يمكن معه أن يخصص عن أنظاره([137]).
2. الجهالة اليسيرة : وهي التي لا تؤدي إلى المنازعة كالجهل بأساس الدار وحشوة الجبنة وهي جائزة عند الفقهاء. ومن الممكن أن نعرف الجهالة الفاحشة للمبيع بأنها: انتفاء العلم بالمبيع على الوجه الذي يمكن معه أن يخصص عن أنظاره([138]).
3. الجهالة المتوسطة: وهي ما كانت دون الفاحشة وفوق اليسيرة وفي إلحاقها بالمرتبة الأولى أو الثانية خلاف بين الفقهاء سببه هل لارتفاعها عن اليسيرة تلحق بالكثيرة، أم لانحطاطها عن الكثيرة تلحق باليسيرة؟
يتبين مما سبق أن الجهالة الفاحشة والجهالة المتوسطة على رأي من ألحقها بالفاحشة تفضيان إلى المنازعة عند التسليم والتسلم؛ لأن البائع يصر على تسليم هذا المبيع دون غيره أو هذا المبيع بهذا القدر أو بهذه الصفة والمشتري يرفض تسلمه على ما هو عليه، مما يترتب على هذه المنازعة امتناع التسليم، وتسليم محل العقد من موجبات العقد فأدت الجهالة إلى منافاة مقتضى العقد، ومن ثمَّ تكون مؤثرة في حكم العقد. يقول الكاساني: "ومنها أن يكون المبيع معلوما وثمنه معلوما علما يمنع من المنازعة.فإن كان أحدهما مجهولا جهالة مفضية إلى المنازعة فسد البيع، وإن كان مجهولا جهالة لا تفضي إلى المنازعة لا يفسد؛ لأن الجهالة إذا كانت مفضية إلى المنازعة كانت مانعة من التسليم والتسلم فلا يحصل مقصود البيع، وإذا لم تكن مفضية إلى المنازعة لا تمنع من ذلك ؛ فيحصل المقصود"([139]).
وبناء عليه فإن جهالة المبيع جهالة فاحشة تؤدي إلى بطلان العقد عند جمهور الفقهاء من المالكية([140])، والشافعية([141]) والحنابلة([142])، إلا أنّ للمالكية تفصيلاً في المسألة على النحو الآتي:
1. إذا كان المبيع مجهولاً من كلا العاقدين فالبيع باطل باتفاق المالكية([143]).
2. أما إذا كان المبيع مجهولاً من أحد العاقدين؛ هنا يفرق بين حالتين:
أ - أن يكون العالم بالمبيع يعلم جهل الآخر به، فيكون العقد باطلاً كما لو كان الجهل من العاقدين([144]).
ب- أن يكون العالم بالمبيع لا يعلم جهل الآخر به، فالمذهب عندهم البطلان([145])، وقيل العقد صحيح غير لازم في جانب الجاهل، فيخير بين الإمضاء والفسخ([146]).
وذهب الحنفية([147]) إلى أنَّ جهالة المبيع تفسد العقد.
وسبب هذا الاختلاف يرجع إلى أن الحنفية يفرقون بين العقد الباطل والفاسد([148])، فالعقد الباطل ما كان الخلل في أصله، والفاسد ما كان الخلل بوصفه لا بأصله([149])، والجهالة تورث الخلل في وصف المبيع، لا في أصله. أما جمهور الفقهاء فلا يفرقون بين العقد الباطل والفاسد، فالكل عندهم سواء([150]).
وتظهر ثمرة الخلاف في أثر رفع الجهالة عن العقد، فهل ينقلب صحيحاً أم يبقى على ما هو عليه من عدم الصحة؟ فعند جمهور الفقهاء لا يصحح العقد الباطل وإن رفعت الجهالة؛ لأن الباطل لاينتج أثراً([151])، بينما من الممكن أن يصحح العقد الفاسد عند الحنفية برفع الجهالة([152])، يقول الكاساني:"إذا قال: بعتك شاة من هذا القطيع، أو ثوباً من هذا العدل، فالبيع فاسد؛ لأن الشاة من القطيع، والثوب من العدل مجهول جهالة مفضية إلى المنازعة؛ لتفاحش التفاوت بين شاة وشاة، وثوب وثوب، فيوجب فساد البيع، فإن عيَّن البائع شاة أو ثوباً، وسلمه إليه ورضي به جاز"([153]). فبناء على هذا النص فإن العقد فاسد لجهالة ذات المبيع، فشاة من هذا القطيع مجهولة العين، وكذلك الثوب في العدل، فإن رفعت الجهالة بأن عُين المبيع برضا الطرفين، انقلب العقد صحيحاً.
إلا أنه يجب رفع الجهالة في مجلس العقد عند الحنفية؛ لأنهم يقسمون الفساد إلى قسمين:
الأول: الفساد القوي، وهو ما كان في صلب العقد، وصلب العقد، هو العوضان (المبيع والثمن)، فكل فساد يكون في أحدهما يكون فسادا في صلب العقد([154]). والعقد الفاسد فساداً قوياً لا يُصحَّح إلا إذا رفع سبب الفساد في مجلس العقد، أما بعد انتهاء العقد فلا سبيل إلى تصحيحه([155]).
الثاني: الفساد الضعيف، وهو الذي لا يكون في صلب العقد([156])، كأن يكون في الأجل المضروب في العقد، كالبيع بخيار الشرط إلى وقت الحصاد([157]). والعقد الفاسد فساداً ضعيفاً يصحح في مجلس العقد وبعده([158]).
وجهالة المبيع هي جهالة في صلب العقد؛ لأن صلب الشيء: ما يقوم به ذلك الشيء، والبيع يقوم بالعوضين، فكل فساد يكون في أحدهما يكون فسادا في صلب العقد([159])، فيصحح العقد برفع الجهالة في مجلس العقد.
وخالف في ذلك زفر فذهب إلى أن العقد إذا وقع فاسداً لا يصحح، لا في مجلس العقد ولا بعده، وسواء أكانت الفساد في صلب العقد، كما لو كان في أحد البدلين، أم لأمر خارج عن صلبه كما لو كان بسبب شرط فاسد([160]).
وأرى أن ما ذهب إليه جمهور الحنفية هو الأولى بالاعتبار؛ لأن في ذلك تصحيح للعقود الواقعة قدر الإمكان، حيث إن إعمال الكلام أولى من إهماله، وفيه رعاية لمصلحة طرفي العقد، مع الحفاظ على حق الشرع؛ لأن الشرع قرر الفساد لوجود المفسد، فإذا تدارك المتعاقدان الفساد ورفعاه في الوقت المناسب، فما الذي يمنع تصحيح العقد؟
المطلب الثاني: التطبيقات المعاصرة لرفع جهالة المبيع.
هنالك الكثير من الوسائل والأدوات التي يستطيع البائع استخدامها لإعلام المشتري بالمبيع ورفع الجهالة الفاحشة عنه، وهنا أعرض جانباً من التطبيقات المستخدمة في الوقت الحاضر، وأترك جانباً للتطبيق القانوني([161])، فمن التطبيقات المعاصرة لرفع الجهالة عن المبيع ما يأتي:
أولاً: الوصف
من طرق رفع الجهالة عن المبيع الوصف، وذلك بأن يحدد بالأوصاف والأسس الجوهرية، وغير ذلك من الأمور التي تميزه عن غيره وترفع الجهالة الفاحشة عنه([162])، وهذا يختلف من مبيع لآخر، فمثلاً لو كان المبيع أرضاً، فيجب بيان موقعها وحدودها وإذا كان مكيلاً أو موزوناً فيجب بيان جنسه ونوعه وصفته ومقداره([163]).
ووصف المبيع يكون بأحد صورتين:
الصورة الأولى: الوصف اللفظي.
وهذه الصورة من التطبيقات المنتشرة بشكل واسع، وتستخدم في الأحوال الآتية:
1. التقاء البائع والمشتري، فيصف البائع المبيع للمشتري بكل ما يميزه عن غيره، ويرفع الجهالة عنه، بحيث يكون معلوماً علماً كافياً للمشتري، وهذه الحالة تكون في الصور التعاقدية الآتية:
أ- إذا كان المبيع معيناً غائباً عن مجلس العقد، ولم يكن المشتري على علم بالمبيع([164]).
ب- إذا لم يكن المبيع معيناً، بأن كان موصوفاً بالذمة، كالمكيل والموزون غير المشار إليه.
ج- إذا كان العقد على مبيع يحصل في المستقبل كالاستصناع، كأن يطلب المشتري من النجار أن يصنع له باباً، أو غرفة نوم، فيلزم بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وصفته وما إلى ذلك([165]).
2. إذا تم التعاقد بوساطة الهاتف، فالهاتف من وسائل التعاقد المعاصرة بين الغائبين، لذا يلجأ البائع إلى الوصف اللفظي في رفع الجهالة عن المبيع، سواء أكان المبيع معيناً، لأنه يكون غائباُ عن مجلس العقد، أم كان موصوفاً بالذمة، أم كان مستقبلياً.
ومن الوسائل التقنية التي من الممكن استخدامها في الوصف اللفظي للإعلام بالمبيع ورفع الجهالة عنه التلفاز والإذاعة([166]).
