الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
التوأمان ولدان في حمل واحد، فإن كان بين نزول كل منهما ستة أشهر: " فهما حملان ونفاسان بلا خلاف " كما قال الإمام النووي رحمه الله في "المجموع" (2/543)
أما إن كان بين التوأمين في الولادة أقل من ستة أشهر، فقد اختلف العلماء في حكم الدم النازل بينهما، وفي تحديد بداية النفاس، هل تكون من ولادة الأول، أم ولادة الثاني، والمذهب عند فقهاء الشافعية هو أن شرط النفاس كون الدم نازلا بعد فراغ الرحم، والدم النازل بين التوأمين لم يتحقق فيه هذا الشرط، فلم يقولوا بأنه دم نفاس، والمعتمد عندهم أنه دم حيض، كما قال الخطيب الشربيني رحمه الله: "الدم بين التوأمين حيض" انتهى من "مغني المحتاج" (1/119)
غير أننا لا نفتي بهذا القول لما هو ثابت في الطب الحديث من أن الحامل لا تحيض، ومن أن الدم النازل بين التوأمين هو دم نفاس، لذلك كانت الفتوى عندنا على القول الذي ذهب إليه جمهور الفقهاء، أبو حنيفة ومالك وأحمد ووجه عند الشافعية اختاره الغزالي وإمام الحرمين: أن بداية النفاس يبدأ احتسابه من التوأم الأول.
وأما نهاية النفاس فيعتبر فيها ستون يوما من ولادة التوأم الثاني، كما هو الوجه الذي نفتي به في مذهب الشافعية، وكما يرجح ذلك الأطباء المعاصرون.
يقول الإمام النووي رحمه الله: "إذا قلنا بالوجه: أن المدة تعتبر من الولد الأول، ثم تستأنف، فمعناه أنهما نفاسان، يعتبر كل واحد منهما على حدته, ولا يبالى بزيادة مجموعهما على ستين, حتى لو رأت بعد الأول ستين يوما دما، وبعد الثاني ستين: كانا نفاسين كاملين. قال إمام الحرمين: حتى لو ولدت أولادا في بطن، ورأت على أثر كل واحد ستين، فالجميع نفاس، ولكل واحد حكم نفاس مستقل لا يتعلق حكم بعضها ببعض...وإن وضعت الثاني بعد مضي ستين يوما من حين وضعت الأول قال إمام الحرمين: قال الصيدلاني: اتفق أئمتنا في هذه الصورة أن الولد الثاني ينقطع عن الأول وتستأنف نفاسا, فإن الذي تقدمه نفاس كامل، ويستحيل أن تلد الثاني وترى الدم عقيبه ولا يكون نفاسا" انتهى من "المجموع" (2/543). والله أعلم.