الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
المعتمد في مذهبنا تحريم خضاب الرجال بالسواد، للأحاديث الصحيحة الواردة في النهي عنه، كما يقول الإمام النووي رحمه الله: "الصحيح بل الصواب أنه حرام, قال في آخر "الأحكام السلطانية": يمنع المحتسبُ الناس من خضاب الشيب بالسواد إلا المجاهد.
ودليل تحريمه حديث جابر رضي الله عنه قال: (أتي بأبي قحافة والد أبي بكر الصديق رضي الله عنهما يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا - نبات له ثمر أبيض -، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غيروا هذا واجتنبوا السواد) رواه مسلم في صحيحه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة) رواه أبو داود والنسائي وغيرهما" انتهى من "المجموع" (1/345)
وقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى القول بالكراهة وليس بالجزم بالتحريم، بل ذهب بعضهم إلى الجواز استنادا لبعض الآثار الواردة عن الحسن والحسين وغيرهما أنهم كانوا يخضبون بالسواد. كما في "المصنف" لابن أبي شيبة (6/52)
كما استثنى الإمام النووي رحمه الله في "روضة الطالبين" المرأة تتزين لزوجها فتخضب بالسواد، وقال بجواز ذلك لتحقق المصلحة وانتفاء المفسدة، واعتمده الرملي وغيره من المحققين. انظر: الحاشية على "تحفة المحتاج" (9/376).
ولذلك لا نرى حرجا في بيع الصبغة السوداء والاتجار بها من حيث الأصل؛ لأن استعمالها لا يقتصر على الوجه المحرم، كما أنها قد تخلط بغيرها فتنتقل من السواد إلى درجات الألوان الأخرى، إلا أن البائع إذا علم أن هذا الرجل المشتري المعيَّن يستعملها على الوجه المحرم فلا يحل بيعها له. والله أعلم.