الصورة الثانية: الوصف الكتابي.
في هذه الصورة تستخدم الكتابة لبيان المعلومات التي تحدد المبيع وترفع الجهالة عنه، وهي من الوسائل المعاصرة المنتشرة بشكل كبير، وقد عرف الفقه الإسلامي هذه الوسيلة بما يعرف بالبيع على البرنامج عند المالكية، ويقصد به: الدفتر المكتوب فيه صفة ما في العدل([167]).
أما الصور التطبيقية المعاصرة لهذه الصورة من الوصف، فهي كثيرة نذكر منها ما يأتي:
1. إذا تم التعاقد بين غائبين بوساطة الكتابة، فمن الممكن استخدام الكتابة كذلك لبيان المعلومات التي ترفع الجهالة عن المبيع، ومن صور المعاصرة لاستخدام الكتابة في التعاقد ما يأتي:
أ- التلكس: وعملية الاتصال به تتم من خلال جهازين مرتبطين بوحدة تحكم دولي ينقل كل واحد منهما إلى الآخر المعلومات المكتوبة دون الحاجة إلى وسيط بينهما، فلكل مشترك في هذا الجهاز رقم خاص يميزه عن بقية المشتركين، ولهذا الجهاز مفاتيح شبيهة بالآلة الكاتبة، ولكل مفتاح من مفاتيحه رقم يرمز إلى حرف متعرف عليه دولياً، وحينما تجمع فيه الأرقام أي الحروف يقوم الجهاز بتحويلها إلى إشارات كهربائية ليتلقاها جهاز التلكس المرسل إليه([168]).
ب- الفاكس: وعملية الاتصال تتم به من خلال جهازين مرتبطين بالخطوط الهاتفية، حيث يضع المرسل الورقة المكتوبة، ويضرب على الأرقام الخاصة بالجهاز المقابل، حينئذ إذا لم يكن الجهاز مشغولاً أو فيه خلل، فإنه يقوم بفتح الخد ليقوم بطبع صورة الورقة المرسلة على ورقة خاصة موجودة فيه، لتظهر الورقة للمرسل إليه كما هي دون تغيير أو تبديل([169]).
ج- البريد الإلكتروني: وعملية الاتصال به تتم من خلال ربط جهازي كمبيوتر عن طريق الهاتف، أو مجموعة اتصال خاصة تدعى "الإنترنت"([170])، فيدخل المشترك إلى موقع البريد الإلكتروني الخاص به، ويصدر أمراً بإنشاء رسالة بالنقر على أزرار معينة، ويقوم بكتابة العنوان الإلكتروني للمرسل له، ثم يكتب الرسالة، ثم يصدر أمر إرسال، فتنتقل الرسالة إلى نظام الشركة التي يتبع إليها المرسل إليه، فيقوم النظام فوراُ بإرسالها إلى الطرف الآخر المحدد في العنوان([171]).
2. استخدام الملصقات واللافتات الإعلانية
وهي وسيلة للإعلان عن السلع المنتجة، ونقل المعلومات عنها للمستهلكين، حيث يستخدمها كل من يريد تقديم خدمة أو سلعة للمستهلكين، كالمهنيين وأصحاب الفنادق، والمطاعم وغيرهم([172]). فيكتب على الملصق أو الإعلان موصفات المبيع بشكل يرفع عنه الجهالة الفاحشة.
ويضاف إلى ذلك الملصقات التي توضع على المنتج لتبين بعض المعلومات المتعلقة به والتي تعد ضرورية للمشتري، كبيان تاريخ الإنتاج، وتاريخ الانتهاء، ومقدار المنتج، ومكوناته.
3. النشرات والبطاقات.
مع التطور الهائل في إنتاج السلع، أصبح هنالك من السلعة، ما يكون بحاجة إلى نشرة أو بطاقة توضيحية تكون مرفقة مع المنتج، لها العديد من الفوائد التي تعود على المشتري، منها:
أ- بيان موصفات السلعة التي لا يستطيع المستهلك الإحاطة بها وإن عاين المبيع في مجلس العقد، مثل الحاسوب فإن المشتري لا يستطيع أن يقف على جميع مواصفاته بمجرد الإطلاع عليه، مثل سرعة الجهاز، وسعته التخزينية...، فتكون معه بطاقة أو نشرة تبين هذه الموصفات.
ب- بيان طريقة الاستعمال، فبعض المنتجات تحتاج إلى بيان طريقة الاستعمال، مثل أجهزة الهاتف النقال، فعادة تكون معه نشرة تبين طريقة الاستعمال.
ج- بيان طريقة التجميع والتركيب، في حالة ما إذا كانت السلعة مفككة إلى أجزاء يحتاج المشتري إلى تجميعها، لكي يستطيع استخدامها.
ثانياً: العلامة التجارية
وهي "إشارة ظاهرة يستعملها، أو يريد استعمالها أي شخص لتمييز بضائعه أو منتجاته أو خدماته عن بضائع أو منتجات أو خدمات غيره([173]). فالعلامة التجارية تجعل السلعة معلومة للمستهلك وتميزها عن غيرها من السلع المشابهة([174])، فتكون وظيفتها التدليل على مصدر السلعة، ونوعها، وطريقة تحضيرها، أو ضمانها([175])، وغير ذلك من المعلومات التي يحتاجها المشتري. فقد جاء في المادة (63) من قانون حقوق الملكية الفكرية المصري: "العلامة التجارية هي كل ما يميز منتجا سلعة، أو خدمة عن غيرة، وتشمل على وجه الخصوص الأسماء المتخذة شكلا مميزا، والإمضاءات، والكلمات والحروف، والأرقام والرسوم، والرموز، وعناوين المحال والدمغات، والأختام والتصاوير، والنقوش البارزة، ومجموعة الألوان التي تتخذ شكلا خاصاً ومميزاً، وكذلك أي خليط من هذه العناصر إذا كانت تستخدم أو يراد أن تستخدم إما في تمييز منتجات عمل صناعي أو استغلال زراعي، أو استغلال الغابات أو لمستخرجات الأرض، أو أية بضاعة، وإما لدلالة على مصدر المنتجات، أو البضائع، أو نوعها، أو مرتبتها، أو ضمانها، أو طريقة تحضيرها، وإما للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات"([176]).
ثالثاً: الكتالوج
الكتالوج وسيلة تعاقدية تتضمن بياناً لأوصاف المبيع وثمنه وشروط البيع([177])، ويعتبر الكتالوج أداة إعلانية مهمة تزايدت أهميته مع ظهور البيع عبر الإنترنت، وانتشار التجارة الإلكترونية([178])؛ لأن عقد التجارة الإلكترونية عقد بين غائبين؛ بحيث لا يتمكن المشتري من الاتصال المادي بالسلعة معاينتها معاينه حقيقية، فيقوك أغلب الباعة بمحاولة تجسيد هذه السلعة في كتالوجات تعطي تصوراً تام عن السلعة([179]).
ويتخذ الكتالوج صور وأشكال متعددة؛ فمنه الورقي الذي يتضمن معلومات مكتوبة وصور ورسومات للسلع المعروضة للبيع، وقد يكون في صور شرائط فيديو يمكن الإطلاع عليها من بوساطة التلفاز، أو الحاسب الآلي، ومنه كتالوج الصور المتحركة([180])، وهنالك الكتالوج الإلكتروني([181]).
ويتضمن الكتالوج العناصر الرئيسة الآتية([182]).
1. العرض الجذاب للسلع الذي يعمل على إقناع المستهلك بالشراء.
2. بيان الثمن وشروط البيع بوضوح.
3. وصف للسلعة المعروضة.
والعنصر الأخير هو الذي يعنينا هنا، حيث يقوم الكتالوج بوظيفة الإعلام بالمبيع ورفع الجهالة الفاحشة عنه، وذلك بالتزام البائع بإدراج جميع المعلومات الجوهرية التي تؤدي إلى معرفة المبيع معرفة تامة، بطريقة واضحة ومحددة دون غموض أو إبهام؛ حيث يستخدم في الكتالوج العبارات الدقيقة، والوصف التصويري بالرسم والصور لما في ذلك من بيان لحقيقة المبيع بشكل أكبر([183]).
رابعاً: تطبيقات أخرى
هنالك تطبيقات معاصرة أخرى تعمل على رفع الجهالة عن المبيع، وإن لم تعطِ هذه الوسائل إعلاماً كافياً إلا أنها تساعد على ذلك، أذكر منها:
أ- الصور الفوتوغرافية: وهي وسيلة مستخدمة لرفع الجهالة عن العقود ذات المحل المستقبلي كعقود الاستصناع، فالكثير من أصحاب محلات تصنيع الأثاث يعرضون صوراً يختار منها المشتري النموذج الذي يريدون، إلا أن هذه الوسيلة بحاجة إلى معلومات أخرى بجانبها لتعمل على الإعلام بالمبيع بشكل كاف كـبيان نوع الخشب المستخدم في التصنيع، والحجـم،
وهذه الأمور لا تظهر في الصور الفوتوغرافية.
