الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
لا يخفى على أحد أن أمر الزواج أمر مهم جدا في حياة الرجل والمرأة على حد سواء، وأن التوفيق في اختيار الزوجة أو الزوج من أعظم النعم على الإنسان، كما أن الفشل فيه مصيبة حقيقية؛ لأنه إن صَبَر صبر على بلاء دائم، وإن طلَّق أحدث شرخا عميقا في نفس الطرف الآخر، وفي الحياة الاجتماعية بين الأسرتين.
ومن هنا فإن الأصل في الزواج شرعا أن يكون دائما، وقد حرم الإسلام الزواج المؤقت (زواج المتعة) الذي كان في الجاهلية، وإن كان قد سكت عنه في بداية العهد الإسلامي ثم أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم إلغاءه عام الفتح (8هـ)، كما سكت عن الخمر ثم أعلن تحريمه.
وكيلا يقع الخطأ في اختيار شريك الحياة أمر الإسلام بعدة أمور:
1- السؤال عن الطرف الآخر لمعرفة أخلاقه وصفاته التي يصعب على من لا يعرفه أن يطلع عليها، وسمح بذكر السيء منها عند الضرورة وإن كان ذلك في الأصل غيبة محرمة، وهنا يأتي دور الأهل في المشاركة في اختيار الطرف الآخر، على سبيل النصيحة لا على سبيل الإجبار، فالإجبار لا يجوز سواء للزوج أو الزوجة.
2- سمح للخاطب أن ينظر للمخطوبة إلى وجهها وكفيها فقط؛ لأن شخصية الإنسان تظهر من ملامح وجهه، كما سمح للمخطوبة أن تنظر إلى الخاطب لنفس الغاية، مع أن الأصل المنع، لقوله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) النور/30، وقال تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) النور/31.
3- لا يجوز إكراه الزوج على الزواج من فتاة، ولو أكره وثبت ذلك كان العقد باطلا، ولا يجوز إكراه الزوجة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا تُنْكَحُ - أي لا تزوج - الْأَيِّمُ - وهي الثيب - حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ ) متفق عليه.
4- عقد الزواج لا بد له من ولي وشهود كيلا يكون نزوة يندم عليها الطرفان.
5- لا بد من وليمة يشهدها المعارف ليشكل ذلك ضغطا اجتماعيا يشجع الزوجين على الاستمرار في الحياة الزوجية.
6- أما الزواج من الأقارب فبعضه ممنوع شرعا، مثل الأخت والعمة والخالة وبقية المحرمات، وما عداهن يرجع الأمر إلى رضى الطرفين، فالقريبة لا ترفض لأنها قريبة، ولا يتم اختيارها لأنها قريبة، بل للصفات التي يتمتع بها القريب والقريبة حسب رأي الطرف الآخر.
7- الأصل في اختيار الطرف الآخر الدين، قال صلى الله عليه وسلم: (تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ) متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم لأهل المرأة: (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) رواه الترمذي. والله أعلم.