الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
اختلف العلماء في هذه المسألة - التي تسمى مسألة "الهدم"- على قولين:
القول الأول: أنها تعود إليه بما بقي من طلقات، وهو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، واختاره محمد بن الحسن الشيباني من الحنفية، ووافقه عليه جماعة من فقهاء المذهب.
القول الثاني: أنها تعود إليه بثلاث طلقات، يعني بإمكان أن يطلقها زوجها الذي عادت إليه ثلاث طلقات جديدات، وهو ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة، واعتمده أصحاب المتون في مذهب الحنفية، وهو رواية عن الإمام أحمد.
يقول ابن الهمام رحمه الله - بعد أن أطال في ذكر الخلاف والأدلة -: "فظهر أن القول ما قاله محمد وباقي الأئمة الثلاثة, ولقد صدق قول صاحب الأسرار: ومسألةٌ يخالف فيها كبار الصحابة يعوز فقهها ويصعب الخروج منها" انتهى. "فتح القدير" (4/185)
وسمى ابن عابدين رحمه الله أصحاب الشروح من الحنفية الذين اختاروا قول محمد بن الحسن وجمهور الفقهاء فقال: "وأقره صاحب البحر، والنهر، والمقدسي، والشرنبلالي، والرملي، والحموي، وكذا شارح التحرير المحقق ابن أمير حاج, لكن المتون على قول الإمام, وأشار في متن الملتقى إلى ترجيحه, ونقل ترجيحه العلامة قاسم عن جماعة من أصحاب الترجيح, ولم يعرج على ما قاله شيخه في الفتح، وكذا لم يعرج عليه في مواهب الرحمن، مع أنه كثيرا ما يتبع صاحب الفتح في ترجيحه" انتهى. "حاشية رد المحتار" (3/418)
والذي تعتمده المحاكم الشرعية في كثير من بلدان المسلمين هو قول أبي حنيفة رحمه الله، أن الزواج الثاني يهدم الطلقات السابقة من الزوج الأول. والله أعلم.