ب- مخططات الأراضي: وهي عبارة عن مخططات على أوراق تصدرها الدولة، تعطي معلومات مهمة عن الأراضي كموقع قطعة الأرض، ومساحتها، وحدودها، يستطيع أن يعتمد عليها المشتري لمعرفة قطعة الأرض التي يريد شراؤها، وإن كانت كذلك تحتاج إلى جانبها بعض المعلومات ليكون العلم بالمبيع كافياً، مثل معرفة مدى صلاحية القطعة للزراعة أو البناء وغير ذلك.
المبحث الثاني
جهالة المبيع في القانون المدني الأردني والتطبيقات القانونية لرفعها
المطلب الأول: جهالة المبيع في القانون المدني الأردني.
ذهبت القوانين الوضعية إلى ما ذهب إليه الفقه الإسلامي من وجوب العلم بالمبيع لصحة العقد؛ لأن العلم بالمبيع مع أمر الشرع به أمر يوجبه العقل والفطرة السليمة، فالتفكير المنطقي لا يتصور صحة العقد إلا به، وقد عالج القانون المدني الأردني([184]) موضوع العلم بالمبيع وانتفاء الجهالة في موضعين:
الموضع الأول: عند الحديث عن النظرية العامة للعقد، فقد نصت المادة (161) على أنه:
1. "يشترط في عقود المعاوضات المالية أن يكون المحل معيناً تعيناً نافياً للجهالة الفاحشة، بالإشارة إليه، أو إلى مكانه الخاص إن كان موجوداً وقت العقد، أو ببيان الأوصاف المميزة له مع ذكر مقداره إن كان من المقدرات، أو نحو ذلك مما تنتفي به الجهالة الفاحشة".
2. "وإذا كان المحل معلوماً للمتعاقدين فلا حاجة إلى وصفه وتعريفه بوجه آخر".
3. "فإذا لم يعين المحل على النحو المتقدم كان العقد باطلاً".
وعند النظر في نص هذه المادة يمكننا أن نسجل الآتي:
1. نصت هذه المادة وبشكل صريح على أن العلم بمحل العقد وانتفاء الجهالة عنه هو شرط للعقد، ومن ثمَّ إذا انتفى هذا الشرط وتحققت الجهالة أثَّر ذلك في العقد وأخرجه من دائرة العقود الصحيحة.
2. بينت هذه المادة أن الجهالة المؤثرة في العقد هي الجهالة الفاحشة، أما إذا كانت الجهالة يسيرة فلا تعد مؤثرة، وقد بينت المذكرة الإيضاحية لهذه المادة أن الجهالة الفاحشة هي الجهالة الناشئة عن جهالة جنس محل العقد، كأن يقول البائع للمشتري: بعتك دابة من دوابي، وكان عنده أجناس مختلفة من الدواب([185])، أو تلك الجهالة الناشئة عن التفاوت الفاحش في قيم ما يحتمله المبيع، كأن يقول له بعتك سيارة من سياراتي أو داراً من دوري، وكانت قيم سياراته تتفاوت تفاوتا فاحشاً، وكذلك دوره. أما الجهالة اليسيرة وهي التي لا تنشأ عن تفاوت فاحش في القيم ويكون الجنس معها معلوماً فلا تؤثر في العقد فيكون صحيحاً، وسبب التفرقة بين نوعي الجهالة يرجع إلى أن الجهالة الفاحشة تؤدي إلى النزاع؛ لأن عقود المعاوضات مبنية على المماكسة والمشاحة، وهذا بخلاف الجهالة اليسيرة التي لا تؤدي إلى النزاع والخصومة، بل أنه لا يكاد يخلو منها عقد من العقود، وقد تعارف الناس على التسامح فيها. والحق أن مدار التفرقة بين نوعي الجهالة هو العرف فما اعتبره العرف من الجهالة الفاحشة فهو كذلك وإلا كان من الجهالة اليسيرة المغتفرة، ويرجع في العرف إلى أهل المعرفة والخبرة([186]).
3. بينت هذه المادة طرق العلم بمحل العقد، وهي تتلخص بالآتي:
أ- الإشارة إلى محل العقد، هذا إذا كان محل العقد حاضراً، مثل أن يقول بعتك هذه السيارة ويشير إليها، فبهذه الإشارة انتفت الجهالة عن محل العقد.
ب- الإشارة إلى مكانه الخاص، كأن يقول له بعتك الثياب التي في هذا البيت، أو التي في هذا الصندوق([187])، بل نجد أن من الحنفية من أجاز البيع بالإشارة إلى مكان المبيع وإن لم يذكر جنسه، كقوله بعتك ما في البيت أو ما في هذا الصندوق دون أن يبين ما هو المبيع([188]).
ج- بيان الأوصاف المميزة له مع ذكر مقداره إن كان من المقدرات، وذلك ببيان جنسه ونوعه، وما يميزه عن غيره من الخصائص والصفات، والمبيع قد يكون شيئاً معيناً بالذات أو غير معين بالذات، فإن كان الأول فيوصف بما يرفع الجهالة الفاحشة عنه، فإذا كان أرضاً فيكون بذكر موقعها ومساحتها وحدودها، وإذا كان بناء فيكون بتحديد الأرض التي يوجد عليها ومساحته ومساحة الأرض المقام عليها وما إلى ذلك، وإذا كانت سيارة فببيان نوعها وسنة صناعتها، أما الثاني أي إذا كان المبيع غير معين بالذات فيكون ببيان جنسه ونوعه ومقداره([189])، وإذا كان المبيع من المقدرات، فلا بد من بيان قدره لحصول العلم، فإذا باعه قمحاً فيبين له مقداره بالصاعات أو الكيلوات، ويكفي لحصول العلم بالمقدار الرؤية إذا كان حاضراً في مجلس العقد.
د- نجد في نص المادة مرونة في طرائق العلم بمحل العقد، فلم تقتصر على ما نصت عليه من طرائق، بل أضافت عبارة:" أو بنحو ذلك مما تنتفي به الجهالة الفاحشة "، ومن ثمَّ بقي الباب مفتوحاً للطرائق الأخرى المتعارف عليها بين الناس، أو ما يستجد من طرائق كالبيع بالأنموذج([190]) والبرنامج([191]) والكتالوج([192]) وما إلى ذلك.
4. اشتراط انتفاء الجهالة عن محل العقد محله عقود المعاوضات كالبيع ونحوه، ومن ثمَّ يخرج من نص هذه المادة عقود التبرعات، لأنه يغتفر في التبرعات ما لا يغتفر في المعاوضات.
5. أما الفقرة الثانية من المادة (161) فقد بينت أن العلم حاصل والجهالة منتفية عن محل العقد إذا كان العاقدان على علم مسبق به، فلو باع شخص لآخر سيارة كان يألفها ومطلع عليها قبل العقد، فإن الجهالة تكون منتفية وإن لم يرها المشتري حين العقد، ولا يكون بحاجة إلى وصفها له، وهذا يحمل على أن يكون محل العقد مما لا يتغير بالمدة بين العلم والعقد، فالبيت لا يتغير عادة لمدة شهرين وثلاثة بينما الشاة تتغير بالسمن والهزل.
6. وحكم العقد إذا عُقد مع الجهالة الفاحشة هو البطلان كما نصت على ذلك الفقرة الثالثة من المادة المذكورة، فلا يترتب عليه أي أثر ولا ترد عليه الإجازة، ولكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، كما نُص على ذلك في المادة (168) من القانون المدني الأردني. وبهذا يكون القانون قد خالف ما ذهب إليه الحنفية إذ ذهب الحنفية إلى القول بفساد العقد مع الجهالة الفاحشة([193]).
الموضع الثاني: عند الحديث عن عقد البيع في المادتين (466) و(467).
فقد نصت المادة (466) على ما يأتي:
1. "يشترط أن يكون المبيع معلوماً عند المشتري علماً نافياً للجهالة الفاحشة".
2. "يكون المبيع معلوماً عند المشتري ببيان أحواله وأوصافه المميزة له، وإذا كان حاضراً تكفي الإشارة إليه".
يتبين أن هذه المادة مؤكدة لما ورد في الفقرة الأولى من المادة (161) من شرطية العلم إلا أن المادة (466) نص خاص بالمبيع. وأظهرت الفقرة الثانية من المادة طريق إزالة الجهالة عن المبيع وهو ببيان أوصافه المميزة له عن غيره، إلا أنه إذا كان حاضراً في مجلس العقد فإن الإشارة إليه تقوم مقام بيان الأوصاف والخصائص، ويفهم من نص المادة أن بيان الأوصاف والأحوال يرفع الجهالة سواء أكان المبيع حاضراً في مجلس العقد أم غائباً عنه.
وبيان الأوصاف والإشارة إلى المبيع الحاضر ليس هو الطريق الوحيد لرفع الجهالة بل يكون بكل طريق تنتفي به الجهالة الفاحشة كما أشارت الفقرة الأولى من المادة (161) التي تحدثت عن رفع الجهالة عن محل العقد بوجه عام.
أما المادة (467) فقد نصت على أنه: "إذا ذكر في عقد البيع أن المشتري عالم بالمبيع علماً كافياً فلا حق له في طلب إبطال العقد لعدم العلم إلا إذا أثبت تدليس البائع".
