الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
إذا لم ترتكب الزوجة ما نهى عنه الشرع، وكان الزوج هو سبب المشكلة: فليس على الزوجة إثم وإن غضب منها زوجها، والإثم إنما يلحقها في حال تقصيرها في واجباتها الشرعية والزوجية.
عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمُ: الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ) رواه الترمذي (رقم/360) وحسَّنه.
ولكنها - إن صالحت زوجها وأرضته وتنازلت عن حقها - كان لها الأجر العظيم عند الله عز وجل، فإن الحياة الزوجية تدوم بالمسامحة والمصالحة وليس بالتدقيق في الحقوق، قال الله عز وجل: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) الشورى/40.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَلَاْ أُخْبِرُكُم بِرِجَالِكُم فِي الجَنَّةِ؟! النَّبِي فِي الجَنَّةِ، وَالصِّدِّيقُ فِي الجَنَّةِ، وَالشَّهِيدُ فِي الجَنَّةِ، وَالمَوْلُودُ فِي الجَنَّةِ، وَالرَّجُلُ يَزُورُ أَخَاهُ فِي نَاحِيَةِ المِصْرِ - لَاْ يَزُورُهُ إِلَّا لِلَّهِ - فِي الجَنَّةِ .
أَلَاْ أُخبِرُكُم بِنِسَائِكُم فِي الجَنَّةِ؟! كُلُّ وَدُودٍ وَلُودٍ، إِذَا غَضِبَت أَو أُسِيءَ إِلَيهَا أَو غَضِبَ زَوجُهَا، قَالَت: هَذِه يَدِي فِي يَدِكَ، لَاْ أَكْتَحِلُ بِغُمضٍ َحتَّى تَرضَى) رواه النسائي في "السنن الكبرى" (5/361) وصححه بعض أهل العلم.
قال المناوي رحمه الله: "(الوَدود): بفتح الواو، أي: المتحببة إلى زوجها، (التي إذا ظُلمت) بالبناء للمفعول، يعني ظلمها زوجها بنحو تقصير في إنفاق أو جور في قسم ونحو ذلك، قالت مستعطفةً له: (هذه يدي في يدك) أي: ذاتي في قبضتك (لا أذوق غُمضا) بالضم أي: لا أذوق نوما" انتهى.
وقد كانت النساء يتجنبن إحراج الزوج بالمصالحة إكراما له، فتبدأ هي بالمصالحة وإن كان هو المخطئ، وكان الرجال يتجنبون إذلال نسائهم بتحمل الأذى منهم، فيبادرون بمصالحتهن، وشعار الجميع قوله عليه الصلاة والسلام: (وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ) متفق عليه. والله أعلم.