الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الحلف بالله كذبا من الكبائر التي تجلب غضب الله تعالى، وإذا كان للحصول على منفعة دنيوية يكون الحالف ممن باع دينه بدنياه، وقد قال الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) آل عمران/77. وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ عَلَيْهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ) متفق عليه.
ويحرم على من وقع في هذه الكبيرة أخذ ما تحصَّل عليه من مال بالكذب، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَىَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِى لَهُ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْهُ فَمَنْ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلاَ يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ بِهِ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ) متفق عليه.
فإذا علم القاضي بكذبها باليمين ولو بعد الحكم فإنه يوقع عليها العقوبة الدنيوية، وأمرها إلى الله تعالى في الآخرة، أما إذا لم يعلم بذلك فإن الله تعالى لا تخفى عليه خافية، وهو يفصل بين عباده بالحق يوم القيامة.
والواجب على من حلف اليمين الغموس كاذبا المسارعة إلى التوبة الصادقة، ورد الحقوق إلى أصحابها، ولا مانع من إخراج كفارة اليمين - التي هي إطعام عشرة مساكين - على سبيل الاحتياط. والله أعلم.