إذا ذكر المتعـاقدان في عقد البيع أن المشتـري على علم بالمبيع علماً كافياً ونافياً للجهالة سواء أحصل هذا العلم عند التعاقد بذكر الأوصاف أم الإشارة... أو كان قبل التعاقد بأن كان على علم مسبق بالمبيع كما نصت الفقرة الثانية من المادة (161) فليس للمشتري بعد ذلك أن يطالب بإبطال العقد بعد ذلك لعدم العلم إلا إذا أثبت أن البائع قد دلس في البيع وغرر بالمشتري، والتغرير- كما نصت عليه المادة (143)- "هو أن يخدع أحد العاقدين الآخر بوسائل احتيالية قولية أو فعلية تحمله على الرضا بما لم يكن ليرضى به بغيرها".
وفي اشتراط القانون المدني الأردني انتفاء الجهالة عن المبيع لصحة العقد انسجاماً تماماً مع ما ذهبت إليه مجلة الأحكام العدلية، فالمجلة تعد مصدراً أساسياً من مصادر القانون المدني الأردني([194]). فقد نصت المادة (200) من المجلة على أنه: "يلزم أن يكون المبيع معلوماً عند المشتري".
المطلب الثاني: تطبيقات القانون المدني الأردني لرفع جهالة المبيع.
العلم بالمبيع يكون بوسائل عامة مثل الرؤية والمعاينة، والإشارة إلى المبيع، وبيان الأوصاف الأساسية، كما نصت على ذلك المادة (161) والمادة (466) من القانون المدني الأردني، وهنالك وسائل خاصة ذكرها القانون المدني الأردني مثل البيع بالنموذج، والتجربة والمذاق([195])، هي بمثابة تطبيقات للعلم بالمبيع، فيما يأتي بيان موجز لها:
1- البيع بالنموذج:
لما كان انتفاء الجهالة الفاحشة للمبيع شرطاً في صحة العقد، فإنه يلزم البائع أن يعلم به المشتري علماً نافياً للجهالة، وقد يكون من المتعذر أن يحضر المبيع كله إلى مجلس العقد، فيلجآن إلى البيع بالنموذج، وصورة هذا البيع أن يعرض البائع مقداراً أو جزءاً من المبيع للمشتري على أن يكون باقي المبيع على صفة هذه العينة المعروضة من الجودة والرداءة فيرضى المشتري بذلك([196])، كأن يبيعه ألف صاع من القمح فيريه صاعاً واحداً على أن تكون سائر الصاعات على صفة الصاع المعروض.
وقد ذهب القانون المدني الأردني إلى أن النموذج وسيلة كافية للعلم بالمبيع ورفع الجهالة الفاحشة عنه بشرط المطابقة بين النموذج والمبيع، فقد نصت الفقرة الأولى من المادة (468) على أنه: "إذا كان البيع بالنموذج تكفي فيه رؤيته، ووجب أن يكون المبيع مطابقاً له".
أما إذا ظهر أن المبيع غير مطابق للنموذج فيثبت حق الفسخ للمشتري، فقد جاء في الفقرة الثانية من المادة (468) ما نصه: "فإذا ظهر أنه غير مطابق له فإن المشتري يكون مخيراً إن شاء قبله، وإن شاء رده"، وهذا يعني أن البيع منعقد وصحيح، وإن ظهرت المخالفة بين المبيع والنموذج، إلا أن المخالفة تؤدي إلى عدم لزوم العقد بالنسبة للمشتري فيكون مخيراً بين الإمضاء والفسخ.
2- البيع بشرط التجربة
من الطرق الرافعة للجهالة عن المبيع والتي نص عليها القانون المدني الأردني البيع بشرط التجربة، ويقصد به: "البيع الذي يتم الاتفاق فيه على أن يكون للمشتري حق تجربة المبيع للتعرف على صلاحيته للغرض الذي يقصد شراءه لأجله، أو ليتأكد أن المبيع هو الشيء الذي يطلبه"([197]).
فيتبين من هذا التعريف أن البيع بشرط التجربة لا يستلزم غياب المبيع عن مجلس العقد فقد يكون حاضراً وقد يكون غائباً، ومن الممكن الإشارة إليه إذا كان حاضراً في مجلس العقد، أو وصفه في حال غيبته، وبالإشارة أو الوصف يعلم حاله وترتفع عنه الجهالة، إلا أن المشتري قد يحتاج إلى تجربة هذا المبيع ليتحقق من مدى وفائه بحاجته، ومن ثمَّ يزداد علماً بمكنوناته وأوصافه الخفية التي لا تعلم إلا بالتجربة، فالهدف من التجربة هي العلم بالمبيع.
كما يمكننا القول إن البيع بشرط التجربة هو تطبيق من تطبيقات خيار الشرط يشترط للمشتري، فإذا رضي المشتري المبيع بعد التجربة أمضى العقد، وإن لم يرضه فسخ العقد([198]).
وقد ذهب القانون المدني الأردني إلى صحة التعاقد بهذه الطريقة، فقد نصت الفقرة الأولى من المادة (470) على أنه: "يجوز البيع بشرط التجربة مع الاتفاق على مدة معلومة فإن سكت المتبايعان عن تحديدها في العقد حملت على المدة المعتادة". فمع القول بصحة هذا البيع إلا أنه لا بد أن يقترن بمدة تجري فيها التجربة، ومن نص المادة يتبين أن هنالك طريقتين لتحديد هذه المدة، هما:
1. النص الصريح على المدة في العقد، كأن تكون ساعة أو يوماً أو يومين.
2. الرجوع إلى العرف في تحديد المدة، ويكون هذا عند السكوت عنها في العقد، وعدم الاتفاق عليها بعده.
فإذا تم البيع على هذه الصفة لزم البائع أن يمكن المشتري من التجربة، كما ورد في الفقرة الثانية من المادة السابقة، فإن تم تمكينه من ذلك، فيكون له حق الإمضاء أو الفسخ خلال هذه المدة، وإن لم يجرب المبيع، وفي حالة الفسخ عليه إعلام البائع بذلك، أما إذا مضت المدة المتفق عليها أو المحددة عرفاً ولم يظهر المشتري رغبته بالإمضاء أو الفسخ، اعتبر سكوته قبولاً، ولزمه البيع([199]).
3- البيع بشرط المذاق
البيع بشرط المذاق هو التطبيق الثالث من تطبيقات العلم بالمبيع في القانون المدني الأردني، فمن المعلوم أن شرط العلم بالمبيع هو من أجل أن يقدر المشتري مدى حاجته إلى هذا المبيع، وهل يستحق الثمن الذي سامه به؟ ويعتمد هذا على صفات المبيع، وعلم المشتري بها، وعلى الرغم من وجود المبيع في مجلس العقد إلا أن المشتري أحيانا لا يستطيع أن يتحقق من وجود هذه الصفات بمجرد الرؤية فيحتاج إلى طريقة أخرى غير الرؤية كالتجربة مثلاُ كما لو كان المبيع سيارة- كما هو الحال في التطبيق الثاني- أو المذاق إذ إن بعض المبيعات لا يتوصل إلى صفاتها المرغوبة إلا بهذا كبعض المأكولات والمشروبات، فيكون المذاق هو وسيلة للعلم بهذا المبيع ورفع الجهالة عنه، وقد ذهب القانون المدني الأردني إلى أن البيع بشرط المذاق تسري عليه أحكام البيع بشرط التجربة، فقد نصت المادة (477) على أنه: "تسري أحكام البيع بشرط التجربة على البيع بشرط المذاق، إلا أن خيار المذاق لا يورث".
ويترتب على هذه التسوية ما يأتي:
1. أن البيع بشرط المذاق هو من صور البيع بشرط التجربة إلا أنهما يفترقان بحكم التوريث كما صرحت بذلك المادة السابقة، فالخيار في البيع بشرط التجربة يورث خلافاً للبيع بشرط المذاق، ومن البديهي أن البيع بشرط المذاق يكون في الأشياء التي تؤكل أو تشرب، بينما يكون البيع بشرط التجربة في الأشياء المعدة للاستعمال مع بقاء عينها([200]).
2. أن تكون هنالك مدة في البيع بشرط المذاق ليبدي فيها المشتري رغبته بالإمضاء أو الفسخ، تحدد صراحة أو عرفاً كما هو الحال في البيع بشرط التجربة.
3. أن يلتزم البائع بتمكين المشتري من تذوق المبيع المتفق عليه.
4. للمشتري في المدة المحددة صراحة أو عرفاً أن يمضي العقد أو يفسخه، وفي حالة الفسخ عليه إعلام البائع بذلك، أما إذا مضت المدة دون أن يبين ذلك اعتبر سكوته قبولاً، ولزمه عقد البيع.
الخاتمة
وفيها أهم نتائج البحث:
1. إن الجهالة المؤثرة في صحة عقد البيع هي الجهالة الفاحشة دون الجهالة اليسيرة، وإن الجهالة اليسيرة لا يكاد يخلو منها عقد من العقود.
