الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الانتخابات وسيلة شرعية لاختيار النواب، تمثل هذه الوسيلة إحدى آليات قاعدة الشورى التي تقررها الشريعة الإسلامية بالأدلة الكثيرة، بل سبق الصحابة رضوان الله عليهم بالعمل بهذه الآلية في بداية التاريخ، كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله - في معرض حديثه عن جمع عبد الرحمن بن عوف أصوات الناس لصالح عثمان بن عفان أو علي بن أبي طالب رضي الله عنهما -: "نهض عبد الرحمن بن عوف يستشير الناس فيهما، ويجمع رأي المسلمين برأي رؤوس الناس جميعا وأشتاتا، مثنى وفرادى، سرا وجهرا، حتى خلص إلى النساء في خدورهن، وحتى سأل الولدان في المكاتب، وحتى سأل من يرد من الركبان والأعراب إلى المدينة، وفي مدة ثلاثة أيام بلياليهن" انتهى. "البداية والنهاية" (7/151)
وقد عُرف النواب سابقا باسم "العرفاء"، وهم الذين يتولون أمر سياسة الناس وحفظ أمورهم، فكان صلى الله عليه وسلم يرجع إليهم لمعرفة آراء الناس في القضايا العامة، وكان يقول: (ارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعُوا إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ) رواه البخاري.
ولذلك فتشجيع الناس على الانتخاب والتصويت أمر مشروع، بشرط أن يقترن بتوعية الناس نحو ضرورة انتخاب من يحفظ على الأمة دينها، ولا يخالف دستور الدولة الذي ينص على أن دين الدولة هو الإسلام، فيحافظ على هذا المبدأ أثناء ممارسته السلطة التشريعية، ولا يسوس الناس بما يخالف الشريعة، ويراقب أيضا التزام الحكومة بما فيه فائدة للدين والوطن والأمة، ولا يكون غرضه من الترشح هو المناصب الدنيوية الزائلة، بل العمل لصالح دينه وأمته، وبهذا نضمن أن يصل إلى مجلس النواب الصالحون القادرون على حمل الأمانة، ونقطع الطريق على العاجزين والمفسدين. والله أعلم.