الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يتعجب المرء حين يسمع عن عاق الوالدين، كيف جحد النعمة، وأنكر المعروف، ونأى بنفسه عن والده الذي رباه وعلمه وأحسن إليه!
ألا يتذكر قول الله عز وجل: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) محمد/22-23.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ ثَلَاثًا. قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ. قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ) متفق عليه.
ومع ذلك نقول للوالد الذي عقه أبناؤه: إذا لم تكن سببا في عقوق أبنائك لك، فمن حقك أن تغضب، وأن تحزن لحالك وحالهم، ولا عتب عليك في ذلك، غير أن العفو والصفح أولى وأفضل، ومقابلة الإساءة بالإحسان أجمل عند الله تعالى.
وأما إذا لم يحسن الأب معاملة أبنائه، وكان سببا فيما آل إليه حال أسرته: فلا بد أن يراجع نفسه كي يصلح الله له أبناءه.
وعلى كل حال: إن كان المقصود بـ " التبرؤ ": إنكار نسبة الأولاد إلى أبيهم: فهذا لا يجوز، وغير مشروع في ديننا.
وأما إن كان المقصود إعلان المقاطعة والغضب لأجل معالجة عقوقهم: فهذا جائز إذا بدأ الأبناء بالقطيعة. والله أعلم.