2. إن جهـالة الجنس والنوع والصفة والقـدر وعين المبيع هي من الجهالة الفاحشة المؤثرة في العقد، وتخرجه من دائرة الصحة، إذا لم يكن هنالك معرف آخر بالمبيع، كأن يكون المبيع حاضراً مجلس العقد ويشير إليه البائع.
3. القول بفساد بيع المجهول أولى من القول ببطلانه؛ لأن في ذلك تصحيحاً للعقود الواقعة قدر الإمكان برفع الجهالة عن المبيع، وذلك ممكن.
4. ليس هنالك طرق محددة لرفع الجهالة عن المبيع، بل العبرة برفع الجهالة الفاحشة سواء كان ذلك بالطرق التقليدية، أم بالطرق المستحدثة كالوصف الكتابي- الذي قد يكون بوساطة التلكس أو الفاكس أو البريد الإلكتروني، واستخدام الملصقات والبطاقات، والنشرات- والعلامة التجارية، والكتالوج، والصور الفوتوغرافية، ومخططات الأراضي.
5. أخذ القانون المدني الأردني بما ذهب إليه الفقه الإسلامي من أن الجهالة الفاحشة مؤثرة في العقد دون الجهالة اليسيرة.
6. ذهب القانون المدني الأردني إلى أن الجهالة الفاحشة مبطلة لعقد البيع، وكان الأولى به الأخذ برأي الحنفية بأن الجهالة الفاحشة مفسدة للعقد؛ لأنه بالإمكان تصحيح العقد برفع الجهالة من قبل طرفي العقد، وفي ذلك تقليص من حالات البطلان انسجاماً مع ما ذهب إليه القانون المدني الأردني عند أخذه برأي الحنفية في نظرية الفساد، معللاً ذلك بأن في الأخذ بنظرية الفساد إقلالا من حالات بطلان العقد، وفتح الباب لتصحيحه قدر الإمكان([201]).
7. ترتفع الجهالة الفاحشة وفق أحكام القانون المدني الأردني بالإشارة إلى المبيع أو مكانه الخاص، أو بالوصف، وبيان المقدار إن كان من المقدرات.
8. كان القانون المدني الأردني مرناً في طرق رفع الجهالة الفاحشة عن المبيع، فقد نصت المادة (161) في الفقرة الأولى على أن كل وسيلة من الممكن أن ترفع الجهالة الفاحشة يأخذ بها قانوناً. ومن ثمَّ فإن طرق العلم بالمبيع ليست محصورة بطرق معينة، فكل طريقة يحصل منها المقصود وهو العلم بالمبيع، وترتفع بها الجهالة الفاحشة المانعة من القدرة على التسليم، والمانعة من النزاع فهي وسيلة صالحة فقهاً وقانوناً، كالبيع بالكتالوج.
(*) المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، جامعة آل البيت، المجلد السادس، العدد (3)، 1431 ه/2010م.
الهوامش:
([1]) لم ينص الفقهاء القدامى على مفهوم الجهالة، ومفهومها هنا مستنبط من تعريف الموسوعة الفقهية الكويتية، انظر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية، الكويت، 1986م، (ط3)، ج16، ص167.
([2]) إبراهيم بن محمد بن نجيم (ت970ﻫ)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، تحقيق زكريا عميرات، بيروت، دار الكتب العلمية، 1997م (ط1)، ج3، ص287، 288. سراج الدين عمر بن إبراهيم ابن نجيم (ت 1005ﻫ)، النهر الفائق شرح كنز الدقائق، ج2، ص250.
([3]) ابن نجيم، البحر الرائق، ج3، ص288. ابن نجيم، النهر الفائق، ج2، ص250.
([4]) ابن نجيم، البحر الرائق، ج3، ص288.
([5]) المرجع السابق، ج8، ص79.
([6]) المرجع السابق، ج8، ص79.
([7]) كمال الدين محمد بن عبد الواحد ابن الهمام (ت 861ﻫ)، شرح فتح القدير على الهداية شرح بداية المبتدي، تحقيق: عبد الرزاق غالب المهدي، بيروت، دار الكتب العلمية، 1995م، (ط1)، ج3، ص344، فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي (توفي 743ﻫ)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، تحقيق: أحمد عزو عناية، بيروت، دار الكتب العلمية، 2000م، ط(1)، ج2، ص568.
([8]) محمد أمين ابن عابدين (ت1252ﻫ)، رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار، (طبعة خاصة)، تحقيق: (عادل أحمد عبد الموجود، وعلي محمد معوض)، بيروت، دار الكتب العلمية، 1994م، (ط1)، ج7، ص239. الزيلعي، تبيين الحقائق، ج4، ص380.
([9]) ابن الهمام، شرح فتح القدير، ج6، ص396.
([10]) علي بن أبي بكر الفرغاني المرغيناني (ت 593ﻫ)، الهداية شرح بداية المبتدي، بيروت، دار الكتب العلمية، 1990م (ط1)، ج1، ص228، الزيلعي، تبيين الحقائق، ج2، ص568.
([11]) ابن الهمام، شرح فتح القدير، ج6، ص308.
([12]) الزيلعي، تبيين الحقائق، ج4، ص380، ابن نجيم، البحر الرائق، ج6، ص135، البابرتي، العناية، ج6، ص395.
([13]) المرغيناني، الهداية، ج1، ص227.
([14]) المرغيناني، الهداية، ج1، ص227.
([15]) الحصفكي، تنوير الأبصار، انظر متن رد المحتار لابن عابدين، (طبعة خاصة)، تحقيق: (عادل أحمد عبد الموجود، وعلي محمد معوض)، بيروت، دار الكتب العلمية، 1994م (ط1) ج4، ص268، 269.
([16]) الزيلعي، تبيين الحقائق، ج2، ص566.
([17]) محمود بن أحمد بن موسى العيني (ت855ﻫ)، البناية شرح الهداية، ج4، ص699.
([18]) ابن نجيم، البحر الرائق، ج3، ص287، ابن عابدين، رد المحتار، ج4، ص270.
([19]) ابن عابدين، رد المحتار، ج4، ص269، 270.
([20]) ابن عابدين، منحة الخالق على البحر الرائق، مطبوع مع البحر الرائق، تحقيق زكريا عميرات، بيروت، دار الكتب العلمية، 1997م (ط1)، ج3، ص288.
([21]) أبو الحسن علي بن محمد بن علي الجرجاني، التعريفات، تحقيق: محمد باسل، دار الكتب العلمية، بيروت، 2003م، ط(2)، ص136. قطب مصطفى سانو، معجم مصطلحات أصول الفقه، دار الفكر، بيروت، 2006م، ط(3)، ص257. قلعه جي، معجم لغة الفقهاء، ص245.
([22]) أبو الحسن علي بن محمد بن علي الجرجاني، التعريفات، تحقيق: محمد باسل، دار الكتب العلمية، بيروت، 2003م، ط(2)، ص136. قطب مصطفى سانو، معجم مصطلحات أصول الفقه، دار الفكر، بيروت، 2006م، ط(3)، ص257. قلعه جي، معجم لغة الفقهاء، ص245.
([23]) حقق ابن عابدين أن الثوب والدابة جنس، والهروي والكتان من الثياب، والفرس والبقرة من الدواب نوع. انظر: ابن عابدين، رد المحتار، ج4، ص269، وانظر المعنى نفسه: الكاساني، بدائع الصنائع، ج5، ص286.
([24]) أحمد بن أدريس بن عبد الرحمن القرافي (ت 684ﻫ)، الفروق وأنوار البروق في أنواء الفروق، (ط1). تحقيق: خليل عمران المنصور، بيروت، دار الكتب العلمية، 1998م (ط1)، ج3، ص432.
([25]) ابن الهمام، شرح فتح القدير، ج6، ص309.
([26]) ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص150، محمد بن أحمد بن جزي (ت 741ﻫ)، القوانين الفقهية، بيروت، دار الكتب العلمية، ص169.
([27]) الصديق محمد الأمين الضرير، الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي، 1967م (ط1)، ص167.
([28]) ابن الهمام، شرح فتح القدير، ج6، ص309، ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص150، وفي المذهب الحنفي كلام سيأتي بيانه.
([29]) ابن جزي، القوانين الفقهية، ص169.
([30]) أبو زكريا محيى بن شرف النووي (ت 676ﻫ)، المجموع شرح المهذب، تحقيق: محمد نجيب المطيعي، جدة، مكتبة الإرشاد، ج9، ص353.
([31]) إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن مفلح (ت 884ﻫ)، المبدع شرح المقنع، تحقيق: محمد حسن إسماعيل، بيروت، دار الكتب العلمية، 1997م (ط1)، ج4، ص24، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية (ت 728ﻫ)، الفتاوى الكبرى، قدم له وعرف به: حسين محمد مخلوف، مصر، دار الكتب الحديثة، ج3، ص416.
([32]) إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزأبادي الشيرازي (ت 476ﻫ)، المهذب في فقه الإمام الشافعي، تحقيق: زكريا عميرات، بيروت، دار المكتب العلمية، 1995م (ط1)، ج2، ص14.
([33]) أخرجـه مسلم بن الحجاج النيسابـوري (ت261ﻫ)،
صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت، دار إحياء التراث، كتاب البيوع، باب بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر، ج3، ص1153، رقم (1513).
([34]) أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر القدوري، مختصر القدوري في الفقه الحنفي، تحقيق: كامل محمد محمد عويضة، دار الكتب العلمية، 1997م (ط1)، ص81.
([35]) علي بن أبي بكر الفرغاني المرغيناني (ت 593ﻫ)، بداية المبتدي مع شرح فتح القدير على الهداية شرح بداية المبتدي، تحقيق: عبد الرزاق غالب المهدي، بيروت، دار الكتب العلمية، 1995م (ط1)، ج6، ص309.
([36]) ابن الهمام، شرح فتح القدير، ج6، ص309.
([37]) ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص151.
([38]) ابن الهمام، شرح فتح القدير، ج6، ص309.
([39]) ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص150.
([40]) انظر: المرجعين السابقين، سعد الله بن عيسى (سعدي جلبي) (ت 945ﻫ)، حاشية السعدي مطبوعة مع شرح فتح القدير على الهداية شرح بداية المبتدي لابن الهمام، تحقيق: عبد الرزاق غالب المهدي، بيروت، دار الكتب العلمية، 1995م (ط1)، ج6، ص309.
([41]) محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الخطيب التمرتاشي (ت 1004ﻫ)، تنوير الأبصار وجامع البحار مع رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار، (طبعة خاصة)، تحقيق: (عادل أحمد عبد الموجود، وعلي محمد معوض)، بيروت، دار الكتب العلمية، 1994م (ط1)، ج7، ص150.
([42]) ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص151.
([43]) المرجع السابق، ج7، ص150.
([44]) المرجع السابق، ج7، ص48، 49، وانظر: نظام وآخرون، الفتاوى الهندية، المعروفة بالفتاوى العالمكيرية في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1976م (ط4)، ج3، ص128.
([45]) الضرير، الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي، ص168.
([46]) فالجهالة الفاحشة تنتفي عند ابن عابدين بالأمور الآتية: الإشارة إلى المبيع، أو بيان الجنس والقدر والصفة كبعتك كر حنطة بلدية، أو بيان مكانه الخاص كبعتك ما في هذا البيت أو ما في كمي، أو بالإضافة كبعتك سيارتي ولا سيارة له غيرها أو ببيان حدود الأرض. انظر: ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص51.
([47]) سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب الباجي (ت 494ﻫ)، المنتقى شرح موطأ الإمام مالك بن أنس، بيروت، دار الكتاب العربي، 1983م (ط3)، ج4، ص287.
([48]) المرجع السابق.
([49]) ابن عابدين، رد المحتار، ج4، ص269.
([50]) ابن الهمام، شرح فتح القدير، ج6، ص308.
([51]) ابن تيميه، الفتاوى الكبرى، ج3، ص416.
([52]) محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي (ت490ﻫ)، المبسوط، بيروت، دار الكتب العلمية، 1993م (ط1)، ج13، ص12، 13.
([53]) لم ينص الحنفية على جهالة النوع إلا أن ظاهر النصوص عندهم تفيد صحة بيع مجهول النوع. ومن ذلك أجاز الحنفية بيع.
([54]) صالح عبد السميع الآبي، جواهر الإكليل شرح مختصر العلامة الشيخ خليل في مذهب الإمام مالك، بيروت، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ج2، ص9.
([55]) النووي، المجموع، ج9، ص254.
([56]) الضرير، الغرر، ص169.
([57]) ابن الهمام، شرح فتح القدير، ج6، ص309.
([58]) ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص151.
([59]) نظام، الفتاوى الهندية، ج3، ص57.
([60]) ذهب المالكية في هذا القول بمنع بيع الغائب إلا على صفة أو رؤية متقدمة. انظر: الآبي، جواهر الإكليل، ج2، ص9، وأبو الوليد محمد بن أحمد ابن رشد (ت 520ﻫ)، المقدمات الممهدات لبيان ما اقتضته رسوم المدونة من الأحكام الشرعية والتحصيلات المحكمات الشرعيات لأمهات مسائلها المشكلات، بيروت، دار صادر، ج2، ص556.
([61]) النووي، المجموع، ج9، ص353، 354.
([62]) ابن تيميه، الفتاوى الكبرى، ج3، ص416.
([63]) مصطفى السيوطي الرحيباني (ت 1243ﻫ)، مطالب أولى النُّهى في شرح غاية المنتهى، طبع على نفقة صاحب السمو الشيخ علي بن الشيخ عبد الله بن القاسم آل ثاني، دمشق، منشورات المكتب الإسلامي، ج3، ص27.
([64]) الشيرازي، المهذب، ج2، ص14.
([65]) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البيوع، باب بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر، ج3، ص1153، رقم (1513).
([66]) ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص51.
([67]) يظهر أثر الاختلاف في بيع مجهول الصفة في بيع الغائب، هل يصح بيعه دون وصفه أم لا؟
([68]) الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج4، ص365، ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص49.
([69]) محمد علي بن حسين، تهذيب الفروق والقواعد السنية في الأسرار الفقهية مطبوع مع الفروق للقرافي، تحقيق: خليل عمران المنصور، بيروت، دار الكتب العلمية، 1998م (ط1)، ج3، ص434، الآبي، جواهر الإكليل، ج2، ص9.
([70]) محمد بن محمد الخطيب الشربيني (ت 977ﻫ)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، تحقيق وتعليق: علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود، بيروت، دار الكتب العلمية، 1994م، (ط1)، (دراسة)، ج2، ص357، وهذا القول صححه النووي. انظر: النووي، المجموع، ج9، ص354.
([71]) ابن قدامة، شيخ الإسلام موفق الدين عبد الله بن أحمد ابن أحمد بن محمد، (ت620ﻫ)، المغني على مختصر الخرقي، تحقيق: عبد السلام محمد علي شاهين، بيروت، دار الكتب العلمية، 1994م (ط1)، ج3، ص411، علي بن سليمان بن أحمد المرداوي (ت 885ﻫ)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق: محمد حسن محمد حسن إسماعيل، بيروت، دار الكتب العلمية، 1997م (ط1)، ج4، 283، ابن تيمية، الفتاوى الكبرى، ج3، ص416.
([72]) الآبي، جواهر الإكليل، ج2، ص9.
([73]) نقلاً عن: ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص49.
([74]) المرجع السابق، ج7، ص50.
([75]) ابن نجيم، البحر الرائق، ج5، ص461.
([76]) محمد بن محمد بن عبدالرحمن الحطاب (ت 954ﻫ)، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، ضبطه وخرج آياته وأحاديثه زكريا عميرات، بيروت، دار الكتب العلمية، 1995م (ط1)، ج6، ص81، الباجي، المنتقى، ج4، ص286، الآبي، جواهر الإكليل، ج2، ص9، ابن رشد، المقدمات، ج2، ص551.
([77]) النووي، المجموع، ج9، ص354، وذهب الشافعية في الأظهر عندهم إلى بطلان بيع الغائب وإن وصف. انظر: الشربيني، مغني المحتاج، ح2، ص357.
([78]) ابن قدامة، المغني، ج3، ص411، ابن مفلح، المبدع، ج4، ص25، ابن تيميه، الفتاوى الكبرى، ج3، ص416.
([79]) وممن احتج بعموم الآية الحنابلة. انظر: ابن قدامة، المغني، ج3، ص411.
([80]) النووي، المجموع، ج9، ص365، ابن قدامة، المغني، ج3، ص411.
([81]) سبق تخريجه.
([82]) أخرجه علي بن عمر أبو الحسن (ت 385ﻫ)، سنن الدارقطني، تحقيق: عبد الله هاشم المدني، بيروت، دار المعرفة، 1966، كتاب البيوع، ج3، ص4، رقم (10)، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي (ت 458ﻫ)، سنن البيهقي الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، 1994م (ط1)، كتاب البيوع، باب من قال يجوز بيع العين الغائبة، ج5، ص440، رقم (10426).
([83]) أخرجه الدارقطني، سنن الدارقطني، كتاب البيوع، ج3، ص4، رقم (8)، والبيهقي، السنن الكبرى، كتاب البيوع، باب من قال يجوز بيع العين الغائبة، ج5، ص439، رقم (10425).
([84]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج6، ص608، شمس الدين أبو عبد الله محمد ابن مفلح، (ت 763ﻫ)، الفروع، بيروت، عالم الكتب، 1967م، (ط3)، ج4، ص25.
([85]) النووي، المجموع، ج9، ص365.
([86]) الإسناد هو: حدثنا أبو بكر بن أحمد بن محمود بن خرزاد القاضي الأهوازي، نا أحمد بن عبد الله بن أحمد بن موسى عبدان، نا داهر بن نوح، نا عمر بن إبراهيم بن خالد، نا وهب اليشكري، عن محمد بن سرين، عن أبي هريرة. كما ورد في سنن الدارقطني، ج3، ص4، رقم (10).
([87]) أحمد بن علي بن حجر (ت 852ﻫ)، لسان الميزان، دار الفكر، ج4، ص280، رقم (802)، الدارقطني، سنن الدارقطني، ج3، ص4، البيهقي، السنن الكبرى، ج5، ص440، رقم (10427).
([88]) انظر: الدارقطني، سنن الدارقطني، كتاب البيوع، ج3، ص4، رقم (2777).
([89]) ابن الهمام، شرح فتح القدير، ج6، ص310.
([90]) الإسناد هو: ثنا دعلج بن أحمد، ثنا محمد بن علي بن زيد، نا سعيد بن منصور، نا إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن مكحول رفع الحديث إلى النبي e. كما ورد عند الدارقطني.
([91]) أحمد بن علي بن حجر (ت852ﻫ)، تقريب التهذيب، تحقيق: حسان عبد المنان، بيت الأفكار الدولية، ص693، رقم (7974)، الدارقطني، سنن الدارقطني، ج3، ص4، رقم (8).
([92]) ابن مفلح، المبدع، ج4، ص25.
([93]) البيهقي، السنن الكبرى، كتاب البيوع، باب من قال يجوز بيع العين الغائبة، ج5، ص439، رقم (10424).
([94]) ابن قدامة، المغني، ج3، ص411.
([95]) النووي، المجموع، ج9، ص365.
([96]) ابن قدامة، المغني، ج3، ص411، ابن مفلح، الفروع، ج4، ص25.
([97]) ابن قدامة، المغني، ج3، ص411.
([98]) النووي، المجموع، ج9، ص365.
([99]) سبق تخريجه، واستدل بهذا الحديث الشافعية والحنابلة، انظر: الشيرازي، المهذب، ج2، ص15.
([100]) ابن الهمام، شرح فتح القدير، ج6، ص310.
([101]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج6، ص593. (بيع ثوب من ثوبين أو ثلاثة فاسد قياساً عند الحنفية، صحيح استحساناًً). انظر: المرجع السابق. والسرخسي، المبسوط، ج13، ص54. أحمد بن محمد الدردير (ت 1201ﻫ)، الشرح الكبير متن حاشية الدسوقي، تحقيق: محمد عبدالله شاهين، بيروت، دار الكتب العلمية،1996م (ط1)، ج4، ص93، الآبي، جواهر الإكليل، ج2، ص22، 23، الشربيني، مغني المحتاج، ج2، ص352، النووي، المجموع، ج9، ص346، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي (ت 1051ﻫ)، كشاف القناع عن متن الإقناع، أمر بطبعه فيصل بن عبد العزيز آل سعود، مكة، مطبعة الحكومة، 1394ﻫ، ج3، ص156، 157، ابن مفلح، المبدع، ج4، ص29، الرحيباني، مطالب أولي النهى، ج4، ص31.
([102]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج6، ص593.
([103]) النووي، المجموع، ج9، ص347، البهوتي، كشاف القناع، ج3، ص156.
([104]) ابن الهمام، شرح فتح القدير، ج6، ص247.
([105]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج6، ص593، ابن الهمام، شرح فتح القدير، ج6، ص247، ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص139.
([106]) السرخسي، المبسوط، ج13، ص54.
([107]) محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي (ت1230ﻫ)، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، تحقيق: محمد عبد الله شاهين، بيروت، دار الكتب العلمية، 1996م (ط1)، ج4، 171.
([108]) الآبي، جواهر الإكليل، ج2، ص22، 23، الدردير، الشرح الكبير متن حاشية الدسوقي، ج4، ص93.
([109]) النووي، المجموع، ج9، ص347.
([110]) ابن مفلح، المبدع، ص29.
([111]) السرخسي، المبسوط، ج13، ص54.
([112]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج6، ص593.
([113]) انظر: المرجعين السابقين.
([114]) انظر: مجلة الأحكام العدلية، ج1، ص186.
([115]) ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص48، الحطاب، مواهب الجليل، ج6، ص85، ابن جزي، القوانين الفقهية، ص170، النووي، المجموع، ج9، ص377، الرحيباني، مطالب أولي النهى، ج4، ص35، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، (ت 728ﻫ)، مجموعة فتاوى شيخ الإسلام، جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي الحنبلي، وبمساعدة ابنه، ج3، ص416، يعلل الحنابلة منع بيع اللبن في الضرع، لجهالة الصفة والقدر. انظر: ابن قدامة، المغني، ج4، ص150، ابن مفلح، المبدع، ح4، س27.
([116]) نقلاً عن ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص49، 50.
([117]) المرجع السابق، ج7، ص49، 50.
([118]) المرجع السابق، ج7، ص49، 50.
([119]) المرجع السابق، ج7، ص48، 49.
([120]) سبق تخريجه.
([121]) النووي، شرح النووي على صحيح مسلم، ج10، ص156.
([122]) ابن الهمام، شرح فتح القدير، ج6، ص245.
([123]) تقي الدين أبي بكر بن محمد الحسين الحصني (ت 829ﻫ)، كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار، تحقيق: محمد بكر إسماعيل، دار إحياء الكتب العربية، ج1، ص245.
([124]) محمد بن علي الشوكاني (ت1255ﻫ)، نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار، بيروت، 1973ﻫ، ج5، ص259.
([125]) أخرجه: محمد بن إسماعيل البخاري (ت 256ﻫ)، صحيح البخاري، تحقيق: محمد علي القطب، وهشام البخاري، بيروت، المكتبة العصرية، 1999م (ط3)، كتاب البيوع، باب بيع الذهب بالذهب، ج3، ص541، عن أبي بكرة، بلفظ: قال رسول e: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا سواء بسواء، والفضة بالفضة إلا سواء بسواء، وبيعوا الذهب بالفضة، والفضة بالذهب كيف شئتم". ومسلم، صحيح مسلم، كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً، ج3، ص1211، رقم (81)، عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله e: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يداً بيد".
([126]) المرغيناني، الهداية، ج3، ص25.
([127]) ابن جزيء، القوانين الفقهية، ص64.
([128]) النووي، المجموع، ج9، ص378.
([129]) الرحيباني، مطالب أولي النهى، ج3، ص33، 34.
([130]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب البيوع باب ما يذكر في بيع الطعام والحكرة، ج ، ص ، وباب من رأى إذا اشترى طعاما جزافا أن لا يبيعه حتى يئويه إلى رحله، ج، ص. ومسلم في صحيحه، كتاب البيوع، باب بطلان بيع المبيع قبل القبض، ج، ص.
([131]) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البيوع، باب بطلان بيع المبيع قبل القبض، ج، ص.
([132]) لمزيد من التفصيل انظر: ياسين أحمد إبراهيم درادكه، نظرية الغرر في الشريعة الإسلامية دراسة مقارنة، عمان، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، ج1، ص302-318.
([133]) القرافي، الفروق، ج3، ص433، 434، طلال محمد علي ربابعة، امتناع التسليم وأثره في عقود المعاوضات المالية في الفقه الإسلامي، رسالة دكتوراه غير منشورة، الجامعة الأردنية، 1999م، ص75، 76، الموسوعة الفقهية الكويتية، ج16، ص169.
([134]) قال السرخسي في تفسير حبل الحبلة: "المراد بيع ما يحمل هذا الحمل بأن ولدت الناقة ثم حبلت ولدها فالمراد بيع حمل ولدها" انظر: السرخسي، المبسوط، ج12، ص195. أي: ما ستلده الأجنة التي ما زالت في بطون أمهاتها. انظر: محمد رواس قلعه جي، معجم لغة الفقهاء، دار النفائس، 2006م، ط(2)، ص153.
([135]) فسر ابن عابدين بيع الملامسة بقوله: "الملامسة كأن يلمس كل منهما ثوب صاحبه بغير تأمل ليلزم اللامس البيع من غير خيار له عند الرؤية. وهذا بأن يكون مثلا في ظلمة أو يكون الثوب مطويا مرئيا يتفقان على أنه إذا لمسه فقد باعه منه" انظر: ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص255.
([136]) قال ابن عبد البر في معنى بيع الحصاة: "ومعنى بيع الحصاة عندهم أن تكون جملة ثياب منشورة أو مطوية فيقول القائل أي هذه الثياب وقعت عليها حصاتي هذه فقد وجب فيها البيع بيني وبينك بكذا دون تأمل ولا رؤية". انظر: يوسف بن عبد الله بن محمد ابن عبد البر (ت 463ﻫ)، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، تحقيق: سعيد أحمد أعراب، ج21، ص136.
([137]) من عرف الجهالة الفاحشة من الفقهاء عرفها بالأثر والحكمة، وهذا التعريف مأخوذ من ابن عابدين إذ يقول: "والذي يظهر من كلامهم تفريعا وتعليلا أن المراد بمعرفة القدر والوصف ما ينفي الجهالة الفاحشة وذلك بما يخصص المبيع عن أنظاره" انظر: ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص51.
([138]) وهذا التعريف مأخوذ من ابن عابدين إذ يقول: "والذي يظهر من كلامهم تفريعا وتعليلا أن المراد بمعرفة القدر والوصف ما ينفي الجهالة الفاحشة وذلك بما يخصص المبيع عن أنظاره". انظر: ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص51.
([139]) علاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني (ت 578ﻫ)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، تحقيق وتعليق: علي معوض، عادل عبد الموجود، بيروت، دار الكتب العلمية، 1997م (ط1)، ج6، ص592.
([140]) جلال الدين عبد الله بن نجم بن شاس، عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة، تحقيق: محمد أبو الأجفان وعبد الحفيظ منصور، دار الغرب الإسلامي، 1995، ط(1)، ج2، ص341.
([141]) الشربيني، مغني المحتاج، ج2، ص380. يحيى بن شرف النووي (ت676ﻫ)، روضة الطالبين، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، وعلي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، ج3، ص27، 28.
([142]) ابن مفلح، المبدع، ج4، ص29.
([143]) الحطاب، مواهب الجليل، ج6، ص85، الخرشي، حاشية الخرشي، ج5، ص292، محمد بن يوسف المواق، التاج والإكليل، مطبوع مع مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، تحقيق: زكريا عميرات، بيروت، دار الكتب العلمية، 1995م (ط1)، ج5، ص292، أحمد الصاوي، بلغة السالك لأقرب المسالك، تحقيق: محمد عبد السلام شاهين، بيروت، دار الكتب العلمية، 1995م، ط(1)، ج3، ص15.
([144]) الصاوي، بلغة السالك، ج3، ص15، المواق، التاج
والإكليل، ج5، ص292.
([145]) الخرشي، حاشية الخرشي، ج5، ص292، الصاوي، بلغة السالك، ج3، ص15.
([146]) الصاوي، بلغة السالك، ج3، ص15، المواق، التاج والإكليل، ج5، ص292.
([147]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج6، ص592، 593، السمرقندي، تحفة الفقهاء، ج2، ص45.
([148]) الزيلعي، تبيين الحقائق، ج4، ص361. عبدالرحمن ابن محمد بن سليمان الكليبولي داماد أفندي، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر، تحقيق: خليل عمران المنصور، بيروت، دار الكتب العلمية، 1998، ط(1)، ج3، ص77.
([149]) المرجعان السابقان.
([150]) عثمان بن عمر بن أبي بكر ابن الحاجب، منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل، تحقيق: محمد بدر النعساني، مصر، مطبعة السعادة، 1326ﻫ، ط(1)، ص73، 74، أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي، المستصفى من علم الأصول، تحقيق: إبراهيم محمد رمضان، بيروت، الأرقم، 1994م، ج1، ص263، موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة، روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه، القاهرة، المطبعة السلفية، 1391ﻫ، ط(4)، ص113.
([151]) الغزالي، المستصفى، ج1، ص262، ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص233.
([152]) ابن نجيم، البحر الرائق، ج6، ص147، ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص54، 279.
([153]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج6، ص593.
([154]) ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص513.
([155]) الزيلعي، تبيين الحقائق، ج4، ص435، السرخسي، المبسوط، ج13، ص7، 9، الكاساني، بدائع الصنائع، ج7، ص33، البابرتي، العناية، ج6، ص248.
([156]) ابن نجيم، البحر الرائق، ج6، ص9.
([157]) الكاساني، بدائع الصنائع، ج7، ص33.
([158]) ابن الهمام، شرح فتح القدير، ج6، ص248، ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص279، 280، البابرتي،
العناية، ج6، ص248.
([159]) ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص513.
([160]) ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص279، 280، الكاساني، بدائع الصنائع، ج7، ص33، نظام، الفتاوى الهندية، ج3، ص142، داماد أفندي، مجمع الأنهر، ج3، ص35، 93.
([161]) ما ترك للجانب القانوني هو ما نص عليها القانون المدني الأردني.
([162]) الزحيلي، العقود المسماة، ص36.
([163]) الزحيلي، العقود المسماة، ص98، الموسوعة الفقهية الكويتية، ج9، ص16، 17.
([164]) الموسوعة الفقهية الكويتية، ج9، ص16، 17.
([165]) السنهوري، مصادر الحق، ج3، ص28.
([166]) مبروك، أحكام العلم بالبيع، ص349، 350.
([167]) انظر: محمد بن عبد الله بن علي الخرشي، حاشية الخرشي على مختصر الخرقي، تحقيق: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، بيروت، 1997، ط(1)، ج5، ص312.
([168]) الهيتي، حكم التعاقد عبر أجهزة الاتصال الحديثة في الشريعة الإسلامية، ص10، الرملاوي، التعاقد بالوسائل المستحدثة في الفقه الإسلامي، ص86.
([169]) المرجعان السابقان، الأول ص11، الثاني ص87.
([170]) الهيتي، حكم التعاقد عبر أجهزة الاتصال الحديثة في الشريعة الإسلامية، ص12.
([171]) العزة، التجارة الإلكترونية، ص150.
([172]) مبروك، أحكام العلم بالمبيع، ص346.
([173]) انظر المادة (2) من قانون العلامات التجارية الأردني قانون رقم (33) لسنة 1952 والمعدل لعام 1999.
([174]) انظر المادة (2) والفقرة 12 من المادة (8) والمادة (9) من قانون العلامات التجارية الأردني قانون رقم (33) لسنة 1952 والمعدل لعام 1999.
([175]) انظر المادة (1) من قانون العلامات التجارية المصري رقم 57 لسنة 1939. وهذا القانون ملغى.
([176]) قانون حقوق الملكية الفكرية المصري، رقم 82 لسنة 2002م.
([177]) مبروك، أحكام العلم بالمبيع، ص566.
([178]) قنديل، التجارة الإلكترونية، ص145.
([179]) العزة، التجارة الإلكترونية، ص256.
([180]) مبروك، أحكام العلم بالمبيع، ص530، 531.
([181]) قنديل، التجارة الإلكترونية، ص143 وما وبعدها.
([182]) مبروك، أحكام العلم بالمبيع، ص345.
([183]) مبروك، أحكام العلم بالمبيع، ص532، العزة، التجارة الإلكترونية، ص257.
([184]) القانون المدني الأردني مأخوذ في مجمله من الفقه الإسلامي، بل إن الفقه الإسلامي هو المصدر الأساسي له. انظر: المكتب الفني في نقابة المحامين الأردنيين، المذكرات الإيضاحية للقانون المدني الأردني، ج1، ص24.
([185]) ذكرت المذكرة الإيضاحية مثالاً على جهالة الجنس: بيع دابة من الدواب، والصحيح إن بيع دابة من الدواب هو مثالاً على جهالة النوع، لأن البائع عندما يقول دابة، يكون قد بين جنس المبيع بأنه دابة، والمجهول هو النوع، فهل هي فرساً أم شاة، أم بقرة، والدليل على ذلك قول ابن عابدين: "تنبيه علم مما ذكرنا أن نحو الحيوان والدابة والمملوك والثوب جنس، وأن نحو الفرس والحمار والعبد والثوب الهروي أو الكتان أو القطن نوع". انظر: ابن عابدين، رد المحتار، ج4، ص269.
([186]) المكتب الفني في نقابة المحامين الأردنيين، المذكرات كرة الإيضاحية للقانون المدني الأردني، عمان، 1992م، (ط3)، ج1، ص157.
([187]) ابن عابدين، رد المحتار، ج7، ص51.
([188]) انظر مبحث جهالة الجنس.
([189]) عبد الرزاق السنهوري (ت1971م)، مصادر الحق في الفقه الإسلامي، دراسة مقارنة بالفقه الغربي، بيروت، مكتبة التحقيق بدار إحياء التراث العربي، (ط1)، ج3، ص44، 45.
([190]) الأنموذج: بينه الشربيني بأنه: "مثالاً لبعض المبيع الدال على باقيه". انظر: الشربيني، مغني المحتاج، ج2، ص359.
([191]) البيع على البرنامج: الدفتر المكتوب فيه صفة ما في
العدل. انظر: محمد بن عبد الله بن علي الخرشي، حاشية الخرشي على مختصر الخرقي، تحقيق: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، بيروت، 1997م، ط(1)، ج5، ص312.
([192]) الكتالوج: وسيلة لعرض السلع والمنتجات، وبيان موصفاتها وخصائصها بطريقة جذابها. انظر: على محمد أبو العز، التجارة الإلكترونية وأحكامها في الفقه الإسلامي، دار النفائس، 2008م، ط(1)، ص256.
([193]) انظر: شهاب الدين أحمد الشلبي، حاشية الشلبي مطبوع مع تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي، دار الكتاب الإسلامي، 1313ﻫ، (ط1)، ج4، ص47.
([194]) المكتب الفني في نقابة المحامين الأردنيين، المذكرات الإيضاحية للقانون المدني الأردني، ج1، ص16.
([195]) وهبه الزحيلي، العقود المسماة في قانون المعاملات المدنية الإماراتي والقانون المدني الأردني، دمشق، دار الفكر، 2005م، (ط5)، ص37.
([196]) درادكه، نظرية الغرر، ج1، ص368.
([197]) الزحيلي، العقود المسماة، ص39.
([198]) المرجع السابق، ص40.
([199]) انظر المادة (471) من القانون المدني الأردني.
([200]) الزحيلي، العقود المسماة، ص42.
([201]) انظر: المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الأردني، ص170.